إسرائيل وغزة... حرب ما بعد «الطوفان»

مئات القتلى والجرحى من الطرفين >قصف متبادل بآلاف الصواريخ >تل أبيب لـ«حكومة طوارئ» >دعوات عربية ودولية لضبط النفس

فلسطينيون يحتفلون فوق وحول دبابة إسرائيلية مدمرة قرب سياج قطاع غزة شرق خان يونس أمس (أ.ب)
فلسطينيون يحتفلون فوق وحول دبابة إسرائيلية مدمرة قرب سياج قطاع غزة شرق خان يونس أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل وغزة... حرب ما بعد «الطوفان»

فلسطينيون يحتفلون فوق وحول دبابة إسرائيلية مدمرة قرب سياج قطاع غزة شرق خان يونس أمس (أ.ب)
فلسطينيون يحتفلون فوق وحول دبابة إسرائيلية مدمرة قرب سياج قطاع غزة شرق خان يونس أمس (أ.ب)

صُعقت إسرائيل في وقت مبكر أمس، بهجوم لم تتعرض له من قبل، مع اختراق مقاتلي حركة «حماس» حدود غزة وغلافها إسرائيل، بهجوم سمّته «طوفان الأقصى»، عبر البر والجو، نجحوا فيه بالتسلل إلى معسكرات للجيش الإسرائيلي، ثم إلى مستوطنات في غلاف غزة وسيطروا عليها لساعات طويلة، وقتلوا خلالها إسرائيليين واختطفوا العشرات، عسكريين ومدنيين، إلى قطاع غزة في مشهد غير مسبوق، فيما دكت آلاف الصواريخ مناطق مختلفة في إسرائيل التي كانت منشغلة بعطلتها الرسمية يوم السبت.

ولقيت التطورات ردوداً دولية واسعة، وتعهد الرئيس الأميركي جو بايدن تقديم كل الدعم المناسب مع تجديد التزام أمن إسرائيل، فيما تميزت ردود الفعل العربية بالدعوة إلى وقف التصعيد وضبط النفس، في حين أعربت إيران وسوريا عن دعمهما لـ«حماس».

«اليوم الأسود» كما سمّته وسائل إعلام إسرائيلية، كان شاهداً على فشل استخباراتي عسكري ثانٍ بعد 50 عاماً من حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، فتحدث محللون ومعلقون عن «حقيقة أن التنظيم تمكن من مفاجأة أفضل المخابرات وأكثرها خبرة في العالم، والاستهزاء بأقوى نظام أمني في الشرق الأوسط»، وعن انهيار مفهوم الدفاع العملياتي على حدود قطاع غزة بشكل كامل، مع المطالبة بتحقيق عميق في الفشل الاستخباراتي والسياسي الذي أدى إلى ما حدث.

الدخان يتصاعد من بناية تحترق جراء غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة أمس (إ.ب.أ)

وأعلنت إسرائيل أنها في حالة «حرب» متعهدة أن يكون الانتقام ضخماً، وباشرت شن غارات ضخمة على قطاع غزة موقعة مئات القتلى والجرحى بين الفلسطينيين، مشيرة إلى استدعاء الاحتياط، فيما دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعارضة إلى تشكيل حكومة طوارئ، ما يشي بأن إسرائيل تستعد لتحرك عسكري كبير قد يشمل هجوماً برياً على قطاع غزة، واحتمال تفجّر جبهات كثيرة أخرى في الوقت نفسه، سواء في الضفة الغربية أو على الحدود مع لبنان. وقال يائير لبيد، زعيم المعارضة، في بيان بعد اجتماعه مع نتنياهو: «إننا في حالة الطوارئ الحالية، ومن واجبي أن أضع كل الخلافات جانباً، وأن أشكل معه حكومة طوارئ محترفة».

وأعلنت مصادر طبية إسرائيلية ووسائل إعلام أن نحو 200 إسرائيلي قُتلوا في هجوم «حماس» الذي كان متواصلاً مساء أمس، وسط تقارير عن مواجهات بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي «حماس» في مواقع عدة تحتجز في بعضها رهائن. وأصيب ما لا يقل عن 1000 آخرين بجروح بينهم عشرات في حالات خطيرة، وهي أرقام صادمة بالنسبة للإسرائيليين. كما كانت الصور صادمة أيضاً لسيطرة المقاتلين الفلسطينيين على المعسكرات والشوارع والمستوطنات في غلاف قطاع غزة، وسحب جنود من داخل إحدى الدبابات، ونقل آخرين إلى داخل قطاع غزة.

وبينما كانت إسرائيل في حالة ذهول، قال محمد الضيف (أبو خالد) القائد العام لـ«كتائب القسّام» (الجناح المسلح لـ«حماس») في كلمة مسجلة: «نعلن بدء عملية طوفان الأقصى، ونعلن أن الضربة الأولى التي استهدفت مواقع العدو وتحصيناته تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة... بدءاً من اليوم ينتهي التنسيق الأمني، وكل من عنده بندقية فليخرجها فقد آن أوانها».


مقالات ذات صلة

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيان ينقلان بسيارة إسعاف جثث قتلى سقطوا بضربة إسرائيلية في جباليا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل العشرات بهجمات في قطاع غزة

تستغل إسرائيل المماطلة بإبرام اتفاق لوقف النار في قطاع غزة لشن هجمات تُودي بحياة العشرات كل يوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون بالقرب من معبر كرم أبو سالم في الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

جنود إسرائيليون يكشفون عن عمليات قتل عشوائية في ممر نتساريم بغزة

يقول جنود إسرائيليون خدموا في قطاع غزة، لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إنه «من بين 200 جثة (لأشخاص أطلقوا النار عليهم)، تم التأكد من أن 10 فقط من أعضاء (حماس)».

«الشرق الأوسط» (غزة)

«كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)
عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)
TT

«كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)
عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)

في حين أكدت كتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل المسلحة المنضوية في «محور المقاومة»، توقف هجماتها ضد إسرائيل، رفض تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري، وينضوي تحت مظلة قوى «الإطار التنسيقي»، حل «الحشد الشعبي».

في غضون ذلك أكدت «عصائب أهل الحق» وجود أمينها العام، قيس الخزعلي، في إيران بعدما ترددت أنباء عن إمكانية إصابته باستهداف جوي.

وقال المتحدث باسم «كتائب سيد الشهداء»، كاظم الفرطوسي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن «مبدأ وحدة الساحات ثابت لدى الفصائل العراقية، وهذا المبدأ لا يمكن التخلي عنه، لكن الظروف هي التي تحدد وترسم مواقف الفصائل».

وأضاف أن «هذا المبدأ ليس مرتبطاً بتحالف مؤقت ما بين فصائل محور المقاومة، بل هو قضية مبدأ وعقيدة، ومهما كانت الخسائر فإن الفصائل العراقية لم ولن تترك مبدأ وحدة الساحات».

وبِشأن العمليات التي تشنها الفصائل المسلحة على إسرائيل التي تجاوزت 200 هجمة خلال الأشهر الماضية، لكنها توقفت عقب سقوط نظام الأسد في دمشق، ذكر الفرطوسي، أن «عمليات الفصائل العراقية مرتبطة بعمليات (حزب الله) اللبناني، وعند حصول وقف إطلاق النار في لبنان، توقفت عمليات الفصائل العراقية، كما أن هناك شركاء في العراق لديهم رأي وتحفظ على عمليات الفصائل، ويجب الاستماع إليهم»، وأظهرت الحكومة العراقية موقفاً رافضاً لزج العراق في أتون الحرب الإقليمية بين إسرائيل وعدوها الإيراني والجماعات المرتبطة به.

ورأى الفرطوسي أن «الأمر لا يتعلق بالرعونة أو التهور، بل يجب أن تدرس الأمور جيداً، وخصوصاً أن هؤلاء الشركاء هم بيئة المقاومة، لذلك ينبغي الاستماع إليهم دون تجاهلهم أو التعنت في الموقف».

وما زالت المخاوف قائمة من إمكانية تعرض الفصائل المسلحة في العراق إلى استهداف إسرائيلي رداً على الهجمات التي شنتها الفصائل ضدها، وما زال كذلك الحديث عن حل الفصائل و«الحشد الشعبي» متداولاً، لكن رئيس الوزراء، محمد السوداني، نفى ذلك قبل أيام، وترددت أنباء عن رفض المرجع الديني الأعلى، علي السيستاني، إصدار فتوى بحل «الحشد»، وكذا معظم القوى الشيعية.

وعدَّ تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري، الأحد، أن «حل (هيئة الحشد الشعبي) حلم لم ولن يتحقق».

وقال القيادي في التحالف، علي الفتلاوي، في تصريحات صحافية، إن «حلم أعداء العراقيين في حل (هيئة الحشد الشعبي) لم ولن يتحقق مهما عملت وحاولت ذلك، وأي محاولة يكون مصيرها الفشل، فلا يمكن الاستغناء عن (الحشد) في الدفاع عن أي مخاطر تجاه العراق سواء داخلية أو خارجية».

وأضاف الفتلاوي أن «(الحشد الشعبي) مؤسسة أمنية عسكرية حالها كحال الشرطة والجيش، ولهذا لا يمكن حل هذه الهيئة كونها تعد من أهم الأجهزة المختصة في حفظ الأمن والأمان للعراق والعراقيين، وحلم البعض لم ولن يتحقق إطلاقاً».

إلى ذلك تتردد منذ أيام أنباء عن احتمالية إصابة أو مقتل الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، جراء استهدافه بضربة صاروخية إسرائيلية على الحدود العراقية - السورية في إطار هجماتها الأخيرة ضد قيادات الفصائل الموالية لإيران، وعزز من تلك الاحتمالية الغياب اللافت عن المشهد السياسي للخزعلي خلال الأسبوعين الأخيرين، لكن «العصائب» تنفي مزاعم استهدافه.

وقال مسؤول بمكتب «العصائب» في طهران، غدير شريف، في تصريحات صحافية، السبت، إن «هذا ما يروج له الإعلام الأصفر والمأجور الذي يعمل ضد المقاومة ورموزها».

وأضاف أن «الخزعلي يوجد منذ فترة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد استقر لفترة في مدينة مشهد شمال شرقي إيران، حيث مرقد الإمام علي بن موسى الرضا، وبعدها انتقل إلى مدينة قم وسط إيران؛ لمتابعة ومواصلة درسه الحوزوي الخاص».