تنظيمات موالية لـ«حزب الله» تتأهب للالتحاق بجبهة جنوب لبنان

جندي إسرائيلي على دبابته الموجهة باتجاه الأراضي اللبنانية (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي على دبابته الموجهة باتجاه الأراضي اللبنانية (أ.ف.ب)
TT

تنظيمات موالية لـ«حزب الله» تتأهب للالتحاق بجبهة جنوب لبنان

جندي إسرائيلي على دبابته الموجهة باتجاه الأراضي اللبنانية (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي على دبابته الموجهة باتجاه الأراضي اللبنانية (أ.ف.ب)

تسير العمليات العسكرية في جنوب لبنان على توقيت الحرب الإسرائيلية على غزّة، وترتفع وتيرتها يومياً بالتزامن مع التوغّل البرّي الإسرائيلي في القطاع.

وهذا التطوّر فعّل دور التنظيمات المسلّحة التي تعمل في الجنوب بالتنسيق مع «حزب الله»، وتنفّذ عمليات محدودة بموافقة مسبقة منه. لكنّ المراقبين لا يستبعدون التحاق تنظيمات جديدة بهذه الجبهة، وتوسيع نطاق عملياتها بما ينذر بتدهور الأمور على نطاق واسع.

دخان قصف يتصاعد على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية (أ.ف.ب)

ثمّة من يرتاح إلى الإيقاع المضبوط في الجنوب، ما دامت هذه المجموعات تعمل ضمن غرفة عمليات واحدة يديرها «حزب الله» دون سواه. ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الدكتور هشام جابر أن «مشاركة الفصائل المسلّحة في العمليات العسكرية انطلاقاً من جنوب لبنان ليست إلّا مشاركة رمزيّة، فهم (الفصائل) يعملون تحت (كونترول) (حزب الله)، وهذه ترجمة حقيقية لوحدة الساحات».

وأشار جابر في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، إلى أن «هذه الجماعات تطلق صواريخها بمعرفة مسبقة من (حزب الله) الذي لا يسمح لها بخرق قواعد الاشتباك، حتى لا يشكل دورها خطراً يدفع باتجاه توسيع الجبهة». وقال: «لن يسمح الحزب لهذه الجماعات بأن تكبر وتتوسّع إلّا إذا توسعت الجبهة تدريجياً».

الارتفاع الملحوظ في حدّة التهديدات الإسرائيلية للبنان، والتحذير من توسيع العمليات ضدّ أهداف في عمق الأراضي المحتلّة لن يغيّرا شيئاً في مسار الأحداث إذا ما استمرّ التصعيد داخل فلسطين. ويوضح الكاتب والباحث السياسي قاسم قصير أن «ما يجري في الجنوب مرتبط مباشرة بما يحصل في غزّة». ويقول، لـ«الشرق الأوسط»، إن «انخراط بعض التنظيمات في المواجهة انطلاقاً من الجنوب سيستمر وقد يتعزز أكثر إلى حين تراجع العمليات داخل فلسطين».

ويؤكد قصير، وهو مطلع على أجواء «حزب الله»، أن «عدد التنظيمات المسلّحة من غير (حزب الله) محدود، ولا تشكل خطراً بفتح الجبهة على نطاق واسع ما دام (حزب الله) يمسك بالأرض بشكل جيد»، مؤكداً أن «ما تقوم به التنظيمات الآن، لا يتعدى الدور المساند للشعب الفلسطيني، إضافة إلى قيمته السياسية، لكن إذا تطوّرت الحرب في فلسطين فلا أحد سيسيطر على الجبهات الأخرى بمن فيهم (حزب الله)؛ لأن مطلب فتح الحدود بات مطلباً شعبياً عربياً واسعاً».

 

تتباين الآراء حول تسليط الضوء على عمليات التنظيمات المسلّحة على حدود لبنان الجنوبية التي يحتكرها «حزب الله». وفي رأي جابر فإن «الوجود المسلّح القوي والفاعل في الجنوب هو لـ(حزب الله) وإلى جانبه أعداد قليلة من مقاتلي (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، وانضمت إليهم حديثاً (قوات الفجر) التابعة للجماعة الإسلامية، لكن لا أحد من هؤلاء يطلق صاروخاً على إسرائيل إلّا بموافقة مسبقة من الحزب الذي يتعامل مع الوضع بدقّة كبيرة، ويدرك تماماً أن تفلّت الأمور من يده يعطي ذريعة لإسرائيل لشنّ حرب على لبنان»، لافتاً إلى أن «(حزب الله) لا يريد فتح جبهة عسكرية واسعة في الجنوب، ولديه جبهة داخلية مفككة».

لا يقتصر الحضور الميداني على التنظيمات المذكورة والتي تبنّت عدداً من عمليات التسلل إلى الأرضي المحتلّة، وإطلاق الصواريخ على مواقع إسرائيلية. ويكشف قصير أن «حزب الله» فعّل في الأيام الأخيرة دور «سرايا المقاومة» في الجنوب، إلى جانب مقاتلي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«قوات الفجر». ولم يستبعد «تدخّل تنظيمات أخرى في الجبهة الجنوبية، مثل حركة (أمل) والأحزاب اليسارية مثل الحزب الشيوعي والحزب القومي السوري الاجتماعي... وغيرها من القوى المنضوية في حركات المقاومة، وهذا الأمر مرهون بتطوّر الصراع في غزّة، فإذا توسّعت الحرب هناك فستتفلّت الجبهة الجنوبية من كلّ الضوابط».

ورغم الإعلان يومياًَ عن المواقع الإسرائيلية التي تتعرض للاستهداف، فإن الفصائل المنضوية بجبهة جنوب لبنان، تعترف بأن عملياتها لا تتعدى إطار الرسائل، وممارسة الضغط على الإسرائيلي للتخفيف من حدّة الهجوم على غزّة.

ويوضح مصدر مقرّب من حركة «حماس»، أن «مشاركة (كتائب عز الدين القسام) بقصف مواقع إسرائيلية انطلاقاً من لبنان، يأتي لتوجيه رسالة للعدو لوقف العنف والإرهاب ضدّ المدنيين في غزّة، ولكبح جماح حكومة الاحتلال حتى لا تتمادى في مجازرها ضدّ الشعب الفلسطيني». ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «المقاومة الفلسطينية ستمارس حقّ الدفاع عن شعبها من كلّ الأمكنة، على أساس أن القضية الفلسطينية قضية واحدة، وهذا يطمئن الفلسطينيين في الداخل خصوصاً في قطاع غزّة، بأن جميع قوى المقاومة بما فيها (حزب الله) معهم في المواجهة».

ولا يستبعد المصدر أن «يتطوّر العمل العسكري انطلاقاً من لبنان، لكنّ ذلك يبقى مرتبطاً بتطوّر المعركة مع الإسرائيلي سواء في غزّة أو الضفة الغربية».


مقالات ذات صلة

«الخماسية» حذّرت من تعطيل انتخاب الرئيس اللبناني... وتوسعة إسرائيل للحرب

تحليل إخباري مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)

«الخماسية» حذّرت من تعطيل انتخاب الرئيس اللبناني... وتوسعة إسرائيل للحرب

شكَّل بيان «اللجنة الخماسية» تحذيراً للقوى اللبنانية من الاستمرار في تعطيل الاستحقاق الرئاسي، ومن الاستخفاف باحتمال إقدام إسرائيل على توسعة الحرب.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي من احتجاج نُظم أمام مقر الأمم المتحدة ضد النازحين السوريين (أرشيفية - أ.ب)

هل يستطيع لبنان الاستغناء عن العمّال السوريين؟

تُقارِبُ القوى اللبنانية ملفّ النازحين من منظور سياسي، مطالبة بترحيلهم. لكن هناك دعوة إلى مقاربة الموضوع من زاوية الحاجة الاقتصادية إلى قسم منهم.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي بري متوسطاً سفراء «الخماسية» خلال أحد لقاءاته بهم (الشرق الأوسط)

سفراء «الخماسية» سيحملون إلى بري حلاً لعقدتين تواجهان الملف الرئاسي اللبناني

أفادت مصادر سياسية في لبنان أن «اللجنة الخماسية» المكلفة إنهاء الفراغ الرئاسي توصلت إلى «خطة» لتجاوز العقدتين الرئيسيتين اللتين تمنعان انتخاب رئيس للجمهورية.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي نازحون سوريون يتجمعون في عرسال استعداداً للعودة إلى سوريا (أرشيفية - إ.ب.أ)

حركة نزوح سورية جديدة داخل لبنان

أدت الإجراءات المشددة بوجه المخالفين لنظام الإقامة والعمالة من النازحين السوريين في لبنان إلى موجة نزوح جديدة داخل الأراضي اللبنانية.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبِلاً سفراء «الخماسية» في مقر رئاسة النواب (أرشيفية - مجلس النواب)

برّي: مستعد لعقد جلسات بدورات متتالية لانتخاب رئيس للبنان

انتقلت «اللجنة الخماسية» من تقريب وجهات النظر بين الكتل النيابية لتسهيل انتخاب الرئيس، إلى مرحلة تحفيزها لإنجاز الانتخاب انطلاقاً من خريطة الطريق التي وضعتها.

محمد شقير (بيروت)

«الخماسية» حذّرت من تعطيل انتخاب الرئيس اللبناني... وتوسعة إسرائيل للحرب

مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)
مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«الخماسية» حذّرت من تعطيل انتخاب الرئيس اللبناني... وتوسعة إسرائيل للحرب

مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)
مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تبقى تهيئة الظروف السياسية أمام ترجمة ما تضمنته خريطة الطريق التي رسمها سفراء «الخماسية» لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، عالقة على الجهود التي يتولاها السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو في تنقلّه ما بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والقيادات في المعارضة، في محاولة للتوصل إلى صيغة مركّبة لا تشكل تحدياً لأحد، يراد منها التوفيق بين التشاور والحوار لإخراج آلية الانتخاب من التباين، تمهيداً لإعادة فتح أبواب البرلمان على نحو يؤدي إلى انتخاب الرئيس، بخلاف الجلسات النيابية السابقة التي اصطدمت بحائط مسدود، وكانت وراء التمديد للشغور الرئاسي الذي مضى عليه أكثر من سنة و7 أشهر.

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبِلاً سفراء «الخماسية» في مقر رئاسة النواب (أرشيفية - مجلس النواب)

فسفراء «الخماسية»: الأميركية ليزا جونسون، والسعودي وليد البخاري، والمصري علاء موسى، والقطري عبد الرحمن بن سعود آل ثاني، إضافة إلى الفرنسي ماغرو، رفضوا، في بيانهم الذي أصدروه، الاستسلام لفقدان الثقة بين المعارضة ومحور الممانعة، الذي يعطل انتخاب الرئيس، وأصروا على حشر المعنيين بانتخابه في الزاوية، محذّرين إياهم من التمادي في تعطيلهم الذي يمنع إعادة تكوين السلطة بوصفه شرطاً لانتظام المؤسسات الدستورية لوقف تدحرج البلد نحو الانهيار الشامل.

قبل حلول الصيف

ويقول سفير في «الخماسية»، فضّل عدم ذكر اسمه، إنه وزملاءه في اللجنة ليسوا بحاجة لتبرئة ذمّتهم أمام المجتمع الدولي والرأي العام اللبناني بإصدار البيان في ختام اجتماعهم بدعوة من السفيرة جونسون، التي غادرت إلى واشنطن لحضور المؤتمر السنوي لسفراء الولايات المتحدة في الخارج، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن البيان جاء معطوفاً على ما لديهم من معطيات بأن البلد لم يعد يحتمل استمرار تعطيل انتخاب الرئيس، بوصفه ممراً إلزامياً لإعادة تكوين السلطة، تحسُّباً لمواجهة التحديات التي تنتظره، وأبرزها عدم وجود ضمانات بجنوح إسرائيل نحو توسعة الحرب في جنوب لبنان.

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (المكتب الإعلامي لرئاسة البرلمان)

وينقل عدد من النواب والوزراء عنه دعوته لهم إلى عدم إسقاط توسعة الحرب من حساباتهم، رغم الضغوط الدولية التي تمارسها الولايات المتحدة وفرنسا على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. ويقول هذا السفير المشار إليه سابقاً، إن مسؤولين في البلدين نصحوا القيادات اللبنانية بضرورة تدبير أمورهم قبل حلول الصيف، وهو الموعد الذي حدده وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.

ويلفت السفير نفسه إلى أن هناك ضرورة لإعادة تكوين السلطة بانتخاب الرئيس، وتشكيل حكومة فاعلة؛ لأن القيام بهذه الخطوة يرفع من منسوب الضغط والتدخل الدوليين لدى إسرائيل للجم تدحرجها نحو توسعة الحرب، إفساحاً في المجال أمام لبنان ليعيد ترتيب أوضاعه بما يسمح له بالدخول في مفاوضات برعاية دولية لتطبيق القرار 1701.

تحذير من «الاستخفاف» اللبناني بالنصائح

ويحذّر السفير نفسه من إهدار الوقت، ومن استخفاف المَعْنِيِّين بانتخاب الرئيس بالنصائح التي أُسديت لهم من قِبَل أكثر من جهة دولية وإقليمية، بوجوب وقف تعطيلهم انتخاب الرئيس. ويؤكد أن تحذير «الخماسية» من لجوء إسرائيل لتوسعة الحرب لا ينطلق من فراغ، وإنما من معطيات كانت نقطة تقاطع بين الموفدين الغربيين الذين يتهافتون لزيارتها بغية إثناء نتنياهو وفريق حربه عن توسعة الحرب.

الدخان يتصاعد فوق قرية بجنوب لبنان بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسأل السفير العضو في «الخماسية»: ما الجدوى من الربط بين جبهتي غزة وجنوب لبنان؟ وكيف سيكون الوضع في البلد في حال استمرت الحرب على الجبهة الغزاوية ولم تؤدِّ الوساطات إلى وقف إطلاق النار؟ وهل يتحمل لبنان التمديد للفراغ في رئاسة الجمهورية؟ وماذا سيقول «حزب الله» للبنانيين؟ وهل سيصمد في موقفه بعدم الفصل بين مساندته غزة وانتخاب الرئيس، خصوصاً أنه يُخشى من أن يؤدي ترحيل انتخابه إلى التمديد للفراغ الرئاسي إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، أي إلى ربيع عام 2025؟

ويؤكد السفير أن بيان «الخماسية» هو لسان حال جميع الدول الأعضاء فيها، ويشكل نقطة تلاقٍ حول التحذير من قيام إسرائيل بتوسعة الحرب، ويقول إن دعوتهم لانتخاب الرئيس بحلول نهاية الشهر الحالي جاءت بناءً على إلحاح عدد من الكتل النيابية التي سبق للسفراء أن تواصلوا معها.

إنذار من «الخماسية»

ويعترف السفير نفسه بأن «الخماسية» أرادت من إصدار بيانها توجيه إنذار للكتل النيابية على طريقتها، لعلها تبادر للانخراط في إعادة خلط الأوراق لإخراج انتخاب الرئيس من التأزم الذي يحاصره، وإن كان ينأى بنفسه عن البوح برد فعل الدول الأعضاء في «الخماسية»، في حال عدم التفات المعنيين إليه بجدية، أو لم يتعاملوا معه على أنه ينطوي على ما يشكله الوضع من خطورة على البلد تستدعي تضافر الجهود لإنقاذه اليوم قبل الغد، خصوصاً أن الجنوب يدخل حالياً في حرب حقيقية لن يوقفها التقيُّد بقواعد الاشتباك التي أصبحت من الماضي.

لذلك يبقى السؤال: ماذا سيقول الناخبون الكبار المَعنيون بانتخاب الرئيس للجنة «الخماسية»؟ وهل لدى البعض ما يبرّر تعطيلهم انتخابه وعدم اكتراثهم للتحذيرات من توسعة الحرب، خصوصاً أن بلدهم أصبح مكشوفاً، ويفتقد شبكة الأمان بغياب إعادة تكوين السلطة، بينما هم لا يعيرون اهتمامهم للنصائح الدولية التي تأتي، وتتولى حكومة تصريف الأعمال إدارة الأزمة بحدودها الدنيا وبإمكانات متواضعة، ولم تعد قادرة على التأثير في مجريات المواجهة جنوباً ما دامت قد أوكلت، كما يقول السفير نفسه، لسواها خوض المفاوضات الرامية إلى تهدئة الوضع، وتحضير الأجواء لتطبيق القرار 1701 الذي يبدو أنه بعيد المنال، على الأقل في المدى المنظور، مع أن هناك ضرورة لحشر إسرائيل وتقديمها للمجتمع الدولي على أنها تعطّل تطبيقه؟


معبر رفح معضلة لإسرائيل بعد السيطرة عليه وإغلاقه

لافتة مدمَّرة في معبر كرم أبو سالم تشير إلى الاتجاه نحو رفح (رويترز)
لافتة مدمَّرة في معبر كرم أبو سالم تشير إلى الاتجاه نحو رفح (رويترز)
TT

معبر رفح معضلة لإسرائيل بعد السيطرة عليه وإغلاقه

لافتة مدمَّرة في معبر كرم أبو سالم تشير إلى الاتجاه نحو رفح (رويترز)
لافتة مدمَّرة في معبر كرم أبو سالم تشير إلى الاتجاه نحو رفح (رويترز)

يرفرف العلَم الإسرائيلي فوق الجانب الفلسطيني من معبر رفح، لكن المستقبل الغامض والشائك لهذا المنفذ الحدودي بين القطاع الفلسطيني ومصر بات يشكّل معضلة بالنسبة لإسرائيل في ظل حالة الطوارئ الإنسانية المتنامية.

وقد شكّل رفع العلَم الإسرائيلي محطة رمزية في سياق الحرب في قطاع غزة؛ إذ إن المعبر بقي، حتى وقت قريب، أحد رموز سيادة «حماس» على قطاع غزة الذي سيطرت عليه الحركة في 2007.

وعلى مدى الأعوام الماضية، كانت الحركة تسيطر على الجانب الفلسطيني من المعبر، وتُحصّل الضرائب على حركة العبور فيه. كما يشتبه الجانب الإسرائيلي أن هذا المعبر استُخدم لتهريب الجزء الأكبر من ترسانة الفصائل الفلسطينية المسلحة إلى القطاع الذي تفرض عليه الدولة العبرية حصاراً منذ أكثر من 10 أعوام.

وقالت إسرائيل إن معلوماتها الاستخبارية تشير إلى أن المعبر «كان يُستخدم لأغراض إرهابية».

خليل الحية وإسماعيل هنية ويحيى السنوار من حركة «حماس» خلال زيارة لمعبر رفح في 19 سبتمبر 2017 (رويترز)

ومنذ توغل دباباتها برفح في السابع من مايو (أيار) الحالي، أغلقت إسرائيل هذا المعبر الذي كان تحت إدارة السلطة الفلسطينية بين عامي 2005 و2007.

وترفض مصر إعادة فتح المعبر من جانبها ما دامت القوات الإسرائيلية تسيطر على الجانب الآخر، وفق ما تقول قناة «القاهرة الإخبارية».

كانت العواقب المباشرة لإغلاق المعبر إنسانية؛ فهو من نقاط العبور الرئيسية للمساعدات المخصصة للقطاع الغارق في الحرب منذ أكثر من 7 أشهر.

ومع كونه نقطة دخول وخروج موظفي الإغاثة الإنسانية الدوليين، فهو يشهد أيضاً مرور نحو 100 شاحنة تنقل مواد غذائية، وبشكل خاص الوقود الضروري للبنى التحتية في القطاع المحروم من التغذية بالتيار الكهربائي، بالإضافة إلى المركبات الإنسانية.

أطفال فلسطينيون نازحون يصطفون في رفح للحصول على طعام (أ.ف.ب)

شكوك

تقول إسرائيل إنها تبحث عن شريك لإعادة فتح أبواب رفح، وهو مسعى معقد؛ لأن السيطرة على المعبر تنطوي على رهانات سياسية واستراتيجية.

وغداة الاستيلاء الإسرائيلي، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن الدولة العبرية بدأت مفاوضات مع مصر والولايات المتحدة لتكليف شركة أميركية خاصة بإدارة المعبر.

ويثير هذا المشروع الذي تؤكد واشنطن عدم علمها به، شكوكاً لدى عدد من المحللين الذين يعتقدون أن الفصائل الفلسطينية لن تقبل به، وسيحيل المعبر هدفاً لها، ما يجعل استخدامه مستحيلاً.

ومنذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية في رفح، تبنت «حماس» هجمات عدة بقذائف «الهاون» في اتجاه المعبر.

وذكرت تقارير صحافية، الأربعاء، أن القاهرة رفضت اقتراحاً إسرائيلياً بإعادة فتح المعبر، والمشاركة في تشغيله، متضمناً انسحاباً يبقى نظرياً، إلى حد كبير، للقوات الإسرائيلية.

وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية والفلسطينية عن مقترح إسرائيلي آخر يقضي بتسليم المعبر رسمياً للسلطة الفلسطينية، على أن تفوّض العمليات إلى جهة فلسطينية محايدة، مثل «جمعية الهلال الأحمر»، لكن السلطة الفلسطينية رفضت الأمر، مشيرة إلى أنها لن تستعيد السيطرة على المعبر إلا بسلطتها الكاملة.

«طوارئ إنسانية»

بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في 2005، نصت «اتفاقية حركة التنقل والوصول» التي رعتها واشنطن إلى حد كبير، على منح السلطة الفلسطينية حق السيطرة على معبر رفح بإشراف درك من بعثة الاتحاد الأوروبي، مع ضمان حق إسرائيل في التفتيش.

وقال مصدر أوروبي في القدس لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه جرى أيضاً طلب ذلك من بعثة الاتحاد الأوروبي التي ردت بأنها ترفض المشاركة في العمليات عند المعبر ما لم تشارك السلطة الفلسطينية؛ وذلك تطبيقاً للآلية الموضوعة بهذا الصدد في 2005.

وأكد دبلوماسي من دول التكتل الأوروبي في تل أبيب، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه جرت استشارة سفارته حول مصير المعبر في المستقبل القريب.

وقال: «يبدو لي أنه من غير المحتمل أن نتدخل بشكل مباشر»، متحدثاً عن فجوة بين المهمة المعقدة لإنشاء بعثة أوروبية في المعبر، وحال «الطوارئ الإنسانية» الراهنة التي تعدها بلاده من «مسؤولية إسرائيل».

يمكن للأمم المتحدة أن تكون شريكاً مثالياً في هذه العملية؛ فرغم أن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لم تقم بإدارة المنفذ الحدودي قط، فإنه سبق لها أن أدت دوراً مهماً في إدارة عبور المساعدات منه، ولكن يصعب أن يكون ذلك محل قبول إسرائيلي؛ إذ وجَّهت الدولة العبرية وابلاً من الانتقادات للوكالة، واتهمها مسؤولون وشخصيات عامة بالتواطؤ مع «حماس»، وهو ما تنفيه «الأونروا».


ارتفاع حصيلة القتلى في غزة إلى 35 ألفاً و562 منذ اندلاع الحرب

فلسطينيون يبكون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في قصف إسرائيلي خلال الليل في عيادة في حي تل السلطان في رفح بجنوب غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يبكون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في قصف إسرائيلي خلال الليل في عيادة في حي تل السلطان في رفح بجنوب غزة (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع حصيلة القتلى في غزة إلى 35 ألفاً و562 منذ اندلاع الحرب

فلسطينيون يبكون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في قصف إسرائيلي خلال الليل في عيادة في حي تل السلطان في رفح بجنوب غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يبكون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في قصف إسرائيلي خلال الليل في عيادة في حي تل السلطان في رفح بجنوب غزة (أ.ف.ب)

أفادت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» اليوم الاثنين بأن حصيلة الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة ارتفعت إلى 35562 قتيلاً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت الوزارة في بيان إنه تم إحصاء «106 شهداء و176 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية»، لافتة إلى أن عدد الجرحى الإجمالي بلغ 79652 منذ بدء المعارك قبل أكثر من سبعة أشهر.

ويواصل الجيش الإسرائيلي ضرب قطاع غزة بغارات جوية وقصف مدفعي مع احتدام المعارك في شمال القطاع المحاصر ومدينة رفح في أقصى الجنوب حيث تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي بتوسيع العمليات البرية. وبعد أسبوعين تقريباً منذ بدء العملية الإسرائيلية في رفح، أعلنت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 810 آلاف فلسطيني من المدينة.


6 قتلى من مجموعات موالية لطهران في ضربات إسرائيلية وسط سوريا

مجموعات مسلحة موالية لإيران في سوريا (أرشيفية - رويترز)
مجموعات مسلحة موالية لإيران في سوريا (أرشيفية - رويترز)
TT

6 قتلى من مجموعات موالية لطهران في ضربات إسرائيلية وسط سوريا

مجموعات مسلحة موالية لإيران في سوريا (أرشيفية - رويترز)
مجموعات مسلحة موالية لإيران في سوريا (أرشيفية - رويترز)

قتل ستة مقاتلين على الأقل من مجموعات موالية لطهران، اليوم (الاثنين)، جرَّاء ضربات إسرائيلية على وسط سوريا، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

وذكر «المرصد» أن ضربات إسرائيلية استهدفت مقراً لـ«حزب الله» اللبناني في منطقة القصير في محافظة حمص قرب الحدود مع لبنان، مما أسفر عن ستة قتلى، لم يتمكن من تحديد جنسياتهم بعد، بينما طالت ضربة أخرى مقراً تستخدمه مجموعات موالية لطهران جنوب مدينة حمص.


«الأونروا»: نزوح أكثر من 810 آلاف فلسطيني من رفح منذ إصدار أوامر بالإخلاء

أطفال فلسطينيون نازحون يصطفّون للحصول على الطعام في رفح (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون نازحون يصطفّون للحصول على الطعام في رفح (أ.ف.ب)
TT

«الأونروا»: نزوح أكثر من 810 آلاف فلسطيني من رفح منذ إصدار أوامر بالإخلاء

أطفال فلسطينيون نازحون يصطفّون للحصول على الطعام في رفح (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون نازحون يصطفّون للحصول على الطعام في رفح (أ.ف.ب)

قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، اليوم الاثنين، إن أكثر من 810 آلاف فلسطيني نزحوا من رفح في جنوب قطاع غزة، خلال الأسبوعين الماضيين، بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء.

وقالت الوكالة الأممية، عبر منصة «إكس»: «في كل مرة تشرد فيها عائلات، تتعرض حياتها لخطر جسيم، ويضطر الناس لترك كل شيء خلفهم؛ بحثاً عن الأمان»، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأضافت: «لا توجد منطقة آمنة».


إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة

أطفال فلسطينيون بمخيم رفح يوم الأحد في طريقهم لتلقي مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون بمخيم رفح يوم الأحد في طريقهم لتلقي مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستقبل سوليفان بقصف مكثف لغزة

أطفال فلسطينيون بمخيم رفح يوم الأحد في طريقهم لتلقي مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون بمخيم رفح يوم الأحد في طريقهم لتلقي مساعدات غذائية (أ.ف.ب)

استقبلت إسرائيل، مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، أمس، بقصف مكثّف على قطاع غزة أودى بحياة ما يزيد على 70 قتيلاً خلال 24 ساعة، وفق السلطات الصحية بالقطاع. والتقى سوليفان، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، وسط دعوات أميركية لجعل الحملة العسكرية أكثر تركيزاً على الأهداف. وقال البيت الأبيض، قُبيل الاجتماع، إن «من المتوقع أن يضغط سوليفان على إسرائيل لملاحقة مسلحي (حماس) بطريقة محددة الأهداف، وليس عبر هجوم واسع على مدينة رفح (أقصى جنوب غزة)».

وتتوغل إسرائيل في رفح المتاخمة للحدود مع مصر، وتزعم تل أبيب أن المدينة معقل أخير لـ«حماس»، بينما لا تزال تدور معارك كبيرة بين الجيش الإسرائيلي وعناصر «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لـ«حماس»، في شمال ووسط غزة.

في غضون ذلك، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أن ما يحدث في القطاع «أمر مفجع، وأزمة إنسانية لا بد من وقفها». وقال في خطاب في جورجيا، أمس: «نحتاج إلى جهد دولي للحصول على المزيد من المساعدة لإعادة بناء غزة، وأنا أعمل على مدار الساعة من أجل وقف إطلاق النار، وبناء سلام دائم (...) والتأكد من مسار لحل الدولتين».

من جهة أخرى، قال المفوض العام لوكالة «أونروا» فيليب لازاريني، أمس، إن موظفي الوكالة تعرضوا للاعتقال والتعذيب من جانب إسرائيل، وأُجبروا على الاعتراف بجرائم لم يقترفوها.


السوريون المنسيون وسط البادية يناشدون العالم إنقاذهم

نازحون سوريون يتظاهرون في 17 مايو للمطالبة بالتدخل الدولي للمساعدة في تخفيف وضعهم في مخيم الركبان جنوب سوريا عند الحدود مع العراق والأردن (المنظمة السورية للطوارئ - أ.ف.ب)
نازحون سوريون يتظاهرون في 17 مايو للمطالبة بالتدخل الدولي للمساعدة في تخفيف وضعهم في مخيم الركبان جنوب سوريا عند الحدود مع العراق والأردن (المنظمة السورية للطوارئ - أ.ف.ب)
TT

السوريون المنسيون وسط البادية يناشدون العالم إنقاذهم

نازحون سوريون يتظاهرون في 17 مايو للمطالبة بالتدخل الدولي للمساعدة في تخفيف وضعهم في مخيم الركبان جنوب سوريا عند الحدود مع العراق والأردن (المنظمة السورية للطوارئ - أ.ف.ب)
نازحون سوريون يتظاهرون في 17 مايو للمطالبة بالتدخل الدولي للمساعدة في تخفيف وضعهم في مخيم الركبان جنوب سوريا عند الحدود مع العراق والأردن (المنظمة السورية للطوارئ - أ.ف.ب)

عام 2016، فرّ خالد من وسط سوريا هرباً من المعارك، معتقداً أنه سيعود خلال أسابيع، إلا أن ثماني سنوات مرّت وهو ما زال عالقاً داخل مخيم منسي وسط ظروف معيشية قاهرة في منطقة صحراوية قاحلة.

يقع مخيم الركبان عند مثلث الحدود السورية مع العراق والأردن، ضمن منطقة أمنية بقطر 55 كيلومتراً أقامها التحالف الدولي لمكافحة «داعش» الذي تقوده واشنطن، وأنشأ فيها قاعدة التنف حيث تنتشر قوات أميركية.

يؤوي المخيم حالياً نحو ثمانية آلاف شخص، وهو معزول تماماً عن المناطق المجاورة التي تسيطر عليها القوات الحكومية السورية.

أطفال سوريون نازحون يلهون قرب مكب للقمامة في مخيم الركبان جنوب سوريا قرب الحدود مع العراق والأردن في 17 مايو (المنظمة السورية للطوارئ - أ.ف.ب)

ونادراً ما تسمح دمشق بدخول المساعدات إليه، فيما أغلقت الدولتان المجاورتان، العراق والأردن، حدودهما المحاذية.

يقول خالد (50 عاماً) عبر الهاتف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، متحفظاً عن ذكر شهرته لأسباب أمنية: «نحن محبوسون بين ثلاث دول: الأردن والعراق وسوريا».

يضيف: «الأردن والعراق لا يسمحان بدخولنا، وفي سوريا نحن مطلوبون».

صورة نشرتها المنظمة السورية للطوارئ (SETF) لأطفال نازحين في مخيم الركبان المعزول جنوب سوريا على الحدود مع العراق والأردن يطالبون بالتدخل الدولي للمساعدة في تخفيف وضعهم (أ.ف.ب)

أنشئ المخيم عام 2014 في خضم الحرب في سوريا، وشكّل ملاذاً لسوريين فرّوا من انتهاكات تنظيم «داعش» وقصف القوات الحكومية، آملين بالعبور إلى الأردن.

وفي الذروة، أوى «الركبان» أكثر من مائة ألف شخص. لكن عشرات الآلاف غادروه على مرّ السنوات، لا سيما بعدما أغلق الأردن حدوده عام 2016، ما أرغم كثراً على العودة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، هرباً من الجوع والفقر ونقص الخدمات الطبية.

وسهّلت الأمم المتحدة منذ عام 2019 عودة المئات إلى مناطقهم، بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوري.

وفي تقرير نشرته عقب إرسال آخر قافلة مساعدات إلى المخيم عام 2019، وصفت المنظمة الدولية الأوضاع فيه بالـ«مزرية»، مع موقعه «في أرض محايدة وافتقاره للخدمات». ومذاك، لم تُرسل أي قافلة مساعدات إلى الركبان.

ويعيش قاطنو المخيم حالياً في غرف طينية داخل المخيم. ويعتمدون في معيشتهم بالدرجة الأولى على مواد غذائية وحاجيات تهرّب بأسعار مرتفعة، كما يقول عدد منهم لـ«الوكالة الفرنسية».

أطفال سوريون نازحون يلهون قرب بيوت من الطين في مخيم الركبان 17 مايو (المنظمة السورية للطوارئ - أ.ف.ب)

لكن وتيرة التهريب إلى المخيم تراجعت منذ نحو الشهر، مع تشديد الإجراءات عند الحواجز الحكومية على الطرق المؤدية إليه. يقول خالد: «تأكل بناتي الخبز المغمّس بالشاي. ينفد الأكل من المخيم».

وتعتاش غالبية العائلات، وفق ما يشرح محمد درباس الخالدي، الذي يترأس المجلس المحلي في المخيم، من مساعدات مالية تأتيهم عن طريق التهريب، أو من رواتب نحو 500 رجل يعملون مع الأميركيين في قاعدة التنف مقابل نحو 400 دولار شهرياً.

سكان «مخيم الركبان» متجمعون داخل خيمة (حساب إكس)

يقول الخالدي، وهو أب لـ14 طفلاً: «لولا خوفي على نفسي وعلى أولادي، ما كنت لأبقى هنا في الصحراء»، موضحاً أنه مطلوب من الحكومة لانخراطه في تهريب عسكريين منشقين عن الجيش، عند اندلاع النزاع في سوريا عام 2011.

ويخشى كثر من سكان المخيم تعرضهم في حال مغادرتهم للملاحقة من السلطات، أو إرغامهم على الخدمة العسكرية.

ويقول الخالدي إن السبيل الوحيدة «لإنقاذ من تبقى منهم من الموت»، هو إجلاؤهم إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة في شمال غربي وشمال شرقي سوريا، مشيراً إلى أن العديد ممن ذهبوا إلى مناطق تحت سيطرة الحكومة، انتهى بهم المطاف في السجون.

ولا يفد إلى المخيم إلا عشرات السوريين الذين يرحّلهم الأردن سنوياً بعد الإفراج عنهم، بحسب المجلس المحلي في الركبان والمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وبحسب المجلس المحلي، وفد من الأردن نحو 24 سورياً منذ مطلع هذا العام، معظمهم لاجئون حوكموا بجرائم مختلفة بينها تهريب المخدرات أو تعاطيها.

ويقول محمد الخالدي (38 عاماً) الذي كان موقوفاً في الأردن بتهم مخدرات، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه يخشى الاعتقال لو عاد إلى حمص التي غادرها قبل عقدٍ، وتقع حالياً تحت سيطرة الحكومة.

يضيف: «أقاربي في الأردن، ولم يبقَ لي أحد في سوريا، منهم من قتل، ومنهم من غادر سوريا. وبيوتنا في حمص تهدّمت».

أشبه بسجن

ورداً على سؤال من «وكالة الصحافة الفرنسية» حول ترحيل لاجئين، نفى مسؤول حكومي أردني أن تكون بلاده ترغمهم على العودة.

وقال هذا المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إن «الأردن لم ولن يجبر أي لاجئ سوري على العودة إلى سوريا».

أضاف: «مسألة قاطني مخيم الركبان القريب من الحدود السورية الأردنية، هي مسألة دولية وسورية، فهم سوريون والمخيم موجود على أرض سوريا، وبالتالي الأوجب مساعدتهم على العودة إلى مناطقهم في سوريا».

مشفى شام الطبي في مخيم الركبان قرب الحدود السورية الأردنية (موقع حصار الإعلامي)

ويخاطر عدد من سكان المخيم بحياتهم من أجل تلقي العلاج خارجه، مع تضاؤل خدمات الرعاية الطبية فيه. ويقول بعضهم إن تكلفة الوصول إلى مستشفى عبر طرق التهريب تلامس 1600 دولار، من دون احتساب تكاليف العلاج.

يشرح المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ (SETF)، معاذ مصطفى، الذي زار المخيم في وقت سابق هذا العام إن «شروط الحياة فيه هي الأسوأ».

ويقول: «أبرز ما يحتاجون إليه قبل الطعام، هو الأطباء»، مشيراً إلى حالات معقدة تحتاج تدخلاً طبياً من مختصين على غرار عمليات الولادة القيصرية.

قاعدة التنف الأميركية جنوب سوريا (أرشيفية - رويترز)

وتمكّنت المنظمة ومقرّها واشنطن، من نقل مساعدات جواً، إلى المخيم، بمساعدة من القوات الأميركية المتمركزة في التنف.

وبعدما تمكّن من جمع تبرعات، خرج محمد (22 عاماً) من المخيم إلى مدينة حمص حيث خضع لعملية جراحية قبل عامين.

وهرباً من الخدمة العسكرية، لجأ إلى لبنان حيث يعيش رغم الانهيار الاقتصادي الذي تعانيه البلاد منذ خريف 2019، وتصاعد الخطاب المعادي للاجئين بين الحين والآخر.

يقول بحزم: «أي مكان على وجه الأرض أفضل لي من العيش في الركبان»، حيث لا تزال والدته وشقيقاه، وهم غير قادرين على تحمّل تكلفة مغادرة المخيم بمعية مهربين، ويخشون في الوقت ذاته من التوجه إلى مناطق سيطرة الحكومة.

يضيف الشاب: «يدرك أهلي أنهم لن يخرجوا، وأن مصيرهم على غرار مصير من بقي في الركبان. هم حتى لا يفكرون بالخروج»، متابعاً: «المخيم أشبه بسجن، لا يمكن الخروج منه».


لبنان لـ«مفوضية اللاجئين»: سنطبق القانون

عنصر أمني لبناني يواكب قافلة عودة نازحين سوريين بشكل طوعي من شرق لبنان (إ.ب.أ)
عنصر أمني لبناني يواكب قافلة عودة نازحين سوريين بشكل طوعي من شرق لبنان (إ.ب.أ)
TT

لبنان لـ«مفوضية اللاجئين»: سنطبق القانون

عنصر أمني لبناني يواكب قافلة عودة نازحين سوريين بشكل طوعي من شرق لبنان (إ.ب.أ)
عنصر أمني لبناني يواكب قافلة عودة نازحين سوريين بشكل طوعي من شرق لبنان (إ.ب.أ)

تعهدت وزارة الداخلية اللبنانية بـ«تطبيق القانون» بحق المقيمين بطريقة غير قانونية في لبنان، بمعزل عن الرسالة التي وجَّهها ممثل مكتب المفوضية السامية للاجئين في لبنان إيفو فرايسن إلى الوزير بسام مولوي، وطلب فيها من الوزارة «التدخل لوقف عمليات الإخلاء الجماعية المستمرة» لنازحين سوريين، متهماً السلطات اللبنانية بتنفيذ عمليات إخلاء قسرية.

وهذا ما دفع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى انتقاد المفوضية، ومطالبة السلطات بـ«اتخاذ الإجراءات القانونية» بحق ممثلها لدى لبنان.

وكان مولوي قد تلقى، الجمعة الماضي، رسالة من فرايسن، أعرب فيها الأخير عن قلقه جراء «الزيادة الكبيرة في عدد التدابير الإدارية التي تؤثر في إقامة النازحين السوريين في جميع أنحاء لبنان». وتوقف في الرسالة عند اعتماد بعض البلديات «إجراءات صارمة أسفرت عن زيادة المعاناة الإنسانية للعائلات السورية النازحة إلى لبنان» التي يقيم كثير منها منذ سنوات.

وتنفذ السلطات المحلية مطالب الحكومة اللبنانية الداعية إلى «التشدّد بتطبيق القوانين لجهة ترحيل السوريين الذين يقيمون في لبنان بطريقة غير شرعية». وأصدرت وزارة الداخلية في وقت سابق سلسلة تعاميم للقيام بمسح شامل بالنسبة للوجود السوري، والتشدّد بتطبيق القانون، وإغلاق المحال المخالفة، وإحالة المخالفين إلى القضاء.

عناصر من الأمن العام يغلقون محال تجارية يديرها سوريون لا يحوزون أوراقاً قانونية (أ.ب)

رسالة المفوضية

وتشير الرسالة التي اطلعت «الشرق الأوسط» على مضمونها، إلى أن المفوضية أُبلغت بنحو 100 إجراء بلدي يستهدف النازحين في شهر أبريل (نيسان) الماضي، كما تحدثت عن تلقي المفوضية 1022 اتصالاً في أول أسبوعين من الشهر الحالي بشأن التحديات التي يواجهها النازحون السوريون على الأرض. كما تشير الرسالة إلى تنفيذ 12 بلدية توجيهات محافظ الشمال التي تشمل فرض قيود على التجمعات، واستخدام المركبات والدراجات النارية من دون رخص، وتطبيق منع التجول.

وتتحدث الرسالة عن أن المفوضية أُبلغت بإشعارات إخلاء تلقاها نازحون سوريون صادرة عن بلديات، وتلفت إلى وجود «مخطط لإخلاء جميع اللاجئين من منطقة الكورة بشكل قسري؛ ما يؤثر في نحو 2000 شخص» يقيمون في المنطقة، وتشير إلى أن الأطر المحلية التي تنظم عمليات الإخلاء القانوني «تنص على أن تجري عمليات الإخلاء بتكليف من المحكمة».

ودعت المفوضية إلى وجوب إعطاء «أولوية لحماية ورفاهية الأشخاص الأكثر ضعفاً» في أي تدابير متَّخذة، وأعربت عن قلقها «إزاء عمليات الإخلاء القسرية في ظل الظروف الحالية» التي «ستكون لها تداعيات إنسانية خطيرة»، وأرادت من وزارة الداخلية «التدخل من أجل وقف عمليات الإخلاء الجماعية المستمرة»، وأبدت استعدادها «للبحث معاً عن حلول بديلة تدعم حقوق وكرامة جميع الأشخاص المعنيين من خلال تحديد أماكن بديلة يمكن للاجئين الانتقال إليها».

عناصر من الأمن العام اللبناني يشرفون على رحلة العودة الطوعية للنازحين السوريين من لبنان إلى سوريا (أ.ب)

وزارة الداخلية

وبمعزل عن الرسالة، تمضي وزارة الداخلية بتطبيق القانون، وقالت مصادر وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» إن الوزير «لن يرد أبداً» على رسالة ممثل المفوضية، وإنه «سيطبق القانون»، مشددة على أن «لبنان بلد ذو سيادة».

وكان مولوي قد أكد مراراً أنه سيستمر بتطبيق القانون، وينفذ إجراءات لتنظيم الوجود السوري «غير الشرعي»، وهي إجراءات دعت الحكومة اللبنانية لتطبيقها، وحازت دعم وتأييد البرلمان في الجلسة الأخيرة التي عُقدت يوم الأربعاء الماضي، وأوصى خلالها البرلمان بـ«إعادة الداخلين والمقيمين السوريين غير الشرعيين في لبنان إلى بلدهم، خلال مدة أقصاها سنة»، وذلك التزاماً بالدستور والقوانين والاتفاقية بين لبنان ومفوضية اللاجئين.

جعجع

وأثارت رسالة ممثل المفوضية انتقادات سياسية عبّر عنها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بالقول إنه «من المؤسف جداً الدرك الذي أوصلت الشرعية اللبنانية نفسها إليه، إلى حد مكّن رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين لدى لبنان، ومن دون أن يرف له جفن، من أن يوجِّه كتاباً إلى وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي يطلب فيه (وقف الممارسات اللاإنسانية)، كما سماها، وأن تتراجع الإدارات الرسمية اللبنانية عن التدابير التي اتخذتها بحق اللاجئين السوريين غير الشرعيين، كأنه أصبح صاحب البيت وأصبحنا ضيوفاً عنده».

وأضاف في بيان: «لن نقبل بما قام ويقوم به رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين، فالأرض أرضنا والبلاد بلادنا، والسيادة في هذه البلاد هي للشعب اللبناني والدولة اللبنانية، وليس في إمكانه التذرُّع بالاعتبارات الإنسانية، لأنه ليس من شعب في العالم تعاطف مع اللاجئين أكثر من الشعب اللبناني، ولا التذرُّع بالاعتبارات الدولية، لأن مذكرة التفاهم الموقعة بين الدولة اللبنانية والأمم المتحدة في عام 2003 واضحة، ولا تحتمل التأويل».

وتابع: «إذا كان قلب رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين يتألّم لأوضاع اللاجئين غير الشرعيين في لبنان، فما عليه إلا نقلهم إلى بلاده وممارسة مختلف أنواع التعاطف الإنساني معهم 13 سنة مقبلة مقابل السنوات الـ13 الماضية من تعاطف اللبنانيين معهم».

وطالب جعجع وزير الداخلية، «بصراحة ووضوح كلّيين، باتخاذ الإجراءات القانونية الممكنة كافة بحق رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين لدى لبنان بعدما تخطى حدوده قانونياً وفي المجالات كلها، إن بتوزيعه بطاقات لجوء على السوريين في لبنان خلافاً لمذكرة عام 2003، أو بتعامله مع المهاجرين غير الشرعيين كما لو كانوا لاجئين وتوزيع المساعدات عليهم، أم بتجاهله مرور السنة التي تنص عليها مذكرة التفاهم، وتالياً ضرورة رحيلهم لا بقائهم».

ودعا جعجع وزير الداخلية إلى «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة بحق رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين لدى لبنان بسبب انتهاكه السيادة اللبنانية، وتدخله في تطبيق القوانين اللبنانية على الأراضي اللبنانية محاولاً عرقلة التدابير والإجراءات التي اتخذتها الإدارات اللبنانية الرسمية بهدف الحفاظ على الأمن والاستقرار وتطبيق القوانين المتَّبَعة في لبنان».


إسرائيل تهدد باجتياح جنوب لبنان إذا لم يستجب «حزب الله» لـ«الإنذار الأخير»

جنود من بعثة «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية الإسرائيلية (د.ب.أ)
جنود من بعثة «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية الإسرائيلية (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تهدد باجتياح جنوب لبنان إذا لم يستجب «حزب الله» لـ«الإنذار الأخير»

جنود من بعثة «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية الإسرائيلية (د.ب.أ)
جنود من بعثة «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية الإسرائيلية (د.ب.أ)

تجددت التهديدات الإسرائيلية باجتياح جنوب لبنان، «في حال لم يستجب (حزب الله) للإنذار الأخير»، وذلك في أعقاب الكشف عن رسائل إسرائيلية إلى الولايات المتحدة ولبنان عبرت فيها عن أن «صبرها ينفد»، وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، وسط تبادل متواصل لإطلاق النار على ضفتي الحدود في جنوب لبنان.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الأحد، عن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، قوله إنه «سيتعيّن على الجيش السيطرة على جنوب لبنان، إذا لم يستجب (حزب الله) للإنذار الأخير». وقال الوزير الإسرائيلي، في مؤتمر صحافي بشمال إسرائيل: «لكي يعود سكان الشمال إلى واقع أمني مختلف ويستمتعوا بنوم هادئ ليلاً، يجب أن تنتهي هذه الحرب بهزيمة عسكرية حاسمة لـ(حزب الله)».

وأضاف أنه يتعيّن «إنشاء منطقة أمنية يبقى فيها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان»، وتوجيه إنذار نهائي لـ«حزب الله» بشأن سكان الشمال، في حين نقلت القناة 12 عنه قوله: «إننا في طريقنا إلى الحرب مع (حزب الله)، هي أمر لا مفر منه».

من جهة أخرى، نقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر عسكرية قولها إن «الجيش الإسرائيلي جاهز لشن هجمات ضد (حزب الله)». وقالت المصادر للصحيفة إنه «خلال الحرب في غزة، أبقينا دائماً احتياطي ذخائر وقوات بالإمكان بواسطتها المناورة في لبنان. والقتال في لبنان يتطلب من الجيش الإسرائيلي استخدام كثير جداً من النيران واجتياحاً سريعاً إلى داخل لبنان».

جنود لبنانيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية في كفرحمام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ردع عن الحرب

وفي المقابل، يرى «حزب الله» أن المعارك التي يخوضها في الجنوب تسعى لردع إسرائيل عن شن معركة ضد لبنان. وقال عضو كتلة «حزب الله» البرلمانية (الوفاء للمقاومة)، النائب حسن عز الدين: «لدينا مهمتان على جبهتنا الجنوبية؛ الأولى وهي نصرة غزة والمقاومة في فلسطين، والثانية ردع العدو عن عدوان واسع وشامل على بلدنا وسيادتنا واستقلالنا وثرواتنا، وهذا ما تحققه المقاومة الإسلامية في لبنان مع سائر الفصائل المقاوِمة معها، وبالتالي لن نتراجع عن هذه المهمة والواجب الوطني حتى وقف إطلاق النار في غزة وتحقيق النصر».

من جهته، قال رئيس كتلة الحزب البرلمانية، النائب محمد رعد، إن «المقاومة تُصعّد من عملياتها ضد العدو الإسرائيلي بمقدار، من أجل أن تحفظ معادلة الردع، حتى لا يتوهّم العدو، ولو لبُرهة، أنه أصبح قادراً ومهيّأ من أجل الانقضاض على لبنان وتحقيق أوهامه فيه، وبالتالي نحن سنخرج منتصرين حين نحبط أهداف العدو».

تصعيد متواصل

يأتي ذلك في ظل تصعيد متواصل منذ أسبوع. وبعدما أعلن الحزب عن 14 عملية عسكرية، يوم السبت، نفّذها ضد أهداف إسرائيلية، أعلن، يوم الأحد، عن 5 عمليات حتى فترة بعد الظهر، بينها «عملية نوعية». وقال الحزب، في بيانات متتالية، إنه «بعد رصد دقيق وترقب لقوات العدو الإسرائيلي في ‏موقع المالكية، وعند دخول جيب عسكري من نوع (همر) إليه، استهدفه مجاهدو المقاومة الإسلامية بصاروخ ‏مُوجّه أصابه إصابة مباشرة، وتم تدميره وإيقاع طاقمه بين قتيل وجريح، وبعد تجمع جنود العدو لتفقُّد ‏الإصابات، استهدفهم المجاهدون بقذائف المدفعية وحققوا فيهم إصابات مؤكدة»، كما تحدّث عن استهدافات لمواقع الراهب، والرمثا، وراميا، وجل العلام.

وفي المقابل، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على بلدة مارون الراس في قضاء بنت جبيل. وأفادت «الوكالة الوطنية» الرسمية اللبنانية بأن الجيش الإسرائيلي أطلق قذائف فوسفورية على بلدة ميس الجبل، قرب مستشفى ميس الجبل الحكومي، مما تسبّب باندلاع حريق بالمكان، امتد وتوسع بسرعة بسبب الرياح. كما شن الطيران الإسرائيلي غارة على أطراف بلدة بيت ليف.

وتزامناً، قصفت المدفعية الإسرائيلية محيط بلدتي علما الشعب والناقورة بقذائف متتالية، وأفيد بإطلاق قذائف على أطراف بلدة حولا، مما تسبّب باندلاع حريق بالمكان.


بعد تغييرات أمنية وحزبية... هل دمشق مقبلة على تغييرات فعلية؟

مئات المتظاهرين في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء الجمعة الماضي (السويداء 24)
مئات المتظاهرين في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء الجمعة الماضي (السويداء 24)
TT

بعد تغييرات أمنية وحزبية... هل دمشق مقبلة على تغييرات فعلية؟

مئات المتظاهرين في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء الجمعة الماضي (السويداء 24)
مئات المتظاهرين في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء الجمعة الماضي (السويداء 24)

يبدأ غداً (الاثنين) تقديم طلبات الترشيح لعضوية مجلس الشعب إلى لجان الترشيح بالمحافظات، التي تستمر لمدة أسبوع كامل بما فيها أيام العطل الرسمية، وفق بيان صادر عن رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات القاضي جهاد مراد، اليوم الأحد.

من جانبها، أعلنت وزارة الداخلية في دمشق استمرار إدارة الأمن الجنائي وفروعها بالمحافظات والإدارة العامة للشؤون المدنية ومديرياتها في المحافظات، بالعمل من الساعة 8 صباحاً حتى الساعة 6 مساءً، بدءاً من 20 مايو (أيار) الجاري ولغاية 26 منه، لتقديم طلبات الراغبين بالترشح للدور التشريعي الرابع لانتخابات مجلس الشعب. جاء ذلك، بعد أيام من تحديد موعد انتخابات مجلس الشعب السوري للدور التشريعي الرابع.

حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

وتروج تقارير إعلامية مقربة من الحكومة لحملة تغييرات تجريها دمشق منذ بداية العام، حيث إنه من المنتظر إجراء تغيير حكومي بعد الانتخابات التشريعية، قد يحمل معه إلغاء وزارات وإحداث وزارات جديدة. إلا أن مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن التغييرات الجارية، ورغم ما تبدو عليه من أهمية مثل إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والحزبية لا سيما تلك التي تعنى بمتابعة الشأن الاقتصادي، هي تغييرات ستبقى شكلية ولن تحدث التغيير الذي يأمله السوريون، الذي ينعكس إيجاباً على الوضع المعيشي ومعالجة التدهور الاقتصادي، وهذا أمر غير ممكن راهناً؛ لأن المشكلة ليست في هذه الحكومة أو تلك، إنما في واقع فرضته الأزمة السورية منذ ربيع 2011، والعلاقة مع الحلفاء والعقوبات الدولية.

سوريون داخل شاحنة تحمل أمتعتهم استعداداً لمغادرة منطقة عرسال شرق لبنان 15 مايو ضمن العودة الطوعية إلى سوريا (إ.ب.أ)

تضيف المصادر أن تداعيات السنوات الماضية وما تسببت فيه من شح بالموارد وتعطل في عجلة الاقتصاد، «أسهمت إلى حد بعيد في ازدهار بيئة اقتصاد الفساد والمافيات».

وتزايدت في الفترة الأخيرة الانتقادات الموجهة للحكومة تمهيداً لتغيير قادم، وكتبت جريدة «البعث»، اليوم الأحد، نقلاً عن خبير اقتصادي، أن «القرارات الحكومية في سوريا الصادرة في الفترة الأخيرة، تساهم في زيادة التضخم وانخفاض القوة الشرائية لـ(الليرة السورية)».

اللواء علي المملوك مع الرئيس بشار الأسد (أرشيفية)

وكان الرئيس السوري بشار الأسد، قد أصدر السبت، مرسوماً بتحديد 15 يوليو (تموز) المقبل موعداً لانتخابات أعضاء مجلس الشعب. كما حدد المرسوم عدد أعضاء مجلس الشعب المخصص لكل من قطاع العمال والفلاحين وباقي فئات الشعب في الدوائر الانتخابية.

وتعد الانتخابات القادمة هي الرابعة منذ عام 2011 الذي شهد احتجاجات شعبية قبل اندلاع الحرب بين أطراف عديدة. كما أنها تعد الانتخابات التشريعية الثانية التي تجري في ظل قانون العقوبات الاقتصادية (قيصر)، الذي أسهم بشكل خاص في تدهور الوضع وتفاقم الأزمات المعيشية.

اجتماع إحدى لجان حزب البعث في دمشق مؤخراً (حساب رسمي)

وتفيد تقارير إعلامية مقربة من السلطة بأن سوريا مقبلة على تغييرات كبيرة انطلقت بداية العام الجاري، مع تغييرات أمنية عديدة، أبرزها تعيين اللواء علي مملوك مستشاراً للشؤون الأمنية في الأمانة العامة للرئاسة التي أحدثت بداية العام، وتعيين اللواء كمال الحسن رئيساً لشعبة المخابرات العسكرية خلفاً للواء كفاح ملحم، الذي تسلم رئاسة مكتب الأمن الوطني خلفاً للواء مملوك.

كما جرى إلغاء أفرع وأقسام أمنية معنية باقتصاد القطاعين العام والخاص، مع توزيع كوادرها على أفرع أخرى، وحل فرع الدوريات في شعبة المخابرات العسكرية وأقسام التحقيق في رئاسة الشعبة، ونقلها بكوادرها وملفاتها إلى فرع التحقيق العسكري، ضمن عملية إعادة هيكلة للأجهزة الأمنية وتطوير التنسيق بينها، وفق ما أفاد به بيان صدر بعد اجتماع الرئيس السوري مع قادة الأجهزة الأمنية في الجيش والقوات المسلحة جرى خلاله وضع «خريطة طريق أمنية».

ترافقت تلك القرارات الأمنية وتغيير بعض القيادات مع انتخابات أجراها حزب البعث لأعضاء القيادة واللجنة المركزية في الحزب، في إطار إعادة «تموضع» للحزب ودوره في السلطة. وقد أعقب الانتخابات الحزبية تغييرات جديدة، شملت تعيين أربعة محافظين جدد لمحافظات دير الزور، وريف دمشق، وحماة، والسويداء.

وكان لافتاً تعيين واحد من أبرز الضباط الأمنيين، وهو اللواء أكرم علي محمد، محافظاً للسويداء التي تشهد احتجاجات ضد النظام منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، ما أثار التكهنات حول الطريقة التي تنوي دمشق انتهاجها للتعامل مع الاحتجاجات في السويداء.