قتال شوارع وإسرائيل تتقدم في محورين يقودان إلى مستشفى «الشفاء»

نتنياهو يتمسك برفض وقف النار وغالانت يتحدث عن حرب مفتوحة ضد «حماس»

دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على رفح الثلاثاء (أ.ف.ب)
دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على رفح الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

قتال شوارع وإسرائيل تتقدم في محورين يقودان إلى مستشفى «الشفاء»

دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على رفح الثلاثاء (أ.ف.ب)
دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على رفح الثلاثاء (أ.ف.ب)

تقدمت القوات الإسرائيلية في محورين مهمين تجاه مدينة غزة وهما: شمال مخيم الشاطئ، وجنوب حي تل الهوى، رغم الاشتباكات الضارية التي لا تتوقف هناك، وسط معلومات عن تكبُد الجيش الإسرائيلي خسائر في مواجهات مباشرة مع مقاتلي حركة «حماس».

وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات ضارية تدور في كل مواقع توغل فيها الجيش الإسرائيلي، لكن أكثرها ضراوة يدور في شمال مخيم الشاطئ وجنوب تل الهوى بعد تقدم القوات الإسرائيلية هناك.

وتحاول إسرائيل الوصول إلى قلب مدينة غزة بعدما طوّقت المدينة، وسيطرت على شارعي صلاح الدين والرشيد، وقطعت بذلك كل اتصال بين شمال القطاع وجنوبه.

جنود إسرائيليون خلال توغلهم في غزة الثلاثاء (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

وقالت المصادر إن التقدم الإسرائيلي، والتركيز على مخيم الشاطئ وتل الهوى يشيران إلى محاولة إسرائيلية مستميتة للوصول إلى مستشفى «الشفاء» في غزة.

وتستهدف إسرائيل هذا المستشفى؛ لأنه، وفق زعمها، يضم مركز قيادة «حماس» و«كتائب القسام».

ووفق المصادر فإن الوصول إلى «الشفاء» إذا ما حدث فسيكون من خلال مخيم الشاطئ، وتضييق الخناق عليه من الجهة الجنوبية من خلال تل الهوى، والتي إذا ما حدث تجاوزها فهذا يعني أن القوات المهاجمة ستصل كذلك إلى مستشفى «القدس» ومجمع «أنصار» الحكومي الذي يضم مكاتب للمقرات الأمنية.

نازحون من شمال غزة إلى جنوبها الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأكد الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه «يعزز الضغط على مدينة غزة»، وقتل قادة ميدانيين من «حماس»، وسيطر على معقل للحركة في شمال قطاع غزة، واكتشف ودمر المزيد من الأنفاق.

وقال الناطق باسم الجيش دانييل هاغاري إن القوات البرية تمكنت من السيطرة على الموقع في مناطق شمال القطاع، وعثرت فيه على منصات إطلاق صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ وأسلحة مختلفة ومواد استخباراتية.

وأعلن الجيش كذلك مهاجمة أهداف بواسطة سلاح البحرية، شملت مواقع للوسائل التكنولوجية، واستهداف عدد من المسلحين تحصنوا في مبنى بالقرب من مستشفى «القدس»، وخططوا منه لشن هجوم ضد القوات الإسرائيلية، وتدمير العشرات من المنصات لإطلاق قذائف «هاون».

فلسطينيون ينزحون من شمال غزة محور الهجوم البري الإسرائيلي (أ.ف.ب)

وجاء التقدم الإسرائيلي في غزة في وقت قال فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن قواته ستتسلم المسؤولية الأمنية بعد الحرب في القطاع، من دون أن يشرح ماذا يعني ذلك. وقد قال مساء اليوم إن مدينة غزة باتت محاصرة و«ننفذ عمليات داخلها»، مؤكداً أن «لا وقف لإطلاق النار، ولا سماح بدخول وقود إلى غزة من دون إطلاق سراح الرهائن. وأضاف أن «حزب الله» اللبناني «سيرتكب الخطأ الأكبر» في حال انضم إلى الحرب.

لكن وزير الدفاع يوآف غالانت قال إن إسرائيل مقبلة على أيام قتال كثيرة، وفي ختامها ستتحقق 3 أهداف: «(حماس) لن تكون إطاراً عسكرياً وسلطوياً في قطاع غزة، ولن يأتي أي تهديد منها إلى إسرائيل، وسيتمتع الجيش بحُرية نشاط كاملة دون قيود على تفعيل القوة».

جثث تنتظر دفنها أمام مستشفى «النجار» بغزة الثلاثاء (د.ب.أ)

ويشير كلام غالانت إلى حرب مفتوحة ضد «حماس» في أي وقت.

وقدم غالانت، الثلاثاء، استعراضاً حول تقدم القوات في عمق القطاع ومدينة غزة لأعضاء لجنة الخارجية والأمن البرلمانية في جلسة عُقدت في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب. وشدد على أن كل أجهزة الأمن تركز على أمرين هما الانتصار في الحرب، وإعادة جميع المختطفين. وأوضح أن إسرائيل ستحاسب كل من كان ضالعاً في الهجوم في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وفي طليعتهم زعيم «حماس» يحيى السنوار.

ثم أكد غالانت في مؤتمر صحافي أنهم ماضون حتى الانتصار على «حماس»، ولن يتراجعوا، وأن «حماس» لن تحكم غزة بعد الحرب.

وأكدت إسرائيل أيضاً أنها لن توافق على وقف إطلاق نار من دون إطلاق جميع المخطوفين.

ولم تعقب «حماس» فوراً على تصريحات نتنياهو وغالانت، لكنها أعلنت مواصلة التصدي للقوات الإسرائيلية، وإيقاع خسائر كبيرة في صفوفها.

مدفع «هاوتزر» إسرائيلي خلال قصف قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

وأعلنت «كتائب القسّام» التابعة لـ«حماس» تدمير 5 دبابات وناقلة جند وجرافة إسرائيلية على مشارف مخيم الشاطئ بقذائف «الياسين 105». وقالت كذلك إنها دمرت دبابات وآليات في محاور أخرى. كما أعلنت أنها قصفت بئر السبع وتل أبيب وتحشيدات للجنود الإسرائيلي برشقات صاروخية.

وبثت «كتائب القسام» مشاهد تظهر التحام قواتها مع القوات الإسرائيلية التي توغلت في شمال غربي بيت لاهيا خلال اليومين الماضيين، ونجاح المقاومين في تدمير عدد من آليات الاحتلال. وأظهرت المشاهد قيام مقاتلي «القسام» بالاشتباك عن قرب مع الجنود الإسرائيليين، بالبنادق الآلية والقذائف.

وفي موضوع الرهائن، قال الناطق باسم «القسّام» أبو عبيدة إنهم كانوا على وشك الإفراج عن 12 محتجزاً من حملة الجنسيات الأجنبية في غزة قبل أيام، لكن إسرائيل عرقلت ذلك. وأكد أبو عبيدة أن «القسّام» ما زالت مستعدة للإفراج عن هؤلاء المحتجزين، لكن الوضع الميداني والهجوم الإسرائيلي يمنعان ذلك.

ومع احتدام القتال واصلت الطائرات الإسرائيلية قصف مناطق واسعة من القطاع، وفتح الجيش ممراً لعبور الغزيين من الشمال إلى الجنوب، لكنه ممر وصفته سلطات «حماس» بأنه ممر للموت، رغم نشر إسرائيل مقاطع فيديو تُظهر نزوحاً لافتاً لسكان شمال القطاع نحو جنوبه.

وأعلن الجيش الإسرائيلي مجدداً، الثلاثاء، أنه فتح شارع صلاح الدين في أوقات محددة لعبور الغزيين، لكن سلطات غزة قالت إن الجيش يقتلهم هناك.

وقصفت الطائرات الإسرائيلية مناطق مختلفة في القطاع، وقتلت العشرات بعدما محت حياً كاملاً في دير البلح.

وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة، الثلاثاء، إن ما لا يقل عن 10 آلاف و328 فلسطينياً، بينهم 4237 طفلاً، قُتلوا في الضربات الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر.

وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة، في مؤتمر صحافي، إن عدد المصابين في غزة بلغ 25 ألفاً و956 مصاباً منذ بدء المواجهات بين إسرائيل وفصائل فلسطينية.


مقالات ذات صلة

مقتل 25 شخصاً وإصابة العشرات في غارة إسرائيلية بوسط غزة

المشرق العربي مبنى مدمر نتيجة القصف الإسرائيلي في محيط مخيم النصيرات (أ.ف.ب)

مقتل 25 شخصاً وإصابة العشرات في غارة إسرائيلية بوسط غزة

قال مسعفون فلسطينيون، الخميس، إن 25 شخصاً لقوا حتفهم وأصيب عشرات آخرون جراء غارة إسرائيلية على مبنى بوسط غزة، مع إصابة 40 آخرين معظمهم أطفال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي من وقائع المؤتمر الصحافي لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في تل أبيب (إ.ب.أ)

مستشار الأمن القومي الأميركي: أعتقد أننا قريبون من اتفاق لوقف النار في غزة

يعتقد مستشار الأمن القومي الأميركي أن التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن قد يكون قريباً بعد تحركات من جانب إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التصويت على مشاريع قرارات بشأن القضية الفلسطينية (إ.ب.أ)

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة الوقف الفوري للنار في غزة مؤكدة على دعم وكالة «الأونروا» وسط اعتراضات أميركية وإسرائيلية.

علي بردى (واشنطن)
تحليل إخباري دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

تحليل إخباري «هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«مهرّب» أرشيف التعذيب السوري يكشف لـ «الشرق الأوسط» هويته

أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)
أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)
TT

«مهرّب» أرشيف التعذيب السوري يكشف لـ «الشرق الأوسط» هويته

أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)
أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)

«انتصرت دماؤكم وسقط الأسد». بهذه العبارة توجّه الناشط الحقوقي السوري أسامة عثمان، إلى ضحايا القمع والتعذيب خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد، كاشفاً للمرة الأولى، بالصوت والصورة، عن أنَّه هو «سامي» الذي ارتبط اسمه كالتوأم مع قريبه «قيصر» في تهريب عشرات آلاف صور قتلى التعذيب في سجون سوريا.

صار «أرشيف التعذيب» فيما بعد «دليل إدانة» ضد حكم الأسد أمام محاكم دولية وتسبب في فرض الأميركيين عقوبات «قانون قيصر» على سوريا.

تنشر «الشرق الأوسط» مقابلة حصرية مع «سامي»، عبّر فيها عن مدى فرحته بالتغيير الذي حصل في سوريا مع سيطرة المعارضة على دمشق، مشدداً على ضرورة «المحاسبة». وحذّر من تبعات «الدخول العشوائي للمواطنين إلى السجون وأماكن الاحتجاز»، مشيراً إلى أنَّ ذلك «أدَّى إلى إتلاف أو فقدان وثائق وسجلات رسمية مهمة للغاية تكشف عن انتهاكات منذ عشرات السنين».

وأعرب عن قلقه أيضاً من استمرار موظفي النّظام في العمل، مما يمكّنهم من «طمس الملفات في كل فروع وملحقات حزب البعث العربي الاشتراكي التي يعلم جميع السوريين أنَّها كانت مؤسسات أمنية بامتياز».

وشرح سبب اختياره العمل السري على مدى سنوات باسم «سامي»، قائلاً: «طبيعة العمل وطبيعة الملف الذي خرجنا به من سوريا... كانت سبباً في أن أحرص على إخفاء هويتي وهوية الكثير من أعضاء الفريق. اليوم نحن، الحمد لله، في وضع آخر تماماً. نحن في مكان آخر. في سوريا أخرى جديدة».

كان «سامي» و«قيصر» قد بدآ التعاون في جمع وثائق التعذيب في مايو (أيار) 2011، بعد فترة وجيزة من بدء الثورة ضد الأسد. كان «قيصر» مصوّر قتلى التعذيب في سجون النظام، يهرب الصور عبر ذاكرة رقمية محمولة «يو إس بي» ويعطيها لـ«سامي». نجح الرجلان في تهريب «أرشيف التعذيب» إلى خارج سوريا، وصارت شهادتهما دليلاً ضد النظام أمام أكثر من محفل دولي.