عباس يطلب تثبيت وقف النار... والهدنة تواجه صعوبات وتعقيدات

خلافات حول الأسماء ومشاكل في الوصول إلى كل المحتجزين... وإسرائيل و«حماس» تأمران قواتهما بالاستعداد للقتال

وزير الخارجية الأميركي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس 30 نوفمبر (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس 30 نوفمبر (رويترز)
TT

عباس يطلب تثبيت وقف النار... والهدنة تواجه صعوبات وتعقيدات

وزير الخارجية الأميركي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس 30 نوفمبر (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس 30 نوفمبر (رويترز)

طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتحقيق وقف العدوان الإسرائيلي بشكل كامل، في وقت عاد فيه شبح الحرب مع تعقيدات تعتري تمديد وقف النار في القطاع. وقال عباس لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي زاره في رام الله قادما من إسرائيل، وعلى جدول أعماله تمديد وقف النار في غزة، إنه يجب وقف العدوان برمته من أجل تجنيب المدنيين ويلات القصف والقتل والدمار الذي تقوم به آلة القتل الإسرائيلية.

وسلّم عباس بلينكن ملفا كاملا «حول جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة بما فيها القدس»، وشمل توثيقاً لعمليات قتل وتدمير وجرائم تطهير عرقي. وأعاد عباس موقفه مما يجري في قطاع غزة، وقال إن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ولا يمكن القبول أو التعامل مع مخططات سلطات الاحتلال في فصله. ورفض عباس مخططات التهجير الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة.

وطالب من بلينكن التدخل في عدة قضايا، من بينها الإفراج عن أموال المقاصة الفلسطينية، ومنع ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من طرد للسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، ووقف اعتداءات المستوطنين الإرهابيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس، ومضاعفة المواد الإغاثية والطبية والغذائية وتوفير المياه والكهرباء والوقود بأسرع وقت ممكن لقطاع غزة، وتقديم ما يلزم من مساعدات لتعاود المستشفيات والمرافق الأساسية عملها في علاج الآلاف من الجرحى وتقديم خدماتها لأبناء شعبنا. كما طالب عباس من بلينكن إلزام حكومة الاحتلال بالوقف الفوري للإجراءات القمعية والانتهاكات ضد الأسرى الفلسطينيين.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماعه يوم الخميس مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس (إ.ب.أ)

المؤتمر الدولي للسلام

وطرح عباس فكرة عقد المؤتمر الدولي للسلام، باعتبار إقامة دولة فلسطينية هو مفتاح السلام، وأن الحلول الأمنية والعسكرية أثبتت فشلها، ولن تحقق الأمن والاستقرار للمنطقة. ويوجد خلاف فلسطيني أميركي بسبب الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل في غزة، وتبني مواقف الحكومة الإسرائيلية حتى في ما يخص الوضع بعد الحرب.

وكان الأميركيون ناقشوا مع عباس فكرة عودة السلطة إلى غزة، لكنه قال إن ذلك لن يتم إلا في إطار اتفاق سياسي شامل، ثم تبنوا موقف تل أبيب بأن السلطة ضعيفة وبحاجة إلى تجديد قبل تسلم غزة.

وجاءت مطالبات عباس بتثبيت وقف النار مع ظهور صعوبات في تمديد الهدنة في قطاع غزة. ونجحت مباحثات محمومة في تثبيت وقف النار يوم الخميس قبل قليل فقط من نهاية الهدنة، قبيل الساعة السابعة صباحا بعد خلافات متعلقة بالأسماء.

ورفضت إسرائيل عرض «حماس» تسلم سبعة من المحتجزين من النساء والأطفال وجثامين ثلاثة من الفئة نفسها من المحتجزين في مقابل تمديد الهدنة الإنسانية المؤقتة. وكان ذلك كل ما توصلت إليه «حماس» أثناء بحثها عن نساء وأطفال غير الذين كانوا بحوزتها، وتحت يد فصائل وجهات أخرى في غزة.

جندي إسرائيلي فوق دبابة قرب حدود غزة خلال الهدنة المؤقتة بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)

مجندات إسرائيليات

وطلبت إسرائيل تسليم محتجزات بالاسم لدى «حماس»، لكن الحركة رفضت لأنهن مجندات في الجيش الإسرائيلي.

وتقول «حماس» إن ملف العسكريين الإسرائيليين هو ملف مختلف، وثمنه هو تبييض كل السجون. وبعد محادثات مضنية تم الاتفاق على إطلاق سراح 8 إسرائيليين من النساء والأطفال، على أن يتم احتساب الإسرائيليتين من أصل روسي اللتين تم تسليمهما يوم الأربعاء خارج الدفعة، من ضمن دفعة يوم الخميس، مقابل 30 فلسطينياً من النساء والأطفال.

من جانبها، أكدت الخارجية القطرية تمديد الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» حتى صباح الجمعة. وقالت الخارجية في بيان، إن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي توصلا لتمديد الهدنة في قطاع غزة ليوم إضافي. وأشارت الخارجية إلى استمرار تكثيف الجهود بهدف الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة.

ومع دخول الهدنة يومها السابع، أعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، تسلم قائمة بأسماء للمحتجزين في قطاع غزة من نساء وأطفال إسرائيليين وفق شروط الاتفاق، ونشرت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين أسماء 30 فلسطينياً بينهم 8 أسيرات يفترض أن يكون تم إطلاق سراحهم حتى وقت متأخر من يوم الخميس أو فجر الجمعة. وسلمت «كتائب القسام» في وقت مبكر الخميس للصليب الأحمر محتجزتين إسرائيليتين في ميدان فلسطين وسط مدينة غزة.

مقاتلو «حماس» خلال تسليم رهائن إلى الصليب الأحمر الدولي ضمن اتفاق الهدنة مع إسرائيل (رويترز)

ملثمون يسلمون رهينتين

وظهر ملثمون من «القسام» يسلمون محتجزتين وسط حضور جماهيري مكثف أعاق حركة سيارات الصليب الأحمر.

وقال الجيش إنه تسلم إسرائيليتين بانتظار إطلاق سراح البقية. وتسليم الأسرى الإسرائيليين على دفعات خلال يوم واحد، يؤكد الصعوبات في جمع المحتجزين من جهات مختلفة في مكان ووقت واحد. ومع مخاوف عدم تمديد الهدنة أيام أخرى، أمر الطرفان قواتهما للاستعداد للقتال.

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي: «نحن في فترة تهدئة هدفها إعادة المختطفين إلى الوطن. وهذا هدف أسمى، وسنواصل السعي دون توقف واستغلال كل فرصة لإعادة المختطفين، لكنها ستكون حرباً طويلة، وسنقاتل حتى نحقق أهدافها، ولن نتوقف حتى نقوم بتفكيك (حماس) سلطوياً وعسكرياً».

وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي: «نحن نستعد لتمديد الهدنة أو القتال». كما طالبت «كتائب القسام»، قواتها العاملة البقاء على جاهزية قتالية عالية تحسباً لتجدد الحرب. كما قالت «الكتائب» في بلاغ عسكري إن «(كتائب القسام) تطلب من قواتها العاملة البقاء على جاهزية قتالية عالية تحسباً لتجدد القتال في حال عدم تجديدها والبقاء على ذلك ما لم يصدر بيان رسمي يؤكد تمديد التهدئة».

وتعتقد إسرائيل أنه ما ستفشل في تحقيقه عبر مفاوضات ستجبر «حركة حماس» على القبول به لاحقاً «تحت النار». وقال مصدر إسرائيلي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته، إن شروط إسرائيل واضحة «المفاوضات تجري إما تحت إطلاق النار، وإما يستمر إطلاق سراح المختطفين». وأضاف المصدر أنه تم توصيل هذه الرسالة أيضاً إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال رحلته إلى إسرائيل.


مقالات ذات صلة

خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية play-circle 06:14

خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

«هذه ليست غزة. إنه مخيم اليرموك»... لا تكفي قراءة اللافتة مراراً عند مدخل المخيم الفلسطيني المحاذي لدمشق لترسخ هذه الحقيقة في ذهن الزائر.

بيسان الشيخ (مخيم اليرموك (دمشق))
شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للإدارة الذاتية وقوات «قسد»، الاستعداد للحوار مع تركيا بعدما أظهر الصراع الذي يدور في الشمال السوري ما قال مسؤوله إنه «نيات تركيا السيئة»، وأن «قوات سوريا الديمقراطية» ستُدمج في الجيش السوري.

وفي مقابل الحشد والتوعد التركي ضد المسلحين الأكراد، كشف رياض درار رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوثين الأميركي سكوت بولز ونظيره الفرنسي فابريس ديبليشان، يعملان على نزع فتيل الحرب مع تركيا وقال: «لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار، بالنسبة لتركيا وفصائلها فإنها تهدد بقتال الكرد وقوات (قسد)، حيث إن فصائل (فجر الحرية) لم تشارك في حملة دمشق، واكتفت باحتلال تل رفعت بريف حلب، وحيي الأشرفية وشيخ مقصود بحلب، حيث الغالبية الكردية».

ويرى هذا المسؤول البارز أن «أفضل طريق للسلام مع تركيا هو نزع السلاح من المناطق المهددة، والدخول في حوارات سياسية مباشرة» في إشارة إلى مدينة عين العرب الواقعة بالريف الشرقي لمحافظة حلب شمالاً.

وقال درار: «حتى لا يبقى لدى تركيا حجج وذرائع لهجوم كوباني لأنها رمز للحرية والمقاومة، يريدون كسر إرادتها، وأنقرة تحرض هذه الفصائل على القتال، كما فعلوا في منبج عندما دخلوها ونهبوها».

أفراد من «قسد» خلال تشييع خمسة عناصر قُتلوا في منبج بمواجهات مع فصائل تدعمها تركيا (أ.ف.ب)

ولطالما هددت تركيا بسيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لها على مدينة عين العرب «كوباني» الواقعة على بعد نحو 160 كيلومتراً شرق محافظة حلب، واستقطبت هذه المدينة الملاصقة للحدود السورية - التركية اهتماماً عالمياً بعد هجوم واسع نفذه «تنظيم داعش» في محاولته للسيطرة عليها في 2 يوليو (تموز) 2014، وباتت نقطة انطلاقة تعاون المقاتلين الأكراد مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي تشكل لقتال «داعش»، والذي نفذ أولى ضرباته على المدينة الكردية دعماً للمقاتلين، وتم إلحاق الهزيمة بالتنظيم المتشدّد بعد معارك عنيفة استمرت نحو 6 أشهر.

نزع فتيل الحرب

وأكد درار أن الوسيطين الأميركي والفرنسي «يعملان لنزع فتيل الحرب، لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار أولاً، ثم الذهاب إلى دمشق للتفاوض مع (هيئة تحرير الشام) للوصول إلى نوع من التفاهم لإدارة سوريا بشكل مشترك»، وأشار إلى أن تركيا تريد تقاسم الكعكة السورية «من خلال وجودها وتغييرها الديموغرافي للمناطق الشمالية، لكي تستطيع أن تسيطر على المشاركة، وتدير لعبة التدخل في سوريا من جديد».

وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ أكراد سوريا تدريجياً في شمال سوريا، خصوصاً بعد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم نهاية عام 2012، وتمكنوا من إقامة إدارات ذاتية، وتأسيس قوات عسكرية وأمنية، فضلاً عن إنشاء مؤسسات عامة، وإعادة إحياء لغتهم وتراثهم، وافتتاح مدارس يتم فيها تدريس مناهج باللغة الكردية، غير أن المقاتلين الأكراد خسروا بلدات رئيسة منذ إطلاق عملية «ردع العدوان» في 8 من ديسمبر (كانون الأول)، بعد سيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لتركيا على بلدة تل رفعت وقرى منطقة الشهباء ومدينة منبج بريف حلب الشرقي، وتتقدم نحو مدينة كوباني.

«غياب المجتمع الدولي»

ولفت رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» إلى أن تركيا الوحيدة التي استفادت من هذه التغييرات المتسارعة في سوريا، وتابع درار: «تستطيع أنقرة أن تدخل بكل حرية عندما تكون ذاهبة باتجاه الجوار الحسن، لكنها الآن عبر أسلوب التحريض للفصائل السورية التي تقاتل معها، تفعل شيئاً غير مطلوب، وتغتنم الفرصة بغياب المجتمع الدولي لما يجري في سوريا».

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية - السورية (الدفاع التركية)

ويعتقد المسؤول الكردي أن الولايات المتحدة «غير راضية عن السياسة التركية التصعيدية والعدائية تجاه أكراد سوريا»، ويقول إنه: «توجد إشارات خاصة من أميركا بأن هذا الفعل فاضح وغير مقبول، ولا يمكن أن يسمح به، لكن إردوغان استغل فرصة التشجيع من ترمب عندما مدح تركيا، كما مدح إردوغان بأنه ذكي ويفهم»، موضحاً أن الإدارة الذاتية، بجناحها السياسي «مسد»، شكلت وفداً للتواصل مع الحكومة الجديدة في دمشق.

وقال درار: «يمكننا أن نصل معها إلى نتائج عبر التفاوض، وتوحيد القرار السوري، ومشاركة كل السوريين في المرحلة الانتقالية والحكومة المقبلة»، ويعزو تأخر ذهاب الوفد إلى العاصمة السورية إلى «الحرب التي تجري الآن في مناطقنا، وتهديدات تركيا المتصاعدة، وعندما يتوقف هذا التهديد سيكون الوفد جاهزاً للذهاب إلى دمشق».

وأكد في ختام حديثه استعداد الإدارة الذاتية للاشتراك في الحكومة السورية المقبلة، وفي فعاليات المرحلة الانتقالية، وختم قائلاً: «قوات (قسد) سوف تكون جزءاً من الجيش السوري بعد التسوية، عندما يتشكل الجيش الوطني سنكون جزءاً منه».