حرب متصاعدة في الضفة... قتل واغتيالات واعتقالات

الجيش الإسرائيلي اقتحم مخيم طولكرم واستخدم مسيّرات لتنفيذ اغتيالات... ووفاة أسير في السجون

 «سيلفي» لمقاتلين فلسطينيين عقب الغارة الإسرائيلية على مخيم طولكرم اليوم الثلاثاء (رويترز)
«سيلفي» لمقاتلين فلسطينيين عقب الغارة الإسرائيلية على مخيم طولكرم اليوم الثلاثاء (رويترز)
TT

حرب متصاعدة في الضفة... قتل واغتيالات واعتقالات

 «سيلفي» لمقاتلين فلسطينيين عقب الغارة الإسرائيلية على مخيم طولكرم اليوم الثلاثاء (رويترز)
«سيلفي» لمقاتلين فلسطينيين عقب الغارة الإسرائيلية على مخيم طولكرم اليوم الثلاثاء (رويترز)

قتلت إسرائيل سبعة فلسطينيين في طولكرم بشمال الضفة الغربية، بينهم ثلاثة بصاروخ أطلقته طائرة مسيّرة، وفلسطينياً ثامناً في الخليل جنوب الضفة، في حرب مستمرة ومتصاعدة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها حركة «حماس» ضد مستوطنات غلاف غزة.

واقتحمت قوات إسرائيلية كبيرة طولكرم في طريقها إلى مخيم طولكرم، وحاصرته ونشرت عناصرها في كل الطرق المؤدية إليه، معلنة فرض حظر تجول فيه، قبل أن تنفجر مواجهات واسعة أطلق خلالها الفلسطينيون الرصاص وألقوا العبوات الناسفة على القوات المقتحمة، فيما استخدم الجيش الإسرائيلي كل أنواع الأسلحة المتاحة لجنوده، بما في ذلك القصف من الجو.

وأظهرت لقطات فيديو اشتباكات عنيفة في شوارع المخيم وانفجارات وحركة كبيرة لسيارات الإسعاف.

وتصاعدت حدة المواجهة بعد انتشار لقطات فيديو كشفت عن انفجار عبوة ناسفة بالقرب من جرافة إسرائيلية مدرعة خلال الهجوم.

آليات إسرائيلية في مدينة طولكرم اليوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وفيما قال الجيش الإسرائيلي إنه اقتحم طولكرم لاستهداف بنى تحتية واعتقال مطلوبين، قالت: «كتائب شهداء الأقصى» إنها خاضت اشتباكات عنيفة ضد المهاجمين في كل محاور الاشتباك وكبدتهم خسائر.

وأصدر الجيش الإسرائيلي بياناً قال فيه إن قواته بقيادة لواء «كفير» بدأت حملة في مخيم طولكرم للاجئين هدفها إزالة عبوات ناسفة تم وضعها على محاور الطرق لاستهداف المركبات العسكرية الإسرائيلية، واشتبكت مع مسلحين هناك. وجاء في البيان أن عناصر سلاح الهندسة عثروا خلال العملية على عبوات ناسفة في محاور «وضعت خصيصاً لإلحاق الضرر بالقوات. وقام الجنود بالتحقيق مع المطلوبين وإلقاء القبض عليهم. كما أسفر تبادل إطلاق النار عن القضاء على المسلحين».

وأوضح بيان الجيش أن طائرة تابعة له هاجمت خلية لمسلحين كانوا يطلقون النار ويلقون متفجرات على قوات الجيش الإسرائيلي؛ «بغية إزالة التهديد»، والسماح باستمرار عمل الجنود.

فلسطينيون يتفقدون منازل تضررت خلال الغارة الإسرائيلية على مخيم طولكرم اليوم الثلاثاء (رويترز)

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن عبد ياسين (33 عاماً) ووليد مصيعي (26 عاماً) ومحمود حدايدة (25 عاماً) وحازم حصري (28 عاماً)، قضوا برصاص القوات الإسرائيلية في طولكرم، وأن سعيد أبو طاحون (24 عاماً) وجهاد غانم (27 عاماً) ومصعب الغول (21 عاماً) قضوا بصواريخ أطلقتها طائرة مسيّرة في مخيم طولكرم.

وأصبحت إسرائيل تستخدم المسيّرات على نحو متزايد في الضفة الغربية منذ هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي، في تصعيد كبير شمل إغلاقاً مشدداً للمدن والقرى والبلدات الفلسطينية، وتنفيذ اقتحامات واسعة تتخللها عمليات اغتيال وقتل واعتقالات.

فلسطينية تبكي حزناً على شبان قُتلوا في الغارة الإسرائيلية على طولكرم اليوم الثلاثاء (رويترز)

واقتحم الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، الخليل ونابلس وطولكرم ورام الله وقلقيلية وبيت لحم، وقتل قرب بلدة «بيت عينون» شمال شرقي الخليل، محمد الحلايقة، بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن عند مفترق بيت عينون.

واحتجزت القوات الإسرائيلية جثمان حلايقة، واستدعت والده وشقيقه إلى معسكر «غوش عتصيون» القريب للتعرف عليه، قبل أن يتداول نشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي وصية مصوّرة لحلايقة أعلن فيها أنه «سينتصر» للمسجد الأقصى ولقطاع غزة.

وفي قرية عوريف شمال الضفة الغربية، هدم الجيش الإسرائيلي منزل مهند شحادة، منفذ عملية إطلاق النار في محطة الوقود القريبة من مستوطنة «عيلي»، حيث قتل 4 إسرائيليين في يونيو (حزيران) من العام الحالي.

واعتقل الجيش الإسرائيلي فلسطينيين في العديد من المواقع التي اقتحمها.

وتصاعدت التوترات في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر. ومنذ ذلك التاريخ قتلت إسرائيل 189 فلسطينياً، واعتقلت أكثر من 2500. وقالت «هيئة شؤون الأسرى» إن هؤلاء، إلى جانب نحو 5 آلاف آخرين كانوا معتقلين من قبل، يعيشون أوضاعاً غير مسبوقة في ظل عزلهم تماماً، ومنع المحامين من زيارتهم.

وأبلغ الارتباط العسكري، الثلاثاء، عائلة الأسير عبد الرحمن أحمد مرعي، من «قراوة بني حسان» في سلفيت بشمال الضفة الغربية، بأنه توفي داخل سجن مجدو. وقالت إدارة السجون إن المعتقل ​​من مواليد عام 1990، وهو من سكان الضفة الغربية، وأُدْخِل إلى السجن في فبراير (شباط) 2023.

وهذا هو الأسير الثالث الذي يقضي داخل سجون إسرائيل منذ 7 أكتوبر.

وقالت «هيئة شؤون الأسرى» إن ما تعرض له مرعي «جريمة اغتيال جديدة عن سبق إصرار، فلم يكتف الاحتلال باغتياله، بل رفض الكشف عن هويته في البداية، وأجرى تشريحاً لجثمانه».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي ينفي علمه بقتل فلسطيني مسنّ على يد جنوده في الضفة

شؤون إقليمية صورة انتشرت على «إكس» للمسن أبو خليل

الجيش الإسرائيلي ينفي علمه بقتل فلسطيني مسنّ على يد جنوده في الضفة

أفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن رجلاً مسناً تعرّض للضرب حتى الموت على يد قوات الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح أمس في الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من مظاهرات رام الله (أ.ف.ب)

فلسطينيو الضفة يحتفلون بذكرى 7 أكتوبر ملوّحين بالرايات والأعلام

احتشد مئات الفلسطينيين في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة اليوم الاثنين في الذكرى السنوية الأولى لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
العالم العربي شبان يقطعون طريقاً بإطارات مشتعلة في منطقة قلنديا بالضفة الغربية (رويترز)

وزارة الصحة: جنود إسرائيليون يقتلون طفلاً فلسطينياً خلال مواجهات بالضفة الغربية

قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن طفلاً فلسطينياً يبلغ من العمر 12 عاماً قتل في مواجهات بين شبان وجنود إسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
خاص دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب) play-circle 33:25

خاص في ذكرى 7 أكتوبر... «إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة»

«إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة. ستتعرفون على إسرائيل أخرى». هكذا كانت رسالة الضباط الإسرائيليين لنظرائهم الفلسطينيين بعد 7 أكتوبر.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية على مقهى شعبي في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)

إسرائيل: قتلنا 12 «عنصراً إرهابياً» في غارة على طولكرم

قال الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) إنهما تمكنا من تحديد على الأقل 12 «عنصراً إرهابياً» بين القتلى في غارة شنتها طائرة حربية ليل الخميس بطولكرم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إغلاق «معبر الدادات» في شمال سوريا يعمق أزمة العائدين من لبنان

لافتة طرق رئيسية تشير إلى اتجاهات مناطق في محافظة حلب (أرشيفية)
لافتة طرق رئيسية تشير إلى اتجاهات مناطق في محافظة حلب (أرشيفية)
TT

إغلاق «معبر الدادات» في شمال سوريا يعمق أزمة العائدين من لبنان

لافتة طرق رئيسية تشير إلى اتجاهات مناطق في محافظة حلب (أرشيفية)
لافتة طرق رئيسية تشير إلى اتجاهات مناطق في محافظة حلب (أرشيفية)

بعد إعلان الشرطة العسكرية، التابعة للحكومة المؤقتة في «الائتلاف السوري» المعارض، إغلاق معبر «عون الدادات» أمام حركة العائدين لمناطقهم، الاثنين، عدّت الإدارة الذاتية (الكردية) في شمال شرقي سوريا، أن الإغلاق سيدفع إلى تفاقم معاناة النازحين الهاربين من الحرب الدائرة في لبنان.

وفي الوقت الذي نفى فيه مسؤول كردي بارز إغلاق المعبر من طرف «الإدارة الذاتية»، وأن مناطقها ومعابرها مفتوحة أمام حركة الراغبين بالعودة لمناطقهم الأصلية؛ وصلت سيارات إسعاف «الدفاع المدني» السوري إلى ساحة المعبر، ونقلت عدداً من الحالات الإنسانية، بينهم مرضى وكبار السن قادمين من لبنان.

وكانت حكومة الائتلاف المؤقتة قد ذكرت، في بيان نُشر على موقعها الرسمي، يوم الاثنين، أن المعبر مغلق حتى إشعار آخر، مبررة قرارها أنه نتيجة الأوضاع الأمنية في المنطقة، وما وصفته بـ«التصرفات غير الأخلاقية» في ساحة عون الدادات، من قبل عناصر «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، «تجاه القادمين من مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة النظام السوري»، دون أن يتطرق البيان لتفاصيل هذه التصرفات.

بدورها، أعلنت «الإدارة الذاتية» أن أكثر من 18 ألف نازح سوري عبروا مناطق النظام السوري قادمين من لبنان إلى مناطق سيطرتها شمال شرقي البلاد، بينهم 53 لبنانياً. ويستخدم قسم من هؤلاء العائدين معبر «عون الدادات» للتوجه إلى مناطقهم في بلدات جرابلس وأعزاز وأريافهما، حيث يقع المعبر في ريف بلدة منبج شمال شرقي محافظة حلب، ويتصل مع مناطق سيطرة فصائل «الجيش الوطني السوري» التابعة لحكومة الائتلاف المؤقتة في منطقة «درع الفرات» الخاضعة للنفوذ التركي.

وصول مئات العائلات إلى شمال غربي سوريا بحثاً عن ملجأ عبر معبر عون الدادات بين مدينتي جرابلس ومنبج (فيسبوك)

وفي معرض ردّه على إغلاق معبر «عون الدادات» أمام السوريين العائدين من لبنان، بعد رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر واجتياز عشرات الحواجز الأمنية، قال شيخموس أحمد، رئيس مكتب النازحين واللاجئين بالإدارة الذاتية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن المعبر مفتوح من طرف الإدارة، «فمنذ اليوم الأول لعودة اللاجئين السوريين من لبنان، فتحت الإدارة جميع معابرها مع مناطق حكومة النظام السوري، ومع الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، أمام من يريد العبور لباقي المناطق استجابة للأزمة الإنسانية العاجلة».

ولفت هذا المسؤول أن قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة قامت بحماية وتسهيل عبور عشرات الحفلات والسيارات التي تقل العائدين من خلال عمليات الترفيق، «وأوصلتهم لنقطة المعبر للتوجه نحو مناطقهم بريف حلب الشمالي، وقد عبر بالفعل أكثر من ألف مواطن من مناطقنا إلى المناطق المحتلة الخاضعة للنفوذ التركي، بعد تقديمنا كل التسهيلات اللازمة لعبورهم».

تدفق نازحين سوريين إلى معبر الطبقة بريف الرقة الشمالي الجنوبي قادمين من لبنان (الشرق الأوسط)

النازحة ريم، البالغة من العمر 52 سنة، وهو اسم مستعار لسيدة سورية تنتظر في ساحة العون وتتحدر من بلدة جرابلس الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي، عبّرت عن خشيتها على عائلتها؛ زوجها وأبنائها الذين قضوا 12 سنة في لبنان، من العودة العكسية لبلدهم: «عشنا الخوف بكل تفاصيله، ليس بسبب القصف الإسرائيلي الشديد، لكن ابني الكبير بعمر الجيش، خفت من حواجز النظام، ومن حواجز (قسد) باعتباره متخلفاً، أما اليوم فمنعونا من الدخول، ويزداد خوفي كل لحظة أبقى فيها هنا».

إغلاق المعبر ينعش التهريب

وخلال الأيام الماضية، وبعد النزوح السوري الكبير من لبنان، سمحت سلطات «الإدارة الذاتية» وفصائل «الجيش الوطني» بالسماح لعبور آلاف من الراغبين في العودة لمناطقهم شمال البلاد من معبر «عون الدادات»، ويقدم الراغبون في العودة طلباً لدى «الشرطة العسكرية» ليأتي الردّ بالموافقة بنفس اليوم، أو في اليوم التالي. أما الذين ترفض طلباتهم فيسلكون طرقاً غير شرعية، مقابل دفع مبالغ مالية للمهربين، تصل إلى 400 دولار أميركي.

عالقون في معبر عون الدادات الثلاثاء (مواقع)

ونوّه المسؤول في الإدارة، شيخموس أحمد، بأن يوم أمس (الاثنين) وبعد قرار الشرطة العسكرية بإغلاق المعبر، وصلت 3 حافلات محملة بالركاب لنقطة المعبر، وبعد حصولهم على الموافقة لعبورهم لمناطقهم، «تفاجئوا بقرار المنع ونقلوا لنا أنهم تعرضوا للتهديد بالاعتقال من قبل الجهات المسيطرة على المعبر من طرف جرابلس، وتعرضهم للابتزاز المادي لإدخالهم بطرق التهريب على الرغم من تفاقم مأساتهم الإنسانية»، على حدّ تعبيره.

وأكد شاهد ثانٍ، طلب عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، خلال اتصال هاتفي، أن استمرار إغلاق المعبر سينعش طرق التهريب، ويدفع كثيراً من العوائل القادمة من لبنان والعالقة في ساحة معبر العون، «إلى دفع مبالغ للمهربين للدخول لمناطق (درع الفرات)، وقد اتصلت بعدد من الأشخاص وقالوا لنا يجب دفع ما بين 250 إلى 400 دولار أميركي عن كل شخص واحد»، حتى الطفل الذي يبلغ عمره 12 عاماً يطلبون المبلغ نفسه.

ونقلت صفحات محلية ومواقع إخبارية أن سيارات منظمة «الدفاع المدني السوري» وصلت إلى ساحة المعبر، اليوم (الثلاثاء)، وأجلت عدداً من الحالات الإنسانية كالمرضى وكبار السن والنساء الحوامل، وأكدت هذه المنظمة على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) أن 1700 مدني دخلوا عبر معبر «عون الدادات» الإنساني إلى شمال غربي سوريا، أغلبهم من النساء والأطفال والمسنين، في رحلة جديدة من القهر تعيشها العائلات السورية التي كانت لاجئة في لبنان بعد فرارهم من الحرب.