150 منظمة سورية تطالب بإغلاق المجال الجوي أمام «المسيّرات» التركية

قائد «قسد»: الهجوم يقوض الجهود الدولية لتثبيت الاستقرار

صورة متداولة لحريق في محطة كهرباء نتيجة غارة تركية
صورة متداولة لحريق في محطة كهرباء نتيجة غارة تركية
TT

150 منظمة سورية تطالب بإغلاق المجال الجوي أمام «المسيّرات» التركية

صورة متداولة لحريق في محطة كهرباء نتيجة غارة تركية
صورة متداولة لحريق في محطة كهرباء نتيجة غارة تركية

دانت 150 منظمة ومؤسسة سورية مدنية التصعيد التركي واستهداف البنى التحتية بشمال شرقي سورياً، مطالبة بإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المسيرة والحربية التركية، في وقت ارتفعت فيه حصيلة الهجوم التركي الجوي على مقر لقوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) إلى 20 عنصراً قتيلاً وإصابة نحو 50 جريحاً بحالات متفاوتة وحرجة، ما دفع بـ«منظمة الهلال الأحمر» الكردية الطبية إلى إطلاق نداء استغاثة للتبرع بالدم في جميع المشافي العامة لصالح الجرحى المصابين جراء الهجوم التركي الأخير.

وطالبت الـ150 منظمة وجهة مدنية سورية ناشطة في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، في بيان رسمي، بـ«وقف الاعتداءات على المدنيين والبنى التحتية والمرافق الحيوية بشكل فوري واحترام القانون الإنساني الدولي، وإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المسيرة والحربية التركية».

وجاء في نص البيان: «تستنكر المنظمات استهداف المناطق الآهلة بالسكان ومحطات الكهرباء والمنشآت النفطية والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين»، وحذرت المجتمع الدولي من أنّ هذه الهجمات «سوف تفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية القائمة، وستؤثر بشكل كبير على سكان المنطقة بكل مكوناتهم»، وناشدت مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، لاتخاذ تدابير فورية لحماية المدنيين ومنع استهداف المرافق العامة وحقوقهم الأساسية في كل أنحاء سوريا، وتكثيف جهود الوساطة الدولية لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد.

من جانبها، كشفت دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية أن تركيا استهدفت مناطقها بأكثر من 170 هجمة، بينها 40 ضربة جوية و30 طائرة مسّيرة، أسفرت في حصيلة غير نهائية عن سقوط 35 شخصاً قتلى، منهم 8 مدنيين و26 عسكرياً من قوى الأمن الداخلي «الأسايش».

حقائق

35 قتيلاً

الحصيلة غير النهائية للهجمات التركية على شمال شرقي سوريا

بدران جيا كرد (الشرق الأوسط)

وأوضح بدران جيا كرد، رئيس الدائرة، لـ«الشرق الأوسط»، أن سلسلة الهجمات التركية على المرافق الحيوية، «جعلت أكثر من مليوني إنسان دون خدمات رئيسية من قبيل الماء والكهرباء. فالدمار الهائل الذي لحق بمناطقنا يعد انتقاماً لما حققه شعبنا من مكاسب في مواجهة الإرهاب ومشروعات التقسيم في سوريا».

صورة متداولة لإطفاء حريق في محطة كهرباء نتيجة غارة تركية

ومنذ بدء الهجوم نهاية الأسبوع الماضي، طال القصف التركي حقولاً نفطية مثل كرداهول وآل قوس، إضافةً لمحطات طاقة مثل سيكركا وسعيدة والزرابة وحقل العودة في معبدة، الواقعة بريف محافظة الحسكة الشمالي. كما تعرضت منشأة السويدية الحيوية للغاز لقصف جوي عنيف وقصفت الغارات التركية محطة تغذية الكهرباء في السد الغربي بمحافظة الحسكة ومحطة الكهرباء في مدينة القامشلي، ومحطة تحويل الكهرباء في معبدة ومحطة ناحية عامودا التي تغذي بلدة الدرباسية ومحطة العلوك للمياه بريف رأس العين، وخرجت جميع هذه المنشآت عن الخدمة بشكل كامل نتيجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بها.

وأكد جيا كرد أن أكبر محطة لإنتاج الكهرباء في المنطقة محطة السويدية «كانت تنتج 150 ميغاواط، 70 منها كانت تذهب للآبار النفطية، و80 للمواطنين المدنيين وخرجت عن العمل تماماً جراء العدوان التركي الأخير»، مشيراً إلى أن سوريا تحولت لساحة صراعات وتصفية للحسابات الإقليمية والدولية، و«السوريون الوحيدون الذين يدفعون ثمن هذه الصراعات، ويتطلب من كل الأطراف السورية الالتفاف حول طاولة النقاش، والسعي لوضع حلول لمنع تفاقم أزمة الشعب السوري».

عبدي: جرائم حرب

قال القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي، إن الهجمات التركية المسّيرة استهدفت 145 موقعاً في مناطق نفوذها بشمال شرقي سوريا، شملت محطات للطاقة والكهرباء والمياه، إضافة إلى المشافي والمدارس التعليمية.

مظلوم عبدي (الشرق الأوسط)

وأضاف عبدي عبر حسابه على منصة «إكس» الأحد، أن الهجمات التركية خلال الـ72 ساعة الماضية، «قصفت مناطقنا الآمنة بأكثر من 145 موقعاً، شملت محطات كهرباء، ومحطات مياه وطاقة، ومشافي ومدارس»، حيث تتعرض مناطق نفوذها منذ الأربعاء الماضي (4 الشهر الحالي)، لسلسلة هجمات جوية طالت جميع المناطق الحدودية مع تركيا، وعدّ عبدي تدمير البنية التحتية «يرقى لجرائم حرب»، على حد تعبيره.

وحذر قائد «قسد» من أن الهجوم التركي يستهدف بشكل مباشر جهود وقدرات الإدارة الذاتية وتقويض الجهود الدولية والمؤسسات الإنسانية، التي عملت خلال سنوات على إرساء الاستقرار والأمان وتقديم الخدمات لأهالي المنطقة. وأضاف في منشوره: «هذا العدوان يستهدف بنوايا سياسية عدوانية شل الحياة المدنية، وهو استهداف للجهود الدولية وعمل منظمات المجتمع المدني والمؤسسات المدنية، التي عملت على ترسيخ الاستقرار وخدمة السكان المحليين بعد هزيمة (داعش)».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تصدّ «رسائل دافئة» من دمشق

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (أ.ف.ب)

إسرائيل تصدّ «رسائل دافئة» من دمشق

أطلق وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، تصريحات عدائية صدّ فيها «الرسائل الدافئة» التي وجهتها دمشق لإسرائيل عبر وساطة أميركية.

نظير مجلي (تل أبيب)
شمال افريقيا تجمع للجالية السورية بمصر (مؤسسة سوريا الغد الأهلية)

مصر: سوريون يبدأون إجراءات العودة إلى بلادهم

يدفع التغيير الذي تشهده سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، سوريين في مصر لاتخاذ قرار العودة إلى بلادهم.

أحمد إمبابي (القاهرة )
خاص جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق  إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)

خاص حشود في دمشق حداداً على أرواح المفقودين بعد سقوط الأسد

احتشد مئات الآلاف من السوريين في ساحتي الأمويين والحجاز وسط العاصمة السورية دمشق، الجمعة، إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب، وقبل سقوط نظام الأسد.

كمال شيخو (دمشق)
المشرق العربي اللواء جميل الحسن الثالث من اليسار (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

لبنان تحت مجهر الإنتربول في تعقّب مسؤولي النظام السوري السابق

تفاعلت في لبنان قضية ملاحقة رموز النظام السوري السابق، سواء المطلوبين بمذكرات توقيف صادرة عن الإنتربول، أو الذين تتعقّبهم السلطات السورية الجديدة.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق 23 ديسمبر 2024 (رويترز)

السوريون يتطلعون إلى «مؤتمر الحوار الوطني»... ووأد شعار «الأسد إلى الأبد»

يتطلع السوريون إلى تحقيق أهدافهم في الحرية والديمقراطية وإرساء مبادئ تداول السلطة سلمياً، من خلال مؤتمر الحوار الوطني العام الذي أعلنت عنه الإدارة الجديدة.

موفق محمد (دمشق)

حشود في دمشق حداداً على أرواح المفقودين بعد سقوط الأسد

جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق  إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)
جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)
TT

حشود في دمشق حداداً على أرواح المفقودين بعد سقوط الأسد

جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق  إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)
جانب من تجمعات «الجمعة الثالثة» في دمشق إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية (الشرق الأوسط)

احتشد مئات الآلاف من السوريين في ساحتي الأمويين والحجاز وسط العاصمة السورية دمشق، الجمعة، إكراماً للضحايا والمفقودين خلال سنوات الحرب الأهلية، وقبل سقوط نظام بشار الأسد، وسط دعوات أهلية ومن جهات حقوقية بمساعدة الأهالي في كشف مصير ذويهم.

كما خرج الآلاف في أغلب المدن والمحافظات السورية للمناسبة نفسها، حيث شكَّل الشباب الشريحة الكبرى بين الحشود.

ووصل مئات الآلاف إلى ساحة الأمويين للمشاركة في الجمعة الثالثة، حيث تعالت أصوات الهتافات والصيحات تعيد رمزية المظاهرات الحاشدة التي كانت تخرج في كل يوم جمعة في كثير من المدن السورية، بعد انطلاق شرارة الاحتجاجات المناهضة للنظام في ربيع 2011.

وفي ساحة الحجاز وسط مدينة دمشق، تَجَمَّعَ مئات الناشطين والفنانين السوريين إلى جانب عائلات المعتقلين والمغيَّبين قسراً، للمطالبة بكشف مصير أَحِبَّتِهم، حيث رفع المشاركون صوراً وشعارات تطالب بمعرفة مصيرهم، وحماية المقابر الجماعية والأدلة، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة، وطالبوا بإنزال أشد العقوبات لمحاسبة المسؤولين.

وقال وائل خبيباتي، وهو ناشط تَعَرَّضَ لكثير من الملاحقات الأمنية إبان حكم النظام السابق، إن المحتشدين بدأوا الزحف نحو ساحة الأمويين منذ ظهر يوم الجمعة، معبراً عن مشاعره المختلطة «بالفرحة لسقوط بشار الأسد، لكنها منقوصة بسبب غياب الضحايا والمختفين، لأننا لا نعرف مصيرهم، ولا أي شيء يثبت بقاءهم على قيد الحياة».

وقالت الشابة داليا سعدي، التي رسمت على وجهها أعلام سوريا الجديدة، إن هذا النصر والفرحة بالنسبة لها ولجميع السوريين: «بمثابة روزنامة جديدة، فمن ساعة التحرير 8 ديسمبر (كانون الأول) أصبح عندنا تاريخ استقلال جديد، فهذا الإنجاز مطلوب من كل سوري حر التمسك به، والحفاظ عليه، وتحقيق تطلعات الشعب».

وتقف لمياء مصطفى، زوجة المناضل السوري علي مصطفى أبو صامد، وبناتها الثلاث أمام محطة الحجاز، وهي لا تعرف أي شيء عن مصير زوجها المفقود منذ 11 عاماً، بعد أن أخذه مسلحون بالقوة من شقتهم في يوليو (تموز) 2013 بدمشق، حيث شارك أبو صامد بحسب زوجته في تجمعات مناهضة لنظام الحكم السابق، وهي على ثقة بأنه اعتُقل لدى أجهزة المخابرات السورية بسبب نشاطه السياسي المعارض.

أهالي المفقودين يرفعون صور ذويهم مطالبين بمعرفة مصيرهم (الشرق الأوسط)

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها لا تمتلك أي خيار سوى الوقوف في هذه الساحات مطالِبةً بمعرفة مصير المفقودين والمغيَّبين: «نعم أتحدث إليه، وأفتح حوارات ونقاشات حتى أُقْنِع نفسي (إنه عايش) وموجود في مكان ما، لأنه تصعب مشاركة أوجاعك وأحزانك مع الآخرين»، منوهة بأنها متمسكة بالأمل: «لن أتنازل عن معرفة الحقيقة، وقتها فقط آخذ مساحتي للحزن وقبول الواقع».

وحاولت الزوجة وبناتها على مدار سنوات إجراء اتصالات، وطرقن كل الأبواب، لكن دون نتيجة.

وتابعت حديثها لـ«الشرق الأوسط» بنبرة حزينة: «السنوات الماضية وحتى تاريخ اليوم كانت قاسية جداً علينا، فمنذ سقوط النظام لم أعرف طعم النوم، أنتظر أي جواب أو دليل أو شاهد عن زوجي، فروحه تطوف حولنا».

وبحسب منظمات غير حكومية دولية وسورية، فإن هناك نحو 100 ألف شخص فُقدوا منذ بداية الانتفاضة الشعبية في 2011، جراء القمع وزجِّهم في المعتقلات، فضلاً عن حالات الخطف من قبل ميليشيات حاربت مع النظام السابق.

وقالت حسيبة عبد الرحمن، إحدى المشاركات في وقفة الحجاز: «نطالب بمعرفة مصير من اعتُقل، ولم نعرف أي شيء عنه، لا جثة ولا شهادة وفاة، ولا أي وثيقة تثبت وفاته، وهذه الوقفة رسالة لكل نظام سيحكم البلد أن قضية المغيَّبين مصيرية». وشددت على أن هذه القضية بالنسبة لها ولكثير من السوريين تعد مركزية. واختتمت حديثها بالقول: «الآلاف من السوريين فُقِدوا بهذه الطريقة، ومن حقنا دفنهم بشكل لائق، ووقفتنا هنا لنرفع أصواتنا بأن هؤلاء يستحقون كل شيء، ولهم علينا التضامن، وننتظر ظهور الحقيقة».