أطفال غزة الضحية الأكبر في الحرب

أكثر من 3 آلاف طفل قتيل... بايدن يشكك والأمم المتحدة تؤكد

فلسطينيون يعملون على إنقاذ صبي محاصر تحت الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على منزل في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يعملون على إنقاذ صبي محاصر تحت الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على منزل في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

أطفال غزة الضحية الأكبر في الحرب

فلسطينيون يعملون على إنقاذ صبي محاصر تحت الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على منزل في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يعملون على إنقاذ صبي محاصر تحت الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على منزل في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

«الشهيد حبيب الله... الشهيد حبيب الله» لعبة جديدة يلعبها أطفال غزة تُظهر جلياً حجم الألم والفقد الذي يعيشونه. في المقطع المصور الذي لقي تفاعلاً كبيراً على منصات التواصل الاجتماعي، حمل الأطفال في أحد المستشفيات عربة صغيرة من أطرافها الأربعة، تستلقي فيها طفلة رضيعة بسلام، وتجولوا بها بين ممرات المستشفى فيما يشبه تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي.

الطفل يلعب بما يألفه ويعرفه ويبتكر تساليه من واقعه، وهؤلاء الأطفال يمشون على حافة الموت كل يوم منذ تعرض قطاع غزة، الذي يعد من أكثر المناطق كثافةً سكانية في العالم، حيث يعيش فيه أكثر من مليونين و300 ألف إنسان، نصفهم من الأطفال، لقصفٍ إسرائيلي وحشي متواصل، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول). لا بل قبل ذلك حتى.

طفلان من عائلة نتيل كتبا اسميهما هاني وليان للتعرف على هوياتهما في مشرحة مستشفى في دير البلح إثر غارة جوية إسرائيلية على وسط قطاع غزة (أ.ب)

مما لا شك فيه أن الأطفال في غزة لا يزالون أكبر الضحايا، فمنهم من قتل، ومنهم من دفن تحت الردم، ومنهم من أصيب وبترت أطرافه، ومنهم من تيتّم، ومنهم من نزح، ومنهم من بقي تحت القصف من دون أمن أو أمان.

وعلى مدى الأيام الماضية، شهد قطاع غزة خسائر فادحة بين أطفاله، حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم، ارتفاع عدد القتلى إلى 7326، بينهم 3038 طفلاً، بسبب الهجمات المتواصلة من قبل الجيش الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع.

مشيعون يحملون جثث الأطفال خلال تشييع فلسطينيين من عائلة الأسطل قتلوا في غارات إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وتعد هذه الحصيلة الأعلى للقتلى في غزة منذ انسحاب إسرائيل من القطاع في عام 2005.

بايدن يشكك

ورغم أن منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان تعد الأرقام التي يقدمها المسؤولون الفلسطينيون في قطاع غزة دقيقة إلى حد كبير وموثوقة تاريخياً، شكك الرئيس الأميركي جو بايدن في أعداد القتلى التي يقدمونها.

وقال بايدن، الأربعاء، في مؤتمر صحافي: «ليست لدي أدنى فكرة عن أن الفلسطينيين يقولون الحقيقة بشأن عدد الأشخاص الذين يقتلون. أكيد أن أبرياء خسروا أرواحهم، لكن هذا هو ثمن خوض الحرب»، مستدركاً: «لكنني لا أثق بالعدد الذي يعلنه الفلسطينيون».

فلسطينية تحمل جثة أحد أطفال أختها الذي قُتل في قصف إسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتقول الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى إن الأعداد النهائية يمكن أن تختلف قليلاً عن تلك التي تعلن عنها وزارة الصحة في غزة بعد الهجمات مباشرة، لكنها تثق بها بوجه عام.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في بيان: «نواصل إدراج بياناتهم في تقاريرنا، ومن الواضح أنها تستند إلى مصادر». وأضاف البيان: «من المستحيل تقريبا في الوقت الحالي تقديم أي تحقق من جانب الأمم المتحدة على أساس يومي».

وقال مايكل رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، الذي يتخذ من جنيف مقراً، الأسبوع الماضي، إن الأرقام التي نشرها الجانبان «قد لا تكون دقيقة تماماً عند صدورها لحظة بلحظة، لكنها تعكس بشكل عام مستوى الوفيات والإصابات في جانبي هذا الصراع».

أطفال فلسطينيون يحصلون على الطعام في مدرسة تديرها الأمم المتحدة في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تؤكد

إلا أن الأمم المتحدة أكدت أن أعداد القتلى الصادرة عن وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة، أثبتت «مصداقيتها» في نزاعات سابقة، وذلك بعدما شككت واشنطن في حصيلة الحرب الحالية.

وأفاد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني بأنه «في الماضي، وعلى مدى جولات النزاع الخمس أو الست في قطاع غزة، اعتُبرت هذه الأرقام ذات مصداقية، ولم يسبق لأحد أن شكك فيها». وقال للصحافيين في القدس: «لدينا النسبة نفسها تقريباً».

وزارة الصحة تنشر الأسماء

وفي اليوم التالي، ردّت وزارة الصحة بنشر قائمة مفصّلة بأسماء وأرقام بطاقات الهوية وجنس وعمر نحو 7000 شخص قتلوا في غزة.

وقالت الوزارة: «قرّرنا أن نخرج ونعلن بالتفاصيل والأسماء وأمام العالم بأسره حقيقة حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحقّ شعبنا أمام أنظار العالم وعلى مسمعه». وقال مسؤولو وزارة الصحة في مذكّرة توضيحية مرفقة بالقائمة، إنّ لديها قاعدة بيانات رقمية للقتلى.

أطفال فلسطينيون جرحى يتلقون العلاج في مستشفى الشفاء (أ.ب)

وأضافوا أنه في كلّ مستشفى حكومي، تتمّ إضافة «المعلومات الشخصية وأرقام الهوية» الخاصة بكلّ جثة أو كلّ مريض يتوفّى متأثراً بجروحه، إلى نظام الكومبيوتر. وأوضحت المذكّرة أنّ هذه الأرقام يتمّ تحويلها يومياً من المستشفيات الحكومية إلى السجل المركزي لوزارة الصحة.

وفي الوقت نفسه، يقوم العاملون في مجال الرعاية الصحية في المستشفيات الخاصة بتسجيل الوفيات في نماذج خاصّة يتمّ إرسالها خلال 24 ساعة إلى وزارة الصحة.

وتمّ تكليف جهاز خاص داخل وزارة الصحة «التأكّد من أنّ (البيانات) لا تتضمن نسخاً مكرّرة أو أخطاء» قبل إضافة المعلومات إلى قاعدة بياناتها المركزية.

يغرقون بالكوابيس والرعب والعجز

ويعاني الأطفال في غزة من أعراض صدمة شديدة إلى جانب خطر الموت والإصابة، وفقاً لما قال فاضل أبو هين، وهو طبيب نفسي في غزة لصحيفة «الغارديان».

وأوضح أن التأثير النفسي للحرب على الأطفال بدأ يظهر. وقد «بدأ الأطفال في ظهور أعراض صدمة خطيرة مثل التشنجات، والتبول في الفراش، والخوف، والسلوك العدواني، والعصبية، وعدم ترك والديهم».

وأضاف أن «عدم وجود أي مكان آمن خلق شعوراً عاماً بالخوف والرعب بين جميع السكان، والأطفال هم الأكثر تضرراً».

وفي غزة، شهد طفل يبلغ من العمر 15 عاماً خمس فترات من القصف المكثف في حياته: 2008، 2012، 2014، 2021، والآن 2023. وأظهرت الدراسات التي أجريت بعد الصراعات السابقة أن غالبية الأطفال في غزة تظهر عليهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

وأشار حسن زيادة، العالم النفسي في برنامج GCMHP، لصحيفة «الغارديان» إلى أن «غالبية الأطفال يعانون من العديد من العواقب النفسية والاجتماعية. سواء كان الشعور بانعدام الأمن أو مشاعر العجز».

أطفال فلسطينيون يقفون وسط الأنقاض وينظرون أثناء البحث عن ضحايا في أعقاب الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

أضاف: «لاحظنا أن الأطفال يصبحون أكثر قلقاً ويعانون من اضطرابات في النوم، وكوابيس، ورعب ليلي، وسلوك مثل التشبث بالوالدين، والتبول في الفراش، ويصبحون أكثر قلقاً ويصبح لديهم فرط في النشاط، أو رفض النوم بمفردهم، ويريدون طوال الوقت أن يكونوا مع والديهم، وينتابهم القلق».

ولاحظ الخبراء أيضاً ارتفاعاً حاداً في الأعراض النفسية الجسدية، مثل ارتفاع درجة الحرارة دون سبب بيولوجي، أو طفح جلدي في الجسم.

فلسطيني وابنه أصيبا في غارة إسرائيلية يجلسان على الأرض في مستشفى الشفاء (أ.ف.ب)

أطفال غزة الناجين قد يموتون جوعا

أمس، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أن «أطفال غزة الناجون من القصف يواجهون الموت جوعا»

ونشرت صحيفة «التايمز» البريطانية تقريرا اتهمت خلاله وكالات الإغاثة لإسرائيل باستخدام المجاعة كسلاح حرب، مع تراجع عدد قوافل المساعدات إلى غزة، وشكوى السكان من النقص المتزايد في الغذاء والماء.

وأشارت الصحيفة إلى انخفاض عدد الشاحنات المسموح بها عبر معبر رفح الحدودي في مصر إلى 8 أو 10 شاحنات يوميا، وفقا لمسؤولين أمميين. وهذا يعني أن الإمدادات التي وصلت الأسبوع الماضي، أقل بكثير مما يُسلم عادة خلال 24 ساعة، منذ أن تفاوض الرئيس الأميركي جو بايدن على تحقيق تقدم في المساعدات أثناء زيارته لإسرائيل.

كذلك، نقلت الصحيفة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق شؤون الإغاثة، أن 10 مخابز تضررت من الغارات الجوية الأسبوع الماضي. كما أغلقت 3 مخابز بسبب نقص الوقود، ومن المرجح أن تُغلق مخابز أخرى.

يعيشون «جحيماً على الأرض»

وخلص تقرير أصدرته منظمة إنقاذ الطفولة، العام الماضي، حول تأثير 15 عاماً من الحصار والصراعات المتكررة على الصحة العقلية للأطفال في غزة، إلى أن رفاههم النفسي والاجتماعي «انخفض بشكل كبير إلى مستويات مثيرة للقلق».

الأطفال الذين قابلتهم وكالة الإغاثة «تحدثوا عن الخوف والعصبية والقلق والتوتر والغضب، وذكروا المشاكل العائلية والعنف والموت والكوابيس والفقر والحرب والاحتلال، بما في ذلك الحصار، باعتبارها الأشياء التي لا يحبونها كثيراً في حياتهم».

فتاة تحمل أمتعتها تسير في منطقة المستشفى المعمداني حيث قُتل مئات الفلسطينيين بقصف إسرائيلي (رويترز)

ونقل التقرير عن أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، وصفه لحياة الأطفال في غزة بأنها «جحيم على الأرض».

وقالت صحيفة «الغارديان» البريطانية بعد انتهاء الحرب، سيتم تذكر صور جثث هؤلاء الأطفال، وتذكر هذا «الخطأ الكارثي من جانب الحس الإنساني الذي سيدفع الثمن، طال الزمان أو قصر».

كما أكدت منظمة «اليونيسف»، هذا الأسبوع، أن «معدل الوفيات والإصابات بين أطفال غزة صادم»، محذرة من أن «الأمر الأكثر إثارة للخوف هو حقيقة أنه ما لم يتم تخفيف التوتر، وما لم يتم السماح بالمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والمياه والإمدادات الطبية والوقود، فإن عدد القتلى اليومي سيستمر في الارتفاع». وشددت على أن الوضع في قطاع غزة «يشكل وصمة عار متزايدة على ضميرنا الجماعي».

وصمة العار هذه تصبح أكثر إيلاماً كلما بكى طفل على أمه أو أبيه. في مقطع مصور تبكي طفلة فلسطينية أمها التي قتلها القصف الإسرائيلي على غزة بمشهد يدمي القلب... تعرفت عليها من شعرها.

صرخت الطفلة بعد أن رأت والدتها ضمن الضحايا: «هي والله هي، أنا أعرفها من شعرها هي والله هي».

وبصوت يملأه الأسى سألت: «ليش أخدتها مني يا الله... ما بقدر عيش من دونك يمّا... يا رب ليش تركتني كنت أخذتني معها... لم يكتفوا موتوا ستي وعمتي وأولادها وأمي وأختي».

من يعوض الأطفال ما خسروه على مذبح الحرب الدامية؟ وكيف يا ترى سيحيون؟


مقالات ذات صلة

المشرق العربي فلسطينيون يبكون أقاربهم الذين قتلوا بقصف إسرائيلي خلال الليل في عيادة بحي تل السلطان برفح جنوب غزة (أ.ف.ب)

ارتفاع حصيلة القتلى في غزة إلى 35 ألفاً و562 منذ اندلاع الحرب

حصيلة الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة ارتفعت إلى 35562 قتيلاً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية غانتس يتحدث الاثنين الماضي في مقر وزارة الدفاع بتل أبيب بمناسبة ذكرى ضحايا الحروب الإسرائيلية (مكتب غانتس)

شرارة المعركة الانتخابية المبكرة في إسرائيل تنطلق... ونتنياهو يستنفر

توضح القراءة المتأنية لخطاب عضو مجلس قيادة الحرب، بيني غانتس، أنه الشرارة الأولى في المعركة الانتخابية المبكرة التي يتهرب منها ويحاول الجنرالات فرضها عليه.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي المفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (إ.ب.أ)

مفوّض «الأونروا»: إسرائيل اعتقلت وعذبت موظفينا للاعتراف بجرائم لم يقترفوها

أفاد المفوض العام لوكالة «الأونروا»، الأحد، بأن المساعدات تصل بـ«القطَّارة» إلى قطاع غزة، وأن موظفي الوكالة تعرضوا للاعتقال والتعذيب من جانب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
المشرق العربي فلسطينيون جرحى بنيران إسرائيلية يرقدون على الأسرة في مستشفى الأقصى بوسط قطاع غزة (رويترز)

غزة: رصيد الأدوية والمستهلكات الطبية الضرورية للطوارئ «صفر»

حذّرت وزارة الصحة في قطاع غزة من النقص الحاد في الأدوية والمستهلكات الطبية الضرورية لتقديم خدمات الطوارئ قائلة إن حجمها أصبح «صفر».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بايدن يرفض «مساواة» المحكمة الجنائية إسرائيل بـ«حماس»

الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية /رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية /رويترز)
TT

بايدن يرفض «مساواة» المحكمة الجنائية إسرائيل بـ«حماس»

الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية /رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية /رويترز)

ندد الرئيس الأميركي جو بايدن بمذكرات توقيف طلبت المحكمة الجنائية الدولية إصدارها ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، ووصفها بأنها «مشينة». كما رفض بايدن «مساواة» المحكمة بين إسرائيل وحركة «حماس»، في إشارة إلى مذكرات التوقيف التي تطلب إصدارها على خلفية حرب غزة.
وجاء كلام بايدن بعد تصريحات مشابهة لوزير خارجيته أنتوني بلينكن.

وعدّ بلينكن طلب المحكمة الجنائية الدولية توقيف مسؤولين إسرائيليين بتهمة التورط في جرائم حرب بقطاع غزة «مخزياً».

وقال بلينكن إنه لا «سلطة قضائية» للمحكمة الجنائية الدولية على إسرائيل، مضيفاً أن قرار الادعاء في المحكمة قد يقوض جهود التوصل إلى اتفاق رهائن ووقف إطلاق النار في غزة.

وجاء كلام بلينكن بعد طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بالإضافة إلى قادة من «حماس» على خلفية الحرب في غزة. غير أن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام سارع إلى إعلان تحرك في الكونغرس لفرض عقوبات على المحكمة والمسؤولين فيها.

وحمل السيناتور غراهام بشدة على ما سماه «القرار الفاضح» الذي اتخذه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت. وقال في بيان، إن «هذا القرار الفظيع هو في الواقع صفعة على وجه القضاء الإسرائيلي المستقل، المشهور باستقلاله»، متعهداً الضغط من أجل فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. وأضاف: «يجب ألا ننسى كدولة أن المحكمة الجنائية الدولية هددت باتخاذ إجراء ضد القوات الأميركية في أفغانستان - ونحن لسنا عضواً» في المحكمة. وأعلن أنه سيعمل «بشكل عاجل مع زملائي على جانبي الممر في كلا المجلسين (الشيوخ والنواب) لفرض عقوبات صارمة على المحكمة الجنائية الدولية». ولاحظ أنه «كان يفترض أن يكون فريق المدعي العام خان في إسرائيل اليوم لترتيب اجتماع الأسبوع المقبل مع مكتب المدعي العام الإسرائيلي حول الادعاءات عن ارتكاب جرائم حرب في غزة. وقال غراهام إن موظفي المحكمة الدولية أبلغوا أعضاء الكونغرس أن «التحقيق سيستغرق على الأرجح أشهراً»، مضيفاً: «أشعر أنهم كذبوا عليّ وعلى زملائي».

شعار المحكمة الجنائية الدولية أمام مقرها في لاهاي (أ.ب)

الأمم المتحدة

وفي نيويورك، أكد الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن المحكمة مستقلة، والأمانة العامة لا تتدخل في قراراتها.

ولطالما اتهمت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية إسرائيل بعرقلة توصيل المساعدات إلى غزة، رغم نفي إسرائيل التي تدعي أنه لا توجد قيود على إدخال المساعدات إلى القطاع وتتهم المنظمة الدولية بالفشل في توزيع المساعدات.

وقبل أسابيع، قال المفوض السامي للأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن القيود التي تفرضها إسرائيل على المساعدات التي تدخل غزة والطريقة التي تدير بها الحرب قد ترقى إلى مستوى استخدام المجاعة سلاحاً. وهذه جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي، ومعاهدة المحكمة الجنائية الدولية.

وتأسست المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002 باعتبارها محكمة الملاذ الأخير الدائمة لمحاكمة الأفراد المسؤولين عن أبشع الفظائع في العالم، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وعمليات الإبادة الجماعية وجرائم العدوان، وهذا ما لا تقبله عشرات الدول، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا والصين. وقبلت المحكمة الجنائية الدولية «دولة فلسطين» عضواً عام 2015، بعد عام من قبول الفلسطينيين اختصاص المحكمة. ويبلغ عدد الدول المنضمة إلى بروتوكول روما الخاص بالمحكمة 134 دولة حتى الآن.

وصادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، ولكن هذه المحكمة مستقلة. وهي تتدخل عندما تكون الدول غير قادرة أو غير راغبة في محاكمة الجرائم المرتكبة على أراضيها. وتدعي إسرائيل أن لديها نظاماً قضائياً فعالاً.

وعام 2020، سمح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بفرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وآخرين في المحكمة بسبب بحثهم في تورط القوات الأميركية وحلفائها في جرائم حرب محتملة في أفغانستان. ولكن الرئيس جو بايدن رفع هذه العقوبات عام 2021.

وخلال العام الماضي، أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة المسؤولية عن خطف أطفال من أوكرانيا. وردّت موسكو بإصدار مذكرات اعتقال خاصة بها بحق المدعي العام وعدد من القضاة في المحكمة.

وبين القادة البارزين الآخرين الذين اتهمتهم المحكمة الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير بتهم تشمل الإبادة الجماعية في دارفور. وكذلك على الزعيم الليبي السابق العقيد معمر القذافي قبل اعتقاله وقتله على يد جماعة مسلحة في ليبيا.


حرب الجنوب اللبناني: «حزب الله» يستهدف الغجر... وينعى 6 مقاتلين

الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت رامية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت رامية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

حرب الجنوب اللبناني: «حزب الله» يستهدف الغجر... وينعى 6 مقاتلين

الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت رامية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت رامية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

افتتح «حزب الله»، الاثنين، مرحلة جديدة من القتال بجنوب لبنان، وأعلن عن استهداف موقع عسكري إسرائيلي في بلدة الغجر التي تحتل إسرائيل الجزء اللبناني منها، للمرة الأولى منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول)، فيما نعى 6 من مقاتليه في واحدة من أكبر خسائره البشرية اليومية منذ أسابيع.

وتكتسب بلدة الغجر، الواقعة على السفح الغربي لجبل الشيخ، أهمية رمزية كون إسرائيل تحتل الجزء الشمالي اللبناني منها، وتمددت فيها خلال السنوات الماضية، وأثارت أزمة في شتاء 2023 مع إجراءات اتخذتها، وتمثلت في ضم أراضٍ جديدة، ما دفع الحكومة اللبنانية إلى تقديم شكوى للأمم المتحدة.

وتلاصق الغجر أراضٍ سهلية بمحيط بلدة الوزاني الحدودية، ما يجعل محيطها من الجانب اللبناني مكشوفاً عسكرياً، وفق ما تقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، وهو ما يفسر ندرة العمليات العسكرية التي ينفذها «حزب الله»، انطلاقاً منه، علماً أن الحزب استهدف منذ 8 أكتوبر، عشرات المواقع الإسرائيلية انطلاقاً من جنوب لبنان، وشملت تلك التي يعدها محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

صورة نشرها «المرصد السوري» للضربة الإسرائيلية التي استهدفت «حزب الله» في القصير على الحدود السورية اللبنانية

وقال الحزب في بيان إن مقاتليه «استهدفوا مركزاً للجيش الإسرائيلي على المدخل الشرقي لقرية الغجر بالصواريخ الموجهة، وأصابوا بشكل مباشر مكان استقرار وتجمع ضباط الاحتلال، وأوقعوهم جميعاً بين قتيل وجريح، وقد شوهدت عملية نقل الإصابات من المكان».

وجاءت هذه العملية بموازاة تصعيد بالقصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير منازل، فضلاً عن استهداف داخل الأراضي السورية.

وقالت مصادر ميدانية إن اثنين من مقاتلي الحزب قتلا في بلدة ميس الجبل، واثنين آخرين قتلا في بلدة الناقورة، بينما قتل اثنان آخران في الغارات التي استهدفت منطقتين في حمص، وأسفرت عن مقتل مقاتلين من جنسيات غير سورية، حسبما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أشار إلى غارتين، استهدفت الأولى موقعاً بين ضاحية الأسد وقرية مسكنة في حمص، بينما استهدفت الغارة ثانية موقعاً في شمال مدينة القصير في ريف حمص على الحدود السورية - اللبنانية، وهي منطقة يوجد فيها «حزب الله»، حسب المرصد.

غارة إسرائيلية على بلدة في القطاع الشرقي (أرشيفية - أ.ب)

وشنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارتين متتاليتين على حي سكني وسط الناقورة، وأطلقت عدداً من الصواريخ. ودمرت منزلين، وألحقت أضراراً بمنازل أخرى، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية، كما أغارت مستهدفة بلدة ميس الجبل.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً يقع بين بلدتي الشعيتية والمالكية في قضاء صور، كما أغارت مسيّرة على محيط وجود فريق من الدفاع المدني. واستهدفت أطراف الناقورة (حامول) بالقذائف المدفعية، فيما تحدثت معلومات عن غارات استهدفت عيتا الشعب والعديسة.


«المفوضية» تستجيب لطلب «الخارجية» اللبنانية بسحب رسالة حول النازحين

عناصر من الأمن العام اللبناني يشرفون على رحلة العودة الطوعية للنازحين السوريين من لبنان إلى سوريا الأسبوع الماضي (أ.ب)
عناصر من الأمن العام اللبناني يشرفون على رحلة العودة الطوعية للنازحين السوريين من لبنان إلى سوريا الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

«المفوضية» تستجيب لطلب «الخارجية» اللبنانية بسحب رسالة حول النازحين

عناصر من الأمن العام اللبناني يشرفون على رحلة العودة الطوعية للنازحين السوريين من لبنان إلى سوريا الأسبوع الماضي (أ.ب)
عناصر من الأمن العام اللبناني يشرفون على رحلة العودة الطوعية للنازحين السوريين من لبنان إلى سوريا الأسبوع الماضي (أ.ب)

سحبت مفوضية شؤون اللاجئين الرسالة التي كانت قد بعثت بها إلى وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، بسام مولوي، معبرة خلالها عن «قلقها إزاء عمليات الإخلاء القسرية» للسوريين، وذلك بناء على طلب وزارة الخارجية التي حذّرت من «إعادة النظر بتعاملها مع المفوضية»، ومنحتها مهلة حتى نهاية الشهر لتسليم «داتا» النازحين كاملة.

وكانت رسالة المفوضية لاقت رفضاً لبنانياً واسعاً، وأدت إلى استدعاء وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب، لممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، إيفو فريسون.

أحد مخيمات النازحين السوريين في لبنان (أسوشييتد برس)

وأعلن بوحبيب في بيان له أنه أبلغ فريسون «سحب الرسالة واعتبارها بحكم الملغاة»، كما «ضرورة احترام أصول التخاطب مع الوزارات والإدارات اللبنانية، وعدم تجاوز الصلاحيات المنوطة قانوناً بوزارة الخارجية؛ لكونها الممر الإلزامي لمراسلات المفوضية وفقاً للاتفاقيات، والمعاهدات، والأعراف الدبلوماسية».

وشدد على ضرورة «عدم التدخل بالصلاحيات السيادية للبنان، والتزام القوانين اللبنانية لجميع المقيمين على الأراضي اللبنانية من أفراد ومنظمات، والالتزام بمذكرة التفاهم الموقعة مع المديرية العامة للأمن العام لعام 2003، وتطبيقها نصاً وروحاً».

ودعا بوحبيب المفوضية إلى «تسليم (داتا) النازحين كاملة من دون إبطاء، في مهلة أقصاها نهاية الشهر الحالي وفقاً لمذكرة التفاهم الموقعة في 8 أغسطس (آب) 2023 مع وزارة الخارجية».

وجددت «الخارجية» التأكيد على «أنّ لبنان ليس بلد لجوء وإنما بلد عبور، إضافة إلى تمسكه بمبادئ الأمم المتحدة ومقاصدها كدولة مؤسسة لهذه المنظمة، والتشديد على رغبته في أفضل العلاقات مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها، واحترامه القانون الدولي الإنساني».

نازحون سوريون يتجمعون في عرسال استعداداً للعودة إلى سوريا (المركزية)

وحذّر بوحبيب «المفوضية» بأنه «في حال عدم التقيد بما ورد أعلاه والتمادي في تجاوز حدود الاختصاص، ستكون الوزارة مضطرة لإعادة النظر بتعاملها معها».

وبعد تحذير «الخارجية» عادت المفوضية وأصدرت بياناً سحبت بموجبه الرسالة، مجددة التزامها «بالتعاون بشكل بنّاء مع الحكومة اللبنانية»، وأكدت «أهمية قيام المجتمع الدولي بإعطاء الأولوية للحلول الدائمة للنازحين لتخفيف الضغوط في لبنان، بما في ذلك تهيئة ظروف في سوريا أكثر مؤاتية للعودة».

وكانت «المفوضية» أرسلت الأسبوع الماضي رسالة إلى «الداخلية» معبرة عن «قلقها إزاء عمليات الإخلاء القسرية للسوريين»، ومعتبرة أنه سيكون لها «تداعيات إنسانية خطيرة»، ودعت إلى التدخل «من أجل وقف عمليات الإخلاء الجماعية المستمرة».

وبعدما سحبت المفوضية رسالتها الاثنين، لا تزال «داتا النازحين» تشكل خلافاً بينها وبين الدولة اللبنانية، إذ وبعدما كانت المفوضية سلّمت الأمن العام اللبناني الداتا بناء على اتفاق أغسطس 2023، عادت (بيروت) وطلبت مزيداً من المعلومات حول هؤلاء، وتحديداً حول تاريخ دخولهم إلى لبنان، وفق ما تقول مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، إلا أن المفوضية لا تزال ترفض التجاوب مع هذا المطلب.

في المقابل، تؤكد مصادر رسمية في «المفوضية» لـ«الشرق الأوسط»، أن المنظمة «نفذت الاتفاق بينها وبين الدولة اللبنانية عبر تسليمها البيانات الأساسية في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهي في صدد مراجعة الطلب الجديد بالتنسيق مع المقر الرئيسي في جنيف للرد عليه». وتذكّر، بأن الاتفاق بينها وبين لبنان ينص على الالتزام بالحماية الدولية والمعايير العالمية لحماية البيانات.

نازحون سوريون عائدون من لبنان إلى بلدهم ضمن قافلة عودة طوعية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفي حين تعلن المفوضية أن عدد النازحين المسجلين يبلغ اليوم نحو 800 ألف نازح، تشير التقديرات إلى أن عددهم يتجاوز المليوني شخص.

مع العلم بأن الأمن العام اللبناني كان طلب من المفوضية التوقف عن تسجيل دخول هؤلاء عام 2015، منطلقاً في ذلك بأن الذين دخلوا في هذه الفترة لم يغادروا بلادهم لأسباب الحرب، وإنما لأسباب اقتصادية، وبالتالي فإن كل من دخل إلى لبنان سيكون معرضاً للترحيل، بناء على الإجراءات التي تقوم بها الدولة اللبنانية. وهو ما يشير إليه رئيس مؤسسة «جوستيسيا»، المحامي الدكتور بول مرقص، مع تأكيده بأن لبنان من الأساس ليس بلد لجوء، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لبنان متحرّر من أي التزامات لمعاملتهم كلاجئين انطلاقاً من أنه ليس طرفاً في اتفاقية اللاجئين العالمية في عام 1951، إلا أنه يبقى ملتزماً بضمان الحفاظ على كرامتهم وحقوقهم الإنسانية».

من هنا، يلفت مرقص إلى أن لبنان «يمكن أن يستفيد من البيانات التي يحصل عليها من المفوضية ولكن لا يمكنه أخذها حجة مطلقة، بل عليه التدقيق بها والاستفادة منها، وينتقي المعلومات التي يحتاجها ويخضعها للمراجعة وفقاً لتقديره السيادي».

سوريون أثناء إعادتهم إلى بلدهم في حملات نظّمها الأمن العام اللبناني سابقاً (الوكالة المركزية)

ويتحدث مرقص، وفق دراسة أعدتها «جوستيسيا»، عن وسائل قانونية يمكن الاستناد إليها للعودة الآمنة والطوعية، وهي الاستناد إلى قانون تنظيم الدخول إلى لبنان والإقامة فيه، والخروج منه وإلى قرار «المجلس الأعلى للدفاع» الذي قضى بترحيل السوريين الداخلين إلى لبنان دون المرور بالمعابر الرسمية، ويستند هذا القرار إلى اعتبار أنه لم يعد هناك من سبب للجوء السوريين إلى لبنان.

ووفقاً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بحسب الدراسة، «يحق للدول بموجب القانون الدولي طرد الأشخاص الذين يتبين أنهم ليسوا بحاجة إلى حماية دولية، وأن من واجب بلدان الأصل أن تسترد مواطنيها، كما ينبغي أن تتم العودة بطريقة إنسانية مع احترام كامل لحقوق الإنسان وكرامة».


إسرائيل تتعمق بفيلادلفيا وتتراجع في جباليا مع اشتداد المواجهات

دمار في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الاثنين (رويترز)
دمار في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الاثنين (رويترز)
TT

إسرائيل تتعمق بفيلادلفيا وتتراجع في جباليا مع اشتداد المواجهات

دمار في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الاثنين (رويترز)
دمار في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الاثنين (رويترز)

تواصلت الاشتباكات العنيفة في مخيم جباليا شمال قطاع غزة وفي رفح بأقصى جنوب القطاع، بينما ما زالت الغارات الجوية تحصد مزيداً من أرواح الضحايا الفلسطينيين في مناطق متفرقة في القطاع في اليوم الـ227 للحرب.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن قوات الجيش تتوغل في حي البرازيل برفح، وأصبحت تحتل ثلثي محور فيلادلفيا الحدودي.

وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعمّق عملياتها البرية فعلاً في رفح خاصة فيما يعرف بـ«محور فيلادلفيا»، عند الحدود مع مصر، بحثاً عن مزيد من الأنفاق.

وقالت المصادر إن اشتباكات عنيفة تدور في تلك المناطق بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة، التي بدورها تبنت سلسلة من العمليات أدت إلى مقتل وإصابة الكثير من الجنود.

وقصفت طائرات حربية ومسيّرة عدة أهداف بمدينة رفح، فيما كثّفت الفصائل استخدام الهاون ضد تجمعات وأماكن الجنود الإسرائيليين.

وأدت الاشتباكات إلى نزوح مزيد من الفلسطينيين من رفح.

وقالت الأمم المتحدة إن عدد النازحين من المدينة باتجاه خان يونس ووسط القطاع قد بلغ 850 ألف فلسطيني منذ الهجوم على رفح قبل نحو أسبوعين، وهو نزوح أسهم في تدهور الأوضاع الإنسانية في مناطق خان يونس والمناطق الوسطى، مع اكتظاظ النازحين إليها، وتراجع حجم المساعدات.

طفل أصيب بجروح يقف بجوار منزل عائلته الذي تعرض لقصف إسرائيلي في رفح الاثنين (أ.ف.ب)

واتهم المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة ما وصفها بـ«جريمة التجويع والتعطيش» بحق الغزيين في ظل استمرار احتلال وإغلاق معبر رفح لأسبوعين، ومنع شاحنات المساعدات من الوصول لمستحقيها في مختلف مناطق القطاع، ما ينذر بتفاقم كارثة أزمة الأمن الغذائي سيما شمال غزة، فضلاً عن منع خروج آلاف الجرحى الذين تتطلب حالتهم التحويل للعلاج بالخارج وعددهم قرابة 11 ألفاً، ما يهدد بالقضاء على حياتهم أو تفاقم وضعهم الصحي.

ومع التقدم في رفح تراجعت القوات الإسرائيلية في مخيم جباليا تحت وقع اشتباكات عنيفة.

وأكدت مصادر في المخيم أن الآليات الإسرائيلية تراجعت من بعض المناطق مثل بلوك 2، وشارع أبو العيش، وحاولت أن تلتف تكتيكياً باتجاه حي القصاصيب قبل أن تنسحب منه، وتتراجع وتتمركز بمنطقة بلوك 1 مع مواجهتها مقاومة عنيفة من داخل المخيم.

ومع التراجع على الأرض كثّفت الطائرات الحربية، والمدفعية الإسرائيلية من غاراتها في مخيم جباليا.

واستخدمت القوات الإسرائيلية سلاح المدفعية، إلى جانب الطائرات المسيّرة الصغيرة المسماة «كواد كابتر»، لبسط سيطرتها نارياً على المناطق التي تراجعت منها داخل مخيم جباليا.

الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة الاثنين (رويترز)

ويشهد المخيم اشتباكات هي الأعنف، كما توصف فلسطينياً وإسرائيلياً، منذ العمليات البرية داخل القطاع في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأطبقت قوات الاحتلال حصارها على المخيم، وفصلته عن بعض مناطق بلدة بيت لاهيا المجاورة، وقطعت الطريق باتجاه مستشفى العودة في تل الزعتر، وكمال عدوان القريب من جباليا، ما زاد من معاناة الطواقم الطبية في نقل أي ضحايا وجرحى، وجعل المستشفيات تعمل بالحد الأدنى من الخدمات.

وتحذر منظمات إغاثية ودولية من تفاقم الأزمات الطبية التي تشهدها المستشفيات في شمال قطاع غزة، مع استمرار العدوان على تلك المناطق.

وإضافة إلى جباليا ورفح، توغلت دبابات إسرائيلية في المنطقة الشرقية من دير البلح وسط قطاع غزة، كما قصفت طائرات الاحتلال عدة منازل في مدينة غزة.

وركزت إسرائيل على محاولة قتل عناصر شرطة في حكومة «حماس».

وقالت مصادر طبية إن 14 ضابطاً وشرطياً من عناصر حكومة «حماس» قتلوا أو أصيبوا خلال 24 ساعة، آخرهم أحمد العطار مسؤول مركز شرطة الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، الذي أصيب بجروح خطيرة فيما توفي 6 من أفراد عائلته في استهداف الاثنين.


قائد «التحالف» ورئيس «الأركان» اليمنية يبحثان تعزيز التنسيق

الفريق صغير بن عزيز والفريق مطلق الأزيمع قبيل لقائهما في الرياض (سبأ)
الفريق صغير بن عزيز والفريق مطلق الأزيمع قبيل لقائهما في الرياض (سبأ)
TT

قائد «التحالف» ورئيس «الأركان» اليمنية يبحثان تعزيز التنسيق

الفريق صغير بن عزيز والفريق مطلق الأزيمع قبيل لقائهما في الرياض (سبأ)
الفريق صغير بن عزيز والفريق مطلق الأزيمع قبيل لقائهما في الرياض (سبأ)

أجرى الفريق صغير بن عزيز، رئيس هيئة الأركان اليمنية، مباحثات مع الفريق مطلق الأزيمع، قائد القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن نائب رئيس هيئة الأركان السعودية، تركزت حول أوجه التعاون في المجال العسكري، والجهود المنسقة لتعزيز الأمن البحري ومكافحة الإرهاب.

وبحث اللقاء الذي عُقد بمقر قيادة القوات المشتركة في الرياض، سبل تعزيز التنسيق الدائم والدعم المستمر الذي يقدمه «التحالف» للقوات المسلحة اليمنية، في الجوانب العملياتية واللوجستية والفنية والمجالات التدريبية والتأهيلية.

كما تطرق الجانبان، حسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، إلى مستجدات الأوضاع الميدانية على امتداد مسرح العمليات للجمهورية اليمنية، في ظل استمرار الأعمال العدائية لتنظيم ميليشيا الحوثي وداعمتها إيران، وما ترتكبه من جرائم بحق الشعب، وعملياتها الإرهابية في البحر الأحمر وخليج عدن، وتهديداتها الإجرامية للأمن القومي والإقليمي وأمن الملاحة البحرية العالمية.

ونوّه بن عزيز بمواقف السعودية الداعمة لليمن وقيادته الشرعية، ووقفتهم الأخوية الصادقة إلى جانب الشعب اليمني، في مختلف المراحل والمنعطفات ومختلف المجالات والمستويات.

وثمّن الدعم الذي تقدمه السعودية و«التحالف» لتطوير قدرات القوات المسلحة اليمنية، وتعزيز جاهزيتها بما يؤهلها للقيام بواجباتها الدستورية والعروبية في معركة استعادة الدولة، وتحقيق استقرار اليمن وأمنه وسيادته، وأن تكون شريكاً فاعلاً في جهود محاربة الإرهاب والتهريب، والتصدي للتهديدات المشتركة.


ماذا تعني ملاحقة «الجنائية الدولية» لنتنياهو والسنوار؟ ومن أبزر الزعماء الصادر بحقهم مذكرات اعتقال؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (أرشيفية/ رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (أرشيفية/ رويترز)
TT

ماذا تعني ملاحقة «الجنائية الدولية» لنتنياهو والسنوار؟ ومن أبزر الزعماء الصادر بحقهم مذكرات اعتقال؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (أرشيفية/ رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (أرشيفية/ رويترز)

سلّطت وكالة الأنباء الأميركية أسوشييتد برس، الاثنين، الضوء على مطالبة مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وثلاثة من قادة حركة «حماس» هم يحيى السنوار ومحمد الضيف وإسماعيل هنية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة وجرائم ضد الإنسانية.

وقالت الوكالة إن المحكمة تأسّست في عام 2002 بوصفها الملاذ الأخير لمحاكمة الأفراد المسؤولين عن أبشع الفظائع في العالم مثل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وتم اعتماد نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة في عام 1998 ودخل حيز التنفيذ عندما حصل على تصديق 60 شخصاً في 2002 وقد أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة تأسيس المحكمة الجنائية الدولية، لكنها محكمة مستقلة.

وأشارت الوكالة إلى أن المحكمة ليست لديها شرطة وتعتمد على الدول الأعضاء لاعتقال المشتبه بهم، وهو الأمر الذي ثبت أنه يشكل عقبة رئيسية أمام الملاحقات القضائية.

ووقعت الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية البالغ عددها 124 دولة على نظام روما الأساسي، ولكن هناك عشرات الدول لم توقع ولا تقبل اختصاص المحكمة في جرائم الحرب والإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم وتشمل هذه الدول إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا والصين.

وتتدخل المحكمة الجنائية الدولية عندما تكون الدول غير قادرة أو غير راغبة في المحاكمة على الجرائم المرتكبة على أراضيها وأدت النزاعات حول قدرة الدولة أو استعدادها للمحاكمة إلى تأجيج النزاعات السابقة بين المحكمة والدول.

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (وسط) (حسابه على منصة إكس)

ففي عام 2020، سمح الرئيس الأميركي السابق ترمب بفرض عقوبات اقتصادية وعقوبات سفر على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وموظف كبير آخر في مكتب الادعاء.

وكان موظفو المحكمة الجنائية الدولية يبحثون بشأن ارتكاب القوات الأميركية وحلفائها جرائم حرب محتملة في أفغانستان.

ورفع الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي قدّمت إدارته دعماً عسكرياً وسياسياً حاسماً للهجوم على غزة، العقوبات في عام 2021.

وأجرت المحكمة الجنائية الدولية 17 تحقيقاً مستمراً، وأصدرت ما مجموعه 42 مذكرة اعتقال واحتجزت 21 مشتبهاً بهم. وأدان قضاتها 10 مشتبه بهم وبرّأوا أربعة.

وفي سنواتها الأولى، تعرضت المحكمة لانتقادات بسبب تركيزها على الجرائم في أفريقيا، لكنها الآن تجري تحقيقات في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية.

المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (أ.ب)

بوتين والبشير والقذافي

وفي العام الماضي، أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة المسؤولية عن اختطاف أطفال من أوكرانيا.

وردت روسيا بإصدار مذكرات اعتقال خاصة بها بحق قضاة المحكمة الجنائية الدولية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

ومن بين القادة البارزين الآخرين الذين اتهمتهم المحكمة الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير بتهم تشمل الإبادة الجماعية في منطقة دارفور ببلاده، وتم القبض على الزعيم الليبي السابق معمر القذافي وقتله على يد معارضين بعد وقت قصير من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بتهم مرتبطة بالقمع الوحشي للاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2011.

ما علاقة المحكمة الجنائية الدولية بإسرائيل وفلسطين؟

رفعت الجمعية العامة للأمم المتحدة وضع دولة فلسطين في عام 2012 من مراقب في الأمم المتحدة إلى دولة مراقبة غير عضو، وفتح ذلك الباب أمام فلسطين للانضمام إلى المنظمات الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية.

وقبلت المحكمة الجنائية الدولية «دولة فلسطين» عضواً في عام 2015، بعد عام من قبول الفلسطينيين اختصاص المحكمة.

وأعلنت المدعية العامة للمحكمة آنذاك عام 2021 أنها ستفتح تحقيقاً في جرائم محتملة على الأراضي الفلسطينية.

وكثيراً ما تفرض إسرائيل اتهامات بالتحيز في الأمم المتحدة والهيئات الدولية، وأدان نتنياهو القرار ووصفه بأنه منافق ومعادٍ للسامية.

وزار المدعي العام الحالي للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان رام الله وإسرائيل في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث التقى مسؤولين فلسطينيين وعائلات الإسرائيليين الذين قُتلوا أو احتجزوا رهائن على يد مسلحي «حماس» في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الذي أشعل فتيل الحرب بين إسرائيل و«حماس».

ووصف خان أفعال «حماس» بأنها «بعض من أخطر الجرائم الدولية التي تهز ضمير الإنسانية، وهي جرائم أُنشئت المحكمة الجنائية الدولية للتصدي لها»، ودعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.

وذكر خان أن «القانون الإنساني الدولي يجب أن يظل مطبقاً» في الحرب بين إسرائيل و«حماس»، و«الجيش الإسرائيلي يعرف القانون الذي يجب تطبيقه».

وبعد الزيارة، قال خان إن التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في جرائم محتملة يرتكبها مسلحو «حماس» والقوات الإسرائيلية «يمثل أولوية».

 

 

 


مصر تتحرك لتأمين طلابها بقرغيزستان بعد انخراطهم في اشتباكات

وفد دبلوماسي مصري يلتقي الطلاب المصريين في قرغيزستان (الخارجية المصرية)
وفد دبلوماسي مصري يلتقي الطلاب المصريين في قرغيزستان (الخارجية المصرية)
TT

مصر تتحرك لتأمين طلابها بقرغيزستان بعد انخراطهم في اشتباكات

وفد دبلوماسي مصري يلتقي الطلاب المصريين في قرغيزستان (الخارجية المصرية)
وفد دبلوماسي مصري يلتقي الطلاب المصريين في قرغيزستان (الخارجية المصرية)

كثفت السلطات المصرية اتصالاتها الدبلوماسية لتأمين وضعية طلاب مصريين في دولة قرغيزستان، بعد اشتباكات تعرض لها طلاب أجانب، عقب مشاجرة وقعت مع سكان محليين هناك.

وشهدت الأيام الأخيرة في قرغيزستان توترات داخلية بسبب اعتداءات تعرض لها أجانب، بينهم مصريون، وفق مقاطع فيديو مصورة أظهرت الاعتداءات.

ودعت وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج السفيرة سها الجندي الطلاب المصريين في قرغيزستان إلى «الالتزام بالإرشادات التي تطبقها السلطات المعنية هناك، والإقامة في أماكن السكن واستكمال إجراءات الدراسة (أونلاين) لمدة أسبوع»، فيما أكد اتحاد عام المصريين بالخارج «استقرار الأوضاع حالياً».

وأوفدت الخارجية المصرية وفداً دبلوماسياً من السفارة المصرية في كازاخستان، باعتبارها تتولى مهمة التمثيل غير المقيم في قرغيزستان، بغية الاطمئنان على أوضاع الطلاب المصريين هناك، وأوضحت الخارجية المصرية في بيان لها الاثنين أن تلك الخطوة جاءت «للاطمئنان على أمن وسلامة الطلاب، والتأكد من توفر جميع حقوقهم وحسن التعامل معهم، ومتابعة الإجراءات ذات الصلة مع السلطات القرغيزية».

وبحسب بيان لوزارة خارجية قرغيزستان فإن «الوضع بالكامل تحت سيطرة سلطات إنفاذ القانون، وتم تأمين سلامة المواطنين والنظام العام. ولا توجد إصابات خطيرة بين المتورطين في الحادث».

ويصل تعداد الطلاب المصريين في قرغيزستان نحو 600 طالب، حسب بيان الخارجية المصرية التي أكدت عقد الوفد الدبلوماسي المصري لقاءات مباشرة مع الطلاب المصريين للاطمئنان على أوضاعهم وسلامتهم، كما قامت البعثة الدبلوماسية المصرية «بالتنسيق مع السلطات المحلية في قرغيزستان لتوفير الحماية اللازمة للطلاب سواء داخل مقار سكنهم أو أثناء تنقلاتهم»، وطالبت «بمرور دوريات الشرطة بشكل منتظم لتوفير التأمين اللازم».

وعلى خلفية المشاجرات، احتجزت السلطات المحلية في قرغيزستان ثمانية طلاب مصريين، تم الإفراج عن أربعة طلاب منهم، وقالت الخارجية المصرية إن «البعثة الدبلوماسية تعمل على الإفراج عن الباقين، حيث ستستمر في قرغيزستان لبضعة أيام للتأكد من استقرار أوضاع الطلاب المصريين والجالية المصرية هناك».

تعود أحداث المشاجرات إلى نهاية الأسبوع الماضي، حيث أعلنت وزارة الداخلية في قرغيزستان السبت أن «الاشتباكات بدأت ليلة 13 مايو (أيار)، بسبب مشاجرة بين مجهولين بملامح آسيوية داخل أحد المطاعم مع مجموعة طلاب أجانب». وأشار البيان إلى أن الطلاب هربوا بعدما تطور الأمر وتوجهوا إلى سكنهم، لكن «بعض الأشخاص المجهولين طاردوا المواطنين الأجانب ودخلوا مسكنهم، واستخدموا القوة ضد الموجودين هناك، واستولوا على أموال وممتلكات».

كما أشارت وزارة الداخلية في قرغيزستان إلى مقطع فيديو انتشر لواقعة الشجار في مبنى الطلاب الأجانب، يقيم فيه طلاب عرب وهنود وآسيويون، ما أثار استياء الرأي العام وتسبب في أعمال شغب محلية.

وتفاعلت وزارة الهجرة المصرية وشؤون المصريين في الخارج، مع استغاثات واستفسارات من أولياء أمور الطلاب المصريين في قرغيزستان، وأشارت وزيرة الهجرة المصرية السفيرة سها جندي إلى «تنسيق مع الخارجية المصرية والجالية المصرية في قرغيزستان».

وأكدت وزيرة الهجرة المصرية، الاثنين، «سيطرة قوات الأمن في قرغيزستان على الموقف وسلامة جميع الطلاب المصريين هناك»، وقالت «هناك تواصل مستمر مع الطلاب المصريين من خلال منصات التواصل الاجتماعي»، وقالت إنهم «ناشدوا الطلاب المصريين الالتزام بإرشادات وزارتي الداخلية والتعليم العالي في قرغيزستان بالمكوث في أماكن السكن والدراسة (أونلاين) لمدة أسبوع، حتى يتم تعديل الإرشادات من السلطات المعنية».

وقال رئيس الاتحاد العام للمصريين في الخارج إسماعيل أحمد علي إن «الوفد الدبلوماسي المصري يعمل على مدار الساعة لتأمين سلامة الطلاب المصريين وأعضاء الجالية المصرية هناك». وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنهم «يتواصلون على مدار الساعة مع رئيس الجالية المصرية في قرغيزستان وهو طبيب يدرس في كلية الطب هناك، حيث تم التأكد من سلامة جميع الطلاب في مسكن الطلاب الأجانب هناك حالياً، واستقرار الأوضاع الأمنية الخاصة بهم».

غير أنه أشار إلى أن «التحقيقات ما زالت مستمرة مع بعض الطلاب المصريين المحتجزين»، مشيرا إلى أن «الوفد الدبلوماسي المصري يعمل على الإفراج عنهم بعد استجوابهم». ووجه رئيس اتحاد المصريين بالخارج مناشدة للطلاب المصريين الدارسين في قرغيزستان «الالتزام بإرشادات السلطات المحلية حفاظاً على سلامتهم، واحترام عادات البلد المضيف».


إسرائيل تبلغ سوليفان بأنها ماضية في عملية رفح

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال لقائه بمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في تل أبيب الاثنين (مكتب الإعلام الحكومي - د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال لقائه بمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في تل أبيب الاثنين (مكتب الإعلام الحكومي - د.ب.أ)
TT

إسرائيل تبلغ سوليفان بأنها ماضية في عملية رفح

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال لقائه بمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في تل أبيب الاثنين (مكتب الإعلام الحكومي - د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال لقائه بمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في تل أبيب الاثنين (مكتب الإعلام الحكومي - د.ب.أ)

لم ينجح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان بإقناع إسرائيل بأخذ خطوة إلى الأمام نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل تطبيع واسع مع الدول العربية، ومزايا أخرى، كما لم ينجح بإقناع المسؤولين الإسرائيليين بالتراجع عن فكرة اجتياح مدينة رفح في أقصى جنوبي قطاع غزة. وأنهى سوليفان مجموعة من اللقاءات في إسرائيل من دون الاتفاق على خطة لـ«اليوم التالي» لما بعد الحرب في غزة.

وأبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، سوليفان، بأن إسرائيل ملتزمة توسيع العملية البرية في رفح الحدودية. وقال غالانت لسوليفان إنه لا مفر من ذلك لأن الهدف الأساسي هو تفكيك حركة «حماس» واستعادة المختطفين، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية.

وضم الاجتماع، الذي عقد في مكتب غالانت، الاثنين، مسؤولين عسكريين رئيسيين مثل رئيس الأركان اللواء هرتسي هاليفي، والمدير العام لوزارة الأمن اللواء (المتقاعد) إيال زمير، ورئيس قسم العمليات اللواء عوديد باشيوك، كما حضر سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، مايك هرتسوغ. وأكد غالانت لسوليفان أن توسيع العملية البرية في رفح أمر بالغ الأهمية للمهمة التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة، مضيفاً: «نحن ملتزمون بذلك».

وتناول لقاء غالانت وسوليفان السياق الأوسع للحرب في غزة والجهود المبذولة لإعادة المحتجزين.

وحاول غالانت طمأنة سوليفان بشأن المدنيين في رفح، وقال له إنه تم اتخاذ وتغيير الإجراءات لتسهيل إخلاء المدنيين من رفح وإنشاء استجابات إنسانية مناسبة.

وعرض وزير الدفاع الإسرائيلي خلال الاجتماع خطة «تتوافق» مع طلب واشنطن العناية بالسكان المدنيين في رفح خلال العملية العسكرية.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يصل لحضور اجتماع لحزب الليكود في الكنيست الاثنين (رويترز)

وكانت المواجهة على الحدود الشمالية مع «حزب الله»، على طاولة النقاشات كذلك. وحذّر غالانت، في هذا الإطار، من أن «عدوان حزب الله المستمر ورفضه التفاوض قد يؤدي إلى تصعيد كبير». والبديل فقط هو «تحقيق وضع أمني يستبدل الوضع الراهن بما يتيح العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم»، بحسب ما جاء في الإعلان الإسرائيلي بخصوص اللقاء مع سوليفان.

واستكشف الطرفان استراتيجيات لتعزيز موقع إسرائيل في الشرق الأوسط مع الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي.

وكان سوليفان وصل إلى إسرائيل الأحد، قادماً من المملكة العربية السعودية، في زيارة استهدفت إجراء نقاشات أوسع من أجل دفع خطة لإقامة دولة فلسطينية، وكبح اجتياح إسرائيلي لرفح، ووضع خطة سياسية لليوم التالي للحرب لا تقوم على احتلال عسكري، وإنما على حكم فلسطيني.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصل لحضور اجتماع مع أعضاء في حزب الليكود الذي يقوده في مقر الكنيست بالقدس الاثنين (رويترز)

وعرض سوليفان على نتنياهو الأحد، الفرصة المتاحة حالياً لإسرائيل لتطبيع واسع للعلاقات مع العالم العربي، إذا وافقت تل أبيب على مسار يؤدي إلى دولة فلسطينية مستقبلية، لكن نتنياهو أكد أنه لن يقبل بدولة فلسطينية.

وإضافة إلى نتنياهو، التقى سوليفان بالرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، وناقش معهم أيضاً الجهود الجارية لضمان إطلاق سراح المحتجزين في غزة و«هزيمة حماس»، قبل أن يجتمع مع كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين للاطلاع على العمليات الأخيرة للجيش الإسرائيلي في غزة.

وطلب سوليفان تجنب إلحاق الضرر بالمدنيين، وأعاد على كل من اجتمع معه التأكيد على موقف الولايات المتحدة ضد عملية عسكرية كبيرة في رفح بسبب المخاوف من أنها ستسبب مزيداً من الضرر بالمدنيين الذين يحتمون هناك، وستلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بالعلاقات مع مصر، التي تشترك في الحدود مع رفح.

واقترح سوليفان سلسلة من الإجراءات الملموسة لضمان تدفق مزيد من المساعدات إلى غزة، بما في ذلك من خلال جميع المعابر المتاحة، ومن خلال الممر البحري الإنساني.

وشدد سوليفان على الحاجة إلى أن تقوم إسرائيل بـ«إنشاء ممرات ثابتة داخل غزة لضمان وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين في جميع أنحاء غزة».

جانب من تشييع ضابط قُتل في معارك غزة بمقبرة نتانيا شمال تل أبيب الاثنين (رويترز)

كما أكد سوليفان ضرورة قيام إسرائيل بربط عملياتها العسكرية باستراتيجية سياسية يمكن أن تضمن «الهزيمة الدائمة لحماس»، والإفراج عن جميع المحتجزين، وتوفير مستقبل أفضل لغزة.

والاثنين، عاد سوليفان والتقى بوزيري مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت، وناقش معهما القضايا التي بحثها مع بقية المسؤولين، لكنه سمع كلاماً مماثلاً فيما يخص رفح.

وقال غانتس لسوليفان إن إسرائيل ملتزمة بمواصلة القتال في رفح وفي كل مكان بغزة حتى زوال التهديد من «حماس» وعودة المحتجزين، وفي الوقت نفسه ملتزمة ببديل مدني في اليوم التالي للحرب.

وتريد الولايات المتحدة عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة، لكن نتنياهو يرفض بشدة، ويقول إنه لن يستبدل حكم حكم «فتحستان» بـ«حماسستان».

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن سوليفان أكد خلال جولة لقاءاته مع القيادات الرفيعة أهمية وجود خطة واضحة لمستقبل القطاع.

ونقلت الهيئة عنه قوله إن إسرائيل لا بد أن تعمل على صياغة سياسة لليوم التالي للحرب في غزة.

وهذا الموضوع محل خلاف كبير في إسرائيل نفسها ويهدد مجلس الحرب بالانهيار.

وكان غالانت هاجم نتنياهو بسبب عدم وضعه خطة لليوم التالي لغزة، معارضاً أي احتلال عسكري إسرائيلي للقطاع، ثم أعطاه غانتس فرصة مدتها 20 يوماً للاستجابة لمطالب تضمنت وضع خطة لإعادة المحتجزين وإنشاء آلية حكم مدني في غزة وإعادة سكان الشمال إلى منازلهم والدفع بالتطبيع مع المملكة العربية السعودية كجزء من عملية شاملة وتبني إطار للخدمة «العسكرية - المدنية» يخدم بموجبه جميع الإسرائيليين.

ورد نتنياهو مهاجماً غالانت وغانتس، رافضاً إنهاء الحرب أو إنشاء دولة فلسطينية أو إقامة حكم فلسطيني تقوده السلطة أو «حماس».

ودعم اليمين المتطرف نتنياهو، وهاجم بشدة غالانت وغانتس.

وطالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الاثنين، باحتلال قطاع غزة كاملاً وتهجير مئات آلاف الفلسطينيين من ساكنيه «طواعية»، باعتبار ذلك «الحل الوحيد».

ويواجه مجلس الحرب الإسرائيلي شبح الانهيار أكثر من أي وقت مضى، باعتبار العلاقات المتوترة داخل المجلس الوزاري ليست فقط بين أفراد المستوى السياسي أنفسهم، بل بينهم وبين القيادة العسكرية كذلك.


الخطّة الأمنية مستمرّة في بيروت الكبرى رغم الاعتراض

عناصر من قوى الأمن أثناء حملة أمنية سابقة لقمع المخالفات (موقع قوى الأمن)
عناصر من قوى الأمن أثناء حملة أمنية سابقة لقمع المخالفات (موقع قوى الأمن)
TT

الخطّة الأمنية مستمرّة في بيروت الكبرى رغم الاعتراض

عناصر من قوى الأمن أثناء حملة أمنية سابقة لقمع المخالفات (موقع قوى الأمن)
عناصر من قوى الأمن أثناء حملة أمنية سابقة لقمع المخالفات (موقع قوى الأمن)

تواصل وزارة الداخلية اللبنانية، بكلّ أجهزتها، تنفيذ الخطة الأمنية في بيروت الكبرى، لتوقيف المطلوبين وقمع المخالفات وحجز السيارات والدراجات النارية التي تتجوّل من دون أوراق ثبوتيّة، وإقفال المحال التجارية غير المرخّصة.

وتباينت المواقف بين مرحّب بالخطّة على أبواب موسم الاصطياف، ومعارض لها؛ كونها أتت من دون إعطاء مهلة للمواطنين لتسوية أوضاعهم القانونية، خصوصاً أصحاب السيارات والدراجات النارية غير المسجّلة.

وأشار مصدر في وزارة الداخلية إلى أن الخطّة الأمنية «بدأت يوم الأربعاء الماضي، وهي مستمرّة ما دامت الضرورات الأمنية تقتضيها». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «النتائج الأولية للإجراءات عكست نتائج جيدة جداً، وساهمت في خفض الجريمة بنسبة عالية جداً»، مشدداً على أن «غايتها حماية الناس وفرض الأمن والاستقرار وليس ترويع الناس أو تخويفهم».


العراق: صراع الزعامات السُّنية يفقدهم أهم منصب سيادي يحتلونه

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
TT

العراق: صراع الزعامات السُّنية يفقدهم أهم منصب سيادي يحتلونه

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

بالنسبة للكثيرين وطبقاً لما يدور في أروقة السياسة العراقية وبين النخب بما في ذلك الصالونات والنوادي الفكرية أن سُنة العراق الذين حكموا البلاد لمدة 80 عاماً (1921 - 2003) لم يستوعبوا بعد صدمة تغيير النظام السابق عام 2003.

فهم لم يكونوا جسماً رئيسياً بالمعارضة العراقية (الشيعية ـ الكردية) التي بدأت تتبلور ضد نظام صدام حسين منذ أواخر سبعينات القرن الماضي وأصبحت منذ أوائل التسعينات رقماً صعباً في معادلة تغيير الحكم بعد قيام صدام حسين باحتلال الكويت عام 1990 ومن ثم شن الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها حرباً شاملة ضد العراق عام 1991 نتجت عنها هزيمة كبيرة بانسحاب بدا مذلاً للجيش العراقي من الكويت.

ومع أن ما حصل بعد تلك الحرب مباشرة ما عُرف بـ«الانتفاضة الشعبانية» التي قام بها الشيعة في العراق ضد نظام صدام حسين، فإن سماح الولايات المتحدة له باستخدام الطائرات ثابتة الجناح في قمع تلك الانتفاضة جعله ينظر إلى مجريات ما حصل على أنه انتصار له كونه بقي في السلطة، الأمر الذي جعله يطلق على كل ما جرى تسمية «أم المعارك». لكن كان من بين أخطر ما جرى آنذاك أمران؛ الأول هو شبه استقلال لمحافظات كردستان الثلاث (أربيل ـ السليمانية ـ دهوك) التي كانت تتمتع منذ عام 1974 بنظام حكم ذاتي شكلي. وبعد فرض حظر الطيران عبر خطي طول وعرض 33 و36 تمتع الإقليم الكردي بنوع من الاستقلال التام عن النظام منذ عام 1992 حتى سقوطه عام 2003. الأمر الثاني المهم هو تبلور قوى المعارضة العراقية التي بدأت تعقد مؤتمرات في العديد من العواصم غرباً وشرقاً وهو ما شجع الولايات المتحدة الأميركية على اتخاذ قرار إسقاط النظام أو ما سمّته قانون «تحرير العراق» عام 1989 بتمويل مالي يصل إلى 98 مليون دولار أميركي.

ولأن الجسم الرئيسي للمعارضة العراقية كان شيعياً ـ كردياً ولم يكن للعرب السُّنة تمثيل مهم، إذ لا توجد قوى سنية أساسية معارضة لصدام في الخارج، إلا أن المفارقة التي لفتت الأنظار أنه في الوقت الذي لم تتمكن قوى المعارضة في الخارج من إحداث تأثير يذكر في بنية النظام فإن عدة محاولات انقلاب ضد النظام حصلت من داخله ومن قبل قيادات سنية عسكرية وعشائرية من محافظات سنية «حركة عشائر الجبور في محافظة صلاح الدين» وحركة «اللواء محمد مظلوم في محافظة الأنبار»، فضلاً عن محاولات أخرى في بغداد ومن قبل قيادات مهمة أخرى كان أبرزها انشقاق حسين كامل صهر صدام حسين وأحد أبناء عمومته.

لكن جميع تلك المحاولات كانت تعد سواء في دوائر الغرب أو حتى في أوساط المعارضة العراقية في الخارج محاولات انقلاب داخلية أو انقلابات قصر داخل أروقة السلطة السنية.

يضاف إلى ذلك وفي موازاة ما كان يحصل في الداخل من حركات تململ داخلية، كان هناك عدد من الضباط الكبار قد هربوا إلى الخارج والتحق جزء منهم بالمعارضة. ومع أهمية ما كانوا يتمتعون به من أدوار داخل المؤسسة العسكرية العراقية فإنهم لم يتمكنوا من أن يكونوا ضمن الخط الأول من معارضي صدام ممن نصبتهم الولايات المتحدة الأميركية قادة البلد بعد التغيير عام 2003.

بعد تغيير النظام عام 2003 بدءاً بهدم تمثال صدام حسين إلى مطاردته ومن ثم العثور عليه في منطقة قريبة من مسقط رأسه في تكريت وهي منطقة الدور وصولاً إلى محاكمته وتنفيذ حكم الإعدام به أواخر عام 2006، بدت كل من الولايات المتحدة والمعارضة في حالة فوضى وتخبّط في كيفية إدارة البلد بعد سقوط نظامه الذي كان حديدياً.

ومع نشوة ما كانت تشعر به المعارضة بعد القضاء على خصمهم الذي طاردهم وطاردوه لنحو ربع قرن، فإن أميركا وعبر الحاكم المدني الذي نصبته على العراق بول بريمر لم تعد مهتمة بما يمكن أن يحصل في العراق، حيث بدا أن هدفها كان إسقاط صدام حسين فقط.

ومع أن قوى المعارضة التي تسلمت الحكم ورغم كتابتها دستوراً بدا طبيعياً بل ومهماً في الكثير من مواده وفصوله على طريق بناء دولة عصرية فإنها استسلمت لأعراف بريمر ومن بينها بل أخطرها توزيع المناصب السيادية العليا (الرئاسات الثلاث) على المكونات.

وفي الوقت الذي كان يرى الكثيرون سواء كانوا سياسيين أم فاعلين اجتماعيين أو فكريين أن من المنطقي أن يتم تسليم منصب رئيس الجمهورية إلى عربي سني كون المحيط العربي للعراق سنياً بالكامل فإنه طبقاً لعرف بريمر تم تسليم منصب رئيس الجمهورية إلى الكرد. وبينما احتكر الشيعة المنصب التنفيذي الأول في البلاد وهو رئاسة الوزراء، فإن العرب السُّنة كان من حصتهم منصب رئيس البرلمان.

ومع أن هذه القسمة بدت غير مقنعة لكنها مضت عبر كل الدورات البرلمانية السابقة، حيث تولى عدد من قياديي السُّنة هذا المنصب. ومع أن صلاحيات البرلمان بوصفه سلطة تشريعية تبدو كبيرة بالقياس إلى صلاحيات رمزية لمنصب رئيس الجمهورية، فإن الجانب الاعتباري لمثل هذه المناصب تبدو هي الأكثر أهمية على صعيد تكريس مفهوم الزعامة.

وبينما بدا أن هذا التوزيع المكوناتي للمناصب السيادية العليا قد أدى إلى تفتيت البيوت المكوناتية بما في ذلك الشيعة والكرد، فإن الخسارة بدت أكبر للعرب السُّنة الذين يشعرون بعدم الإنصاف سواء على صعيد عدم وجود توازن في مناصب الدولة وهياكلها فضلاً عن مطاردتهم عبر قوانين العدالة الانتقالية ومن أبرزها قانون المساءلة والعدالة.

ومع كل المحاولات التي جرت عبر البرلمان الذي يترأسه عربي سني لتعديل هذه القوانين ومنها قوانين العفو العام لكنها لم تتحقق بالطريقة التي يأملها السنة في محافظاتهم، لا سيما الغربية منها، الأمر الذي حول منصب رئيس البرلمان إلى ساحة للتنافس الزعاماتي بين القادة السنة أنفسهم. ومع استمرار الأوضاع مثلما هي دون تغيير، فإن صراع الزعامات السنية أدى بالسُّنة إلى فقدان أهم منصب سيادي يحتلونه حسب التوزيع المكوناتي، وهو منصب رئيس البرلمان، حيث لم يتمكنوا من الاتفاق على مرشح واحد لخلافة الحلبوسي في رئاسة البرلمان، الأمر الذي أدى إلى بقاء المنصب بيد قيادي شيعي هو النائب الأول لرئيس البرلمان ربما إلى نهاية الدورة الحالية أواخر العام المقبل.