أيّ سيناريو في غزّة؟

فلسطينيون نزحوا من خان يونس إلى رفح الثلاثاء (د.ب.أ)
فلسطينيون نزحوا من خان يونس إلى رفح الثلاثاء (د.ب.أ)
TT

أيّ سيناريو في غزّة؟

فلسطينيون نزحوا من خان يونس إلى رفح الثلاثاء (د.ب.أ)
فلسطينيون نزحوا من خان يونس إلى رفح الثلاثاء (د.ب.أ)

لم تعد الحرب في غزّة إلى المربّع الأولّ. لا بل تخطّته وأصبحت في مرحلة متقدّمة. فظروف الوقفة الإنسانيّة خلقتها ظروف المعركة، فكانت منظومة القواعد (Regime) التي أدارت اللعبة بين «حماس» وإسرائيل، وبالواسطة بالطبع. ملكت «حماس» شيئاً حيوياً تريده إسرائيل، من رهائن وأسرى. فانصاعت إسرائيل مرغمةً للقبول بالوقفة الإنسانيّة. وعندما تلكّأت «حماس»، عجزاً أو عن قصد، في تلبية طلبات إسرائيل، عاد المدفع إلى دويّه. فهل كانت «حماس» تسيطر بالكامل على موضوع الرهائن، بالإدارة كما التفاوض؟ وهل فعلاً كانت تُدار أمور التفاوض من «حماس» فقط؟ أم تشاركت مع التنظيمات الأخرى، خصوصاً «الجهاد الإسلاميّ»؟ وهل هناك قطبة مخفيّة إقليميّة لدى «الجهاد الإسلاميّ» عقّدت موضوع التفاوض على الرهائن؟

لكن الذي لا يمكن لإسرائيل استرداده بسهولة هو منظومة الردع تلك التي لا يمكن لإسرائيل أن تقوم من دونها. فالصفعة تركت أثراً لن يُمحى في سجّل الهزائم الإسرائيليّة.

إذاً، هناك ظروف جديدة لأرض المعركة، كما للديناميكيّة السياسيّة المتعثّرة. وعليه، لا بد من إنتاج منظومة قواعد جديدة (New Regime)، ترتكز عليها الإدارة السياسيّة للعمليّة العسكريّة. لكن إنتاج منظومة القواعد الجديدة، يُحتّم رسم خرائط جديدة لتوزيع القوّة على مسرح الحرب. وهو فعلاً ما يحصل. فإسرائيل فاوضت في الدوحة، وحملت العصا في قطاع غزّة.

العملية العسكرية الإسرائيلية متواصلة ضد قطاع غزة (أ.ف.ب)

الأهداف الأميركيّة بين السطور

تفاوض أميركا في الدوحة عبر الخبير ويليام بيرنز مدير «س آي إيه». ويزور وزير خارجيّتها دولة إسرائيل. كما يطلب الرئيس بايدن حماية المدنيين الفلسطينيّين في حال الهجوم على جنوب القطاع. كما تعرض واشنطن عضلاتها في كلّ أرجاء منطقة الشرق الأوسط، بهدف ردع من تسوّل له نفسه الاستفادة من الحرب في غزّة. وهنا تتظهّر لغّة العصا والجزرة الأميركيّة. لكن من خلال قراءة تحليليّة للسلوك والخطاب الأميركيّين قد يمكن استنتاج ثلاثة خطوط عريضة للاستراتيجية الأميركيّة وهي:

• حماية إسرائيل ولجمها في الوقت نفسه.

• السماح بضرب حركة «حماس»، خصوصاً في البُعد العسكريّ، وبشكل لا تعود معه قادرة على تهديد أمن إسرائيل. وإذا تحقّق هذا الهدف، تكون «حماس» قد أُخرجت مما تُسمّى وحدة الساحات.

• وأخيراً وليس آخِراً، وفي حال نجاح الهدفين الأوّلين، قد يمكن للولايات المتحدة فتح باب الحلّ السياسيّ للقضيّة الفلسطينيّة.

السيناريو المُحتمل

يطول القصف الإسرائيليّ، بعد تجدّد القتال، كلاً من شمال غزة، مثل جباليا، كما جنوبها، وبخاصة خان يونس. فكيف سيكون عليه السيناريو المحتمل؟

مبنى دمرته الغارات الإسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة الثلاثاء (إ.ب.أ)

• من المنطقي والأسهل أن تبدأ إسرائيل من حيث توقّفت قبل الوقفة الإنسانيّة، أي من استكمال التطويق الكامل لمدينة غزّة، ومن ثم العمل على تقطيعها إلى مناطق صغيرة والتعامل معها كلّها وفي نفس الوقت.

• لا يمكن لإسرائيل أن تخوض هجومين في نفس الوقت على كلٍّ من مدينة غزّة، كما خان يونس. ويعود السبب إلى محدوديّة العديد العسكريّ للجيش الإسرائيليّ (169 ألف جندي في الخدمة الفعليّة). كما إلى حتميّة توزيع الجهد العسكريّ على جبهتين -شمال وجنوب.

• لا تجرؤ إسرائيل على زجّ كل جيشها في الخدمة الفعليّة، والمتمرّس على جبهتين في قطاع غزّة. فماذا لو فتحت جبهة لبنان عليها؟ ألا يحتّم التخطيط العسكريّ أن تؤّخذ كل السيناريوهات المحتملة في الحسبان؟

• لذلك قد يمكن اختصار السيناريو الأكثر احتمالاً على الشكل التالي:

o فصل القطاع إلى جنوب وشمال وبشكل كامل، مع تهجير أغلب السكان إلى الجنوب، حيث حُضّر الملاذ الآمن، كما المستشفيات الميدانيّة، في البر كما في البحر.

o استكمال عملية تطويق مدينة غزّة، والعمل على تدمير كلّ البنى التحتيّة لحركة «حماس»، من أنفاق، وقيادات وغيرها.

o السعي لتطويق خان يونس بالكامل، واقتراح التفاوض، على غرار ما حصل في بيروت عام 1982، مع الاختلاف الكامل بين الحالتين.


مقالات ذات صلة

رئيس «الشاباك» حذّر نتنياهو قبل هجوم «حماس» من حرب أكيدة

المشرق العربي رئيس جهاز «الشاباك» رونين بار (حساب جهاز «الشاباك» على «لينكد إن»)

رئيس «الشاباك» حذّر نتنياهو قبل هجوم «حماس» من حرب أكيدة

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس جهاز «الشاباك»، رونين بار، حذّر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل 10 أسابيع من هجوم «حماس» في 7 أكتوبر من حرب مؤكدة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي دمار هائل خلفته عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في مخيم نور شمس (د.ب.أ)

بعد عمليات الضفة... القتال المطوَّل على جبهات متعددة ينهك الجيش الإسرائيلي

يسلط هجوم الجيش الإسرائيلي متعدد الأطراف على المقاتلين في الضفة الغربية، الضوء على مدى تعقيد الظروف المتدهورة في الأراضي الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي القوات الإسرائيلية تتحرك داخل مخيم جنين للاجئين خلال اليوم الرابع من عمليتها العسكرية في مدينة جنين بالضفة الغربية... 31 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يداهم عدة أحياء في الخليل بالضفة الغربية

أفادت مصادر أمنية فلسطينية باعتقال الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، مواطنَين اثنَين من مدينة الخليل بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية جوناثان بولين وراشيل غولدبرغ والدا الرهينة الإسرائيلي هيرش يشاركان في مظاهرة لعائلات الرهائن بالقرب من كيبوتس نيريم جنوب إسرائيل على الحدود مع غزة (أ.ف.ب)

تقدم في مفاوضات غزة بتبادل أسماء المخطوفين والأسرى

قالت صحيفة «يسرائيل هيوم» إن «حماس» لديها 20 أسيراً حياً فقط، والبقية لدى التنظيمات الصغيرة، وهي ليست موالية لرئيس حركة «حماس».

المشرق العربي والدة الطفل عبد الرحمن أبو الجديان أول شخص يصاب بشلل الأطفال بغزة منذ 25 عاماً تعتني به في خيمتهم بدير البلح وسط القطاع (رويترز) play-circle 01:03

إسرائيل و«حماس» توافقان على هدن مؤقتة خلال حملة تطعيمات بغزة

قالت منظمة الصحة العالمية، الخميس، إن إسرائيل و«حماس» وافقتا على 3 هُدن منفصلة مؤقتة للقتال في أماكن محددة بغزة للسماح بتطعيم 640 ألف طفل ضد شلل الأطفال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حزب الله» يصعّد مجدداً بعد «ترميم» آلته العسكرية

صورة لمسيّرة تحمل شعار «حزب الله» مرفوعة على جدار في ساحة فلسطين في طهران (أ.ف.ب)
صورة لمسيّرة تحمل شعار «حزب الله» مرفوعة على جدار في ساحة فلسطين في طهران (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يصعّد مجدداً بعد «ترميم» آلته العسكرية

صورة لمسيّرة تحمل شعار «حزب الله» مرفوعة على جدار في ساحة فلسطين في طهران (أ.ف.ب)
صورة لمسيّرة تحمل شعار «حزب الله» مرفوعة على جدار في ساحة فلسطين في طهران (أ.ف.ب)

استأنف «حزب الله» هجماته بالصواريخ المنحنية من طرازي «كاتيوشا» و«فَلَق»، وصعّد من عملياته العسكرية بعد ترميم «آلته» العسكرية التي تضررت في الهجوم الاستباقي الذي نفّذه الجيش الإسرائيلي الأحد الماضي، واستهدف راجمات صواريخ الحزب في جنوب لبنان.

وقالت مصادر ميدانية في الجنوب لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب أعاد ترميم آلته العسكرية بعد الضربة، ما مكّنه من إعادة إطلاق الصواريخ، علماً أنه في الأيام الأربعة التي تلت الضربة الإسرائيلية، ركّز على المسيّرات المفخخة وقذائف المدفعية في عملياته العسكرية ضد إسرائيل.

وأطلق الحزب نحو 40 صاروخاً في رشقات باتجاه إسرائيل، هي الأكثر غزارة منذ الأحد الماضي.

وقصفت المدفعية الإسرائيلية الثقيلة بعشرات القذائف عدة قرى حدودية، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي قصف مبنى الحزب في مركبا.