قالت منظمة التحرير الفلسطينية إن أعداد المستوطنين في الضفة الغربية تضاعفت 7 مرات منذ توقيع اتفاق «أوسلو» قبل نحو 30 عاماً، بينما تسيطر المستوطنات على نحو 40 في المائة من المساحة الإجمالية للضفة الغربية. وجاء في تقرير أصدره المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، التابع للمنظمة، السبت، أن اتفاقيات «أوسلو» التي مر 30 عاماً على توقيعها، إنما تطويها الآن موجات متعاقبة من عمليات البناء والمخططات الاستيطانية الهدامة التي تستهدف ما تبقى للفلسطينيين من أرض. وجرى توقيع اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، في الثالث عشر من سبتمبر (أيلول) 1993 في حديقة البيت الأبيض في واشنطن قبل أن يلحقه عام 1995 التوقيع على اتفاق طابا الذي قسم الضفة الغربية إلى 3 مناطق، (أ) وهي المدن والبلدات الفلسطينية الكبيرة، و(ب) التي تضم القرى والبلدات الصغيرة، و(ج) وهي المساحة الأوسع وتساوي نحو 62 في المائة من مساحة الضفة الغربية، وتخضع إدارياً وأمنياً للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وقال التقرير الفلسطيني الرسمي إن هذا التقسيم للضفة الغربية لم يكن اعتباطياً أو صدفة أو غير ذي مغزى، بقدر ما كان مدروساً ويؤشر على أهداف مضمرة. وأضاف: «هذه المنطقة المسماة (ج) وفقاً للاتفاق المرحلي كانت محط أطماع دولة الاحتلال بوصفها المجال الحيوي لمشروعها الاستيطاني. 99 في المائة من هذه المنطقة مستبعدة تماماً من الاستخدام الفلسطيني، ولا تسمح سلطات الاحتلال للفلسطينيين بالبناء فيها لأغراض السكن أو لأغراض تجارية أو صناعية وفيها معظم الموارد الطبيعية في الضفة الغربية، وفيها أحواض المياه الرئيسية باستثناء الحوض الشمالي الشرقي في محافظة جنين، وفيها المساحات المفتوحة، التي كانت مصدر دخل المزارعين الفلسطينيين، و70 في المائة من أراضيها محددة على أنها داخل الحدود البلدية للمستوطنات والمستوطنين. ورصد التقرير موجتين استيطانيتين كبيرتين بعد أوسلو، الأولى بعد التوقيع مباشرة، حيث جرى التوسع في الاستيطان وفي فتح الشوارع الالتفافية، وإصدار الأوامر العسكرية القاضية بوضع اليد على الأراضي الفلسطينية، خلافاً لما تضمنته اتفاقية أوسلو التي نصت على أنه لا يجوز لأي من الطرفين البدء أو اتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير الوضع بالضفة وقطاع غزة لحين انتظار نتائج مفاوضات الوضع النهائي. ونجحت إسرائيل خلال هذه الموجة التي استمرت إلى ما قبيل الانتخابات الأخيرة للكنيست الإسرائيلي عام 2022، في رفع أعداد المستوطنات في الضفة إلى 158 مستوطنة بما فيها القدس الشرقية يسكنها نحو 700 – 750 ألف مستوطن. هذا إلى جانب 15 - 20 ألف مستوطن يسكنون في أكثر من 200 بؤرة استيطانية أخذت تتحول مع مرور الوقت إلى حاضنة للمنظمات الإرهابية اليهودية، كمنظمات «شبيبة التلال" و«دفع الثمن» ومنظمات أخرى تطلق على نفسها اسم «تمرد».
ورأى التقرير الفلسطيني الرسمي أنه مع هذا التوسع والتمدد الاستيطاني لم يعد يجري الحديث عن مستوطنات سياسية (يمكن تفكيكها) وأخرى أمنية، بل عن بنية استعمارية استيطانية على مساحة 600 ألف دونم، تشكل نحو 12 في المائة من مساحة الضفة الغربية، يضاف إليها نحو مليوني دونم، هي مساحة مناطق نفوذ المجالس الإقليمية للمستوطنات، لتبلغ مساحة الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت السيطرة المباشرة للمستوطنات بما فيها البؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية نحو 40 في المائة من مجمل مساحة الضفة. أما الموجة الثانية، وفق التقرير، فبدأت مع صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف إلى الحكم في إسرائيل بعد الانتخابات الأخيرة للكنيست، التي جرت العام الماضي، والتي تستهدف رفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية إلى نحو مليون مستوطن خلال العامين المقبلين. وقال التقرير إنه «إذا ما حاولنا تقريب الصورة بالأرقام، فسوف ندرك حجم ومدى التطور الخطير، الذي طرأ على المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. فوفق الإحصاءات السكانية للمستوطنات، التي يصدرها جهاز الإحصاء المركزي الإسرائيلي، ويصدرها كذلك مجلس المستوطنات في ما يسمى «يهودا والسامرة» (الضفة الغربية)، كان عدد المستوطنين في الضفة الغربية دون القدس الشرقية عند التوقيع على اتفاقية أوسلو الأولى عام 1993 نحو 115 ألفاً ليرتفع عام 1999 إلى نحو 177.4 ألف، وعام 2005 إلى 249.9 ألف، وعام 2010 إلى 313.9 ألف، وعام 2015 إلى 388.2 ألف، وعام 2018 إلى 430.1 ألف، ليصل نهاية العام 2022 إلى أكثر من 500 ألف مستوطن، يسكنون في 158 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك 24 في القدس الشرقية. بالإضافة إلى ما يقارب 200 بؤرة استيطانية ومزرعة رعوية إسرائيلية غير قانونية يسكنها نحو 25 ألف مستوطن أغلبيتهم الساحقة من زعران «شبية التلال» و«دفع الثمن» الإرهابيتين. وفي المجموع، يعيش الآن أكثر من 500 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية بالإضافة إلى 250 ألف يقيمون في القدس الشرقية، أي أن المجموع تجاوز 750 ألف مستوطن، ما يشكل 7 أضعاف العدد الذي كان عليه الحال في عام 1993.