رسم البطريرك الماروني بشارة الراعي خطاً أحمر أمام مقترحات لتعيين قائد للجيش اللبناني، في ظل الشغور الرئاسي، داعياً إلى انتخاب رئيس للجمهورية فـ«تُحلّ جميع مشاكلكم السياسيّة، وتسلم جميع مؤسّسات الدولة».
ويُحال قائد الجيش، العماد جوزيف عون، إلى التقاعد، في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، ويُفترض أن تُعيِّن الحكومة بديلاً عنه؛ منعاً للشغور في موقع قيادة الجيش، لكن الحكومة في هذا الوقت، هي حكومة تصريف الأعمال، ولا يحقّ لها إجراء تعيينات. ولن تكون الحكومة أصيلة إلا بعد انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة.
وقال الراعي، في عظة الأحد: «نحن لا نقبل محاولات المسّ بوحدة الجيش واستقراره، والثقة بنفسه وبقيادته، ولا سيما والبلاد وأمنها على فوّهة بركان». وأضاف: «ينصّ الدستور في المادّة 49 على أن (رئيس الجمهوريّة هو القائد الأعلى للقوّات المسلّحة)، فكيف يجتهد المجتهدون لتعيين قائد للجيش وفرضه على الرئيس العتيد؟!»، وطلب الراعي من السياسيين «الذهاب فوراً إلى الأسهل، وفقاً للدستور، وانتخبوا رئيساً للجمهوريّة، فتنحلّ جميع مشاكلكم السياسيّة، وتسلم جميع مؤسّسات الدولة».
ومنذ أسابيع، نشطت مقترحات سياسية لمنع الشغور في قيادة الجيش، بينها تعيين قائد جديد للجيش، ويتصدر هذا المقترح «التيار الوطني الحر»، أو التمديد له، ويتصدر هذا المقترح «القوات اللبنانية»، أو تأخير تسريحه عبر مرسوم حكومة يشمل مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وتعيين مجلس عسكري، ويتصدر هذا المقترح رئيس مجلس النواب نبيه بري، و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، والنواب السنة في البرلمان.
وانتقد الراعي المسؤولين اللبنانيين، وتوجّه إليهم بالقول: «ضعوا أمام أعينكم مسؤوليّة زرع الرجاء في قلوب جميع المواطنين اللبنانيّين، من خلال التجرّد من مصالحكم الشخصيّة والفئويّة والطائفيّة، فتستعيد العائلة الوطنيّة اللبنانيّة جمال عيش وحدتها في التنوّع، والعيش معاً؛ مسيحيّين ومسلمين، بالاحترام المتبادل والتعاون والاغتناء من الثقافات الخاصّة».
وقال: «نحن لا نقبل، أيّها المسؤولون السياسيّون، أكنتم في الحكم أم خارجه، بأن تتمادوا بانتزاع الرجاء من نفوس الشباب، ومن قلوب قوانا الحيّة، وإقحامهم على الهجرة كأنّكم تتفادون قيادتهم الرشيدة في المستقبل». وتابع: «لا نقبل بمواصلة انتهاك الدستور، وتحديداً المادة 49، على حساب قيام الدولة والمؤسّسات، وأنتم لا تنتخبون عمداً رئيساً للجمهوريّة منذ سنة وشهر، والأوضاع الإقليميّة الدقيقة جداً تفرض وجود حماية للدولة، والرياح تتّجه إلى ترتيبات في المنطقة! فلا نقبل برهن انتخاب الرئيس لشخص أو لمشروع أو لغاية مرتبطة بالنفوذ».
المادة 49
وأكد الراعي «أننا لا نقبل بحرمان الدولة من رأسها، ولا بنتائج الحرمان»، موضحاً «تنصّ المادّة 49 على أنّ رئيس الجمهوريّة هو (رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن)، فلما حوّل اتفاق الطائف رئيس الجمهوريّة من رئيس للسلطة الإجرائيّة، التي أناطها بالحكومة مجتمعة، إنّما أراده رئيساً للدولة بأرضها وشعبها ومؤسّساتها، كلّ مؤسّساتها، ولا سيما المؤسّستين الأساسيّتين: مجلس النواب ومجلس الوزراء، لجهة ضبط تناسق عملهما، ولجهة مسؤوليّته عن علاقاتهما، فهما جناحا الدولة، وتناغمهما واجب وفقاً للأصول، وهو المسؤول عن هذا التناغم، والمهمّة هذه تأتي تحت باب احترام الدستور. فلا نقبل، ولو ليومٍ واحد، بتغييب الرئيس، ومن ثم بفوضى الحكم، وكثرة الرؤوس، ومرتع النافذين».
وأعرب الراعي عن سعادته بزيارة وفد «المجلس الإسلامي الشعي الأعلى»، برئاسة نائب رئيس المجلس الشيخ علي الخطيب، الخميس الماضي، «وعلى الأخص تصريحه بشأن انتخاب رئيس للجمهوريّة، وبشأن مؤسّسة الجيش، ذلك أنّنا نتكلّم لغة واحدة؛ لأنّنا لا نتكلّم سياسيّاً بل وطنيّاً، ولأنّنا لا ندخل في تقنيّات العمل السياسي، بل في أخلاقيّته على قاعدة الفصل بين الخير والشرّ».