ترقّب حذّر على جبهة جنوب لبنان وإسرائيل تدعو مواطنيها لمغادرة كريات شمونة

الأنظار تتجه لردّة فعل «حزب الله» بعد استهداف المدنيين

 جندي إسرائيلي في كريات شمونة (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي في كريات شمونة (أ.ف.ب)
TT

ترقّب حذّر على جبهة جنوب لبنان وإسرائيل تدعو مواطنيها لمغادرة كريات شمونة

 جندي إسرائيلي في كريات شمونة (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي في كريات شمونة (أ.ف.ب)

شهدت المناطق الحدودية في جنوب لبنان، الاثنين، تراجعاً في حدة القصف خلال النهار قبل أن يعود التصعيد مساء، في حين يسود التوتر على جانبي الحدود، مع تسجيل مزيد من أعداد النازحين من القرى الجنوبية ودعوة الجيش الإسرائيلي الذين تبقوا من سكان مستعمرة كريات شمونة إلى مغادرتها فوراً.

وسجّل مساء تطوّر أمني تمثّل بإطلاق جنود إسرائيليين النار باتجاه محيط مراكز الجيش اللبناني في الناقورة، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام لبنانية، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى ما ستكون عليه ردّة فعل «حزب الله» الذي أعلن مسؤولوه أن استهداف المدنيين تطوّر خطير، بعد مقتل جدة وحفيداتها الثلاث وإصابة والدتهن في استهداف لسيارتهم في جنوب لبنان. مع العلم بأن أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله كان قد أكد أن «مسار الأمور في غزة وسلوك العدو تجاه لبنان سيتحكمان بجبهتنا، وكل الاحتمالات مفتوحة».

وبعدما كان الحزب أعلن، مساء الأحد، أنه ردّ عبر إطلاق صواريخ غراد (كاتيوشا) مستهدفاً ‏مستعمرة كريات ‏شمونة وأكد أن «المقاومة الإسلامية لن تتسامح أبداً بالمسّ والاعتداء على المدنيين وسيكون ردّها ‏حازماً ‏وقوياً»، سجّل مساء الاثنين إطلاق المزيد من الصواريخ، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق نحو 30 صاروخاً باتجاه إسرائيل من لبنان، فيما أعلنت «كتائب القسام» في لبنان (الجناح العسكري لحركة «حماس») عن إطلاقها 16 صاروخاً باتجاه نهاريا وجنوب حيفا في إسرائيل، وهو ما أدى لتجدد القصف الإسرائيلي على أطراف بلدات بليدا وميس الجبل ومحيبيب وجبل بلاط وأطراف بلدة مروحين بالقذائف المدفعية.

الحدود اللبنانية - الإسرائيلية تشهد توتراً (رويترز)

وأعلن «حزب الله» في بيانين منفصلين أن مقاتليه استهدفوا عند الساعة الرابعة والنصف «‏التجهيزات الفنية في موقع الراهب بالأسلحة المناسبة وتم تدميرها»، إضافة إلى «موقعي المالكية وجل الدير بالأسلحة الصاروخية، وحققوا فيها إصابات مباشرة».

وكانت المناطق الحدودية في جنوب لبنان عاشت هدوءاً حذراً خلال ساعات النهار، بعدما قصف الجيش الإسرائيلي منتصف الليل محيط بلدات الناقورة وعلما الشعب وعيتا الشعب، وأطلق القنابل المضيئة طوال الليل وحتى الفجر.

وظهراً، سجّل تحليق للطيران الاستطلاعي الإسرائيلي صباحاً فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط حتى صور وفوق مجرى نهر الليطاني وتعرض محيط بلدتي الناقورة واللبونة لقصف إسرائيلي مباشر، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة إلى أن حركة النزوح من هذه البلدات تزداد يوماً بعد يوم وتلقي بكاهلها على البلديات والقطاع الخاص وسط غياب رسمي.

«يونيفيل»

وعلّق الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي على هذه الحادثة، قائلاً: «شهدت اليونيفيل بالأمس إطلاق نار كثيفاً عبر الخط الأزرق... لقد سمعنا تقارير مأساوية عن مقتل أربعة مدنيين، 3 فتيات وامرأة، في محيط عيترون في جنوب لبنان. إن احتمال خروج التصعيد عن نطاق السيطرة واضح، ويجب إيقافه. كما أن موت أي مدني هو مأساة، ولا أحد يريد أن يرى المزيد من الناس يجرحون أو يقتلون». وذكّر تيننتي «جميع الأطراف المعنية بأن الهجمات ضد المدنيين تشكل انتهاكاً للقانون الدولي وقد ترقى إلى مستوى جرائم حرب. ونحض الجميع على وقف إطلاق النار الآن، لمنع تعرّض المزيد من الناس للأذى».

ويقول المحلل السياسي المقرب من «حزب الله» قاسم قصير، لـ«الشرق الأوسط»، إن «(حزب الله) يواصل التصعيد والرد قد يتوسّع في الأيام المقبلة»، مضيفاً: «لكن هذا التوسع حتى الآن مرتبط بحدود معينة إلا إذا تطلّبت المستجدات أكثر من ذلك، وفقاً لما يجري في غزة».

معادلة «حزب الله»

من جهته، يستبعد مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر أن يبادر «حزب الله» إلى التصعيد لأسباب مرتبطة بوضع إيران «القوي» في هذه المرحلة، على عكس إسرائيل التي قد تستفيد من الوضع القائم في المنطقة.

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن (حزب الله) سيبادر إلى التصعيد، رغم أنه حاول أن يضع معادلة مدني مقابل مدني، ولكن سيبقى يحاول ضبط إيقاع هذه المواجهة بشكل يحمي صورته أمام العرب، ويعطيه المبرر لمحاولة انتزاع قيادة القضية الفلسطينية في هذه المرحلة، بحيث يبقى يسير على خط التوتر العالي محاولاً ضبط إيقاع الحرب، لكن قد يسعى الإسرائيلي إلى توسيعها، وإذا أخذ القرار عندها لن يكون الحزب قادراً على عدم الدخول في المواجهة».

ويوضح نادر أن «ليس لدى إيران اليوم المصلحة باتساع رقعة الحرب، بل هي تريد إنهاءها، لأن اللحظة اليوم مؤاتية لصالحها وفق موازين القوى، مع تسجيل نقاط لحسابها، خاصة على المستوى الدبلوماسي والرأي العام العربي عبر مساندتها قضية العرب الأولى»، ويضيف: «لكن في المقابل، قد تسعى إسرائيل إلى توسيع الجبهة وتحويل المعركة ضد إيران وليس ضد حركة (حماس) ما يؤثر على الرأي العام العربي الغاضب ضدها جراء المجازر التي ترتكبها بحق الفلسطينيين»، مذكراً بـ«المشكلة العالقة والمرتبطة بالاتفاق النووي، حيث كان أحد الخيارات المطروحة هو اللجوء إلى الخيار العسكري».

ويشير نادر في الوقت عينه «إلى أن إسرائيل، قبل حرب غزة، كانت تتحضر لمواجهة مع (حزب الله)، وكانت مطمئنة من جهة حركة (حماس)، لذلك رأينا أنه طرح توجيه ضربة عسكرية استباقية ضد (حزب الله) منذ اليوم الأول للحرب وأوقفها الرئيس الأميركي».

كريات شمونة

وكانت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» قالت إن مدينة كريات شمونة الإسرائيلية تحث من تبقى من سكانها على المغادرة فوراً بسبب استمرار استهدافها بصواريخ من لبنان، ونقلت عن بيان من بلدية المدينة القول: «بسبب الوضع الأمني المتصاعد وزيادة وابل القصف على كريات شمونة، ندعو جميع من بقوا في المدينة إلى مغادرتها على الفور»، وتوجهت للسكان بالقول: «اتركوا المدينة وأنقذوا الأرواح».

وأشارت الصحيفة إلى أن الغالبية العظمى من سكان المدينة البالغ عددهم نحو 20 ألف نسمة غادروا بالفعل في غمرة هجمات شنها «حزب الله» وجماعات أخرى. لكن موقع «يديعوت أحرونوت» يقول إن التقديرات تشير إلى أن حوالي 3000 شخص سيبقون هناك.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يؤكد جهوزية «المقاومة» للمواجهة في حال توسّع الحرب

المشرق العربي الدخان يتصاعد من بلدة حولا حيث قتل عنصر في «حزب الله» وإصابة 4 أشخاص في قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

«حزب الله» يؤكد جهوزية «المقاومة» للمواجهة في حال توسّع الحرب

جدّد مسؤولو «حزب الله» التأكيد أن «المقاومة جاهزة للمواجهة في حال توسيع الحرب» مقابل التهديدات المستمرة التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السفير بخاري مجتمعاً مع البطريرك الراعي (الوكالة الوطنية للإعلام)

بخاري يؤكد وقوف السعودية إلى جانب لبنان

جدّد سفير السعودية وليد بخاري التأكيد على وقوف بلاده إلى جانب لبنان واهتمامها بمساعدته على تخطي أزماته على الصعد كافة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزارة المالية اللبنانية (المركزية)

إصلاحات المالية العامة «قيد التأجيل» المستمر في لبنان

تقر وزارة المال في لبنان بتواصل تغييب موجبات الدين العام عن مشروع قانون الموازنة العامة، مع التنويه بأن السير في الإصلاحات البنيوية يتطلب توافقاً سياسياً.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي عائلات سورية لاجئة تغادر بلدة الوزاني خوفاً من التهديدات الإسرائيلية في المنشورات التي طالبت السكان بالمغادرة (أ.ف.ب)

منشورات إسرائيلية تدعو أهالي قرى لبنانية إلى إخلائها

استفاق سكان بلدات جنوبية حدودية على منشورات إسرائيلية تطالبهم بإخلاء منازلهم، مما أثار الخوف في نفوسهم مع التصعيد المتواصل الذي تشهده جبهة الجنوب.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي في القداس السنوي لـ«شهداء المقاومة اللبنانية»... (الوكالة الوطنية للإعلام)

الراعي: اللبنانيون يتعرضون لغزو أسوأ من الاحتلال

رفع البطريرك الماروني بشارة الراعي من سقف مواقفه، عادّاً أن «اللبنانيّين يتعرّضون لغزو أسوأ من الاحتلال»، ومتحدثاً عن «مكونات تريد لبنان أرضاً شاغرة لمشاريعها».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غوتيريش: لا شيء يبرر العقاب الجماعي للفلسطينيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش: لا شيء يبرر العقاب الجماعي للفلسطينيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)

شدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يوم الاثنين، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية على أنّ «لا شيء يبرّر العقاب الجماعي» الذي تنزله إسرائيل بسكان غزة الذين يعانون على نحو «لا يمكن تصوره».

ووجّه غوتيريش انتقادات حادة للطريقة التي تدير بها الدولة العبرية حربها في القطاع الفلسطيني المدمّر والتي تدخل الشهر المقبل عامها الثاني.

وقال غوتيريش الذي يشغل منذ العام 2017 منصب الأمين العام للأمم المتحدة «إنه أمر لا يمكن تصوّره، مستوى المعاناة في غزة، ومستوى الموتى والدمار لا مثيل له في كل ما شهدته منذ أن أصبحت أميناً عاماً».

وأضاف «بالطبع، ندين كل هجمات (حركة) حماس الإرهابية، وكذلك احتجاز الرهائن الذي هو انتهاك مطلق للقانون الإنساني الدولي».

لكن في معرض وصفه لما يشهده القطاع المحاصر من قتلى ودمار وجوع وأمراض، لفت إلى أنّ «الحقيقة هي أنّ لا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، وهذا ما نشهده على نحو دراماتيكي في غزة».

واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته «حماس» على جنوب إسرائيل وتسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.

وخُطف خلال الهجوم 251 شخصاً، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وردّت إسرائيل بحملة قصف وهجوم بري على غزة، مما أسفر عن سقوط 41 ألفاً و226 قتيلاً على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس». وتؤكد الأمم المتحدة أنّ غالبية القتلى من النساء والأطفال.

وتسبّبت الحرب بدمار هائل في القطاع المحاصر وأوضاع كارثية لسكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.