مصادر تل أبيب تتحدث عن صفقة بغزة تقتصر على المدنيين

ضغوط من أهالي المختطفين لدى «حماس» لتبادل الأسرى واستقالة نتنياهو

لافتات خلال تظاهرة تطالب بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» في متحف الفن في تل أبيب السبت (إ.ب.أ)
لافتات خلال تظاهرة تطالب بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» في متحف الفن في تل أبيب السبت (إ.ب.أ)
TT

مصادر تل أبيب تتحدث عن صفقة بغزة تقتصر على المدنيين

لافتات خلال تظاهرة تطالب بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» في متحف الفن في تل أبيب السبت (إ.ب.أ)
لافتات خلال تظاهرة تطالب بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» في متحف الفن في تل أبيب السبت (إ.ب.أ)

تتحدث تقارير إسرائيلية عن صفقة تبادل تشمل الإفراج عن «عشرات الأسرى من النساء والأطفال» في السجون الإسرائيلية، مقابل الإفراج عن العشرات من الرهائن الإسرائيليين والأجانب في غزة (من الأطفال والمدنيين)، بينما يسمح بإدخال الوقود للقطاع، بالإضافة لوقف مؤقت إطلاق النار.

وتشير مصادر سياسية في تل أبيب إلى أن هناك تقدماً خطوة إلى الأمام. وقالت هيئة البث الرسمية (كان 11)، نقلاً عن مصادرها الخاصة، إن «كل طرف فهم ما يريده الطرف الآخر، وكل شيء مطروح على الطاولة، ونحن حالياً نناقش التفاصيل».

صورة أحد قتلى أسرى «حماس» بقصف إسرائيلي (كتائب القسام)

وأشارت القناة إلى تقديرات إسرائيلية، بأن حركة «حماس» قادرة على «الوصول والسيطرة على عدد كبير من المختطفين»، ونقلت عن تقارير أجنبية أن «حماس» عرضت «إطلاق سراح 100 رهينة بوصفه جزءاً من صفقة مستقبلية».

وفي المقابل، قال مسؤول مطلع، إنه رغم التقدم في المحادثات التي تجري بوساطة أميركية قطرية وبمشاركة رئيس «الموساد»، دافيد برنياع، «فإن حركة (حماس) تضع العراقيل، وتخلق الصعوبات». وتابع المسؤول أن «حركة (حماس) تطالب مقابل إبرام صفقة، بإدخال الوقود، وإطلاق سراح أسرى أمنيين من أصحاب الأحكام المشددة، ووقف مطول لإطلاق النار».

مواطنون وسط الدمار الذي خلّفه قصف إسرائيلي على مدينة رفح في قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووفق «القناة 12» الإسرائيلية، فإن الصفقة تشمل وقف إطلاق النار في قطاع غزة مدة تتراوح بين 3 و5 أيام، وإدخال الوقوع إلى قطاع غزة، والإفراج عن سراح الأسرى الأطفال والنساء في سجون الاحتلال. وذكرت «القناة 12»، أن الإطار الزمني المتوقع لإتمام هذه الصفقة يتراوح بين 7 و10 أيام.

ومن جانبها، نقلت «القناة 13» الإسرائيلية عن مصادر إسرائيلية وصفتها بـ«المطلعة»، قولها إن هناك «محادثات لإبرام صفقة تبادل أسرى جدية»، تقتصر على المدنيين. وشددت القناة على أن كل الاحتمالات ممكنة، وأن الملف لا يزال مفتوحاً، والتفاهمات غير نهائية، مشيرة إلى أن الحديث عن عشرات «الرهائن المدنيين، بشكل أساسي يشمل أطفالاً ونساءً».

متظاهرون يحملون لافتات خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» في متحف الفن في تل أبيب بإسرائيل 11 نوفمبر (إ.ب.أ)

وعلى الرغم من الأنباء التي تتحدث عن تقدم في المفاوضات حول إبرام صفقة تبادل أسرى، فإنه يسود قلق وشكوك متصاعدة في صفوف العائلات حول مصير أبنائها المحتجزين. كما يزداد القلق إزاء النشاطات التخريبية التي يقوم بها نشطاء في اليمين المتطرف، ضد منشورات العائلات وخيام الاحتجاج التي تنظمها.

وقد كشف عن مئات صور المخطوفين التي شُوِّهت باللون الأسود في عدد من المدن ومفارق الطرقات والتحرش بتظاهرات عائلات الأسرى، مثل مدينة بني براك التي تضم المتدينين اليهود، وتل أبيب وبئر السبع وقيسارية... وغيرها.

احتجاجات واسعة السبت في تل أبيب للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المحتجزين (رويترز)

وكانت العائلات قد خرجت إلى الشوارع في 10 تجمعات ليلة السبت – الأحد، تطالب بوضع قضية الأسرى على رأس سلم الأولويات في الحكومة. ومع أن هذه التظاهرات لم تصل إلى مشاركة مئات الألوف، كما في الاحتجاجات على سياسة الحكومة قبل الحرب، لتجند غالبية قادة الاحتجاج وأحزاب المعارضة للمجهود الحربي، لكنها بلغت 20 ألفاً في تل أبيب، و1500 في القدس و800 أمام بيت نتنياهو في قيسارية.

ونظمت تظاهرات في إيلات وكركور ورعنانا وبئر السبع وحيفا، وأقيمت وقفات تظاهرية في 12 نقطة أخرى بمشاركة عشرات الأشخاص. ومعها انتشرت آلاف الملصقات في جميع أنحاء البلاد بصورة قبيحة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو وعليها كلمة واحدة: «استقِل».

متظاهرون يضيئون هواتفهم المحمولة خلال تظاهرة تطالب بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» في متحف الفن في تل أبيب (إ.ب.أ)

أولوية الأسرى

يميز هذه التظاهرات أمران: أولاً، موضوع الأسرى، حيث حرص المتظاهرون على إعطاء الكلمات المركزية لذوي الأسرى، وأضاءوا الشموع، واحتفلوا بعيد ميلاد أحد المخطوفين من الخيمة التي يقيمونها أمام وزارة الدفاع في تل أبيب. وفي قيسارية أقاموا بالإضافة إلى التظاهرة أمام بيت نتنياهو، مهرجان استذكار، قرأوا فيه أسماء الأسرى فرداً فرداً.

وفي التظاهرة المركزية في تل أبيب، أعطيت الكلمة إلى رئيس الدولة الأسبق، رؤوبين رفلين، ووزير المعارف السابق الأديب والحاخام شاي بيرون. وعبّر الكثير من المتظاهرين عن شكوكهم بأن نتنياهو يحاول دفع العائلات لنشاطات موجهة ضد «حماس»، وأخذهم إلى اجتماعات وتظاهرات في عواصم العالم المختلفة، من واشنطن إلى بروكسل ولندن وباريس وروما وبرلين... وغيرها، كما لو أن المشكلة هناك.

وتدرك غالبية هذه العائلات أن نتنياهو لا يبذل جهداً حقيقياً لتحرير الأسرى بالمفاوضات، ويركن إلى الجيش بأن يحررهم بالقوة. وهذا التوجه يقلقهم جداً، ويضع أمامهم كابوس حنيبعل، الذي ينص على قتل الآسرين والمأسورين.

ناشط يساري إسرائيلي يحمل لافتة مناهضة للحرب (أ.ف.ب)

الأمر الثاني، إطالة الحرب بشكل عبثي بغرض إطالة عمر الحكومة. فمع أن غالبية المجتمع الإسرائيلي تثق بالجيش وتناصره في هدفه إبادة «حماس»، وهو هدف يعترف مزيد من الإسرائيليين بأنه غير واقعي، فإن تصريحات نتنياهو تعزز الشعور بأن حساباته الأساسية شخصية وحزبية؛ فهو يتحدث عن أن «إسرائيل ستعمل على بسط سيطرتها الأمنية الكاملة على قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، من أجل إلغاء التهديدات الأمنية»، و«الحرب على غزة لن تنتهي قبل القضاء على حركة (حماس)»، وأن «إسرائيل ستصر على الاحتفاظ بحقها في دخول الجيش الإسرائيلي إلى القطاع متى شاء لتصفية إرهابيين من الممكن أن ينشأوا في القطاع».

وإزاء الإجماع الدولي على ضرورة عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، يقول نتنياهو: «لن نقبل بعودة نظام يعلِّم أولاده قتل اليهود وكراهيتهم، ويموّل الإرهابيين، ولم يُدِن الفظائع في 7 أكتوبر (تشرين الأول)».

تظاهرة بالقرب من وزارة الدفاع في تل أبيب للمطالبة بوقف إطلاق النار (أ.ف.ب)

كل هذه رسائل تفيد بأن نتنياهو يريدها حرباً طويلة بلا تفاهمات سياسية، ولا تبشر بعودة المخطوفين، بل تؤكد على مط الوقت بلا حدود؛ لذلك، جاءت خطابات ذوي الأسرى مشككة بصدق نياته.

نوعم بيري، التي خُطف والدها حاييم بيري من نير عوز، في غلاف غزة، قالت في تظاهرة تل أبيب: «القتلى راحوا ولم يعد بالإمكان إعادتهم، لكن المخطوفين ما زالوا أحياءً. إنني أتوجه إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو: هناك 71 أسيراً من نير عوز وحدها، من جيل 9 شهور إلى جيل 85 عاماً، أحياءً وينتظرونك.

وطالبت نتنياهو وحكومته «لا تحدثنا عن انتصار من دون تحريرهم. ولا عن احتلال وتدمير وتسوية غزة بالأرض. فقط اعملوا كل شيء في سبيل عودتهم جميعاً سالمين. لا تتحدثوا معنا عن ثمن، فنحن من جهتنا دفعنا الثمن في 7 أكتوبر».

وفي تظاهرة القدس، تكلم حفيد أحد الأسرى: «قيادتنا لا تؤدي وظيفتها. إنها قشرة عفنة ومهترئة. وأنا لا أثق بأنها تعمل حقاً لإطلاق سراح الأسرى؛ فهي التي أهملت بلدات غلاف غزة سنوات، وتحدثت عن تحطيم حكم (حماس) لكنها رفدته بمئات ملايين الدولارات، ومولت وعززت الاستيطان، وبالمقابل أضعفت بلدات الريف داخل إسرائيل، تصرف المليارات على أحزاب الائتلاف الحكومي بدلاً من دفع تعويضات للعائلات المتضررة من هجوم (حماس). لدينا حكومة فاشلة وخطيرة لا تعطي حلولاً. وبدلاً من البحث عن حل سياسي تتحدث عن حروب وعمليات حربية، لكن توجد عندي ثقة بالشعب. فإذا انتصرنا فسننتصر ليس بفضل الحكومة؛ فنحن شعب بلا قيادة».

نشطاء قرب وزارة الدفاع في تل أبيب مطالبين نتنياهو بوقف إطلاق النار (أ.ف.ب)

وفي قيسارية، أمام الفيلا التي يعيش فيها نتنياهو، وقف المحتجون يقرأون أسماء الضحايا الذين قُتلوا في هجوم «حماس»، والأسرى لديها، اسماً تلو آخر. وهي عادة تتبعها إسرائيل منذ بدأت في إحياء ذكرى ضحايا النازية. لكن هذا لم يمنع نشطاء اليمين من أنصار نتنياهو من أن يأتوا إلى المكان للتشويش، فأقاموا موقدة، وراحوا يشوون اللحم، ويشربون الخمر، ويسخرون من أهالي الضحايا، ويبثون الأغاني.


مقالات ذات صلة

مسؤول إسرائيلي: إرسال وفد للتفاوض على اتفاق حول الرهائن

شؤون إقليمية امرأة تمر بالقدس أمس أمام ملصقات للرهائن المختطفين خلال الهجوم الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر الماضي (رويترز)

مسؤول إسرائيلي: إرسال وفد للتفاوض على اتفاق حول الرهائن

قال مسؤول حكومي إسرائيلي، اليوم (الخميس)، إن إسرائيل أرسلت وفداً للتفاوض مع حركة «حماس» على اتفاق حول إطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا عمال إنقاذ يعملون على إجلاء الضحايا من مبنى سكني في سوق البلدة القديمة في غزة  (رويترز)

هل يُسرع رد «حماس» المُعدل خطوات الوسطاء لإنجاز «هدنة غزة»؟

أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، أن إسرائيل تلقت رد «حماس» من الوسطاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يسيرون حاملين أعلام الحزب خلال تجمع ببيروت في 31 مايو 2019 (رويترز)

تواصل غربي مع «حزب الله» لا يشمل أميركا وبريطانيا

عكس لقاءان عقدهما نائب مدير المخابرات الألمانية، أولي ديال، مع نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، في بيروت، انفتاحاً سياسياً وأمنياً غربياً على الحزب.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي طفل فلسطيني يعاني من سوء التغذية أثناء تلقيه العلاج في مستشفى ميداني بغزة (رويترز)

حرب غزة: فرص الأطفال حديثي الولادة للبقاء على قيد الحياة ضئيلة

في جناح سوء التغذية داخل مستشفى كمال عدوان بشمال غزة يحارب أطفال بعمر أيام قليلة وغالباً ما يكونون مبتسرين من أجل حياتهم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي سيدة فقدت معظم عائلتها تجلس باكية وسط حطام منزلها في خان يونس (أ.ف.ب)

ارتفاع ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة إلى أكثر من 38 ألف قتيل

وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة تعلن اليوم ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى أكثر من 38 ألف قتيل.

«الشرق الأوسط» (غزة)

ارتفاع ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة إلى أكثر من 38 ألف قتيل

سيدة فقدت معظم عائلتها تجلس باكية وسط حطام منزلها في خان يونس (أ.ف.ب)
سيدة فقدت معظم عائلتها تجلس باكية وسط حطام منزلها في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة إلى أكثر من 38 ألف قتيل

سيدة فقدت معظم عائلتها تجلس باكية وسط حطام منزلها في خان يونس (أ.ف.ب)
سيدة فقدت معظم عائلتها تجلس باكية وسط حطام منزلها في خان يونس (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم (الخميس)، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى أكثر من 38 ألف قتيل، إلى جانب ما يقرب من 88 ألف مصاب منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقالت الوزارة، في بيان صحافي، اليوم: «ارتكب الاحتلال الإسرائيلي 4 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، ووصل منها للمستشفيات 58 شهيداً و179 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية».

وأضافت أنه في «اليوم الـ272 للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم».