نسيج النكهات والخلطات العالمية في معرض «هوريكا» ببيروت

يتجدَّد موعده كلَّ عام ليُمثّل نموذجاً عن لبنان النابض 

اللبنانية الأولى نعمت عون تفتتح معرض «هوريكا» (الشرق الأوسط)
اللبنانية الأولى نعمت عون تفتتح معرض «هوريكا» (الشرق الأوسط)
TT

نسيج النكهات والخلطات العالمية في معرض «هوريكا» ببيروت

اللبنانية الأولى نعمت عون تفتتح معرض «هوريكا» (الشرق الأوسط)
اللبنانية الأولى نعمت عون تفتتح معرض «هوريكا» (الشرق الأوسط)

تُدرك من مشهدية زحمة الزوار أمام مدخل معرض «هوريكا» للضيافة والخدمات الغذائية أنّ لبنان بألف خير. في موعده كل عام، ينتظره اللبنانيون للاطّلاع على أحدث الابتكارات في عالم الغذاء، وصناعاته. ويمثّل بالنسبة إليهم ملتقى المهارات والنكهات في عالم الطبخ، إضافة إلى خلطة طبّاخين عالميين ومحلّيين يشاركون فيه سنوياً.

وهذه السنة، افتُتِح برعاية اللبنانية الأولى نعمت عون في مركز المعارض، «سي سايد أرينا»، بوسط بيروت، وحضره وزراء السياحة، والاقتصاد، والصناعة، والزراعة، لورا لحود، وعامر بساط، وجو عيسى الخوري، ونزار هاني. وبعنوان «القوة من الشغف»، ألقت مُنظّمته، مديرة شركة «هوسبيتاليتي سيرفيسيز»، جومانا داموس سلامة، كلمة أكّدت فيها أنّ «هوريكا» يمثّل أمل لبنان المُشرق. وأشارت إلى أنّ برنامج هذا العام يتضمّن 25 محاضرة، وورشة عمل، ودورات تدريبية، ومسابقات طبخ. كما يشهد إطلاق أكثر من 30 منتجاً مبتكراً وجديداً، وكذلك برنامج «Hosted Buyers» الذي يروّج للصناعات اللبنانية؛ علماً بأنّ الحدث يستمرّ حتى 11 أبريل (نيسان) الحالي.

جانب من معرض «هوريكا» في مركز «سي سايد أرينا» (الشرق الأوسط)

وفي نسخته الـ29، يُجدّد «هوريكا» في مساره، ومحتواه، إذ يطلّ على خبراء في عالم التغذية والطبخ من مختلف دول العالم. ويخصّص مساحات لعروض مباشرة في هذا الفنّ، وفي صناعة الحلوى، وتحضير كوكتيل العصائر، والقهوة. كما يقيم مسابقات لطبّاخين صاعدين من الشباب، وينظّم لقاءات مع مؤثّرين، وأصحاب مؤسّسات خدماتية في عالمَي التغذية، والسياحة.

ومع باقة من المشاركين يتجاوز عددهم الـ100، يتعرّف الزائر على صناعات غذائية محلّية، وأجنبية، ويطّلع على أهم الابتكارات فيها، والتي تشمل مكوّنات المائدة اللبنانية الأصيلة.

المونة اللبنانية، مثل صناعة أجبان فرنسية بأيادٍ محلّية، وأخرى تصبُّ في مجال تحضير الحلويات، وأحدث أدوات المطبخ المعاصر، تحضُر في المعرض. هنا تلتقي بـ«أبيض فود» الذي يحدّثك صاحبه عن تطوّر صناعة مكوّنات الحلوى في لبنان. وفي ركن آخر، تستوقفك زراعة الفطر في مزارع لبنانية ليضاهي في طعمه المستورد. وينبغي ألا يفوتك تذوّق «الحمص بالطحينة» بنكهات «الترافل»، والزعتر، و«الواسابي». فقد جرت معالجة هذا الطبق ليقدَّم في قالب يُواكب العالمية.

يستمرّ هذا الحدث اللافت حتى 11 أبريل (الشرق الأوسط)

ويقول سامر أبيض الذي يمثّل الجيل الثالث من مؤسّسة «أبيض» للحلويات: «ورثت هذه المَهمّة أباً عن جدّ، وأفتخر بانتمائي إلى الجيل الثالث منها. أعمل بحماسة، لا سيما أننا نطوّر مكوّنات الحلويات بأسلوب حديث». ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «يتيح صالون (هوريكا) فرصة التعريف بمواد تُسهم في صناعة الحلوى. ومن بينها الطحين، وصولاً إلى أنواع الشوكولاته. واليوم صرنا نوضّب خلطات خاصة بهذه الصناعة، فتُساعد محلات الحلوى على اختصار الوقت والمسافات لتحضيرها».

أما جان بولس، فيؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ منتج «الحمص بالطحينة» الذي يبيعه في تغليفة خاصة يواكب شروط التغذية الصحية المطلوبة: «إننا الوحيدون في لبنان الذين نُصنّعه خالياً من مادة الغلوتين، وتستمرّ صلاحية تناوله لـ6 أشهر متتالية. فلا تدخله أي مواد مصنَّعة، ونستخدم فيه مكوّنات أصيلة من زيت زيتون، وطحينة، وغيرهما».

وتهتمّ كارمن حايك وشريكها في العمل داني خوري بصناعة الزبدة والجبن الأوروبيين وتحضيرهما في لبنان. ومن حليب الغنم والماعز، يُصنّعان ألذ نكهات الجبن الأوروبي من «بْري» و«كاممبير» وغيرهما. ويوضح خوري لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا في لبنان قدرات إبداعية هائلة، لذا انطلقنا في مشروعنا (الأخضر واليابس) منذ عام 2019، واليوم نتصدَّر صناعة مكوّنات أجنبية من جبن وزبدة بأنامل ومكوّنات محلّية، تضاهي في طعمها الأصلية منها».

خلال الجولة في المعرض، التقت «الشرق الأوسط» نقيب الصناعات الغذائية في لبنان رامز بونادر. ويشير إلى أنّ هذه الصناعات تشهد تطوّراً دائماً رغم أزمات يشهدها البلد. ويتابع: «نهتم في القطاع الخاص بتصدير بضائع جيدة تُنشّط اقتصادنا. ولدينا قدرة إنتاج هائلة تتفوّق بأضعاف على قدرة التصدير، لذلك نتوجّه إلى بلدان أجنبية وعربية لتصريفها. وتبلغ قيمة صادراتنا نحو 700 مليون دولار سنوياً، وتحتلّ نسبة 25 في المائة من مجمل عملية التصدير في لبنان».

المؤثّر أنطوني رحيّل يصف «هوريكا» بأنه انعكاسُ الأمل على لبنان (الشرق الأوسط)

مؤثّرون وطبّاخون وأصحاب مطاعم يرون في المعرض نموذجاً عن لبنان النابض بالحياة. ويقول المؤثر الشهير أنطوني رحيّل لـ«الشرق الأوسط»: «أهميته تنعكس على لبنان أولاً. ولولا نجاحه المستمرّ لما استطاع المثابرة لـ29 سنة متتالية. فهو يجمعنا، نحن اللبنانيين، بمجالي الغذاء والسياحة ضمن موعد ننتظره من عام إلى آخر. (هوريكا) يعلّمني كثيراً، ويزوّدني بفكرة واسعة عن هذه الصناعات. وبفضله صار لبنان يُلامس العالمية بأطباقه، ومكوّناته الشهيرة».

من ناحيته، يُعلّق المؤثّر الكويتي في مجال الطبخ لؤي الكيلاني: «(هوريكا) يُعرّفني على كل ما هو جديد في عالم الطهي. ونلتقي (بلوغرز) وطبّاخين عالميين وعرب نتوق للالتقاء بهم ولو مرة في السنة».

وأيضاً، يقول الشيف يوسف عقيقي، أحد أفراد عائلة «هوريكا» منذ انطلاقتها الأولى، لـ«الشرق الأوسط»: «كل عامل في مهنة الطبخ لا بدَّ أن يُشكّل (هوريكا) بالنسبة إليه معرضاً لا يشاء تفويته. ذلك يعود إلى مؤسِّسه الراحل نهاد داموس الذي تتابع مشواره اليوم بناته الثلاث. أما أنا، فأتفرّغ له تماماً لأكون واحداً من رواده، والمشاركين فيه».

البلوغر الكويتي لؤي الكيلاني في معرض «هوريكا» (الشرق الأوسط)

ويُشارك الشيف المصري طارق إبراهيم منذ 20 عاماً بالمعرض، فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «لقد غيَّر مفهوم الضيافة، والعرض، واللقاء باستمرار، ليجمع بين الحضور المباشر، والعِبرة من التغيير والتطوّر الإيجابيين. وفيه نشعر بأننا نُشارك في معرض لا يقلّ أهمية بمستواه عن أيِّ آخر عالمي يُقام في هذا المجال».

ومن ناحيتها، ترى فان ألين كماكيان أنّ «هوريكا» يُمثّل لبنان. فصاحبة مطعم «مايريغ» الأرمني الشهير تعدّه نواة المعرفة التي خوّلتها دخول هذا المجال من بابه العريض. وتختم لـ«الشرق الأوسط»: «إنه (دي إن إيه) لبنان الحقيقي الذي نعتزُّ به».


مقالات ذات صلة

زهور الربيع «تذبل» تحت عبء الغلاء في مصر

يوميات الشرق اتجاه حكومي نحو التوسُّع في تصدير نباتات الظلّ والزينة (الشرق الأوسط)

زهور الربيع «تذبل» تحت عبء الغلاء في مصر

تبرز في المعرض أجنحة مخصَّصة لنباتات الظلّ المنزلية التي لا تحتاج إلى ضوء شمس مباشر؛ مما يستلزم إعداد الأجنحة بحيث تكون أسطحها مغطّاة.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق يقدّم لوحاته تكريماً لمجتمع يستحق (الشرق الأوسط)

«ظلال في الداخل»... وقفة مع الحياة لمجتمع يستحق

الحشود حاضرة في جميع لوحات أنطوان مطر، ومعها تغيب الفردية التي تُهيمن على معارض فنية أخرى. يصوغها في إطار مشترك، فتبدو كتلة مترابطة ومتماسكة في آن.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الخيال أداة لبناء واقع بديل وفضاء يمكن العيش فيه (صور رأفت مجذوب)

الخيال أداةٌ معمارية... اللبناني رأفت مجذوب يبني عوالم ممكنة

يبتكر رأفت مجذوب فضاءات مادية ومُتخيَّلة تتيح للناس أن يشاركوا في نسج سردياتهم الخاصة، وتفتح المجال للغات متعدّدة كي تتجاور وتتحاور، على مستويات الفكر والمعرفة.

فاطمة عبد الله (الشارقة)
يوميات الشرق معرض «نبض المحروسة» يقدم رؤية فنية للقاهرة الآسرة في ساعات الليل (الشرق الأوسط)

«نبض المحروسة»... معرض بانورامي عن سحر ليالي القاهرة

من الطاقة المتدفقة في شرايين القاهرة، بفعل حركتها الدائبة ليلاً ونهاراً، يستمد الفنان المصري محمد عبد الجليل أفكار لوحاته.

محمد عجم (القاهرة)
يوميات الشرق رحيل الفنان عصمت داوستاشي (وزارة الثقافة المصرية)

الوسط التشكيلي المصري يودّع عصمت داوستاشي

ودَّعت الحركة التشكيلية بمصر الفنان عصمت داوستاشي، الثلاثاء، عن عمر ناهز 82 عاماً تاركاً إرثاً كبيراً من الأعمال الفنية والكتب الأدبية والمتخصصة في تاريخ الفن.

محمد الكفراوي (القاهرة)

حكم بإيداع نجل محمد رمضان دار رعاية يُعيد أزمات أبناء الفنانين للواجهة

الفنان محمد رمضان (صفحته على «فيسبوك»)
الفنان محمد رمضان (صفحته على «فيسبوك»)
TT

حكم بإيداع نجل محمد رمضان دار رعاية يُعيد أزمات أبناء الفنانين للواجهة

الفنان محمد رمضان (صفحته على «فيسبوك»)
الفنان محمد رمضان (صفحته على «فيسبوك»)

أعاد حكم قضائي بإيداع نجل الفنان المصري محمد رمضان إحدى دور الرعاية الاجتماعية، في واقعة التعدي على طفل آخر بالضرب داخل نادٍ بمدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة)، أزمات أبناء الفنانين إلى الواجهة، بعد تصدر اسم نجل الفنان محمد رمضان «الترند» على «غوغل» بمصر، الجمعة.

وتغيّب الفنان محمد رمضان ونجله عن حضور أولى جلسات المحاكمة، في حين حضرت والدة المجني عليه، فيما صرح دفاع الطفل المتهم بأن نجل الفنان تعرّض لوعكة صحية، وطلب الدفاع من هيئة المحكمة تأجيل أولى جلسات المحاكمة التي عقدت الخميس، لافتاً إلى أن الواقعة جاءت على خلفية تعرض الطفل (نجل محمد رمضان) للتنمر بسبب لون بشرته، وفق ما نشرته وسائل إعلام محلية.

وكانت جهات التحقيق قد استمعت إلى أقوال الطفل المعتدى عليه ووالدته، بعد أن تقدّمت ببلاغ تتهم فيه نجل الفنان محمد رمضان بالاعتداء على نجلها داخل نادٍ شهير بمدينة أكتوبر، كما اتهمت الفنان بالتحريض على العنف، لكونه شاهد الواقعة ولم يتدخل.

وشهد الوسط الفني أكثر من حالة تعرّض فيها أبناء الفنانين لأزمات وحوادث، من بينها حادث نجل الفنان عبد العزيز مخيون، وحادث نجل الفنان أحمد رزق الذي تسبّب في وفاة عامل ديلفري، وحادث الفنان نور النبوي نجل الفنان خالد النبوي الذي تصدّر الاهتمام قبل أيام.

الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين، قال إن «وجود الآباء تحت الأضواء عادة ما يتسبب في مشكلات للأطفال، فأي موقف صغير يتم تضخيمه إعلامياً»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «نحن هنا أمام حكم قضائي، وإن كان في أولى درجات التقاضي، لكنه يلفت النظر لكونه نجل فنان يعتدي على طفل آخر، وربما كانت الواقعة ستمر دون هذا الاهتمام لو لم يكن الطفل المعتدي ابن فنان». ويلفت سعد الدين إلى أن «بعض الفنانين عادة ما يكونون منشغلين بأعمالهم، فلا يستطيعون الجلوس لفترات طويلة مع أبنائهم، وهذا ما نجده في حالات كثيرة، تصل أحياناً إلى درجة أن بعض أبناء الفنانين لا يحبون الوسط الفني».

ويُعدّ الفنان محمد رمضان من أبرز الفنانين الشباب في مصر (مواليد 1988)، وقد قدّم أعمالاً متنوعة في الدراما والسينما، بالإضافة إلى نشاطه الغنائي خلال السنوات الأخيرة. ومن أحدث أفلامه «ع الزيرو» (2023)، ومن أبرز مسلسلاته في العام نفسه «جعفر العمدة»، وفق موقع «السينما. كوم».

ويرى الناقد الفني المصري، أحمد السماحي، أن «تعدد وتكرار أزمات أبناء الفنانين يعود للأضواء القوية المسلطة على نجوم الفن»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أي حادث بسيط يتعرض له فنان أو أبناؤه يظهر بوضوح وقوة للعلن، في حين لو وقع هذا الحادث بين أشخاص عاديين يمكن أن يمر ببساطة».

وأشار السماحي إلى قضية عمر أحمد رزق، وحادث اصطدامه بعامل دليفري، وقال: «هذا الحادث يمكن أن يتعرض له أي شخص، ومعظمها حوادث فردية وعادية، ولكن يتم تضخيمها في (الميديا) بسبب الشهرة».

وتابع: «لو نظرنا إلى حوادث الفنانين خلال السنوات العشر الأخيرة سنجد نحو 10 حوادث بارزة، وهو عدد لا يذكر بالنسبة لتعداد الشعب المصري، فالمفروض ألا نبالغ في ردود فعلنا تجاه تعامل الفنانين مع أبنائهم، فمعظم ما يحدث مع أبنائهم حوادث عادية يمكن أن يتعرض لها أي شخص عادي».