مخاوف من صدام بين اللبنانيين والنازحين السوريين

في حال توسع رقعة الحرب

دخان قذائف إسرائيلية يتصاعد على الحدود مع لبنان السبت (أ.ف.ب)
دخان قذائف إسرائيلية يتصاعد على الحدود مع لبنان السبت (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من صدام بين اللبنانيين والنازحين السوريين

دخان قذائف إسرائيلية يتصاعد على الحدود مع لبنان السبت (أ.ف.ب)
دخان قذائف إسرائيلية يتصاعد على الحدود مع لبنان السبت (أ.ف.ب)

تخشى السلطات اللبنانية من صدام بين اللبنانيين والنازحين السوريين، في حال توسعت رقعة الحرب إلى غير المنطقة الحدودية الجنوبية، باعتبار أن الأمكنة المحددة لاستقبال الذين سيتركون منازلهم ستكون محدودة، ويُرجح أن يتسابق اللبنانيون والسوريون عليها.

ويقول مصدر نيابي لبناني معارض لـ«الشرق الأوسط»: «إننا مقبلون على أزمة كبيرة جداً مرتبطة بموضوع النزوح، في حال توسعت رقعة الحرب»، مؤكداً أن الخشية من صدام لبناني- سوري حقيقية، على خلفية التسابق والتنافس على أماكن الإقامة والموارد الأساسية. ويكشف المصدر عن «وجود ضغط من قبل عدد من النواب والوزراء، كي يتم نقل النازحين السوريين في هذه المرحلة إلى مخيمات على الحدود مع سوريا؛ خصوصاً أن توزعهم وانتشارهم من جديد في أمكنة ومواقع جديدة نتيجة هربهم من الحرب المستجدة، سيطيحان بمحاولة جمع (داتا) واضحة بخصوصهم وبخصوص أعدادهم وأماكن وجودهم وسكنهم».

وحتى شهر أغسطس (آب) 2023؛ بلغ عدد النازحين السوريين المسجلين لدى المفوضية في لبنان 795 ألفاً و322 نازحاً، علماً بأن المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كان قد أعلن في عام 2022 عن وجود مليونين و80 ألف نازح سوري في لبنان.

حقائق

59 ألفاً و159 لاجئاً سورياً

مسجلون لدى المفوضية في منطقة الجنوب اللبناني

وحسب الناطقة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان ليزا أبو خالد: «يوجد نحو 59 ألفاً و159 لاجئاً سورياً مسجلين لدى المفوضية في منطقة الجنوب اللبناني. وقد تم وضع خطط الطوارئ للتعامل مع أي تطور للأوضاع»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» استعداد المفوضية لدعم احتياجات النازحين. وتضيف: «يتم حالياً دعم النازحين الذين في الجنوب بمواد الإغاثة الأساسية، بما في ذلك الفرشات والبطانيات».

ولا تنكر ليزا أبو خالد شعور المفوضية بـ«القلق إزاء التقارير التي تفيد بإبعاد العائلات اللاجئة عن بعض القرى والبلدات، خلال محاولتها الانتقال إلى مواقع تعدها أكثر أماناً خلال الأحداث الحالية»، قائلة: «بينما نتفهم الوضع الحساس بالفعل، فإننا نواصل الدعوة إلى تمكين عائلات اللاجئين من البحث عن الأمان في حال تطور الوضع بشكل أكبر».

ونزح نحو 29 ألف شخص في لبنان جراء التصعيد العسكري بين «حزب الله» وإسرائيل في المنطقة الحدودية، تزامناً مع الحرب الدائرة في قطاع غزة، وفق ما أفادت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة الجمعة. وبينما نزح قسم من هؤلاء -وهم أبناء المناطق الجنوبية الحدودية- إلى مناطق جنوبية داخلية، وصلت أعداد صغيرة من العائلات اللبنانية والسورية اللاجئة من الجنوب إلى الشمال ومنطقة جبل لبنان وسهل البقاع.

ووضعت الحكومة اللبنانية والوزارات المعنية خطط طوارئ للتعامل مع احتمال توسع الحرب في لبنان، إلا أن الموارد المالية المحدودة جداً بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية الحادة التي ترزح تحتها البلاد منذ عام 2019، تجعل تطبيق هذه الخطط أمراً غير محسوم.

ويؤكد رئيس اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية، النائب فادي علامة «وجود تواصل مباشر مع المفوضية لتحمل مسؤولياتهم على الصعيدين الاجتماعي والصحي فيما يتعلق بالنازحين»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب أن تسعى إلى «تأمين أمكنة يلجأون إليها بالتعاون مع الدول المانحة؛ لأنه بالكاد يجد اللبنانيون النازحون أمكنة خاصة بعدما أصبحت الإيجارات مرتفعة جداً».

وفي إطار سعيها لتنظيم الوجود السوري في لبنان، كلفت وزارة الداخلية قبل أحداث غزة المحافظات والبلديات بإحصاء النازحين السوريين الموجودين ضمن نطاقها، والتشدد في موضوع مواقع إقامتهم وعمالتهم، ورفع تقارير دورية كل 15 يوماً بالإجراءات التي قامت بها على صعيد قمع المخالفات وإزالة التعديات.

ويشير «محمد ز» (44 عاماً) وهو أحد أبناء صور، إلى أنه يفكر منذ أيام في ترك منزله واستئجار منزل في جبل لبنان، ليمكث هناك هو وعائلته خوفاً من توسع رقعة الحرب في أي لحظة، إلا أن ما يخشاه هو «في حال تطورت الأمور كثيراً، أن يدخل نازحون سوريون إلى المنازل التي تركها أهلها». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الوضع لم يعد يُحتمل. وقد آن أوان عودة السوريين إلى بلدهم. فلا شك أن في سوريا مناطق أكثر أماناً من منطقة الجنوب اللبناني مثلاً. ورغم ذلك لا يزال عشرات الآلاف هنا، ما يؤكد أن نزوحهم ليس بحثاً عن الأمن والأمان، إنما هو نزوح اقتصادي محض».

بالمقابل، تستغرب «هناء م»، (32 عاماً) والتي تعيش نازحةً في إحدى بلدات الجنوب منذ أكثر من 5 سنوات، الهجمة اللبنانية على النازحين، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن هربنا من الموت والحرب، فلحقتنا الحرب إلى هنا، وبالتالي ها نحن في دوامة نزوح لا تنتهي». وتضيف: «ما نريده أن نستقر ونرتاح. وهذا لن يحصل إلا بنقلنا إلى دولة ثالثة غير سوريا ولبنان، دولة في أوروبا أو أستراليا أو أي مكان آخر نبدأ فيه حياة كريمة».


مقالات ذات صلة

عودة 80 % من النازحين اللبنانيين منذ سريان وقف إطلاق النار

المشرق العربي رجل يسير في شارع مدمر في مدينة صور بجنوب لبنان (د.ب.أ)

عودة 80 % من النازحين اللبنانيين منذ سريان وقف إطلاق النار

سجلت حركة عودة النازحين اللبنانيين تزايدا مستمرا ووصلت النسب المئوية لأكثر من 80% منذ دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)

إسرائيل تتوسَّع لبنانياً في «الوقت الضائع»

سعت إسرائيل، أمس (الجمعة)، إلى التوسّع داخل لبنان فيما يمكن وصفه بـ«الوقت الضائع»، بانتظار بدء لجنة المراقبة عملها لتنفيذ اتفاق وقف النار الذي بدأ تنفيذه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص ماكرون يرسم مجدداً خريطة طريق لمساعدة لبنان

خاص ماكرون يرسم مجدداً خريطة طريق لمساعدة لبنان

ملف لبنان على طاولة المباحثات بين الرئيس ماكرون والأمير محمد بن سلمان، ويدعو لوقف كافة انتهاكات اتفاق وقف النار وانتخاب «فوري» لرئيس الجمهورية.

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الطائرة السعودية الإغاثية حملت مواد غذائية وطبية وإيوائية (واس)

قوافل الإغاثة السعودية تواصل التدفق إلى لبنان

واصلت قوافل الإغاثة السعودية التدفق إلى لبنان، إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

عودة 80 % من النازحين اللبنانيين منذ سريان وقف إطلاق النار

رجل يسير في شارع مدمر في مدينة صور بجنوب لبنان (د.ب.أ)
رجل يسير في شارع مدمر في مدينة صور بجنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

عودة 80 % من النازحين اللبنانيين منذ سريان وقف إطلاق النار

رجل يسير في شارع مدمر في مدينة صور بجنوب لبنان (د.ب.أ)
رجل يسير في شارع مدمر في مدينة صور بجنوب لبنان (د.ب.أ)

سجلت حركة عودة النازحين اللبنانيين تزايدا مستمرا ووصلت النسب المئوية لأكثر من 80% منذ دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ يوم الأربعاء الماضي.

ووفق «الوكالة الوطنية للإعلام» اليوم (السبت)، لم تتجاوز نسب العودة إلى القرى الحدودية أكثر من 10%، ويعود ذلك «لاستهدافات واعتداءات العدو الإسرائيلي للعائدين»، وعدم وجود منازل ومبان صالحة للسكن ووجود مخاطر مخلفات الحرب وفقدان الحاجات الضرورية الملحة للعيش في تلك القرى.

وأشارت الوكالة إلى أن الحياة بدأت تأخذ مسارها الصحيح في قرى قضاء صور وبعض قرى مدينة بنت جبيل رغم المآسي، لافتة إلى أن هذه القرى تشهد ورش عمل ناشطة في إزالة الركام والحجارة من الطرقات لتسهيل حركة المرور للسيارات وتأمين الحاجات الضرورية والملحة للأهالي وخاصة المياه والكهرباء.

وطبقا للوكالة، «أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي نيران رشاشاتها الثقيلة ليل أمس في اتجاه بلدة مارون الراس واستهدفت عددا من أحياء مدينة بنت جبيل، منعا للأهالي الذين يسعون لتفقد منازلهم وأرزاقهم»، كما حلق الطيران الاستطلاعي والمسير، قبل منتصف الليل، فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط.

وأوضحت الوكالة أن «هذه الاعتداءات الإسرائيلية ترافقت مع استمرار إطلاق التهديدات العدوانية لمنع الأهالي من الدخول إلى القرى والبلدات المتاخمة للخط الأزرق».

كما حذر الجيش اللبناني والجمعيات الأهلية من مخاطر القنابل العنقودية والصواريخ والقذائف غير المنفجرة التي توجد في محيط الأماكن والمباني المستهدفة.