انتخابات «هادئة» في «الإسلامي الشرعي» اللبناني

دريان: دار الفتوى ستبقى دار الاعتدال والانفتاح

انتخابات المجلس الشرعي في لبنان (الشرق الأوسط)
انتخابات المجلس الشرعي في لبنان (الشرق الأوسط)
TT

انتخابات «هادئة» في «الإسلامي الشرعي» اللبناني

انتخابات المجلس الشرعي في لبنان (الشرق الأوسط)
انتخابات المجلس الشرعي في لبنان (الشرق الأوسط)

أنجزت انتخابات المجلس الإسلامي الشرعي في لبنان، الأحد، بأجواء تنافسية هادئة لم تخلُ من السياسة، وانتهت بفوز ما عرفت بـ«اللوائح التوافقية» التي شُكّلت في معظمها بدعم من أبرز الأفرقاء السياسيين.

واختارت الهيئة الناخبة 24 عضواً على أن يعين المفتي عبد اللطيف دريان 8 أعضاء إضافيين موزعين على كل المحافظات.

تأتي هذه الانتخابات بعد أسابيع قليلة على تمديد المجلس الشرعي ولاية مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان التي كان يُفترض أن تنتهي بعد نحو سنة ونصف السنة، مع بلوغه السن القانونية (73 عاماً)، ما سمح له بالاستمرار في منصبه حتى عام 2028.

ووُصفت الأجواء التي اتسمت بها انتخابات المجلس، التي تجري كل 4 سنوات، بـ«الهادئة»، لا سيما أن جهوداً حثيثة من قِبَل المفتي ومختلف المرجعيات السياسية سبقتها للتوصل إلى لوائح توافقية.

الهيئة الناخبة 

دريان قبل إدلائه بصوته في انتخابات المجلس الشرعي (الشرق الأوسط)

وتتشكل الهيئة الناخبة للمجلس الشرعي الذي تعكس قراراته توجهات المرجعية الدينية للطائفة السنية، من مفتي الجمهورية اللبنانية، ورئيس الحكومة ورؤساء الحكومة السابقين، إضافة إلى النواب والوزراء السنَّة الحاليين. ويشارك أيضاً في العملية الانتخابية، إضافةً إلى أعضاء المجلس الشرعي، مدير العام للأوقاف وأعضاء لجنتها وأمين الفتوى، والشيوخ الرسميون، وأساتذة الدين التابعون للأوقاف، ورؤساء الدوائر الوقفية، والقضاة الشرعيون الحاليون والقضاة السنَّة المدنيون الأئمة المنفردون والمثبتون والمتعاقدون والمكلفون، وأعضاء المجلس الدستوري السنّة والمجالس البلدية في المناطق، التي تضم الرؤساء والأعضاء.

ويقول مصدر مطلع على الانتخابات إن اللوائح بأكثريتها كانت توافقية في مواجهة ترشيحات منفردة ومستقلة.

توافق في بيروت

وحصل توافق في بيروت على اللائحة التي تشكَّلت مدعومةً من معظم المرجعيات السياسية بمن فيها «تيار المستقبل»، لكن ذلك لم يمنع التنافس مع مرشحين آخرين اختاروا خوض المعركة ضدها سعياً لخرقها، وقد نجحوا بذلك عبر مقعدين.

دريان مدلياً بصوته في انتخابات المجلس الشرعي (الشرق الأوسط)

وبعد أن افتتح المفتي دريان عملية الاقتراع، وأدلى بصوته في بيروت، قال إن «إجراء انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى هو تطبيق للقوانين المرعية الإجراء، وهذه الانتخابات هي تأكيد أننا كنا وسنبقى ملتزمين بالأنظمة والقوانين حرصاً منا على النهوض بمؤسساتنا التي هي جزء لا يتجزأ من النظام العام للدولة اللبنانية».

وأضاف: «تجري الانتخابات بشفافية وسلام وحرص متبادل من كل المرشحين الذين نأمل من الفائزين منهم على مقاعد المجلس الشرعي أن نكون معاً في خدمة المجتمع الإسلامي خاصة واللبناني عامة».

وأكد دريان أن الانتخابات «تسودها الشفافية والتنافس للخدمة العامة»، مشدداً على أن «دار الفتوى هي دار جامعة وحاضنة لكل العلماء والعاملين بالجهاز الديني إضافة إلى مهامها الوطنية الجامعة، وستبقى دار الاعتدال والوسطية والانفتاح والحرص على وحدة المسلمين واللبنانيين جميعاً».

من جانبه، قال الرئيس السابق للحكومة تمام سلام إن «التنافس في هذا المجال أمر مطلوب ومشروع، ويغني هذا الاستحقاق، وهو إلى جانب استحقاقات أخرى ضمانة لنا في إدارة مؤسساتنا ومواكبتها، وفي مقدمتها دار الإفتاء، وما يعود بالخير على الطائفة السنّية خاصة، وعلى المسلمين عامة في لبنان».
 وعن المطالبة بفصل السياسة عن انتخابات المجلس الشرعي، أجاب: «أنا لا أرى شيئاً من السياسة اليوم، أرى انتخابات مجلس شرعي جيدة، طبعاً يوجد بعض السياسيين بحكم النظام والقانون والدستور الذي يتحكم بأوضاعنا بالطائفة، نعم، هناك سياسيون لهم دور بحكم مراكزهم، ولكن هذا الجو اليوم مثلما نتابع جميعاً ليست له علاقة بالسياسة أبداً».

من ناحيته قال وزير الاقتصاد أمين سلام: «في خضم التعطيل المتعمد الذي تشهده الاستحقاقات الدستورية الداهمة على صعيد الانتخابات الرئاسية، مروراً بالانتخابات البلدية والاختيارية، وصولاً إلى الشلل التام في مؤسسات الدولة، تجري في دار الفتوى انتخابات مجلسها الشرعي الأعلى، الذي يُعدّ الركن الأساسي للطائفة السنيَّة، وفق النظم والمعايير التي وضعها النظام الداخلي، دون أي عرقلة أو مراوحة في العملية الانتخابية». وأضاف: «فعلياً، فإن هذه الانتخابات تأكيد لمبدأ تجديد القيادات السنّية، وأكبر دليل على أن هذا المكوِّن السنّي يعيش حالة تداول السلطة بطريقة ديمقراطية رصينة وراقية وموثوقة».

النائب فؤاد مخزومي تمنى من الجميع أن «يحاولوا الوصول إلى مرحلة البحث عن الطاقات في الطائفة لتطويرها. نحن بحاجة إلى تطوير الأوقاف الإسلامية، ونحن بحاجة إلى دعم مؤسساتنا الاجتماعية، ودعم أهلنا؛ إنْ في مجال الصحة أو التعليم وخلافه، وأتمنى أن تكون هذه فرصة لتتشابك أيدينا ونسير قدماً، لأن الأهالي لم يعودوا قادرين على الانتظار».

وكذلك قال النائب عماد الحوت: «لقد أصبح من واجب جميع الفائزين، ومثلهم مَن سيلتحقون بالمجلس كمعيَّنين، أن يتكاتفوا فيما بينهم ويخلعوا عنهم عصبياتهم السياسية والمناطقية ليتحولوا لفريق عملٍ واحدٍ برئاسة المفتي دريان».

معركة شمالية

وفي الشمال، حيث قرَّر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عدم التدخل بالانتخابات، لم يتم التوافق على العضو الذي يمثل عكار، وخاض 4 مرشحين المعركة، بينما تم التوصل في طرابلس إلى لائحة شبه توافقية مؤلفة من 7 أعضاء تحظى بدعم معظم الجهات السياسية الفاعلة في المنطقة، بينما قرر 12 مرشحاً خوض المعركة دون لوائح وبتحالفات منفردة. وعلى غرار بيروت أيضاً، خرق مرشحان منفردان اللائحة التوافقية.

ويصف مصدر مطلع على الجهود التي بُذِلت قبل الانتخابات، اللوائح التي تم التوصل إليها بأنها «ترضي جميع الأطراف السنّة، الدينية منها والسياسية». ويرى المصدر أن الطائفة السنية تكون قد تجاوزت 3 امتحانات أساسية، أولاً انتخابات المفتين التي لم تحصل منذ عقود وأُنجزت قبل أشهر قليلة، ومن ثم التمديد للمفتي دريان حيث كان هناك خطر للفراغ في هذا الموقع، واليوم انتخابات المجلس الشرعي.

وبعد إدلائه بصوته في دار الإفتاء بطرابلس، قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي: «هذا المجلس الذي يلعب دوراً كبيراً في الطائفة السنّية التي أعطت لبنان وتمسَّكت أكثر وأكثر بوحدة لبنان وكانت وما زالت تعطي النموذج الصالح من خلال خير أبنائها».

ولفت إلى أنه «للمجلس الإسلامي الأعلى دور كبير بحماية الأملاك الوقفية وحقوق المواطنين والتمسك بالأمور الوطنية التي تؤدي إلى وحدة لبنان بلجانه الشرعية والقضائية».

وقال مولوي رداً على سؤال عما إذا كان المفتي دريان قد تدخل في تشكيل اللوائح: «كانت هناك بصمات للمفتي بلائحة عدَّها توافقية. نحن موقفنا مع الكل لما فيه المصلحة وحسن الخيار من قبل الهيئة الناخبة المثقفة المتعلمة، ونحن على ثقة أنها ستختار الأفضل، وطبعاً هذا ما يريده سماحة المفتي».

بدوره، قال النائب أشرف ريفي بعد إدلائه بصوته: «صوتنا هو لمن نراه الأفضل... لذلك لم نقبل بأن يفرض على هيئة ناخبة نوعية أسماء ولوائح معلبة ومحاصصة، لذلك طالبنا بترك الأمور للهيئة الناخبة النوعية المتعلمة؛ فهي جديرة باختيار الأفضل». وأضاف: «دور هذا المجلس وطني، فلبنان وطن تعددي، والسنّة هم أكبر مكوّن في لبنان ومنتشر جغرافياً، فنحن مَن نستطيع أن نخلق توازناً، وذلك بالشراكة مع إخواننا المسيحيين والدروز والشيعة اللبنانيين والأحرار، ولا شك أن الطائفة مرَّت بمرحلة انتقالية إنما هذا لا يعني الانكفاء، يجب أن نجدد أنفسنا واليوم نثبت أننا نريد التجديد في خيارات الطائفة السياسية والدينية».

من جانبه، قال النائب فيصل كرامي، رداً على سؤال عن تدخل السياسيين: «السياسيون هم جزء من الهيئة الناخبة، فالأمر ليس معلباً، وكلنا يبدي رأيه، وجميع المرشحين خير وبركة، وأنا قلتُ، وأكرر، إن هذه المؤسسة بحاجة لتضافر الجهود من أجل المحافظة عليها لأنها صمام أمان هذه الطائفة».


مقالات ذات صلة

إيران تفاوض مباشرة بـ«الورقة اللبنانية» بعد تضعضع حلفائها

المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال لقائه الأخير مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (أ.ف.ب)

إيران تفاوض مباشرة بـ«الورقة اللبنانية» بعد تضعضع حلفائها

يحرص المسؤولون الإيرانيون في الفترة الأخيرة على بعث رسائل للداخل والدول المعنية بأن إيران ممسكة بالملف اللبناني.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي سحب الدخان تتصاعد من مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية إثر تعرضها للقصف (أ.ب)

غارات إسرائيلية على مناطق جنوبي بيروت بعد إنذارات إخلاء جديدة

استهدفت غارتين إسرائيليتين مناطق في جنوب بيروت، الخميس، بعد نحو ساعة من تحذير الجيش الإسرائيلي لسكان أربعة أحياء في معقل حزب الله بضرورة إخلاء مبان محددة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى استقباله كلير لوجندر في الرياض (واس)

اجتماع سعودي - فرنسي يبحث مستجدات غزة ولبنان

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع كلير لوجندر مستشارة الرئيس الفرنسي للشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية، التطورات في قطاع غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي نعيم قاسم الأمين العام لـ«حزب الله» (لقطة من فيديو لكلمته)

نعيم قاسم: نتنياهو لديه مشروع يتخطى غزة ولبنان إلى الشرق الأوسط

قال نعيم قاسم الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني، الأربعاء، إنه «لم يعد مهماً كيف بدأت الحرب، وما الذرائع التي سببتها».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)

إسرائيل مسحت 29 بلدة لبنانية من الخريطة

واصلت إسرائيل مسح قرى لبنانية حدودية من الخريطة، بتفخيخها وتفجيرها، في حين تشير التقديرات الأولية للخسائر الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على لبنان إلى ما يقارب.

«الشرق الأوسط» (بيروت - دمشق)

«حزب الله» يهاجم الجيش اللبناني: حملة استباقية بمواجهة القرار 1701

جنود لبنانيون في شمال لبنان إثر تنفيذ إسرائيل عملية الإنزال البحري يوم السبت الماضي (رويترز)
جنود لبنانيون في شمال لبنان إثر تنفيذ إسرائيل عملية الإنزال البحري يوم السبت الماضي (رويترز)
TT

«حزب الله» يهاجم الجيش اللبناني: حملة استباقية بمواجهة القرار 1701

جنود لبنانيون في شمال لبنان إثر تنفيذ إسرائيل عملية الإنزال البحري يوم السبت الماضي (رويترز)
جنود لبنانيون في شمال لبنان إثر تنفيذ إسرائيل عملية الإنزال البحري يوم السبت الماضي (رويترز)

في خضم الحرب الإسرائيلية على لبنان، وتقدم الحديث عن حلّ يقضي بتطبيق القرار 1701 الذي ينص على انتشار الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية، تظهر حملة ممنهجة ضد المؤسسة العسكرية، تحديداً من قبل «حزب الله» ومسؤوليه، كما الإعلام المحسوب عليه ومناصريه على وسائل التواصل الاجتماعي.

وآخر هذه المواقف تلك التي صدرت على لسان أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم داعياً الجيش اللبناني إلى إصدار بيان يوضح فيه تفاصيل الخرق الإسرائيلي في مدينة البترون الساحلية (شمال)، «حتى لو قال إنه لم يكن قادراً أو كان عاجزاً»، إذ أعلنت إسرائيل السبت أن قوة كوماندوز بحرية «اعتقلت عنصراً رفيعاً في حزب الله» يدعى عماد أمهز، ونقلته إلى أراضيها للتحقيق معه. وفيما لم يأت قاسم على ذكر أمهز في كلامه، قال: «أن يدخل الإسرائيلي بهذه الطريقة، هذا أمر فيه إساءة كبيرة للبنان، وفيه انتهاك لسيادة لبنان».

مواطنون لبنانيون يستمعون لكلمة أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يوم الأربعاء (أ.ب)

هذه المواقف رأى فيها كل من عضو كتلة حزب «القوات اللبنانية»، غياث يزبك، والنائب ميشال ضاهر، حملةً ممنهجةً لضرب الجيش في ظل الحديث عن تطبيق القرار 1701،

يأتي ذلك في وقت يشدد فيه المسؤولون اللبنانيون على الالتزام بتنفيذ القرار الدولي، ونشر 10 آلاف جندي على الحدود، حسب ما أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقد أقرت الحكومة في هذا الاطار، الأربعاء، زيادة عدد أفراد الجيش بمقدار 1500 عنصر.

ويقول ضاهر لـ«الشرق الأوسط» إن «الحملة تضر بالجيش اللبناني في هذا التوقيت بالتحديد، وهي مرفوضة لأنها تهدف إلى إضعافه مع الحديث عن تطبيق القرار 1701».

من جهته، يصف النائب يزبك وضع «حزب الله» ومسؤوليه بـ«الانفصال عن الواقع»، داعياً الحزب إلى إجراء محاسبة داخلية عما أصابه وتقديم تقارير بمفعول رجعي عن كل ما سببه في لبنان بدل الطلب من الجيش اللبناني هذا الأمر. ويرفض يزبك كلام قاسم «الذي أوحى من خلاله القول إن الجيش اللبناني متواطئ أو مقصر أو متآمر على بيئة الحزب»، واصفاً الكلام بالخطير «الذي ينم عن انفصال عن الواقع في توصيف الأمور بعد الخراب الذي أصاب البشر والحجر في لبنان، وهو رغم كل ذلك يتحدث وكأن شيئاً لم يحصل، كأن لا قيمة للحياة البشرية وهم الذين توقفوا حتى عن الإعلان عن قتلاهم».

ويرى يزبك «أن الجيش اللبناني هو الضحية الأولى لدويلة (حزب الله)»، قائلاً: «منذ بداية التسعينيات عندما تم زرع الكلية السرطانية التي سُمّيت المقاومة وتحولت إلى دويلة في جسد لبنان، كان الجيش اللبناني الضحية الأولى لها من منع التسلح إلى المشكلات السياسية التي ترجمت مشاكل أمنية وأغرقت فيه الجيش اللبناني في كل بقاع لبنان، حيث يعمل الجيش رغم الأزمات للمحافظة على السلم الأهلي». ويضيف: «واليوم عندما بدأ الحديث عن تنفيذ القرار 1701 عادوا إلى التصويب إليه، لأنه ينص بوضوح على انتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل فقط على الحدود»، مشيراً إلى أن كلام «حزب الله» لا يصوّب فقط على القرار 1701 إنما هو إطلاق نار وقائي واتهام الجيش بالتقصير مع الحديث عن حتمية تطبيق القرارين 1680 و1559 ما يعني «القضاء الكامل على مفهوم الميليشيا المسماة (مقاومة) من الوجود».

وسأل يزبك: «كيف لحزب مخترق قُتلت قياداته وفجّر عناصره أن يسأل الجيش اللبناني عن عملية البترون المدانة، والمعروفة أنها عملية كوماندوز تحدث في كل أنحاء العالم، ومن الصعب ردعها؟ وهو الذي لم يجر مساءلة محاسبة عن كل ما أصابه؟».

ورداً على مطالبة قاسم الجيش اللبناني بتقديم تقرير عن عملية البترون، طلب يزبك من «حزب الله» تقديم تقارير بمفعول رجعي عن كل ما تسبب به من التدمير نتيجة حرب يوليو (تموز) 2006 إلى اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وشهداء «ثورة الأرز» إلى التدمير القائم والمستمر في هذه الحرب، وآلاف القتلى والجرحى الذين سقطوا، وتهجير الملايين، مؤكداً أن «عليه مسؤولية مادية ومعنوية وجنائية لأن مفهوم الحق العام بالقانون لا يسقط، فليقدموا إذن هذه التقارير أو فليصمت قاسم ومسؤولو الحزب».

ويتوقف يزبك عند تجاهل قاسم الحديث عن أمهز الذي اختطفته إسرائيل في عملية البترون، قائلاً: «لم يتطرق إلى اسمه كما يفعلون في عدم ذكر القتلى الذين يسقطون في الحرب»، مضيفاً: «المشروع الذي يعمل عليه (حزب الله) لصالح إيران هو الغالب والإنسان هو الوقود».

وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور والمواقف التي تطلق داخل لبنان وخارجه محذرة من حرب أهلية، تضع مصادر نيابية حملة «حزب الله» على الجيش في خانة «الهروب إلى الأمام وقلب الطاولة على الجميع»، موضحة: «إذا لم يكن البلد بين أيديهم وشعر (حزب الله) بأنه سيخسر المعركة بحيث سيأتي من سيسأله في نهاية الحرب ماذا فعلت بنا، وبالتالي عندها ستكون الحرب الأهلية لمصلحة الحزب، حيث لن يأتي أحد لمحاسبته أو محاسبة غيره».

جنود من الجيش اللبناني في البترون شمال لبنان، حيث نفذت عملية الكوماندوز الإسرائيلية (أ.ف.ب)

كذلك، كان «حزب الكتائب» قد ندّد بـ«حملات التشهير والتخوين المتواصلة، التي كان آخرها الحملة المنظمة على الجيش اللبناني»، وأكد في بيان له «أن هذا الكم من الصراخ النابع من ماكينة (حزب الله) السياسية والإعلامية ليس سوى أنين جسم يحتضر».