اشتباكات ضارية ومتصاعدة في يوم الحرب على مستشفيات غزة

تطويق «الشفاء» يشل العمل الصحي... وإسرائيل تقول إنها دخلت قلب «الحي العسكري» لـ«حماس»

مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)
مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT
20

اشتباكات ضارية ومتصاعدة في يوم الحرب على مستشفيات غزة

مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)
مرضى ونازحون في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تواصل إسرائيل حربها على الرغم من الاعتراف بأن الضغط الدولي يزداد مع دخول الحرب أسبوعها السادس. ودخلت الاشتباكات المسلحة في قطاع غزة مرحلة جديدة، ضارية وعنيفة وحادة، في يوم المستشفيات الذي شهد محاصرة القوات الإسرائيلية مستشفيات عدة في مدينة غزة وسط القطاع، بينها مستشفى «الشفاء» الذي يقول الجيش إنه مركز قيادة «كتائب القسام»، الذراع المسلحة لحركة «حماس».

وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات ضارية وغير مسبوقة تجري في محيط مستشفى «الشفاء» ومحاور أخرى، بينها مخيم الشاطئ وحي الشيخ رضوان وحي النصر ومفرق الاتصالات وحي تل الهوى وبرج الوحدة. وأكدت المصادر أن الاشتباكات لا تتوقف على مدار 24 ساعة.

وتصاعدت الاشتباكات مع تطويق الجيش الإسرائيلي مستشفى «الشفاء» بعدما قصف الطيران محيط المستشفى مخلفاً المزيد من الضحايا، في محاولة لإجبار النازحين والأطباء والمرضى على مغادرته. وحاصر الجيش الإسرائيلي مجمع «الشفاء» الطبي فجر يوم السبت، وقصف معظم البنايات المجاورة له، وعدداً من المباني بداخله.

وقالت الوكالة الفلسطينية الرسمية إن «دبابات الاحتلال المتوغلة غرب مدينة غزة والطائرات المسيرة تستهدف كل جسم متحرك في المنطقة، وقصفت بعنف مجمع (الشفاء) الطبي في مدينة غزة، ما خلَّف عشرات الضحايا». وأكدت الوكالة أن القصف المدفعي طال قسم العناية المكثفة في المستشفى، واستمر القصف مخلفاً «عشرات جثامين الشهداء ملقاة في ساحة المجمع وفي محيطه».

فتاة فلسطينية تتلقى العلاج في مستشفى «الشفاء» بعد إصابتها خلال القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)
فتاة فلسطينية تتلقى العلاج في مستشفى «الشفاء» بعد إصابتها خلال القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)

«المربع الأمني»

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه يخوض مواجهات في محيط «الشفاء» في الحي العسكري الذي سماه بـ«المربع الأمني» لاحتوائه على «الأنشطة الاستخباراتية والعملياتية لـ(حماس)»، لكنه نفى أنه يحاصر المستشفى، وذلك قبل أن يعلن «الهلال الأحمر الفلسطيني» أن الجيش يحاصر أيضاً مستشفى «القدس» التابع له في مدينة غزة، ويطلق النار بشكل مباشر على المستشفى.

وقبل ذلك حاصر الجيش الإسرائيلي مستشفيات الإندونيسي، والرنتيسي، والنصر، والعيون، والصحة النفسية، في مناطق شمال ووسط القطاع. وأعلنت وزارة الصحة في غزة يوم السبت عن توقف مجمع «الشفاء» الطبي، وهو الأكبر في القطاع المحاصر، عن العمل وخروجه تماماً عن الخدمة، كما حدث مع مستشفيات أخرى من قبله.

وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة، إن العمل «توقف بالكامل في مجمع (الشفاء) الطبي الأكبر في قطاع غزة جراء استهدافه بغارات إسرائيل، ونفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية». وأضاف القدرة أن «خروج المجمع الذي يضم مستشفيات عدة عن الخدمة يشكل كارثة صحية حقيقية، لا سيما توقف أقسام العناية المركزة والأطفال وأجهزة الأكسجين عن العمل».

الدخان يتصاعد مع لجوء النازحين الفلسطينيين إلى مستشفى «الشفاء» في غزة (رويترز)
الدخان يتصاعد مع لجوء النازحين الفلسطينيين إلى مستشفى «الشفاء» في غزة (رويترز)

موت المرضى داخل المستشفى

وحذر القدرة من «بدء موت الأطفال والمرضى داخل المستشفى»، مشيراً إلى وفاة «طفل في قسم الحضانة بسبب البرد جراء انقطاع الكهرباء و4 أشخاص آخرين في قسم العناية المركزة بسبب انقطاع الكهرباء». ويوجد في «الشفاء» نحو 600 مريض وجريح و39 طفلاً في حضانات الخدج، وأكثر من 500 طبيب و20 ألف نازح.

وقالت وزيرة الصحة مي الكيلة «إن استهداف المستشفيات والطواقم الطبية والإسعافية في قطاع غزة، في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل لليوم الـ36 على التوالي، جريمة حرب، وإبادة جماعية». وأضافت أن «الاحتلال قصف المستشفى المعمداني مخلفاً أكثر من 500 شهيد، وحاول التنصل من جريمته، لكن اليوم وفي بث حي ومباشر، واعتراف صريح وأمام العالم كله، يقصف المستشفيات، ويقطع عنها الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية والكهرباء والماء لتكون النتيجة الموت المحقق للمرضى، إما عطشاً أو حرقاً أو نقصاً للدواء أو قصفاً بالأسلحة الفتاكة».

ومع احتدام القتال حول المستشفيات، أكد أبو عبيدة الناطق العسكري باسم «كتائب القسام»، أن مقاتلي الكتائب يخوضون اشتباكات ضارية، وفجروا آليات للعدو في كل محاور ونقاط تقدمه في غزة، واستهدفوا جنوداً، ودمروا دبابات وآليات، وقصفوا بئر السبع. ونشرت «القسام» فيديو يظهر مقاتليها يستهدفون بشكل مباشر جنوداً إسرائيليين داخل بناية في غزة بقذائف وإطلاق نار.

ضحايا بالقرب من سيارة إسعاف تضررت في غارة إسرائيلية أمام مستشفى «الشفاء» في مدينة غزة (أ.ف.ب)
ضحايا بالقرب من سيارة إسعاف تضررت في غارة إسرائيلية أمام مستشفى «الشفاء» في مدينة غزة (أ.ف.ب)

مقتل أحمد صيام

وأعلن في إسرائيل عن مقتل جندي ليرتفع عدد الذين قُتلوا منذ بدء العملية البرية إلى 39 عسكرياً. ومقابل ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل أحمد صيام قائد سرية «النصر» و«حي الشيخ رضوان» في «كتائب القسام»، زاعماً أنه كان يحتجز في أثناء القتال نحو ألف من سكان قطاع غزة رهائن في مستشفى «الرنتيسي»، وحال دون خروجهم ونزوحهم إلى جنوب قطاع غزة.

وقال الجيش إنه أثناء قتله صيام داخل مدرسة «البراق»، قتل عدداً من نشطاء «حماس» الذين كانوا تحت قيادته. وأكد الجيش أنه استولى على 11 موقعاً عسكرياً لحركة «حماس» منذ بدء الحرب، ورصد ودمر فتحات أنفاق تحت الأرض، وهاجم مباني تستخدمها الحركة ضد الجيش في شمال قطاع غزة. كما قصف مخازن أسلحة وذخيرة توجد بداخلها معدات خاصة بالقوة البحرية التابعة لـ«حماس»، ومنصات لإطلاق قذائف صاروخية ومستودعات لوسائل قتالية ومواقع مراقبة.

وعلى الرغم من الاشتباكات الضارية على الأرض لم يتوقف القصف الإسرائيلي، وطال مناطق متفرقة في قطاع غزة، مخلفاً المزيد من الضحايا.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إنه منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قضى «أكثر من 11078 شهيداً، بينهم 4506 أطفال و3027 امرأة، إضافة إلى إصابة 27490 مواطناً، غالبيتهم من النساء والأطفال، في حصيلة غير نهائية». وأقر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليئور خياط، بأن الضغط الدولي الممارس على إسرائيل يزداد منذ دخول الحرب أسبوعها الخامس.

وقال خياط لإذاعة «كان» الإسرائيلية إن إسرائيل تعمل على إبقاء «نافذة الشرعية» مفتوحة عبر «تذكير العالم بمسألة المخطوفين واستحالة وقف الحرب دون إعادتهم». وأضاف: «الرسالة الأخرى التي يتم نقلها إلى العالم هي أن جيش الدفاع دخل قطاع غزة لتطهيره من حكم (حماس)».


مقالات ذات صلة

«قسد» تبدأ الانسحاب من حلب

المشرق العربي سد تشرين يقع بريف محافظة حلب الشرقي ويُعدّ ثالث أكبر سد بالشمال السوري (أرشيفية)

«قسد» تبدأ الانسحاب من حلب

بدأت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) سحبَ عناصرها من مدينة حلب، في خطوة تظهر نيتها الإيفاء بالمطلوب منها بموجب اتفاقها مع حكومة دمشق، في الوقت الذي تميل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع العاهل الاردني عبدالله الثاني مستقبلاً الرئيس السوري أحمدوالشرع في مطار ماركا بعمّان (سانا)

حرب غزة وفّرت على حكومة حسّان مواجهات قاسية

على مدى شهور العدوان الإسرائيلي على غزة تراجعت أولوية الشأن الداخلي؛ ما أعفى الحكومة الأردنية من مواجهات قاسية مع الشارع والبرلمان. وسمح ذلك لشخص رئيس الوزراء.

المشرق العربي بن غفير عند مدخل المسجد الأقصى المبارك يوم 13 أغسطس (أ.ب)

«حماس» تدين دعوات مستوطنين لذبح قرابين في باحات المسجد الأقصى

أدانت حركة «حماس»، اليوم الجمعة، دعوات المستوطنين لذبح القرابين داخل باحات المسجد الأقصى، ووصفتها بأنها «تصعيد خطير» في الحرب الدينية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية الجيش الإسرائيلي أكد تدمير مطار حماة العسكري في هجمات شنها الأربعاء (أ.ب)

تصاعد حدة المنافسة بين تركيا وإسرائيل على الساحة السورية

تتصاعد حدة التوتر بين تركيا وإسرائيل على خلفية التطورات في سوريا، وما يبدو أنه تنافس بينهما على الساحة السورية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إسرائيل شنّت غارات جوية على مطار حماة العسكري أدّت إلى تدميره (أ.ف.ب)

تركيا تدعو لعدم الانسياق وراء الأخبار الكاذبة بشأن تحركاتها في سوريا

دعت وزارة الدفاع في أنقرة إلى عدم الانسياق وراء الأخبار الكاذبة والمتعمدة بشأن ما يجري في سوريا، على خلفية الضربات الجوية في حمص وحماة وقرب دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

المبعوثة الأميركية أورتاغوس تشدد على ضرورة نزع سلاح «حزب الله»

مورغان أورتاغوس (رويترز)
مورغان أورتاغوس (رويترز)
TT
20

المبعوثة الأميركية أورتاغوس تشدد على ضرورة نزع سلاح «حزب الله»

مورغان أورتاغوس (رويترز)
مورغان أورتاغوس (رويترز)

قالت نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، اليوم الأحد، إن تركيز واشنطن حالياً ينصب على وقف الأعمال العدائية في جنوب لبنان ونزع سلاح «حزب الله».

وقالت أورتاغوس في مقابلة مع تلفزيون «إل بي سي آي» اللبناني في بيروت: «على السلطة والشعب الاختيار: إما التعاون معنا لنزع سلاح (حزب الله) وتطبيق وقف الأعمال العدائية وإنهاء الفساد وسنكون شريكاً وصديقاً، أو خيار التباطؤ من قبل الحكومة والقادة وهنا لا يتوقعوا شراكة معنا».

وأضافت: «كلما استطاع الجيش اللبناني الوصول إلى أهدافه ونزع سلاح جميع الميليشيات... تحرر الشعب اللبناني بشكل أسرع من النفوذ الأجنبي والإرهاب والخوف».

وتابعت: «أنا متحمسة ومتفائلة بهذه الحكومة الجديدة ونحن نطرح دائماً موضوع نزع سلاح (حزب الله)، وليس الحزب فقط بل جميع الميليشيات في هذا البلد، ونستمر في الضغط على الحكومة لتطبيق كامل لوقف الأعمال العدائية».

وأكدت نائبة المبعوث الأميركي أن واشنطن «دعمت الجيش اللبناني لسنوات طويلة من تدريب وتمويل ومعدات»، مشيرة إلى أن «الجيش قادر حقاً الآن بقيادة الرئيس (جوزيف) عون على فرض مزيد من السلطة وسنساعده للوصول إلى هذه الأهداف».

وعقد الرئيس اللبناني اجتماعاً «بنّاء»، أمس، مع أورتاغوس بحثا خلاله الوضع في جنوب لبنان، بحسب ما جاء في بيان للرئاسة.

تأتي زيارة أورتاغوس الثانية إلى لبنان على وقع عودة الجدل بشأن نزع سلاح «حزب الله» إلى الواجهة وفي وقت تواصل إسرائيل شن غارات على جنوب وشرق لبنان رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني).

وأفاد بيان الرئاسة اللبنانية بأن «أجواء بنّاءة» سادت اللقاء الذي عقد في القصر الجمهوري في بعبدا بين عون وأورتاغوس، مضيفاً أنهما بحثا «ملفات الجنوب اللبناني، وعمل لجنة المراقبة الدولية، والانسحاب الإسرائيلي والوضع في الجنوب».

كما ناقشا الوضع على الحدود اللبنانية – السورية، إضافة إلى الإصلاحات المالية والاقتصادية ومكافحة الفساد غداة تسلّم الحاكم الجديد لمصرف لبنان كريم سعيد منصبه الجمعة متعهداً بمكافحة «غسل الأموال» و«تمويل الإرهاب».