مئات العراقيين يواصلون الاعتصام على الحدود مع الأردن دعماً لغزة

«العتبة الحسينية» تعلن استعدادها للتكفل بعلاج جرحى القطاع

أنصار الصدر يحملون علمي العراق وفلسطين في مسيرة قرب السفارة الأميركية ببغداد يوم الجمعة (إ.ب.أ)
أنصار الصدر يحملون علمي العراق وفلسطين في مسيرة قرب السفارة الأميركية ببغداد يوم الجمعة (إ.ب.أ)
TT

مئات العراقيين يواصلون الاعتصام على الحدود مع الأردن دعماً لغزة

أنصار الصدر يحملون علمي العراق وفلسطين في مسيرة قرب السفارة الأميركية ببغداد يوم الجمعة (إ.ب.أ)
أنصار الصدر يحملون علمي العراق وفلسطين في مسيرة قرب السفارة الأميركية ببغداد يوم الجمعة (إ.ب.أ)

لليوم الثالث على التوالي، يواصل مئات العراقيين الاعتصام عند المنفذ الحدودي الفاصل بين العراق والأردن «طريبيل»، في محاولة منهم لإيصال المساعدات التي قرر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إرسالها إلى غزة في حال وافقت الحكومة الأردنية.

وبينما لا توجد أي مؤشرات على إمكان فتح المنفذ الحدودي لتدفق المساعدات أو أعداد من المعتصمين عند الحدود، فإن مسؤولاً مقرباً من زعيم التيار الصدري أكد أن الأمم المتحدة بدأت تتواصل مع الصدر في كيفية إيصال المساعدات إلى قطاع غزة. ولم يحدّد المسؤول الطريقة التي تواصلت بها الأمم المتحدة مع الصدر أو السبل التي سيتم من خلالها جمع المساعدات وإيصالها وعن أي طريق.

يذكر أن الحكومة العراقية كانت قد قررت من جهتها فتح باب التبرع والمساعدات وإرسالها إلى قطاع غزة، لكن عبر التنسيق مع الحكومة المصرية، وهو أمر لم يتم الاتفاق بشأنه حتى الآن، إذ لم تعلن الجهات العراقية عن إرسال أي مساعدات إلى القطاع في وقت تتواتر الأنباء بشأن فتح معبر رفح وأعداد الشاحنات التي يسمح لها بالدخول يومياً.

رئيس الوزراء العراقي أثناء حضوره «قمة السلام» في القاهرة يوم السبت (رويترز)

تباين المواقف

وبينما تستمر الضغوط الشعبية والحزبية، بالإضافة إلى الفصائل المسلحة المقربة من إيران بشأن الطريقة التي يتعين على الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني التعامل بموجبها مع أحداث غزة، فقد جاءت مشاركة السوداني في قمة القاهرة وسط تباين في مواقف تلك الأطراف. وقال مصدر مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بشأن ما يمكن أن يقوله السوداني عبر هذه المشاركة فإن «رئيس الوزراء يؤكد مضمون الموقف العراقي الذي جرى التعبير عنه طوال الأسبوعين الماضيين بعد عملية (طوفان الأقصى)، وما جرى خلال ذلك عراقياً رسمياً وجماهيرياً». وأضاف أن «العراق ينطلق في موقفه من ثوابت معروفة لم تتغير مع تغير الأنظمة السياسية على البلاد، حيث إن الجرائم التي ارتكبها الإسرائيليون وعدم اعترافهم بالقوانين والأعراف الدولية كانت أحد الأسباب الرئيسية التي أوصلت القضية إلى هذه الأوضاع المأساوية».

وبيّن أن «العراق لم ولن يساوم على الحق الفلسطيني الثابت في العيش داخل أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس مع الرفض الكامل لأي عملية تهجير لسكان قطاع غزة مع التأكيد على أن السلام الدائم يتطلب النظر بشكل جدي في مطالب الفلسطينيين وعدم الالتفاف عليها». وأوضح المصدر أن «السوداني سواء في كلمته أو عبر لقاءاته على هامش القمة مع عدد من الزعماء والمسؤولين العرب والأجانب يؤكد أن استمرار الجرائم التي ترتكبها إسرائيل إنما هي حرب مستمرة في المنطقة ستعود بالضرر على الأمن العالمي، وتهدد سوق الطاقة».

واختتم المصدر حديثه بالقول إن «مشاركة العراق في هذه القمة تؤكد موقعه المهم في المنطقة وتعويل أطراف دولية عدة على شخص الرئيس السوداني في محاولة احتواء الأزمة، حيث جرت اتصالات في الآونة الأخيرة مع رئيس الوزراء كلها تؤكد وتقر بقدرة العراق على لعب دور رئيسي في تهدئة الأوضاع والحفاظ على الأمن في المنطقة، ومنه اتصال الرئيس الأميركي جو بايدن وطلبه من رئيس الوزراء محمد السوداني لعب دور في هذا الاتجاه».

عشرات العراقيين يتظاهرون تضامناً مع الفلسطينيين وسط بغداد (رويترز)

لا جلوس مع ممثل إسرائيلي

إلى ذلك، وفي ظل عدم تعويل الأطراف العراقية المسلحة التي استأنفت قصف الأهداف الأميركية في العراق، على قمة القاهرة، فقد كشف مصدر حكومي عراقي عن أن الوفد العراقي المشارك في مؤتمر القاهرة للسلام برئاسة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني سينسحب فوراً من المؤتمر في حال وجود أي تمثيل إسرائيلي.

وقال المصدر، في تصريح صحافي، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تأكد من الجانب المصري من عدم وجود أي ممثل لإسرائيل في مؤتمر السلام في القاهرة، قبل قبوله مشاركته في المؤتمر. وأكد المصدر أن الوفد العراقي سوف ينسحب في حال وجود أي مَن يمثل إسرائيل.

من جهتها، أعلنت الأمانة العامة للعتبة الحسينية في محافظة كربلاء، استعدادها للتكفل بنقل وعلاج جرحى الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة داخل مستشفياتها في محافظة كربلاء، بالتنسيق مع الجهات المختصة في الحكومة العراقية. وقالت الأمانة العامة، في بيان، إن «العتبة الحسينية تعلن استعدادها للتكفل بعلاج جرحى قصف العدوان الصهيوني على قطاع غزة داخل مستشفياتها وأنها مستعدة لتكفل أجور نقلهم وعلاجهم وإقامتهم في محافظة كربلاء بالتنسيق مع الجهات المختصة في الحكومة العراقية». وبيّنت العتبة أن «هذه المبادرة الإنسانية إنما هي ترجمة عملية لتوصيات المرجع الديني آية الله علي الحسيني السيستاني».


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع السوري لنظيره الإيراني: نحن في القارب نفسه

المشرق العربي رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)

وزير الدفاع السوري لنظيره الإيراني: نحن في القارب نفسه

هنأ وزير الدفاع السوري، العماد علي محمود عباس، في اتصال هاتفي اليوم، نظيره الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، بتعيينه وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مركبة مدرعة إسرائيلية خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين بطولكرم الخميس 29 أغسطس 2024 (أ.ب)

واشنطن تريد معرفة «الأهداف» الإسرائيلية من اقتحامات الضفة الغربية

أكد مسؤول كبير بالبيت الأبيض، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن إدارة الرئيس جو بايدن على تواصل مع المسؤولين الإسرائيليين لمعرفة «أهداف إسرائيل من هجمات الضفة».

هبة القدسي (واشنطن) «الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فتاة تجر كرسيا بعجلات فيه طفلان وسط الدمار في قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي ينقذ رهينة في قطاع غزة وسط استمرار القصف وسقوط الضحايا

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إنقاذ رهينة عربي إسرائيلي في جنوب قطاع غزة، بينما يواصل قصف مناطق وإصدار أوامر إخلاء جديدة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي بن غفير متحدثاً من باحة المسجد الأقصى في 17 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بن غفير يحيي شبح الحرب الدينية بفكرة بناء كنيس في الأقصى

جدد وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، دعوته للسماح لليهود بالصلاة في الأقصى، معلناً أنه يريد بناء كنيس هناك، ما خلّف عاصفة من التهديدات والانتقادات.

كفاح زبون (رام الله)

وفاة سجين في «رومية» تحيي قضية «الموقوفين الإسلاميين»

نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)
نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

وفاة سجين في «رومية» تحيي قضية «الموقوفين الإسلاميين»

نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)
نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)

عادت قضية «الموقوفين الإسلاميين» في لبنان إلى الواجهة مجدداً، مع وفاة السجين عمر حميّد، مساء السبت، جرّاء أزمة قلبية والتأخر في تقديم الإسعافات الطبيّة له، ما دفع برفاقه إلى «تحرّك عفوي» في باحة المبنى «ب» داخل سجن رومية المركزي (شرق بيروت).

وأحيت هذه الحادثة المطالبة بـ«إقرار قانون العفو العام الشامل». وفيما أكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن النيابة العامة التمييزية «أمرت بفتح تحقيق سريع، والتثبّت مما إذا خضع المتوفى لمعاينة طبية، أم أن هناك تقصيراً أدى إلى الوفاة»، أفاد مصدر أمني بأن السجين «قضى داخل المستشفى خلال تقديم الإسعافات الطبية له».

وكان السجين المتوفى عمر حسن حميّد، البالغ من العمر 37 عاماً، المحكوم عليه بعقوبة الإعدام بالتورّط في جريمة قتل الرائد بالجيش اللبناني، بيار بشعلاني، والمعاون أول إبراهيم زهرمان، في أطراف بلدة عرسال (البقاع) مطلع شهر فبراير (شباط) 2013، قد أصيب بأزمة قلبية حادّة داخل زنزانته في سجن رومية المركزي، وما لبث أن فارق الحياة بعد نقله إلى المستشفى.

وهذا ما أدى إلى تحرك اعتراضي في الباحة الداخلية للسجن اعتراضاً على الإهمال والتأخر في نقله إلى المستشفى. وأوضح مصدر أمني بارز أن السجين المتوفى «أصيب بذبحة قلبية نحو الساعة الخامسة من عصر يوم السبت، فجرى استدعاء طبيب السجن الذي حضر وعاينه وأمر بنقله إلى المستشفى».

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد دقائق قليلة، حضرت سيارة الإسعاف ونقل السجين إلى مستشفى ضهر الباشق الحكومي، الذي يبعد عن السجن مسافة لا تزيد على 3 دقائق، وخلال تقديم الإسعافات له في قسم الطوارئ فارق الحياة».

وشدد المصدر على أن «الفترة الفاصلة ما بين وصول الطبيب وحضور سيارة الإسعاف ونقل المريض لم تتعدَّ بضع دقائق، ولم يحصل أي إهمال أو تأخير تسبب بالوفاة».

وعلى أثر تداول معلومات تتحدث عن حالة تمرّد داخل سجن رومية، وخطف عناصر مع قوى الأمن الداخلي المولجين حماية السجن، إثر الإعلان عن وفاة السجين حميّد، أصدر سجناء المبنى «ب» بياناً، دحضوا فيه هذه الشائعات، وعدّوا أن «فبركة هذه الأخبار تهدف للتغطية على تقصير المسؤولين عن الطبابة في السجن والتغطية على الجريمة التي حصلت».

وأكد السجناء أنه «لم يحصل أي عملية تمرّد أو عصيان في السجن، بل اعتصام سلمي عفوي في باحة المبنى (ب) نتيجة الصدمة التي تلقيناها بوفاة المغفور له عمر حميّد». واتهم هؤلاء ما سمّوها «الغرف السوداء التي تُفبرك الشائعات، وتريد تضليل الرأي العام، والتغطية على فشل الإدارة الذريع في الملف الطبي». ودعا السجناء إلى «تشكيل لجنة تحقيق لمحاسبة المسؤولين عن وفاة السجين، وإيجاد حل سريع لأزمة الطبابة المستفحلة في سجون لبنان».

وأحيت الحادثة قلق أهالي «الموقوفين الإسلاميين»، الذين يعانون منذ سنوات طويلة من التأخير في محاكمتهم، وقال مصدر بلجنة متابعة قضية «الموقوفين الإسلاميين» لـ«الشرق الأوسط»: إن «قانون العفو العام بات حاجة ملحّة». وحمّل قوى سياسية مسؤولية عرقلة إقرار هذا القانون، وسأل: «كيف يتبجّح البعض بأن العفو العام يؤدي إلى إطلاق سراح مجرمين، في حين أن الذين فجّروا مرفأ بيروت وقتلوا مئات الأبرياء ما زالوا بلا محاسبة؟ ولماذا السكوت عن الذين اغتالوا الرئيس رفيق الحريري، وسائر الاغتيالات، وحمايتهم من العقاب؟».

من جهته، أعرب رئيس لجنة حقوق الإنسان، النائب ميشال موسى، عن أسفه لوفاة سجين في رومية، وما رافق وفاته من أعمال عنف وشغب، داعياً الحكومة إلى «الالتفات إلى أوضاع السجون، رغم تعدد اهتماماتها في هذه الظروف بالغة الصعوبة». وطالب في تصريح بـ«إجراء تحقيق شفّاف لتحديد أسباب الوفاة وتبيان الحقيقة، بما يحسم التساؤلات والجدل القائم».

وأضاف موسى: «لطالما حذّرنا من هذه القنبلة الموقوتة المتمثلة في اكتظاظ السجون، ودعونا الجهات المسؤولة إلى إنشاء سجون جديدة أو إيجاد أماكن موقتة لحل هذه الأزمة المستعصية، إضافة إلى تسريع المحاكمات، واقتراح حلول تسهم في معالجتها».

وختم رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية: «إن استمرار غض الطرف عن مشكلة بهذا الحجم، من شأنه أن يدفعها إلى التفاقم، وتالياً أن يطيح بكل الإيجابيات الصحية والتموينية التي أمكن تحقيقها للسجناء في المرحلة السابقة».