تحركات مصرية لحسم ملف «الأسرى» وتسريع وتيرة المساعدات

توقعات بوصول وفد «حماس» إلى القاهرة خلال أيام

موظفو الهلال الأحمر المصري يتعاملون مع المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة في مستودع بالعريش (EPA)
موظفو الهلال الأحمر المصري يتعاملون مع المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة في مستودع بالعريش (EPA)
TT

تحركات مصرية لحسم ملف «الأسرى» وتسريع وتيرة المساعدات

موظفو الهلال الأحمر المصري يتعاملون مع المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة في مستودع بالعريش (EPA)
موظفو الهلال الأحمر المصري يتعاملون مع المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة في مستودع بالعريش (EPA)

تستعد القاهرة لمستوى جديد من التحركات السياسية خلال الأيام المقبلة، وسط توقعات باستقبال وفد من قادة حركة «حماس»، وتكثيف الاتصالات مع الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى تفاهمات أمنية جديدة تفضي إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، إضافة إلى زيادة وتيرة الضغوط المصرية لمضاعفة كميات المساعدات لسكان القطاع، مع تراجع وتيرة المخاوف الأمنية المرتبطة بإجراءات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية.

وكانت مصر نجحت في إدخال عدد أكبر من شاحنات المساعدات الإغاثية إلى القطاع، إذ وصلت إلى قطاع غزة قافلة مكونة من 60 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية لسكان غزة عبر معبر رفح، الاثنين، حسبما ذكرت وسائل إعلام مصرية.

بينما لم يزِدْ عدد شاحنات المساعدات التي وصلت إلى القطاع خلال أسبوع كامل، منذ بدء دخول المساعدات في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي على 74 شاحنة، وفق إفادة سابقة لنائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، لين هاستينغز.

وأكدت تقارير للأمم المتحدة أن قطاع غزة يحتاج إلى 100 شاحنة من المساعدات الطبية والغذائية على الأقل يومياً. وقبل 7 أكتوبر الحالي، كانت تدخل قطاع غزة يومياً نحو 500 شاحنة محملة بمساعدات وسلع أخرى، أهمها الوقود، الذي لا تزال إسرائيل تصر على منع دخوله إلى القطاع بزعم استخدام «حماس» له في صنع أسلحة ومتفجرات، فيما تؤكد مؤسسات أممية توقف كثير من المشافي والمخابز عن العمل جراء نفاد مخزونات الوقود.

وكانت زيادة كميات المساعدات إلى قطاع غزة ضمن أولويات الاتصالات المصرية خلال الأيام الأخيرة، ومن بينها الاتصال الهاتفي بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي جو بايدن، الذي جرى مساء الأحد، وجدد الرئيس المصري خلاله الدعوة إلى ضرورة التوصل إلى هدنة إنسانية فورية لتعزيز الجهود المكثفة التي تقوم بها مصر، بالتعاون مع الأمم المتحدة وكل الأطراف الدولية الفاعلة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لإيصال المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية إلى أهالي قطاع غزة.

وبحسب بيان للرئاسة المصرية، توافق الرئيسان على «أهمية تكثيف الجهود لزيادة المساعدات بشكل ملموس وفعال ومستدام، وبكميات تلبي الاحتياجات الإنسانية لأهالي القطاع الذين يتعرضون لمعاناة هائلة».

على المسار السياسي، تستعد القاهرة لاستقبال وفد من قيادات حركة «حماس»، حسبما أعلنت مصادر فلسطينية، وما ذكره البرلماني المصري مصطفى بكري، في تدوينة له على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، إذ أشار إلى أن وفداً من الحركة «سيزور القاهرة قريباً لبحث الموقف الراهن، خصوصاً قضية الإفراج عن المعتقلين في السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن الرهائن الموجودين لدى حركة حماس».

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس المخابرات المصرية الوزير عباس كامل، الخميس الماضي، تناولا فيه آخر التطورات المتعلقة بقطاع غزة. وأشار بيان لـ«حماس»، إلى أن الاتصال تضمن استعراض الجهود التي تبذلها مصر من أجل ضمان وقف إطلاق النار في غزة وإدخال الاحتياجات العاجلة للشعب الفلسطيني، فيما عبّر هنية عن تقديره لموقف مصر رئاسة وحكومة وشعباً.

وأفرجت حركة «حماس» قبل أسبوع عن أسيرتين مسنتين «لأسباب إنسانية» بعد وساطة مصرية - قطرية، وأعلنت القاهرة في أكثر من مناسبة انفتاحها على أي جهود للوساطة في ملف الأسرى والمحتجزين، وطالبت مراراً بإقرار هدنة إنسانية ووقف لإطلاق النار.

من جانبه، قال أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية في القاهرة الدكتور طارق فهمي، إن الاتصالات المصرية المكثفة «لم تتوقف طيلة أيام الأزمة»، ومن بينها الاتصالات مع القيادات السياسية في حركة «حماس»، مشيراً إلى أن تلك الاتصالات تكثفت مع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية على القطاع، ومع إحكام الحصار على سكانه.

وأضاف فهمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «حماس» تبحث حالياً عن «مسارات جديدة للخروج من الأزمة»، وأن هناك عدة قنوات أساسية للاتصال في هذا الصدد، منها قطر والأمم المتحدة ومصر بطبيعة الحال، التي كان لها إسهام فعال في إيقاف إطلاق النار أكثر من مرة سابقاً، إلا أنه استدرك قائلاً إن «الجميع بمن فيهم (حماس) يدركون أن الأزمة هذه المرة مختلفة تماماً».

ولفت أستاذ العلاقات الدولية إلى أن الاتصالات المصرية - الأميركية «زادت وتيرتها وعمقها خلال الأيام الأخيرة، حيث قدم الأميركيون تعهدات واضحة للقاهرة بعدم تهجير سكان غزة نحو الأراضي المصرية». وأشار إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد وضوحاً أكبر للموقف، وستسعى القاهرة بالتنسيق مع الجانب الأميركي إلى «وضع تفاهمات أمنية جديدة يمكن من خلالها تحقيق تقدم على المسار السياسي وملف الأسرى، الأمر الذي يسهم في نزع فتيل التوتر والتصعيد والحد من احتمالات اتساع رقعة الصراع في المنطقة».

يُذكر أن السيسي أكد خلال الاتصال الهاتفي مع نظيره الأميركي موقف مصر الثابت برفض سياسات العقاب الجماعي والتهجير، مشدداً على أن مصر «لم ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية». فيما أكد بايدن «رفض الولايات المتحدة لنزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم».

دبلوماسياً، تواصلت الاتصالات المصرية مع كثير من الأطراف، إذ أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الساعات الماضية، اتصالات مع وزراء خارجية التشيك وأستراليا وإيطاليا، وتركزت المباحثات الهاتفية حول التصعيد في غزة، وضرورة إنفاذ هدنة إنسانية فورية، ومخاطر توسيع إسرائيل لعملياتها البرية في القطاع، وضرورة تكاتف الجهود الدولية لضمان النفاذ المستدام للمساعدات للتخفيف عن الفلسطينيين.


مقالات ذات صلة

هاليفي يأمر بمواصلة الهجوم في الضفة... وأعنف الاشتباكات في «عش الدبابير»

المشرق العربي قوات إسرائيلية تدخل إلى مخيم جنين للاجئين السبت (إ.ب.أ)

هاليفي يأمر بمواصلة الهجوم في الضفة... وأعنف الاشتباكات في «عش الدبابير»

أوعز رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي بمواصلة الهجوم في الضفة الغربية، في اليوم الرابع للعملية الواسعة، التي بدأها الجيش الإسرائيلي الأربعاء.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي امرأة تحمل طفلاً بينما يفحص الأطباء عدداً من الأطفال في مستشفى ناصر بخان يونس 30 أغسطس 2024 (رويترز) play-circle 01:03

بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة

أعلن مسؤول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، السبت، بدء حملة التلقيح ضد شلل الأطفال وسط قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دمار في دير البلح بوسط قطاع غزة يوم الخميس (إ.ب.أ)

نتنياهو يعرقل صفقة التهدئة ويتمسك بـ«فيلادلفيا»

تتفاقم المخاوف في إسرائيل من استمرار نهج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في عرقلة صفقة التهدئة في قطاع غزة، مع إعلان حكومته تمسكها بالبقاء في محور فيلادلفيا.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي صورة التقطت في 19 مارس 2007 من الجانب المصري لمحور فيلادلفيا (أ.ف.ب)

مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي يصادق على بقاء الجيش في محور فيلادلفيا

قرر مجلس الوزراء الأمني في إسرائيل المصادقة على خرائط تحدد بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا على الجانب الفلسطيني من حدود قطاع غزة مع مصر.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي والدة الطفل عبد الرحمن أبو الجديان أول شخص يصاب بشلل الأطفال بغزة منذ 25 عاماً تعتني به في خيمتهم بدير البلح وسط القطاع (رويترز) play-circle 01:03

إسرائيل و«حماس» توافقان على هدن مؤقتة خلال حملة تطعيمات بغزة

قالت منظمة الصحة العالمية، الخميس، إن إسرائيل و«حماس» وافقتا على 3 هُدن منفصلة مؤقتة للقتال في أماكن محددة بغزة للسماح بتطعيم 640 ألف طفل ضد شلل الأطفال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غالانت: سنواصل ضرب «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال

سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)
سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)
TT

غالانت: سنواصل ضرب «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال

سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)
سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)

جدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تأكيده على مواصلة المواجهات مع «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، في وقت ساد فيه الهدوء الحذر على جبهة جنوب لبنان، الأحد، بعد توتّر شهده مساء السبت.

وقال غالانت، في تصريح له عند الحدود الشمالية: «الثمن الذي ندفعه لن يذهب سدى، وسنواصل ضرب (حزب الله) حتى نعيد سكان الشمال».

ومساءً، ذكرت وسائل إعلام أن رشقة صاروخية كبيرة أطلقت من جنوب لبنان باتجاه الأراضي الإسرائيلية، مع تسجيل انفجار صواريخ اعتراضية في أجواء القطاع الغربي.

وكان قصف متقطع سجل على بلدات جنوبية عدة؛ ما أدى إلى سقوط 4 جرحى، فيما نفذ «حزب الله» عملية مستهدفاً «التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا»، و«دورية للجيش الإسرائيلي قرب حاجز كفريوفال»، و«انتشاراً لجنود إسرائيليين في محيط موقع المرج بالأسلحة الصاروخية».

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن مسيّرة شنت غارة استهدفت بلدة عيتا الشعب؛ ما أدى إلى سقوط 4 جرحى، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية.

وأفادت الصحة أيضاً بأن "الغارة الإسرائيلية المعادية التي استهدفت بلدة بيت ليف، أدت إلى استشهاد شخص وإصابة شخصين بجروح، ومن بين الجريحين سيدة جروحها بليغة".

وأشارت «الوطنية» إلى أن درون إسرائيلية ألقت قنابل 4 مرات، الأحد، بالقرب من الجدار الحدودي في بلدة كفركلا.

وأضافت «الوطنية» أن مسيّرة إسرائيلية ألقت مواد حارقة بالقرب من بلدية العديسة، بالتزامن مع قصف مدفعي على البلدة وعلى أطراف بلدة الوزاني.

وكان مساء السبت شهد توتراً على الجبهة؛ حيث تعرضت أطراف يحمر الشقيف ومجرى النهر عند الأطراف الجنوبية فيها لقصف مدفعي، تسبب في اندلاع النيران التي امتدت إلى مشارف المنازل.

وأفادت «الوكالة» أيضاً بأن مسيّرة إسرائيلية ألقت قنبلة حارقة على أحراج العديسة وأخرى قرب البلدية؛ مما تسبب باندلاع النيران فيها، وللسبب نفسه، تحركت سيارات إطفاء لإخماد حريق كبير شبّ في أطراف بلدة الناقورة جراء إلقاء طائرة درون مواد حارقة في المنطقة، حسب «الوطنية».

ومع ارتباط جبهة الجنوب بالحرب على غزة ومسار مفاوضات الهدنة، يعدُّ رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما» رياض قهوجي الوضع بجبهة الجنوب في هذه المرحلة كما كان عليه منذ أن فتح «حزب الله» جبهة الإسناد في 8 أكتوبر (تشرين الأول)، مع تراجع في مستوى تهديدات «حزب الله». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الاختلاف اليوم هو أن سقف تهديدات قادة (حزب الله) بات أكثر محدودية مع اقتناعهم بأن التصعيد لم يردع إسرائيل بل كان يوفر الذرائع لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لجر الحزب لحرب واسعة لا تريدها إيران».

وفي حين يلفت إلى أن «الرد على اغتيال القيادي فؤاد شكر لم يكن بمستوى التهديدات والتوقعات وسبقه ضربات استباقية عنيفة من جانب إسرائيل»، يشير إلى «الغارات الجوية اليومية للطيران الإسرائيلي وعمليات الاغتيال المستمرة مقابل ضربات للحزب محصورة بمنطقة جغرافية وعدد من المواقع الإسرائيلية قرب الحدود».

جانب من الدمار الذي لحق بمباني ميس الجبل في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

من هنا يرى أن هذا الواقع سيستمر على ما هو عليه بانتظار حل دبلوماسي، تسعى إليه قوى مثل أميركا وفرنسا، سيأتي بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكن السؤال يبقى، حسب قهوجي «ماذا سيفعل الحزب إن تمكنت إسرائيل من اغتيال شخصية قيادية جديدة للحزب أو إذا أصرت إسرائيل على تغيير الواقع العسكري في جنوب لبنان بشكل كبير؟».