جاء تعيين دمشق أول سفير لها لدى تونس منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منتصف عام 2011، في الوقت الذي يواجه عمل اللجنة الوزارية العربية الخاصة بتطبيع العلاقات العربي مع دمشق، تهديداً بالفشل لعدم تقدم دمشق ولا خطوة لتطبيق خريطة الطريق العربية.
وفي بيان رسمي نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، الثلاثاء، أعلنت دمشق أن السفير محمد محمد «أدّى أمام الرئيس السوري بشار الأسد، اليمين القانونية سفيراً للجمهورية العربية السورية، لدى الجمهورية التونسية».
وكانت كل من سوريا وتونس قد أعلنتا في أبريل (نيسان) الماضي، أنهما ستعيدان فتح سفارتيهما بعد نحو عِقد من قطع تونس العلاقات مع دمشق التي عدّت حينها إعادة فتح السفارة السورية في تونس، تجاوباً مع مبادرة الرئيس التونسي قيس سعيّد، بتعيين السفير محمد المهذبي سفيراً لبلاده في دمشق.
وقد جاء ذلك عقب زيارة وزير الخارجية السوري إلى تونس أبريل الماضي. وكانت حينها دمشق تشهد انفتاحا عربياً بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في فبراير (شباط) الماضي.
مصادر متابعة في دمشق، قالت لـ«الشرق الأوسط»: إن تونس كانت أول دولة عربية تعيّن ممثلاً قنصلياً لها في دمشق عام 2015، عادّةً قطع العلاقات مع سوريا إجراءً غير صائب؛ لأن المصالح التونسية تقتضي وجود تمثيل قنصلي في دمشق.
وبحسب المصادر، فإن تونس لم تقطع التنسيق مع دمشق إلا في عهد الرئيس منصف المرزوقي، الذي كان داعماً للاحتجاجات في سوريا ووضع تونس في مقدمة الدول العربية التي قاطعت دمشق عام 2012 وجرى تعليق عضويتها في الجامعة العربية.
ولفتت المصادر، إلى وجود عوامل كثيرة مشتركة بين دمشق وتونس، أبرزها الملف الأمني وتوافقهما على عداء الجماعات الدينية، سيما وأن تونس تعدّ أكبر مصدر للمقاتلين المتشددين إلى ساحة الصراع في سوريا.
وتشير التقديرات المتداولة، إلى أن أكثر من ثلاثة آلاف تونسي قاتلوا في صفوف تنظيم «داعش»، كما تعجّ السجون السورية بالمتشددين التونسيين، وتمثل إعادتهم إلى تونس تحدياً كبيراً يتطلب تنسيقاً أمنياً عالياً مع السلطات في دمشق.
وكان السفير التونسي في دمشق محمد المهذبي، قد صرح في وقت سابق، بأن «تحدي الإرهاب يتطلب تضافر الجهود من أجل مواجهته». وقال: «نسعى للتنسيق مع الإخوة في سوريا، ومستعدون لبذل كل ما يطلبه الجانب السوري».
ويضاف إلى الملف الأمني ملفات أخرى كثيرة، كالتبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين، خاصة في مجال الفوسفات والصناعات التحويلية، وغيرها من ملفات ذات اهتمام مشترك إقليمية ودولية.
استدارة دمشق نحو تونس لتفعيل العلاقات معها، تزامنت مع أنباء عن تجميد عمل اللجنة الوزارية العربية الخاصة بتطبيع العلاقات مع دمشق؛ لعدم تقديم دمشق أياً من متطلبات تنفيذ خريطة الطريق العربية، والتي تتضمن ثلاثة ملفات رئيسية على دمشق أن تحقق تقدماً فيها، شرطاً لتطبيع العلاقات العربية معها، وهي ملف تفكيك شبكات تصنيع وتجارة المخدرات التي تهدد دول الجوار، وملف عودة اللاجئين، وملف الحوار مع المعارضة للتوصل إلى مَخرج للأزمة في سوريا.
إلا أن دمشق اشترطت أولاً لتحقيق أي خطوة، خروج القوات الأجنبية (الأمريكية والتركية) من الأراضي السوري، ووقف دعم الجماعات المعارضة المسلحة، وبذل الجهود لرفع العقوبات الاقتصادية ومساعدات تسهم في إطلاق عملية إعادة الإعمار.
وما أثار استياء دول الجوار، تزايد نشاط تهريب المخدرات إلى الأردن بدلاً من تراجعه، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة التي شهدت الانفتاح العربي على دمشق.
كذلك، إظهار المزيد من التعنت تجاه الحوار مع المعارضة، والتهرب من استحقاق عودة اللاجئين الذي ترافق بتواصل تدفق اللاجئين غير الشرعيين إلى لبنان.
بل إن الأمين العام لـ«حزب الله اللبناني»، دعا، الاثنين، الدولة اللبنانية، إلى السماح لمن يرغب من النازحين السوريين في الاتجاه نحو الدول الأوربية «بهدف الضغط عليها كي تأتي خاضعة إلى بيروت». عادّاً النزوح السوري اليوم سببه اقتصادي، محملاً المسؤولية للولايات المتحدة الأمريكية التي تفرض عقوبات اقتصادية على دمشق.