لبنان: عقبات سياسية وقانونية وشعبية تواجه مهمة الحكومة لاستعادة الانتظام المالي

وصل إلى المحطة «الأصعب» بعد إقرار رفع السرية المصرفية

أسلاك شائكة أمام مبنى «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)
أسلاك شائكة أمام مبنى «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

لبنان: عقبات سياسية وقانونية وشعبية تواجه مهمة الحكومة لاستعادة الانتظام المالي

أسلاك شائكة أمام مبنى «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)
أسلاك شائكة أمام مبنى «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)

ألزمت الحكومة اللبنانية نفسها بالانكباب راهناً على إعداد مشروع قانون معالجة الخسائر المالية الذي يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي، بعدما ربحت جولة التشريع لتعديلات قانون السرية المصرفية، وأحالت على المجلس النيابي مشروع قانون إصلاح أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها، مع ربط سريان مندرجاته بتشريع توزيع أحمال الفجوة المقدرة بنحو 72 مليار دولار.

ولا تبدو هذه المهمّة يسيرة في مساريها الحكومي والتشريعي، مقابل ما تحفل به من تباينات عميقة، تقارب التناقض في المقاربات على المستويات السياسية الممثَّلة في مجلس الوزراء أولاً، وبالمثل لدى الكتل النيابية ثانياً، فضلاً عن محدودية الإمكانات المتوفرة لدى الثلاثي المَعنيّ بالمسؤوليات وحمل التبعات، أي الدولة والبنك المركزي والجهاز المصرفي، ما يثير المخاوف الجديّة والمشروعة من استنساخ اقتراح استهداف المودعين، بوصفهم الحلقة الأضعف في الرباعية المالية الشائكة.

الضغوط الخارجية

بمعزل عن المقاربات الخاصة بالضغوط الخارجية ذات التأثير الحيوي على مختلف الملفات، والتي تشترط أولويات تكريس سلطة الدولة و«حصرية» السلاح، فإنه مع بلوغ هذه المحطة المالية المفصلية، ووفق تقديرات مسؤول مالي كبير تواصلت معه «الشرق الأوسط»، فإن المكوّنات الداخلية الشريكة في السلطتين التنفيذية والتشريعية، ستواجه موجبات إشهار مواقف حاسمة بشأن توزيعات «الخسائر» العالقة للعام السادس على التوالي، وستفقد حكماً هامش المناورة السياسية التي أتيحت لها في تمرير تعديلات السرية المصرفية والمشروع «المعلّق» لإعادة هيكلة المصارف.

ويكتسب هذا الملف أهمية مضافة واستثنائية على عتبة دخول البلاد في استحقاقات انتخابية تبدأ، الشهر المقبل، بانتخابات المخاتير والبلديات، لتنتقل بعد سنة بالتمام إلى الاستحقاق الأهم والفاصل الذي تعكسه الانتخابات النيابية، وما تتطلّبه من استقطابات ضرورية للناخبين الذين سيحدّدون بأصواتهم الأوزان القادمة لمختلف القوى السياسية، ما يوجب الحذر الشديد من القبول أو المشاركة بأي اقتراحات تفضي إلى إلحاق الأذى المادي بعشرات الآلاف من المودعين الذين يحوزون مئات آلاف الحسابات في البنوك.

اختلافات سياسية

وفي الأساس، يشير المسؤول المالي إلى اختلافات جوهرية في المواقف السياسية تبدأ من التوصيف بين من يعد الفجوة «خسائر محقّقة» أو «ديوناً متوجبة». ففي التصنيف الأول، سعت اقتراحات الحكومتين السابقتين إلى تحييد الموارد المالية للدولة من أي موجبات وازنة، ما خلا المساهمة الجزئية والشكلية في إعادة تكوين رأسمال البنك المركزي. أما في التصنيف الثاني، فإن الدولة ملزمة بتطبيق المادة 113 من قانون النقد والتسليف، التي تنص على وجوب تغطية أي خسائر في ميزانية البنك المركزي، وحيث يرد بالنص: «إذا كانت نتيجة سنة من السنين عجزاً، تغطَّى الخسارة من الاحتياط العام، وعند عدم وجود هذا الاحتياط أو عدم كفايته تغطَّى الخسارة بدفعة موازية من الخزينة».

مجلس النواب اللبناني في جلسة سابقة (د.ب.أ)

ويصعب على الأطراف السياسية، حسب رأي المسؤول المالي، السير بتوجهات تفضي إلى تأييد تنصُّل «الدولة» من مسؤوليات إنفاق مدخرات المودعين التي تحولت إلى توظيفات مصرفية لدى البنك المركزي. وذلك عبر استجرار التمويل المفتوح من «المركزي»، والتسبب لاحقاً في عجز ميزانيته المثبتة رقمياً ببند فروقات دعم سعر صرف الليرة بنحو 16.5 مليار دولار، وبقرائن التدقيق الجنائي الدولي التي أوردت تحويلات للقطاع العام وتمويلات للكهرباء ووزارة الطاقة ودعم السلع الاستهلاكية وسواها، بنحو 48 مليار دولار حتى نهاية عام 2020، فضلاً عن سندات حكومية يحملها المركزي، وتبلغ قيمتها الأسمية نحو 5 مليارات دولار.

اقتراحات تحميل الخسائر

بدوره، حسم مجلس شورى الدولة، مبكراً، البعد القانوني الارتكازي للحفاظ على الحقوق المتوجبة للمصارف والعائدة بالتبعية للمودعين، بقراره قبل 3 سنوات القاضي بإبطال قرار لمجلس الوزراء السابق ضمن استراتيجية النهوض بالقطاع المالي في شقها المتعلق بإلغاء «جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف، وذلك لتخفيض العجز في رأسمال مصرف لبنان وإغلاق صافي مركز النقد الأجنبي المفتوح للمصرف».

ولن ينفع في مقاربة هذه المعضلة، وفق المسؤول المالي، تسويق اقتراحات توحي بتحميل مجمل الأعباء على الجهاز المصرفي، والتي تضمر مباشرة أو مداورة «الشطب» الكلي أو الأغلب لتوظيفاتها البالغة نحو 80 مليار دولار لدى البنك المركزي، لا سيما أن الموجودات المصرفية (الأصول)، من رساميل متآكلة وودائع لدى البنوك المراسلة وأوراق مالية وممتلكات وسواها، المتوفرة حالياً لدى البنوك العاملة، وبعد عزل هذه التوظيفات، لا تعادل بحدودها القصوى نسبة 15 إلى 20 في المائة من مطلوبات المودعين التي تناهز 80 مليار دولار.

بذلك، ومع توالي الإفصاح عن توجهات تقضي بالحد من استخدام الأموال العامة في معالجة الفجوة، يتعذّر ترقّب الإقرار السريع والمريح لمشروع القانون الذي التزمته الحكومة في سعيها لاستكمال الثلاثية التشريعية التي تستجيب لشروط صندوق النقد الدولي، حسب تحليل المسؤول المالي، لا سيما أنها ملزمة أيضاً بإنضاج اقتراحات موازية لحل إشكاليات مستحقات الديون السيادية (اليوروبوندز) البالغة أصولها نحو 31 مليار دولار وفوائدها التراكمية نحو 11 مليار دولار، والعالقة، منذ ربيع عام 2020، في «ثلاجة» قرار حكومي بوقف الدفع لكامل المستحقات.

ولفت في هذا السياق، خطاب الحاكم الجديد للبنك المركزي كريم سعيد في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، حيث أكد أن «أولى أولوياتنا في مصرف لبنان هي الحفاظ على أصول الدولة، بينما نعمل جنباً إلى جنب مع الحكومة والمصارف لإعادة إرساء الملاءة والمصداقية للنظام المالي. ونحن نفرض ضوابط صارمة، ونعطي الأولوية للشفافية، ونوائم ممارساتنا مع أفضل المعايير العالمية في العمل المصرفي المركزي».


مقالات ذات صلة

لبنان: اتصالات لوقف الخروقات الإسرائيلية خلال الانتخابات البلدية بالجنوب

المشرق العربي وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار (يمين) يقوم بجولة في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات البلدية في بيروت (إ.ب.أ) play-circle

لبنان: اتصالات لوقف الخروقات الإسرائيلية خلال الانتخابات البلدية بالجنوب

أكد وزير الداخلية والبلديات اللبناني أحمد الحجار، الثلاثاء، أن الدولة تقوم بالاتصالات اللازمة لوقف الخروقات الإسرائيلية خلال فترة الانتخابات البلدية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني يقفون بجوار سيارة مدمرة استهدفتها غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة في جنوب لبنان يوم 17 مايو (أ.ف.ب)

إصابة 9 بقصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية في جنوب لبنان

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم (الثلاثاء)، إصابة 9 أشخاص في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي جانب من مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين بجنوب بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)

اشتباكات داخل مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت

اندلعت اشتباكات مسلحة بمخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت بين «تجار مخدرات» وأسفرت عن سقوط إصابات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانية تدلي بصوتها بالانتخابات البلدية والاختيارية في مدينة بيروت الأحد (إ.ب.أ)

خرق يتيم «يخدش» المناصفة في انتخابات بلدية بيروت

تردد، مع استمرار فرز عدد من الأقلام، بأن الباب قد يكون مفتوحاً أمام دفعة جديدة من الخرق لعضوين من المسيحيين على اللائحة التي تضم ائتلاف الأحزاب والشخصيات.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «القوات» سمير جعجع يحتفل مع نواب وأعضاء الماكينة الانتخابية بفوز اللائحة المدعومة من الحزب في انتخابات زحلة (إعلام القوات)

صعود لافت في شعبية «القوات اللبنانية» بزحلة

رسمت نتائج الانتخابات البلدية في مدينة زحلة صورةً جديدةً للمشهد السياسي في المدينة، حيث تمكنت اللائحة المدعومة من حزب «القوات اللبنانية» حصد جميع المقاعد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

سيناتور أميركي يدعو اللبنانيين للتخلص من «حزب الله» نهائياً

رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش
رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش
TT

سيناتور أميركي يدعو اللبنانيين للتخلص من «حزب الله» نهائياً

رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش
رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش

قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتوجب على اللبنانيين «إضعاف قبضة (حزب الله)»، والعمل على «التخلص منه نهائياً»، وسط توجه مشترك لدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي لدعم الجيش اللبناني، وتمكينه من حفظ الأمن على الحدود مع سوريا، بالإضافة إلى الخط الأزرق الفاصل مع إسرائيل.

وتزامنت هذه الرسالة من أرفع مسؤول للسياسة الخارجية في الكونغرس الأميركي مع مناسبة منحه «جائزة فيليب حبيب للخدمة العامة المتميزة» من فريق العمل الأميركي المعني بلبنان، الذي يكرمه، الأربعاء، مع كل من الوسيط الأميركي السابق بين لبنان وإسرائيل آموس هوكستين، وسيدة الأعمال اللبنانية الأميركية ميشلين نادر، وفي وقت قال فيه رئيس المجموعة السفير إدوارد غابريال لـ«الشرق الأوسط» إنه عاد من لبنان أخيراً «أكثر تفاؤلاً» بعدما لمس التزام كبار المسؤولين اللبنانيين، وبينهم الرئيسان جوزيف عون ونواف سلام، بالوفاء ببنود وقف النار والشروع في إصلاحات اقتصادية تعيد لبنان إلى «مساره الصحيح»، بمساعدة مباشرة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وعبر نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، التي يتوقع أن تزور بيروت قريباً.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

ومنح فريق «جائزة فيليب حبيب للخدمة العامة المتميزة» للسيناتور ريش، الذي وجه رسالة إلى اللبنانيين عبر «الشرق الأوسط» مفادها أن الكونغرس الأميركي «يولي اهتماماً بالغاً باستقرار لبنان وأمنه، ليس فقط من أجل جودة حياة شعبه، ولكن أيضاً من أجل استقرار المنطقة والعالم».

مرحلة حرجة

واعتبر ريش أن «لبنان يمر بمرحلة حرجة»؛ لأنه «بعد عقود من قبضة إيران الاستبدادية على بيروت، لدى الشعب اللبناني فرصة للتحرر»، مشدداً على أن لدى الزعماء اللبنانيين الجدد «فرصة لاستعادة سيادة لبنان وبناء مستقبل مزدهر لشعبه»، ولذلك فإن «هناك عملاً كبيراً لا يزال يجب القيام به». وأوضح: «يجب على الحكومة الجديدة تنفيذ إصلاحات للقضاء على الفساد في لبنان والتخلص من وجود (حزب الله) نهائياً»، منبّهاً إلى أن «سيطرة الحكومة على الجمارك والمطار والطرق المؤدية إلى لبنان ومنه، أمر بالغ الأهمية لضمان استمرارنا في إضعاف قبضة (حزب الله)».

الموفدة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

وإذ أشاد بـ«شجاعة» اللبنانيين، الذين بفضلهم «يسير لبنان على الطريق الصحيح»، رأى ريش أن «الدعم الأميركي للقوات المسلحة اللبنانية آتى ثماره، وصار الجيش اللبناني أخيراً في وضع يسمح له بطرد (حزب الله) نهائياً»، مؤكداً الوعد بأنه «سيواصل العمل مع زملائه من كلا الحزبين ومع الإدارة لدعم لبنان آمن ومستقر ومزدهر».

مساعدات أميركية للجيش

ووفقاً لمصدر أميركي، طلب عدم نشر اسمه، قدّم الكونغرس الأميركي خلال السنوات الأخيرة «مساعدات كبيرة للقوات المسلحة اللبنانية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الأموال «خُصصت لتدريب وتجهيز الجيش اللبناني، وزيادة كفاءته التكتيكية والعملياتية، وتنمية قوته لتولي مهمات إضافية، بما في ذلك أمن الحدود» مع كل من سوريا وإسرائيل. وأضاف: «بينما يُكافح لبنان للسيطرة على حدوده الشمالية وتطهير البنية التحتية الإرهابية لـ«حزب الله» جنوب الليطاني، يود الكونغرس أن يتولى الجيش اللبناني توفير الأمن على طول حدوده».

الإصلاحات وإعادة الإعمار

ويأتي هذا الكلام من المسؤول الأميركي الرفيع بعد زيارة وصفت بأنها «استثنائية» لفريق العمل الأميركي للبنان، حيث التقى الرئيسين عون وسلام وأكثر من 12 وزيراً و30 نائباً وقائد الجيش العماد رودولف هيكل وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد وغيرهم. وقال غابريال لـ«الشرق الأوسط» إن «جميع هؤلاء يدركون أن الوقت ليس بجانب لبنان إذا أراد دعم الولايات المتحدة لإعادة إعمار البلاد»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة أوضحت جلياً أن الإصلاحات شرط مسبق لأي مساعدة في إعادة الإعمار».

رئيس فريق العمل الأميركي المعني بلبنان إدوارد غبريال

ولفت إلى أن عون وسلام «لديهما الإرادة للوفاء ببنود وقف النار، شمال نهر الليطاني وجنوبه، مع الشروع في الإصلاحات الاقتصادية والحكومية اللازمة لإعادة لبنان إلى مساره الصحيح»، مضيفاً أنه لمس «جدية في معالجة القضايا الأمنية والاقتصادية وإرادة مشتركة للعمل معاً».

إصلاح القطاع المصرفي

ولفت غابريال إلى أن «الولايات المتحدة أوضحت أن الإصلاحات الاقتصادية والوفاء باتفاق وقف النار لهما نفس الأهمية عندما يتعلق الأمر بالدعم الأميركي» للبنان. وشدد على أنه ينبغي على مجلس النواب اللبناني «إقرار مشروع قانون مصرفي يُصلح القطاع المصرفي ويُلبي حاجات صغار المودعين بشكل عادل»، بالإضافة إلى أن «هناك حاجة إلى قطاع عام قوي وشفاف وخالٍ من الفساد»، مؤكداً أنه «لن يكون هناك أي تسامح إذا لم يلتزم لبنان ببنود اتفاق وقف النار».

وشدد غابريال أيضاً على أن «تمويل الجيش اللبناني لا يزال أمراً بالغ الأهمية»؛ لأنه «بتمويل الجيش بشكل كافٍ، سيكون لبنان مستقراً وحدوده آمنة»، مؤكداً أن ذلك «سيمكن دول الخليج وغيرها من أصدقاء لبنان من توفير أموال إعادة الإعمار».

استعادة الثقة

وكذلك منح فريق العمل «جائزة عصام فارس للريادة الدولية» لسيدة الأعمال والمؤلفة ميشلين نادر التي حضت الرئيس عون وحكومة سلام على مواجهة ما سمته «أزمة الثقة العميقة» بلبنان بعد «سنوات من الانهيار الاقتصادي والتدخل السياسي في القضاء والفساد المستشري».

واقترحت، عبر «الشرق الأوسط»، «بعض الخطوات الرئيسية» التي يمكن للجاليات اللبنانية عبر العالم أن تقدمها لبلدها الأم من أجل «استعادة الثقة» بلبنان، ومنها أولاً «إعادة بناء الاقتصاد والقطاع المالي» بعدما «حُرم المواطنون اللبنانيون من ودائع تقدر بنحو 93 مليار دولار بسبب تخلف الدولة عن سداد ديونها وانهيار القطاع المصرفي».

وشددت نادر ثانياً على أن «تعزيز النظام القانوني أمر ضروري لاستعادة ثقة الجمهور والمستثمرين». وربطت ذلك أيضاً بـ«تعزيز الشفافية والمساءلة»، مشيرة إلى أن «لبنان يحتل المرتبة الـ154 من بين 180 دولة على مؤشر مدركات الفساد لعام 2024 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، وهو ترتيب أدنى بكثير من المتوسط ​​الإقليمي». ولفتت إلى أن الحرب الأخيرة «ألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية للبنان»، مشيرة إلى أن البنك الدولي «يقدر أن إعادة الإعمار تتطلب 11 مليار دولار».

وكذلك حضت نادر السلطات الرسمية اللبنانية على «مواجهة الجماعات المسلحة وتعزيز السيادة»، قائلة: «لن تنجح أي جهود إصلاحية إذا استمرت الجماعات المسلحة، مثل (حزب الله)، في العمل خارج نطاق سيطرة الدولة».

ولاحظت أن المغتربين اللبنانيين، الذين يتجاوز عددهم 15 مليون شخص «يضطلعون بدور حيوي في دعم الاقتصاد اللبناني»، موضحة أن تحويلاتهم لعام 2023 بلغت 6.7 مليار دولار، أي ما يعادل 30.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبنان، الذي يمكنه «الإفادة من خبرة المغتربين وتجاربهم في المناصب الاستشارية ودعم جهود الإصلاح الوطنية».

وركزت على أن «استعادة العلاقات مع دول الخليج والمؤسسات العالمية أمر بالغ الأهمية»، ملاحظة أن الرئيس عون أكد أنه «لا يمكن للبنان جذب الاستثمارات من دون إعادة بناء الثقة أولاً من خلال الإصلاح والاستقرار».