«كتائب القسّام» فرع لبنان تتحرك جنوباً بغطاء من «حزب الله»

نفذت 3 عمليات منذ انطلاق «طوفان الأقصى»

أضرار أصابت مدرسة في بلدة علما الشعب الحدودية جراء القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
أضرار أصابت مدرسة في بلدة علما الشعب الحدودية جراء القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT
20

«كتائب القسّام» فرع لبنان تتحرك جنوباً بغطاء من «حزب الله»

أضرار أصابت مدرسة في بلدة علما الشعب الحدودية جراء القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
أضرار أصابت مدرسة في بلدة علما الشعب الحدودية جراء القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

منذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى» في السابع من الشهر الحالي، نفّذت «كتائب القسّام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، 3 عمليات من الأراضي اللبنانية، الأولى تمثلت بإطلاق مجموعة من الصواريخ على الجليل الغربي، والثانية أعلنت عنها مؤخراً وهي عملية تسلل لعدد من عناصرها عبر الحدود اللبنانية أدّت إلى مقتل 3 منهم.

أما العملية الثالثة، وقد حدثت يوم الأحد، فتمثلت بإطلاق مجموعة جديدة من الصواريخ على مستوطنتي «شلومي» و«نهاريا».

وكانت إسرائيل بادرت منذ اليوم الأول لشنّ هذه الكتائب عمليات من داخل لبنان لتحميل «حزب الله» المسؤولية، لذلك استهدفت مواقعه بعد تسلل مجموعة فلسطينية عبر الحدود اللبنانية، ما أدى إلى مقتل 3 من عناصره.

ويؤكد أكثر من مصدر فلسطيني أن «القسّام»، كما «سرايا القدس» وأي مجموعة أخرى، يتحرك بغطاء من «حزب الله» الممسك بالجبهة الجنوبية.

وظل الحديث عن وجود «القسّام» في لبنان في السنوات الماضية بإطار التكهنات، إذ لم تعلن عن ذلك بشكل رسمي يوماً.

وبدا أن «حماس» اتجهت أكثر فأكثر إلى تنظيم نفسها عسكرياً، بعدما كان وجودها في لبنان طوال السنوات الماضية محصوراً بالنشاط الإعلامي والسياسي والثقافي والاجتماعي والجماهيري، على حد تعبير مصدر فلسطيني مطلع، بعد الانفجار الذي وقع في ديسمبر (كانون الأول) 2021 في مخيم البرج الشمالي، حيث أفيد وقتها أنه كان ناتجاً عن حريق نشب في مستودع لوقود الديزل، امتد إلى أحد مستودعات الذخيرة التابعة لـ«حماس»، التي نفت الموضوع وتحدثت عن تماس كهربائي في مخزن مستلزمات وقاية من فيروس «كورونا».

وبحسب المعلومات، تتركز قوة ودور «حماس» بشكل أساسي في مخيمي البرج الشمالي والبص في منطقة صور، جنوب لبنان، كما في مخيم برج البراجنة في بيروت، ولديها وجود متنامٍ على الصعد كافة في مخيم عين الحلوة في الجنوب.

ويقول مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا معسكرات لـ(القسّام) معلناً عنها، ووجودها سري في معظم المخيمات، وخاصة في البرج الشمالي وعين الحلوة».

ويتحفظ مسؤولون في «حماس» عن الحديث عن وجود «كتائب القسّام» وعدد عناصرها وأهدافها في لبنان. ويقول مسؤول «العمل الجماهيري» في الحركة، رأفت مرة، لـ«الشرق الأوسط»: «دورنا ومكاننا هو مع أبناء شعبنا الفلسطيني بمواجهة الإرهاب الإسرائيلي والتصدي للهمجية الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة. نحن اللاجئين جزء أساسي من الشعب الفلسطيني، وملتزمون بواجباتنا بالدفاع عن القدس والأقصى ودحر الاحتلال. لذلك نمارس من لبنان حقنا الطبيعي بمواجهة الإرهاب والاحتلال». وعما إذا كانت عمليات «حماس» ستتكثف انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، وإذا ما كان هناك هجوم واسع يشنّه محور المقاومة من جنوب لبنان، يلفت مرة إلى أن «مستقبل العمليات مرتبط بالوضع الميداني في غزة ونتائج الجهود التي تبذل لوقف العدوان»، ويضيف: «نحن منذ اليوم الأول لـ(طوفان الأقصى) وجّهنا رسالة للقوى الفلسطينية والعربية والإسلامية والوطنية لتشارك في هذه المعركة، ونترك لها أن تعبر عن موقفها تبعاً لإمكاناتها وقدراتها ووزنها الاستراتيجي».

ويشرح مدير مركز تطوير للدراسات الاستراتيجية والتنمية البشرية، الباحث الفلسطيني هشام دبسي، أن «كتائب (القسام) موجودة حيث توجد حركة (حماس) وتنظيمها في كل المخيمات الفلسطينية، وإن كانت لا تمتلك قواعد خارج المخيمات على الأراضي اللبنانية، مثل (القيادة العامة) و(الصاعقة) و(فتح الانتفاضة)، لأن (حماس) بالأساس لم تنتهج سياسة بناء قواعد عسكرية في لبنان، والقيام بأعمال عسكرية ضد الإسرائيليين انطلاقاً من الأراضي اللبنانية». ويعدّ دبسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يحصل الآن تطور مرتبط بتطبيق استراتيجية وحدة الساحات لأن الحركة لا تستطيع من الناحية اللوجستية أن ترسل وحدة مقاتلة فدائية تخترق الحدود وتنفذ عملية داخل الأراضي المحتلة من دون أن يتم هذا عن طريق الحليف المحلي، أي (حزب الله) الذي أعلن عن غرفة عمليات مشتركة وعن استراتيجية وحدة الساحات»، مضيفاً: «حتى اللحظة، لا يمكن القول إن هناك مهاماً واسعة النطاق لمقاتلي (حماس) خارج إطار التنسيق مع (حزب الله). أما الحديث عن قدرة خاصة للحركة لفتح جبهة الجنوب اللبناني ضد إسرائيل فهذا غير متوفر على الإطلاق، لأنه مختلف عن عمليات الاقتحام المحدودة التي تحصل اليوم». ويرجح دبسي أن تكون العمليات التي تنطلق من الجنوب «محصورة بإطار تطبيق استراتيجية وحدة الساحات على قاعدة أن (حزب الله) هو الذي يؤمن المسار الكامل لتنفيذ هذه العمليات، لأن الفلسطينيين في لبنان منذ أن أصبحت منطقة الجنوب مغلقة بواسطة الجيش اللبناني و(حزب الله) لم يكن لهم دور مستقل، ولم يكونوا في لحظة من اللحظات يتصرفون بمعزل عن علاقتهم مع (حزب الله) أو سوريا أو الجيش. وبالتالي مهما كانت قوة وانتشار حركة (حماس) داخل المخيمات كبيرة، فهذا لا يمكن ترجمته بالقدرة على فتح جبهة عسكرية من الجنوب اللبناني بعيداً عن وحدة الساحات وقرار (حزب الله)».

أما الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير فيعدّ أن «التطورات الأخيرة في غزة هي التي دفعت (حماس) إلى تشكيل مجموعات عسكرية في لبنان موجودة في كل المخيمات»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنها «تتعاون وتنسق مع (حزب الله)، وقد قامت بعمليات محدودة كما حصل مع (سرايا القدس) لحركة (الجهاد الإسلامي)». ويضيف: «التطورات في غزة دفعت جميع القوى المقاومة إلى تقديم الدعم ميدانياً. حتى الآن العمليات محدودة، لكن إذا تطورت الأوضاع في غزة فقد تفتح جبهة الجنوب».


مقالات ذات صلة

نسيج النكهات والخلطات العالمية في معرض «هوريكا» ببيروت

يوميات الشرق اللبنانية الأولى نعمت عون تفتتح معرض «هوريكا» (الشرق الأوسط)

نسيج النكهات والخلطات العالمية في معرض «هوريكا» ببيروت

في نسخته الـ29، يُجدّد «هوريكا» في مساره، ومحتواه، إذ يطلّ على خبراء في عالم التغذية والطبخ من مختلف دول العالم. ويخصّص مساحات لعروض مباشرة في هذا الفنّ.

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي ناخبة لبنانية تدلي بصوتها في الانتخابات النيابية في بيروت عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)

اقتراح «اللائحة المقفلة» يتقدم في انتخابات بلدية بيروت

لا توحي الأجواء السائدة في شوارع بيروت بوجود حماسة للمشاركة في انتخاب مجلسها البلدي، في ظل تشديد على حماية المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي صورة لحسن نصر الله معلقة على مبنى بالقرب من موقع اغتيال العاروري بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle

مسؤول بـ«حزب الله»: مستعدون لمناقشة مسألة السلاح إذا انسحبت إسرائيل

كشف مسؤول كبير بجماعة «حزب الله» اللبنانية لوكالة «رويترز» عن أن الجماعة مستعدة لمناقشة مستقبل سلاحها مع الرئيس جوزيف عون إذا انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الداخلية أحمد الحجار مترئساً اجتماعاً تحضيرياً للانتخابات البلدية والاختيارية المقررة الشهر المقبل في لبنان (الوكالة الوطنية للإعلام)

استنفار في بيروت لحفظ «المناصفة» في بلديتها المقبلة 

تستنفر القوى والمرجعيات في بيروت قبل شهر على موعد الانتخابات البلدية في محاولة لمنع إنتاج مجلس بلدي من لون طائفي واحد.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار الناجمة عن الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس (إ.ب.أ)

إسرائيل تستأنف الاغتيالات في ضاحية بيروت

استأنفت إسرائيل، أمس، ملاحقة عناصر «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد 4 أشهر من حصر الملاحقات في جنوب لبنان وشرقه.

نذير رضا (بيروت) بولا أسطيح (بيروت)

سوريا: تهدئة التوتر في درعا وتواصل الجهود لسحب السلاح وضبط الأمن

تعزيزات الأمن العام في طريقها إلى مدينة بصرى الشام الجمعة (سانا)
تعزيزات الأمن العام في طريقها إلى مدينة بصرى الشام الجمعة (سانا)
TT
20

سوريا: تهدئة التوتر في درعا وتواصل الجهود لسحب السلاح وضبط الأمن

تعزيزات الأمن العام في طريقها إلى مدينة بصرى الشام الجمعة (سانا)
تعزيزات الأمن العام في طريقها إلى مدينة بصرى الشام الجمعة (سانا)

بين حين وآخر تتصدر درعا، جنوب البلاد، المشهد السوري، بوصفها منطقة أمنية هشّة. وبعد يومين من التصعيد أعلنت إدارة الأمن العام، السبت، التوصل إلى اتفاق مع وجهاء بصرى الشام، بريف درعا الشرقي، يقضي بتسليم 4 مطلوبين في قضية اغتيال القيادي بلال الدروبي التابع لوزارة الدفاع السورية، التي أدَّت إلى تصعيد خطير في درعا خلال اليومين الماضيين.

ولبحث آلية تسليم المطلوبين من مدينة بصرى الشام «بأفضل صورة ممكنة» بهدف الحد من التوتر، اجتمع محافظ درعا أنور الزعبي، ومدير الشؤون السياسية في درعا، مشهور المسالمة، ومسؤول الأمن في المنطقة، محمد السخني، مع هيئة الإصلاح، وتم الاتفاق على تعزيز مفرزة الأمن في منطقة بصرى الشام بقوات أمن إضافية، دعماً للإجراءات الأمنية وتثبيتاً لحالة الاستقرار في المنطقة.

وأشار بيان صادر عن محافظة درعا إلى أن الاتفاق يأتي في «إطار الجهود المبذولة لتعزيز الاستقرار وبسط سلطة الدولة في ريف درعا الشرقي».

تعزيزات الأمن العام في طريقها إلى مدينة بصرى الشام الجمعة (سانا)
تعزيزات الأمن العام في طريقها إلى مدينة بصرى الشام الجمعة (سانا)

وكانت أرتال من قوات الأمن العام قد دخلت مدينة بصرى الشام ليل الجمعة - السبت، وقامت بجولة سريعة في المدينة وعدد من البلدات المحيطة التي تشهد توترات، كما شنَّت حملة اعتقالات في بلدة الجيزة، وفق مصادر محلية، ثم انسحبت لدى التوصل إلى اتفاق يقضي بانسحابها، وذلك بعد اجتماعات عقدها وجهاء من درعا وقياديون محليون وممثلون عن السلطة السورية، ناقشوا خلالها تسليم سلاح عناصر «اللواء الثامن» سابقاً من مختلف مدن وبلدات المحافظة، وسحب السلاح الخفيف والثقيل من معقله في بصرى الشام.

يشار إلى أن «اللواء الثامن» كان يتبع للفيلق الخامس في قوات النظام السابق، وقد شكَّلته روسيا عام 2018، من الفصائل المعارضة التي رفضت تسليم السلاح، بعد التسويات التي شهدتها درعا بين قوات الأسد والفصائل المعارضة؛ حيث يعد «اللواء الثامن» الأقوى في درعا، بزعامة أحمد العودة الذي كان من أول الواصلين إلى العاصمة دمشق ليلة سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وكان من أول المهنئين للقيادة الجديدة، والتقى أكثر من مرة الرئيس السوري، أحمد الشرع، إلا أن فصيله لم يندرج ضمن تشكيلات وزارة الدفاع السورية الجديدة إلى جانب الفصائل التي تم دمجها، وأعلنت توافقها على قيادة أحمد الشرع للمرحلة الانتقالية. وحسب مصادر محلية اندمج جزء من «اللواء الثامن» ضمن تشكيلات إدارة الأمن العام.

تعزيزات الأمن العام في طريقها إلى مدينة بصرى الشام الجمعة (سانا)
تعزيزات الأمن العام في طريقها إلى مدينة بصرى الشام الجمعة (سانا)

وكان القيادي بلال المصاطفة (المقداد) المُلقب بلال الدروبي، أحد المنضمين إلى وزارة الدفاع السورية الجديدة، وهو قيادي سابق في الفصائل المحلية قبل اتفاقية التسوية مع نظام الأسد عام 2018، ثم انضم إلى «اللواء الثامن»، وبعد سقوط النظام انسحب منه وبدأ استقطاب عناصر من الفيلق للانضمام إلى وزارة الدفاع.

وتوفي بلال الدروبي في المستشفى، السبت، بعد تعرضه لاعتداء يوم الخميس من قبل مسـلحين وهو يستقل سيارته المدنية مع أفراد أسرته. وفق ما قالته صحيفة «الثورة» الرسمية، لافتة إلى أن هذا الاعتداء أدَّى لحدوث توتر أمني كبير في المدينة، تبعه تدخل وجهاء درعا وقوات الأمن العام لإنهاء التوتر وضبط الأمن في المدينة.

وقالت مصادر محلية في درعا إن اشتباكات حصلت بين فصائل تنتمي لـ«اللواء الثامن» وبعض القادة العسكريين الذين كانوا ينتمون إلى «اللواء الثامن»، والتحقوا مؤخراً بوزارة الدفاع السورية. وقامت قوات العودة باعتقال القيادي بلال الدروبي، الذي ينتمي لوزارة الدفاع بعدما أطلقت النار عليه وأصابته بطلقات أثناء وجوده بسيارته الخاصة برفقة زوجته وأطفاله.

وتسعى دمشق إلى ضبط الانفلات الأمني الذي تعاني منه محافظة درعا منذ سنوات؛ حيث تتواصل عمليات القتل الفردي والانتقامات، في ظل انتشار واسع للسلاح في درعا، وتفشي نشاط تهريب المخدرات، الأمر الذي ينعكس سلباً على أمن الحدود مع الجارة الأردن، كما يسهل التدخل الإسرائيلي، الساعي إلى ترسيم جديد لحدود المناطق المنزوعة السلاح، والتوغل في الأراضي السورية الجنوبية وزعزعة الاستقرار.

وتبذل جهات أهلية في محافظة درعا جهوداً حثيثة لاحتواء التوترات الحاصلة بين حين وآخر، بهدف التوصل إلى حلول لمسألة تسليم السلاح للسلطة، وسط تأكيدات إدارة الأمن العام بأن فرص «تسوية الأوضاع ما زالت متاحة أمام الجميع»، وأنها «لن تتهاون مع أي محاولة لزعزعة استقرار المنطقة».