جدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الدعوة إلى «الإسراعِ في انتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية» و«الالتفاف حول الجيش»، وذلك في الذكرى الثمانين لاستقلال لبنان الذي غابت الاحتفالات الرسمية به، في ضوء الشغور في رئاسة الجمهورية، وحضّ الاتحاد الأوروبي «صانعي القرار اللبنانيين» على انتخاب رئيس، فيما تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بمواصلة العمل مع لبنان والشركاء في المنطقة «للحفاظ على السلام».
وفي غياب احتفال رسمي، زار ميقاتي قلعة راشيا التي سُجن فيها رجالات الاستقلال في عام 1943، حيث كان في استقباله قائد الجيش العماد جوزيف عون، ورعى خلالها حفل ذكرى الاستقلال والإعلان عن إطلاق متحف الاستقلال في قلعة الاستقلال في راشيا الوادي. وفي كلمته، شدد على أن «الاستقلال تحقَّق فعلياً عندما انتصر اللبنانيون لدستورِهم وميثاقِهم الوطني». وقال: «هكذا، بعد ثمانينَ من الأعوامِ التي خاضَ فيها الوطنُ كثيراً مِنَ المحن القاسية، ما زال التمسُّكُ بالدستورِ الناظمِ لحياتِنا السياسية، والتشبُّثُ بميثاقِ العيش المشترك الراعي لوجودِنا الوطني، هما السبيل الوحيد لتجديد الاستقلال». وتابع: «هذا يستدعي منا أمرين: أن نسعى دائماً إلى حِفظِ الدولة، كياناً ومؤسسات، وأن نبحثَ باستمرارٍ عن المساحاتِ المشتركة التي تؤَمِّنُ المناخَ الأفضلَ لنموِّ المواطنة. أما الدولة، فلقد أثبتت التجاربُ أنها وحدَها الحضْنُ الجامعُ للبنانيين، فلا ينبغي التفريط بعمل مؤسساتِها ولا باستحقاقاتِها، ولا سيما رئاسة الجمهورية التي تجاوز الفراغ فيها عامَه الأول».
وجدد ميقاتي «الدعوة إلى الإسراعِ في انتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية يعيدُ انتظامَ دورة الحياة إلى جسدِ الدولة المنهَك». كما جدد «الدعوة إلى الالتفاف حول الجيش، وصَوْنِ حضورِه ومؤسسته، كما سائر القوى الأمنية التي نحييها على الدورِ الذي تقومُ به لحفظ أمن الوطن والمواطنين».
وتوجه إلى قائد الجيش بالقول إن «جهودك ورعايتك الأبوية، التي كنت شاهداً عليها، حمت المؤسسة العسكرية وصانتها من العواصف وهي محل تقديرنا جميعاً، وتؤمن استمرارية استقرار الجيش ودوره».
وجاءت ذكرى الاستقلال بالتزامن مع تباينات سياسية حول الآليات السياسية والقانونية لمنع الشغور في قيادة الجيش، في ظل الشغور الرئاسي، وبالتزامن مع الحرب في الجنوب. وقال ميقاتي: «على المجتمع الدولي أن يردع إسرائيلَ عن عدوانِها وانتهاكها الصارخ للمواثيق والقرارات الدولية وحقوق الإنسان، وعن استمرارها في ارتكاب المجازر والإبادات الجماعية، وآخرها جريمة اغتيال الإعلاميين ربيع معماري وفرح عمر وقبلهما المصور الشهيد عصام عبد الله، وأن يبادرَ هذا المجتمع الدولي إلى وضعِ حلٍّ سياسي يؤدي إلى إعطاءِ الفلسطينيين حقوقَهم كاملة غيرَ منقوصة، في دولتِهم المستقلة وعاصمتُها القدسُ الشريف».
وفي سياق التوتر جنوباً، ولمناسبة الاستقلال، تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري برقية تهنئة من الرئيس الأميركي جو بايدن أكد فيها الالتزام المشترك بالاستقرار والازدهار في المنطقة، لافتاً إلى أن العلاقة الطويلة الأمد بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية «تتسم بأهمية بالغة لناحية بناء مستقبل أفضل لشعبي البلدين ولجميع الشعوب حول العالم»، مؤكداً أن الولايات المتحدة الأميركية «سوف تواصل العمل مع لبنان والشركاء في منطقة الشرق الأوسط بشكل وثيق للحفاظ على السلام ومنع توسع رقعة الصراع وإلى التطلع للعمل من أجل صياغة مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً وتكاملاً لشعوب المنطقة»، حسبما ذكر بيان صادر عن رئاسة مجلس النواب.
وينسحب الدعم الدولي للبنان، على الاتحاد الأوروبي، حيث أعربت بعثة الاتحاد الأوروبي وسفارات الدول الأعضاء الممثلة في لبنان، في بيان أصدرته لمناسبة ذكرى الاستقلال، عن «صداقتنا ودعمنا للبنان وشعبه». وقالت البعثة: «تم إحياء ذكرى الاستقلال هذه السنة في ظروف إقليمية صعبة. ويحثّ الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف الفاعلة على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد».
وقالت: «في هذه الفترة الحرجة، نشجّع صانعي القرار اللبنانيين على وضع خلافاتهم جانباً واتخاذ قرارات طال انتظارها تتضمن انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الكلية والمالية الضرورية».
وشددت على أن «القيادة الحاسمة ضرورية أكثر من أي وقت مضى. ويقف الاتحاد الأوروبي بثبات إلى جانب لبنان ومواطنيه في تطلعاتهم لمستقبل أكثر إشراقاً. إنّ وقت العمل هو الآن».