شبح الموت يرفرف فوق أطفال رُضّع بمستشفى الشفاء في غزة

TT

شبح الموت يرفرف فوق أطفال رُضّع بمستشفى الشفاء في غزة

أطفال رُضّع جنباً إلى جنب بمستشفى الشفاء في غزة (رويترز)
أطفال رُضّع جنباً إلى جنب بمستشفى الشفاء في غزة (رويترز)

يرقد أطفال رُضّع جنبا إلى جنب وبعضهم ملفوف بقماش أخضر للتدفئة بينما ليس على البعض الآخر إلا حفاضات، وفق ما أوردته وكالة «رويترز» في تقرير.

هؤلاء الرُضّع حديثو الولادة يقوم على رعايتهم مسعفون منهكون في مستشفى الشفاء الذي تحاصره الدبابات الإسرائيلية التي تحارب مقاتلي حركة «حماس» في غزة. ويفتقر المستشفى للكهرباء والمياه والغذاء والعقاقير والمعدات الطبية اللازمة.

وقال الطبيب محمد طباشة، رئيس قسم الأطفال في مستشفى الشفاء، في اتصال هاتفي أمس (الاثنين): «كان لدينا أمس 39 طفلا، اليوم أصبحوا 36... لا أستطيع القول إلى متى يمكنهم أن يبقوا (على قيد الحياة). قد نفقد طفلين آخرين اليوم أو خلال ساعة».

ويتعين وضع الأطفال المبتسرين (الخدج) الذين يقل وزن الواحد منهم عن 1.5 كغم، وفي بعض الحالات قد يكون وزن الواحد منهم 700 أو 800 غرام فقط، في حضّانات يمكن من خلالها تنظيم درجة الحرارة والرطوبة بحسب حاجة كل حالة.

الأطفال نقلوا إلى أسِرة عادية مطلع الأسبوع بسبب نقص الكهرباء (أ.ب)

وقال طباشة إنه بدلا من ذلك، اضطروا إلى نقلهم إلى أسِرة عادية مطلع الأسبوع بسبب نقص الكهرباء. ووضعوهم جنبا إلى جنب، محاطين بعبوات الحفاضات وصناديق ورقية تحتوي على شاش معقم وأكياس بلاستيك.

وأضاف: «لم أتوقع قط في حياتي أن أضع 39 طفلا جنبا إلى جنب على السرير، كل منهم مصاب بمرض مختلف، وفي ظل نقص شديد في الفريق الطبي، وفي الحليب».

وأردف طباشة أن درجة حرارة الأطفال الرضع منخفضة بشدة ودرجة الحرارة غير مستقرة بسبب انقطاع الكهرباء. وفي غياب إجراءات مكافحة العدوى تنتقل الفيروسات بينهم وتضعف مناعتهم بشدة.

وقال إنه لم تعد هناك أي وسيلة لتعقيم الحليب ومصاصاته وفقا للمعايير الواجبة. ونتيجة لذلك، أصيب البعض بالتهابات في المعدة ويعانون من الإسهال والقيء ما يعني احتمال إصابتهم بجفاف حاد.

قتلهم ببطء

وصف الطبيب أحمد المخللاتي الذي يشارك أيضا في رعاية الأطفال، الظروف بأنها تعرض حياتهم للخطر.

وقال عبر الهاتف أيضا من مستشفى الشفاء إنهم «في وضع سيئ جدا يتعرضون فيه للقتل ببطء ما لم يتدخل أحد لضبط أو تحسين وضعهم».

وأضاف: «هذه أنواع حرجة جدا من الحالات ويتعين التعامل معها بحذر شديد. يتعين العناية بكل واحد منهم بطريقة خاصة جدا. وحاليا هم جميعا في مكان مفتوح، كلهم ​​معا».

وقال الطبيب طباشة إن الحفاظ على سلامة الأطفال يحتاج إلى الكهرباء لتشغيل الحضانات ومعقم مناسب للحليب والمصاصات والعقاقير وأجهزة الدعم في حالة إصابة أي منهم بقصور في الجهاز التنفسي.

وأضاف أن الوضع مروع بالنسبة للأطباء وطاقم التمريض المسؤول عن الأطفال المبتسرين والمؤلف من أربعة أفراد فقط. وختم: «استُهلكنا عاطفيا وبدنيا».

وشنت إسرائيل هجومها ضد «حماس» بعد هجوم الحركة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي أسفر عن مقتل مدنيين. وتشير البيانات الإسرائيلية إلى أن «حماس» قتلت في الهجوم نحو 1200 شخص وأخذت 240 رهينة في أكثر أيام إسرائيل دموية منذ إعلان الدولة قبل 75 عاما.

وتسبب الهجوم الإسرائيلي المتواصل منذئذ في قتل آلاف من سكان غزة وتشريد أكثر من نصف سكان القطاع. وتقول السلطات الطبية في غزة إنه تم التأكد من مقتل أكثر من 11 ألف شخص، نحو 40 بالمائة منهم أطفال.

وتقول إسرائيل إن مستشفى الشفاء يقع فوق أنفاق بها مقرات لمقاتلي «حماس» الذين يتحملون مسؤولية ما يتعرض له المستشفى من محنة لاستخدامهم المرضى دروعا بشرية، وهو ما تنفيه الحركة.

وأعلنت إسرائيل، اليوم، أنها عرضت حضانات متنقلة تعمل بالبطاريات حتى يمكن نقل الأطفال.

وقال الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق اليوم، إنه ينسق نقل الحضانات إلى قطاع غزة في خطوة للسماح بإجلاء الأطفال. ونشر على وسائل التواصل الاجتماعي صورة لجندي يفرغ حضانات من شاحنة.

ونشر الجيش أيضا مقطع فيديو يظهر شاني ساسون، المتحدثة باسم وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي تقف أمام الحضانات وتقول إنه تم تقديم عرض رسمي للمساعدة.


مقالات ذات صلة

مصادر تؤكد إحراز الوسطاء بعض التقدم بشأن غزة

المشرق العربي فلسطينيون يشيعون قتلى سقطوا بغارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة الخميس (إ.ب.أ)

مصادر تؤكد إحراز الوسطاء بعض التقدم بشأن غزة

قال مسؤول فلسطيني قريب من جهود الوساطة إن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن غزة حتى الآن لا يعني أن المحادثات لا تمضي قدماً، مضيفاً أن هذه المحاولات هي الأكثر جدية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

في غضون 3 أيام، قُتل ضابطان و3 جنود؛ جميعهم من لواء «ناحال» الإسرائيلي، الذي انتقل من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جثامين القتلى نتيجة غارات إسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني بالقطاع (رويترز)

غارات إسرائيلية تقتل العشرات في غزة وسط مساعٍ أميركية لوقف إطلاق النار

أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الأربعاء، أن 51 فلسطينياً قتلوا خلال الـ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي أنقاض مبان دمرتها غارات إسرائيلية سابقة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في خان يونس جنوب قطاع غزة... 7 يناير 2025 (رويترز)

مقتل 18 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على خان يونس

قُتل 18 فلسطينياً، اليوم (الثلاثاء)، بينهم تسعة أطفال، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت خياما ومنازل ومركبة في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

2025... عام ملء الفراغات؟

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم... فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات أو خلق بعضها؟

المحلل العسكري (لندن)

جيل اللجوء السوري في ألمانيا مشتت تجاه العودة

السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)
السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)
TT

جيل اللجوء السوري في ألمانيا مشتت تجاه العودة

السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)
السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)

لم تتوقف فاتورة حكم نظام بشار الأسد في سوريا يوم رحيله عن السلطة؛ إذ لا تزال تداعياتها المُربكة ممتدة حتى خارج البلاد. فالسوريون من أبناء جيل اللجوء الذين بدأوا في الانتقال صغاراً للعيش في ألمانيا قبل سنوات وشبوا مغتربين، مشتتون تجاه قضية عودتهم.

وتحدث شباب سوريون مقيمون في ألمانيا إلى «الشرق الأوسط» عن تعقيدات اجتماعية واقتصادية وعائلية بل ولغوية لدى أبنائهم، تحاصر فكرة رجوعهم إلى بلادهم. واحد من هؤلاء، أنس معضماني، الذي حظي بشهرة واسعة قبل 12 سنة، عندما التقط صورة بطريقة «السيلفي» مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه مع غيره يواجهون قراراً صعباً: «هل نعود إلى سوريا أو نبقى في ألمانيا؟».

ومعضماني، واحد من نحو 260 ألف لاجئ سوري حصلوا على الجنسية الألمانية، فيما يتبقى أكثر من 700 ألف من مواطنيه يعيشون وفق أوضاع مؤقتة يمكن أن تتغير عندما يستقر الوضع ببلادهم.

ويُفكر معضماني بأن يُقسّم وقته بين ألمانيا وسوريا، ويفتتح مشاريع في البلدين. ويضيف كما لو أنه يبرر ذنباً ارتكبه: «دمشق أجمل مدينة على الأرض، ولكنني أحب ألمانيا، وبرلين أصبحت مدينتي الثانية».