الأردن يحذّر بلينكن من محاولة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم

وسط مخاوف في عمّان من طروحات اليمين الإسرائيلي المتطرف بخصوص «الوطن البديل»

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي في عمّان اليوم الجمعة (بترا - د.ب.أ)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي في عمّان اليوم الجمعة (بترا - د.ب.أ)
TT
20

الأردن يحذّر بلينكن من محاولة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي في عمّان اليوم الجمعة (بترا - د.ب.أ)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي في عمّان اليوم الجمعة (بترا - د.ب.أ)

جدّد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تحذيره من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم، مشدداً على عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين.

وأكد الملك عبد الله الثاني، خلال استقباله في عمّان، الجمعة، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ضرورة فتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية إلى قطاع غزة، وأهمية حماية المدنيين ووقف التصعيد والحرب على غزة.

كما حذّر الملك الأردني، في بيان صحافي صادر عن الديوان الملكي، من انتهاج سياسة العقاب الجماعي تجاه سكان قطاع غزة، مؤكداً ضرورة حماية المدنيين الأبرياء من الجانبين، انسجاماً مع القيم الإنسانية المشتركة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

ونبّه عبد الله الثاني إلى ضرورة عدم إعاقة عمل المنظمات الدولية في قطاع غزة لكي تقوم بواجباتها الإنسانية، لافتاً إلى أهمية تكثيف الجهود الدولية لوقف التصعيد في غزة ومحيطها ومنع تدهور الأوضاع وتوسعها إلى الضفة الغربية.

البحث عن أفق سياسي

وجدّد الملك الأردني خلال لقائه بلينكن القادم من تل أبيب، التأكيد على ضرورة بناء أفق سياسي لضمان فرص تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، ومنع اندلاع المزيد من دوامات العنف والحروب في المنطقة. وشدد على أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، لافتاً إلى الاستمرار في حماية ورعاية هذه المقدسات بموجب الوصاية الهاشمية عليها.

إلى ذلك، بحث نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، مع وزير الخارجية الأميركي جهود وقف التصعيد الخطير وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مغادراً مطار عمّان اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مغادراً مطار عمّان اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

وخلال لقاء ثنائي، شدد الصفدي ونظيره الأميركي على أهمية استئناف جهود وقف التصعيد وإنهاء الحرب على غزة، ومواجهة تداعياتها الإنسانية وخطر استمرارها وتمددها على المنطقة برمتها. وأكد الصفدي، خلال استقباله بلينكن، ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية فوراً إلى غزة ووقف الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع. كما أكد أن حماية المدنيين من الجانبين وإدانة استهدافهم وقتلهم مسؤولية قانونية وأخلاقية وإنسانية جماعية.

حسابات معقدة ومخاوف من مفردة «التهجير»

وجاءت التحذيرات الأردنية على لسان الملك عبد الله الثاني بعد مخاوف عبّرت عنها مصادر رسمية تحدثت إلى «الشرق الأوسط» من خطر تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، وضرورة توافر شروط التهدئة والاحتواء والابتعاد عن سيناريو اتساع رقعة العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين وتجنيب الأبرياء المزيد من القتل. ويخشى الأردنيون من حجم عدوان محتمل يحيي آمال اليمين الإسرائيلي المتطرف بتنفيذ خطط التهجير، وطروحات الوطن البديل، عبر تصدير الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين تحديداً على حساب مصر والأردن.

مظاهرة تضامن مع الفلسطينيين في غزة بالعاصمة الأردنية عمّان اليوم (رويترز)
مظاهرة تضامن مع الفلسطينيين في غزة بالعاصمة الأردنية عمّان اليوم (رويترز)

ويدرك الأردن الرسمي حجم الدعم الغربي والأميركي الذي تتلقاه إسرائيل والذي يندرج في سياق «مشروعية الدفاع عن النفس» عقب «صدمة» عملية «طوفان الأقصى» التي شنّتها حركة «حماس»؛ لذا سعى مركز القرار الرسمي في عمّان إلى اتباع سياسة التدرج في تطور الخطاب الرسمي الأردني في مواجهة السياسات الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي تستثمر في الدعم الدولي لتل أبيب من أجل تنفيذ ما تطمح إليه.

وأمام قراءات المفاجأة، استغرق مركز القرار في البحث عن إجابات على أسئلة المرحلة وتداعياتها، ورسم جملة من السيناريوهات المحتملة التي قد ينشأ عنها مخاطر تهدد بالضغط على السكان نحو التهجير، وهو ما تراه المملكة الأردنية «خطراً وشيكاً» إذا ما استمرت سياسة القتل الجماعي التي تُهدد بتفاقم الأوضاع الإنسانية سوءاً.

ومن جملة المؤشرات التي يمكن اعتمادها في قياس مستوى القلق الأردني من انسحاب تداعيات أحداث غزة على الضفة الغربية، يبدو لافتاً أن عمّان التي أعلنت عن بدء تسيير مساعدات عاجلة إلى غزة عن طريق مصر عبر طائرات تحمل مواد إغاثية طارئة، طلبت «تحديد الاحتياجات المطلوبة للفلسطينيين في الضفة الغربية وتوفيرها بالسرعة الممكنة»؛ وهو ما يكشف «حجم القلق الرسمي الأردني من تطورات قد تكون وشيكة إذا لم يتم احتواؤها».

مسيرات وتظاهرات

وفي الوقت الذي كانت اجتماعات رسمية تنعقد مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في عمّان كانت مظاهرات ومسيرات قد انطلقت في منطقة «وسط البلد» في العاصمة الأردنية، وسط حضور أمني كثيف وتأكيد على تمكين المحتجين «من ممارسة حقهم في التعبير السلمي عن الرأي». وفي حين حاول عشرات المتظاهرين الوصول إلى المناطق الحدودية مع فلسطين في الأغوار الوسطى والجنوبية، منعت الأجهزة الأمنية بالقوة وصولهم، مستخدمة الغاز المسيل للدموع. إلا أن الأمن العام أصدر بياناً صحافياً جاء فيه «أن البعض القليل حاول الاحتكاك مع رجال الأمن»، مهيباً بهم «التقيد بأماكن التجمع والاحتجاج التي جرى تحديدها لهم للوقوف وإيصال رسالتهم وممارسة حقهم بذلك دون أي تجاوز للقانون والتعليمات الصادرة بذلك الخصوص»، داعياً المواطنين إلى التقيّد بما صدر من تعليمات ليلة الخميس بخصوص مواقع التجمع وعدم محاولة تجاوزها، مؤكداً عزم القوى الأمنية على تنفيذ القانون.

طائرة عسكرية أردنية تحمل مساعدات لفلسطينيي غزة قبل مغادرتها عمّان الخميس (رويترز)
طائرة عسكرية أردنية تحمل مساعدات لفلسطينيي غزة قبل مغادرتها عمّان الخميس (رويترز)

وتفرض عمان طوقاً أمنياً على محيط السفارة الإسرائيلية في منطقة الرابية في عمّان؛ منعاً لوصول مئات المتظاهرين والخشية من تطور الاحتجاجات، وفقدان السيطرة على مشاعر الغاضبين من العدوان الذي تنفذه إسرائيل على غزة.

وتخشى عمّان من مساعي حزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع الحزبية لـ«جماعة الإخوان المسلمين» غير المرخصة في البلاد، من ركوب موجة الغضب الشعبي. وبدا هذا الأمر واضحاً بعد ما أصدرته هذه الجبهة من خبر لقائها مع وزير الداخلية مازن الفراية، ومطالبتها الحكومة بـ«إعادة التعبئة للجيش الشعبي وتسليح الشعب الأردني والتأهب لمخططات العدو الصهيوني الذي يسعى لإحداث نكبة جديدة في فلسطين»؛ ما أجبر مصادر حكومية على الرد بقولها: إن اللقاء جاء في إطار توفير ضمانات بعدم تجاوز مسيرات الجمعة التي دعت إليها الحركة، الأماكن المخصصة للتجمعات في المدن الرئيسية والابتعاد عن المناطق الحدودية.

وكانت وزارة الداخليّة الأردنية أكدت الخميس «أنه وحرصاً منها على سلامة المواطنين وضمان حق التعبير المشروع لمشاعرهم الوطنية تجاه ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، فإن الدعوة للتجمهر والتظاهر في مناطق الأغوار والحدود أمر غير مسموح به»، وأنها ستقوم باتخاذ التدابير لمنع ذلك، «حيث إنّ منطقة الأغوار والمناطق الحدودية المحيطة بها على طول الحدود مع فلسطين، مناطق محظورة للتجمهر وتتولى القوات المسلحة الأردنيّة حمايتها وضبط الأمن فيها».


مقالات ذات صلة

«القسام» تنشر تسجيلاً مصوراً لمحتجزَين إسرائيليَين... وتحذر: «الوقت ينفد»

المشرق العربي محتجزان إسرائيليان أحدهما مصاب ظهرا في فيديو نشرته «كتائب القسام» (لقطة من فيديو)

«القسام» تنشر تسجيلاً مصوراً لمحتجزَين إسرائيليَين... وتحذر: «الوقت ينفد»

نشرت حركة «حماس»، اليوم السبت، تسجيلاً مصوراً لرهينتين إسرائيليين ظهر أحدهما وهو يقول إنه أصيب في قصف على المكان الذي يوجدون فيه ونجا من الموت بأعجوبة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص نازحون فلسطينيون يعبرون ممر «نتساريم» وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)

خاص قطاع غزة... جولة على أبرز محاور التوغل الإسرائيلي

كيف تبدو خريطة قطاع غزة في ظل توسيع الجيش الإسرائيلي عملياته داخل القطاع؟ هذه جولة على محاور التقدّم الإسرائيلية وخطط تقسيم القطاع إلى أجزاء منفصلة عن بعضها.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون أمام أنقاض مبنى استهدفته غارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل 17 شخصاً على الأقل في خان يونس (ا.ب)

الجيش الإسرائيلي ينسف بنايات سكنية غرب مدينة رفح

قالت الإذاعة الفلسطينية، اليوم (الجمعة)، إن الجيش الإسرائيلي نسف عدة بنايات سكنية في غرب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أبو عبيدة الناطق العسكري باسم «كتائب القسام» play-circle

«القسام»: نصف المحتجزين الأحياء في مناطق طلب الجيش الإسرائيلي إخلاءها

قال أبو عبيدة المتحدث باسم «كتائب عز الدين القسام» إن نصف المحتجزين الإسرائيليين الأحياء يوجدون في مناطق بقطاع غزة طلب الجيش الإسرائيلي إخلاءها مؤخراً.

شؤون إقليمية منظر عام اليوم الجمعة لمدرسة دار الأرقم في غزة غداة القصف الإسرائيلي الذي أوقع عشرات الضحايا (رويترز)

ضوء أخضر أميركي للتصعيد الإسرائيلي في غزة... لكنه مشروط بسقف زمني

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، الجمعة، عن أن الإدارة الأميركية منحت الضوء الأخضر للحكومة الإسرائيلية لكي توسّع الحرب في قطاع غزة، في إطار الضغط على قيادة «حماس».

نظير مجلي (تل أبيب)

انقطاع التيار الكهربائي عن السويداء السورية

سيارات تسير وسط الظلام الدامس نتيجة انقطاع الكهرباء على أطراف دمشق 27 مارس 2025 (أ.ب)
سيارات تسير وسط الظلام الدامس نتيجة انقطاع الكهرباء على أطراف دمشق 27 مارس 2025 (أ.ب)
TT
20

انقطاع التيار الكهربائي عن السويداء السورية

سيارات تسير وسط الظلام الدامس نتيجة انقطاع الكهرباء على أطراف دمشق 27 مارس 2025 (أ.ب)
سيارات تسير وسط الظلام الدامس نتيجة انقطاع الكهرباء على أطراف دمشق 27 مارس 2025 (أ.ب)

انقطع التيار الكهربائي، مساء السبت، عن محافظة السويداء السورية جراء عطل فني.

وقال مدير شركة كهرباء السويداء، معروف البربور، إن ورش الإصلاح لخطوط التوتر العالي تحركت لتحديد مكان العطل والقيام بالإصلاحات المطلوبة، وإعادة التيار الكهربائي للمحافظة.

وأوضح البربور، وفقاً لوكالة «سانا» السورية الرسمية، أن العطل في خط التوتر الواصل بين الكسوة والشيخ مسكين من محطة دير علي، والمغذي للمحافظة.

والثلاثاء الماضي، شهدت سوريا انقطاعاً للتيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد بسبب أعطال في عدة نقاط في الشبكة الوطنية. وقال متحدث باسم وزارة الطاقة السورية لوكالة «رويترز» للأنباء، إن الفرق التقنية تعمل على معالجة المشكلات.

وتعاني سوريا نقصاً في إنتاج الكهرباء. وقال مدير عام المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، في يناير (كانون الثاني)، لوكالة «سانا»، إن حجم الأضرار التي تعرضت لها محطات التوليد والتحويل وخطوط ‏الربط الكهربائي، خلال حكم الأسد، «كبيرة جداً».