إيران تواصل إدخال التعزيزات العسكرية إلى سوريا

تعرض مغريات على وجهاء العشائر لتطويع أبنائهم في ميليشياتها

أرشيفية لتدريبات ميليشيات إيران في سوريا بينها مقاتلون لـ«حزب الله» اللبناني (المرصد السوري)
أرشيفية لتدريبات ميليشيات إيران في سوريا بينها مقاتلون لـ«حزب الله» اللبناني (المرصد السوري)
TT

إيران تواصل إدخال التعزيزات العسكرية إلى سوريا

أرشيفية لتدريبات ميليشيات إيران في سوريا بينها مقاتلون لـ«حزب الله» اللبناني (المرصد السوري)
أرشيفية لتدريبات ميليشيات إيران في سوريا بينها مقاتلون لـ«حزب الله» اللبناني (المرصد السوري)

وسط حالة استنفار للميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني شرق سوريا، رصدت مصادر محلية مواصلة إيران إدخال تعزيزات عسكرية قادمة من العراق إلى سوريا. وبعد دخول العشرات من عناصر «الحشد الشعبي» العراقي خلال الأيام القليلة الماضية، قالت وسائل إعلام محلية معارضة إن تعزيزات عسكرية من «الحرس الثوري» الإيراني، تُقدر بأكثر من 50 عنصراً يحملون الجنسيتين «العراقية واللبنانية»، عبروا بسيارات مدنية على شكل دفعات عبر الحدود البرية السورية - العراقية، إلى بلدة البوكمال بريف دير الزور الشرقي.

مصادر «مطلعة» قالت لموقع «بلدي نيوز» المحلي، إن العناصر دخلوا، السبت، واستقروا في مقر عسكري لـ«الحرس الثوري» الإيراني، قريباً من مشفى الفيحاء في البوكمال، وتم نقلهم بسيارات عسكرية إلى بلدة القورية والطيبة بريف دير الزور الشرقي.

وكان موقع «عين الفرات»، قد أفاد في وقت سابق بدخول نحو مائة عنصر من «الحشد الشعبي» العراقي عبر معبر السكك ومعبر البوكمال، بحماية «سيارات تابعة لمكتب الأمن الإيراني بمدينة البوكمال».

ووسط حالة التأهب التي تعيشها الميليشيات الإيرانية في مناطق الحدود مع العراق شرق محافظة دير الزور، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قيادة الميليشيات الإيرانية «ستقوم بإرسال مقاتلين مدربين من الأفغان والباكستانيين»، إلى المنطقة «لتدريب المتطوعين المحليين من أبناء شرق الفرات»، وإن الشريط النهري الفاصل بين مناطق الميليشيات الإيرانية ومناطق سيطرة «قسد»، يشهد «تحركات مريبة خلال الآونة الأخيرة».

في السياق، تتوارد أنباء من مصادر متقاطعة عن تجنيد إيران للشبان الذين لوحظ غيابهم عن الشوارع خلال الأيام الماضية في المناطق الشرقية، بحسب مصادر أهلية، خشية الملاحقة من قبل قوات النظام والسوق إلى الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط، في حين كشف موقع «عين الفرات» عن مصادر وصفها بـ«الخاصة»، عن اجتماع جرى بين قياديين في الميليشيات الإيرانية وعدد من الوجهاء والمتنفذين في المنطقة.

وأضافت المصادر أن «الميليشيات الإيرانية عرضت على وجهاء العشائر مساعدتهم بتطويع أبنائهم ضمن صفوفها، مقابل مغريات كثيرة قدمتها لهم، مع تزويدهم ببطاقات أمنية وبالسلاح».

وتفيد الأنباء الواردة من شرق سوريا، بعقد قيادي في الميليشيات الإيرانية وعدد من ضباط الأمن التابعين للنظام، اجتماعات عدة مع وجهاء منطقة البوكمال شرق دير الزور في الأيام القليلة الماضية.

على صعيد متصل، جرى نقل عدد من المختصين بالأسلحة المطورة والطائرات المسيّرة التابعين لميليشيا «الحشد الشعبي» العراقي، إلى قرى حضر وطرنجة بريف القنيطرة.

وأفاد تقرير المرصد السوري، بإعلان ميليشيا «الحرس الثوري الإيراني» عن حاجتها لتطويع نحو 1000 عنصر ضمن صفوفها، وافتتحت باب الانتساب في مدينة دير الزور وقرى حطلة ومراط والحسينية، وحددت مبلغ مليون ونصف المليون ليرة سورية كراتب شهري للمتطوعين الجدد، كما حددت عمر المتطوعين بين 14 و30 عاماً.

وتابع أن مهمة تطويع الشبان أوكلت إلى عدد من القادة المحليين التابعين للميليشيات الإيرانية، على أن يخضع المتطوعون لدورات عسكرية قبل نقلهم إلى دمشق، ومنها إلى لبنان، عن طريق ميليشيا «حزب الله» اللبناني، للتوجه إلى فلسطين والمشاركة في القتال ضد إسرائيل هناك.

قوات تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في سوريا (أرشيفية - المرصد السوري)

وأفاد المرصد، أيضاً، بنقل الميليشيات التابعة لإيران أكثر من 300 مقاتل من قوات المهام الخاصة وقوات أخرى، من دير الزور وحمص وحلب، إلى كل من القنيطرة وريف دمشق والحدود مع الجولان المحتل، ومن ضمن مَن جرى نقلهم، عشرات المقاتلين الذين تم تدريبهم بشكل مستعجل في دير الزور، وتحديداً ضمن معسكر «عياش» من قبل «الحرس الثوري» الإيراني.

ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن ميليشيا «حزب الله» اللبناني وما يسمى بـ«المقاومة السورية لتحرير الجولان»، أوعزت لمقاتليها السوريين واللبنانيين بـ«الاستنفار التام ضمن مواقعهم بريف دمشق الغربي قرب الحدود مع لبنان ومع الجولان المحتل»، بالإضافة لاستقدام تعزيزات عسكرية ولوجستية وتحصين تلك المواقع، ونقل الأسلحة لأماكن أكثر أمناً وتفعيل وضع التأهب التام لأي استهداف محتمل من قبل إسرائيل، في ظل توتر الأوضاع في المنطقة واحتمالات توسع ساحة الحرب في غزة.


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».