أين أصبح حلم الدولة لدى سكان غزة بعد 3 عقود على أوسلو؟

ما تبقى من مطار غزة الذي دمرته إسرائيل في عام 2001 مع اندلاع انتفاضة «الأقصى» الثانية (أ.ف.ب)
ما تبقى من مطار غزة الذي دمرته إسرائيل في عام 2001 مع اندلاع انتفاضة «الأقصى» الثانية (أ.ف.ب)
TT

أين أصبح حلم الدولة لدى سكان غزة بعد 3 عقود على أوسلو؟

ما تبقى من مطار غزة الذي دمرته إسرائيل في عام 2001 مع اندلاع انتفاضة «الأقصى» الثانية (أ.ف.ب)
ما تبقى من مطار غزة الذي دمرته إسرائيل في عام 2001 مع اندلاع انتفاضة «الأقصى» الثانية (أ.ف.ب)

في عام 1994، عاد الفلسطيني مصطفى السنونو مع الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى غزة عقب توقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر (أيلول) 1993، حالماً بأن يصبح «البلد سنغافورة» المنطقة، لكن حلمه وكثيرين تبدّد بعد 3 عقود.

ووقّع الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني اتفاقية «إعلان المبادئ» للتسوية في العاصمة النرويجية، على أن تبدأ مرحلة انتقالية تتضمن إنشاء أول سلطة للفلسطينيين، وعلى أن يتواصل التفاوض حول مسائل رئيسية أخرى.

وعاد عرفات في يوليو (تموز) 1994، مع الآلاف من قواته العسكرية والأمنية للمرة الأولى إلى قطاع غزة ومدينة أريحا في الضفة الغربية المحتلة التي أقيمت عليهما مؤسسات السلطة الفلسطينية.

عُيّن السنونو (57 عاماً اليوم) حينها ضابطاً برتبة نقيب في الحرس الرئاسي، ثم أصبح عقيداً قبل أن يحال في عام 2008 للتقاعد المبكر مثل الآلاف من عناصر أجهزة الأمن والشرطة في السلطة الفلسطينية بعد الانقسام بين حركتي «فتح» و«حماس».

المصافحة التاريخية برعاية الرئيس كلينتون بين ياسر عرفات وإسحاق رابين بعد اتفاق أوسلو بواشنطن يوم 13 سبتمبر 1993 (غيتي)

قبل شهرين، افتتح السنونو مطعماً للوجبات السريعة في مبنى يبعد مئات الأمتار عن مقرّ عرفات الرئاسي في حي الرمال غرب مدينة غزة الذي تحوّل إلى صالة لحفلات الزفاف.

ويقول السنونو، لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنا نعتقد أن البلد ستصبح سنغافورة: معابر مفتوحة، فرص عمل لأولادنا وحكومة ومطار وميناء وجواز سفر، ظننّا أن الدولة على مرمى حجر».

ولا تنحصر خيبة الأمل بهذا الضابط السابق، بل تكاد تكون حالة معمّمة في الأراضي الفلسطينية. بعد 30 عاماً من الفشل في تحقيق سلام حقيقي وحلم الدولة، أصبح جلّ اهتمام الشباب الفلسطيني ينصبّ على البحث عن فرص عمل وحرية التنقل والسفر، وتجاوز أزمات متعددة من بينها السكن والكهرباء والمياه التي تضاعفت في ظل الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة المفروض من عام 2007، تاريخ تفرد حركة «حماس» بالسيطرة على القطاع.

ويقول الطالب الجامعي أدهم عبد الله (22 عاماً): «دمرت أحلامنا، لا وظائف للخريجين الجامعيين، لا عمل للشباب، الأوضاع في قطاع غزة تسوء كل يوم مع زيادة البطالة والفقر».

«سجن»

ويتابع: «الشباب يهاجرون من قطاع غزة، السجن الكبير، أملاً بمستقبل أفضل». هاجر من قطاع غزة خلال العقدين الأخيرين أكثر من مائتي ألف فلسطيني غالبيتهم من الشباب إلى دول أوروبية وتركيا، بحسب إحصاءات لمؤسسات حقوقية.

مدخل معبر رفح البري الذي يربط بين قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

وتزيد نسبة البطالة في القطاع على 45 في المائة، وترتفع إلى 70 في المائة في صفوف الشباب، وفقاً لجهاز الإحصاء الفلسطيني.

وتقول إسراء مراد (21 عاماً): «كل الدول تنعم بمطارات ومعابر وميناء، أما نحن فنسافر في خيالنا وأحلامنا، مطارنا مدمر ومعابرنا مغلقة. نحن في سجن».

في نهاية عام 1998، احتفل الفلسطينيون بأول مطار على أرض قطاع غزة في افتتاح رسمي حضره الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون إلى جانب عدد من رؤساء الدول وكبار المسؤولين العرب والغربيين.

إلا أن إسرائيل دمرت المطار في عام 2001 مع اندلاع انتفاضة «الأقصى» الثانية.

ما تبقى من مطار غزة الذي دمرته إسرائيل في عام 2001 مع اندلاع انتفاضة «الأقصى» الثانية (أ.ف.ب)

ونصّ الاتفاق على بدء مفاوضات الحل النهائي للنزاع بعد خمس سنوات. وحصلت جولات مفاوضات حول مواضيع متفرقة، لكن لم يتم التطرق إلى الحل النهائي.

الوظيفة قبل أوسلو

بالنسبة للطالبة الجامعية إيمان حسونة (20 عاماً)، كل ما تعرفه عن اتفاق أوسلو مصدره المدرسة. وتقول: «اتفاق أوسلو لا يشغل بالي، نحن كشباب نبحث عن فرص عمل ومستقبل، حلمي أن أجد وظيفة بعد تخرجي من الجامعة».

ويبدو آخرون وقد يئسوا تماماً من تطبيق الاتفاق التاريخي.

ويرى أحمد العبادلة (20 عاماً) أن حلم الدولة لم يعد قابلاً للحياة، ويؤكد أن أوسلو «حبر على ورق»، مضيفاً: «لا تهمني أوسلو».

بينما تقول إسراء مراد، وهي طالبة في قسم الإعلام بجامعة الأقصى في غزة: «لا فرصة للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة».

وتتابع: «عشنا 4 حروب وانتفاضات، فكيف ننسى الماضي؟».

فلسطيني من غزة يقفز في مياه البحر الأبيض المتوسط هرباً من ارتفاع درجات الحرارة (أ.ب)

وشهد قطاع غزة منذ نهاية 2008، 4 حروب ومواجهات عسكرية دامية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على رأسها حركة «حماس»، أودت بحياة الآلاف معظمهم من الفلسطينيين.

ويقول عبد الله، الذي أنهى دراسته الجامعية هذا العام: «غياب أوسلو أثّر سلباً على مستقبل جيلنا. عندما عاد أبو عمّار إلى الوطن، كان أمل كبير بدولة مستقلة».

ويعيش في قطاع غزة 2.3 مليون شخص تحت وطأة حصار مشدّد تفرضه إسرائيل براً وبحراً وجواً، وفي ظل نسبة فقر مرتفعة.

تبدّد حلم الدولة

ويقول عضو طاقم المفاوضات الفلسطينية مع إسرائيل حسن عصفور، إن «فشل أوسلو لم يفاجئه». ويضيف: «توقعنا انتهاء كل شيء بعد اغتيال إسحاق رابين»، رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 على يد متطرف إسرائيلي.

عرفات خلال رحلته العلاجية الأخيرة من غزة إلى فرنسا (أرشيفية)

ويتهم عصفور، الذي يقيم حالياً في مصر، «أطرافاً إسرائيلية مع أطراف فلسطينية لها ارتباطات إقليمية بالتآمر لإفشال أوسلو».

لكنه يؤكد أن «الخلاص من أوسلو أصبح ضرورة وطنية كبرى»، مطالباً بـ«الذهاب إلى مرحلة فك ارتباط شامل عنه». ويقول السنونو دامعاً: «حلم الدولة تبدّد».


مقالات ذات صلة

 إسرائيل تدرس الإفراج عن أموال السلطة الفلسطينية المحتجزة لديها

شؤون إقليمية اجتماع الحكومة الأمنية المصغرة في إسرائيل (أرشيفية - حساب رئيس الوزراء الإسرائيلي على «إكس»)

 إسرائيل تدرس الإفراج عن أموال السلطة الفلسطينية المحتجزة لديها

قالت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم (الأحد)، إن الحكومة الأمنية المصغرة تدرس إمكانية الإفراج عن أموال المقاصة المحتجزة لديها وتحويلها للسلطة الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو يدعو مقاتلي «حماس» إلى الاستسلام

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقاتلي حركة «حماس» إلى إلقاء السلاح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم فلسطينيون أمام مركز أممي لتوزيع الطحين في غزة (أ.ب)

«الصحة العالمية» تعتمد قراراً يدعو لإرسال مساعدات فورية لغزة

اعتمد المجلس التنفيذي لـ«منظمة الصحة العالمية»، الأحد، بالإجماع قراراً يدعو لإرسال مساعدات فورية إلى غزة؛ لمواجهة الوضع الصحي المتدهور في القطاع.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي «كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة يوليو الماضي (أ.ف.ب)

«الشرق الأوسط» تستعرض خريطة الفصائل الفلسطينية المقاتلة في غزة

شكلت عملية السابع من أكتوبر ضربةً غير متوقعة لإسرائيل، بدا معها أن القيادة السياسية والجيش الإسرائيلي ومنظومة المخابرات والاستخبارات في فشل كبير.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مقاتلان من «كتائب القسام» برفقة أسيرين خلال عملية تبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل الشهر الماضي (أ.ف.ب)

«القسام»: إسرائيل لن تستعيد محتجزيها دون مفاوضات

قالت حركة «حماس»، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لن تتمكن من استعادة أي من الرهائن ما لم تشارك في محادثات بشأن اتفاقات تبادل مشروطة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«الصحة الفلسطينية»: ارتفاع حصيلة قتلى الحرب على غزة إلى 17997

طفل فلسطيني أصيب في غارة إسرائيلية خلال جنازة أفراد عائلته الذين قتلوا في الغارة (رويترز)
طفل فلسطيني أصيب في غارة إسرائيلية خلال جنازة أفراد عائلته الذين قتلوا في الغارة (رويترز)
TT

«الصحة الفلسطينية»: ارتفاع حصيلة قتلى الحرب على غزة إلى 17997

طفل فلسطيني أصيب في غارة إسرائيلية خلال جنازة أفراد عائلته الذين قتلوا في الغارة (رويترز)
طفل فلسطيني أصيب في غارة إسرائيلية خلال جنازة أفراد عائلته الذين قتلوا في الغارة (رويترز)

قال التلفزيون الفلسطيني، إن 22 شخصاً قتلوا في قصف إسرائيلي على مخيم المغازي وسط غزة.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، أشرف القدرة، مساء اليوم ارتفاع حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 17997، فضلاً عن 49229 إصابة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال القدرة في إفادة صحافية يومية، إن الجيش الإسرائيلي ارتكب خلال الساعات الماضية «21 مجزرة مروعة وأباد عوائل بكاملها»، بما في ذلك قصف مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع، مما أدى إلى مقتل مريضتين وإصابة العشرات داخل المستشفى.


جنوب غزة يشتعل... ومجلس الأمن «مشلول»


فلسطينيون هاربون من خان يونس في طريقهم إلى رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون هاربون من خان يونس في طريقهم إلى رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

جنوب غزة يشتعل... ومجلس الأمن «مشلول»


فلسطينيون هاربون من خان يونس في طريقهم إلى رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون هاربون من خان يونس في طريقهم إلى رفح جنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو ينجح في شق العائلات الإسرائيلية لإضعاف ضغوطهم عليه

إسرائيل تريد السنوار «حياً أو ميتاً»... و«حماس» تسخر من هدف إنهائها تستعرض خريطة الفصائل الفلسطينية المقاتلة في غزة شهد جنوب قطاع غزة قتالاً شرساً، أمس، في اليوم الـ65 للحرب الذي بدا مشتعلاً بالتطورات الميدانية، وقالت فيه إسرائيل إن دباباتها دخلت وسط خان يونس، أكبر مدن جنوب القطاع، فيما تواصل القصف الجوي والمدفعي في مناطق عدة من غزة، بما فيها رفح القريبة من الحدود المصرية.

وقال سكان في المدينة إن القوات الإسرائيلية وصلت إلى الطريق الرئيسي الذي يربط بين شمال القطاع وجنوبه عبر قلب خان يونس، بعد قتال عنيف طوال الليل أدى إلى إبطاء التقدم الإسرائيلي من الشرق.

وامتلأت الأجواء بدوي الانفجارات المستمر وتصاعدت أعمدة كثيفة من الدخان فوق المدينة التي تؤوي مئات الآلاف من المدنيين الذين فروا من شمال القطاع. وفي الأثناء، أعلن مسؤول في الجيش الإسرائيلي أن الهدف من العملية في خان يونس هو القبض على يحيى السنوار، قيادي «حماس»، «حياً أو ميتاً».

من جانبها، قالت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، إنها نفذت أكبر هجمات ممكنة ضد القوات الإسرائيلية المتوغلة في جنوب القطاع، مضيفة أنها قتلت جنوداً ودمرت دبابات وآليات بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي أنه عمّق توغله وبدأ «يلمس انهياراً لحركة حماس». وأضافت «الكتائب» أنها دمرت 180 آلية عسكرية إسرائيلية، جزئياً أو كلياً، خلال 10 أيام منذ استئناف القتال بعد انتهاء الهُدن الإنسانية.

وبالتزامن مع احتدام الاشتباكات في غزة، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس، أنه لن يستسلم أمام الضغوط لإثنائه عن المضي قدماً في المطالبة بوقف إطلاق النار في القطاع، حاملاً على مجلس الأمن الدولي، الذي أخفق في التصويت على قرار بوقف الحرب بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لمنع صدور القرار.

ووصف غوتيريش في كلمته أمام «منتدى الدوحة» الـ21، الذي بدأ أعماله أمس في الدوحة، مجلس الأمن، بـ«المشلول»، متعهداً عدم الاستسلام للضغوط.

من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، إنه من الضروري أن تحمي العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة المدنيين الفلسطينيين، مضيفاً أن القتال يجب أن يعقبه «سلام دائم يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية».

وفي إسرائيل، تباينت التصريحات حول السيناريوهات المتوقعة لإنهاء الحرب، إذ تمسك قادة عسكريون وسياسيون بأن حركة «حماس» تبدي علامات انكسار أمام الهجوم الإسرائيلي المكثف، وأن القيادة العليا للحركة تفقد سيطرتها على القيادات الميدانية، بينما تحدثت جهات أخرى عن أن تحقيق هدف تدمير «حماس» غير واقعي، وحتى إذا حدث سيستغرق ذلك عاماً أو أكثر من الحرب المتواصلة.


إسرائيل لمرحلة «التدمير» في جنوب لبنان


دخان غارة إسرائيلية على بلدة عيتا الشعب (أ.ب)
دخان غارة إسرائيلية على بلدة عيتا الشعب (أ.ب)
TT

إسرائيل لمرحلة «التدمير» في جنوب لبنان


دخان غارة إسرائيلية على بلدة عيتا الشعب (أ.ب)
دخان غارة إسرائيلية على بلدة عيتا الشعب (أ.ب)

انتقلت إسرائيل إلى مرحلة التدمير في جنوب لبنان، حيث مسحت غاراتها الجوية حياً سكنياً بالكامل في بلدة عيترون الحدودية، في أعنف تصعيد جوي منذ حرب يوليو (تموز) 2006، نفذت خلالها غارات جوية متزامنة على قرى حدودية، بينما حلقت مقاتلاتها بكثافة فوق الأراضي اللبنانية وصولاً إلى بيروت وشمال البلاد.

ولم تشهد المنطقة الحدودية قصفاً جوياً مكثفاً منذ بداية الحرب في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شبيهاً بما شهدته أمس (الأحد)، إذ دوت انفجارات عنيفة في المنطقة الحدودية الواقعة بين بلدتي يارون وكونين ومدينة بنت جبيل على جولتين متقاربتين، تبين أنها ناتجة عن غارات جوية. ووثق مقطع فيديو نشره ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، نحو ست غارات جوية بوقت واحد استهدفت مناطق مفتوحة مكسوة بالغطاء الحرجي في المنطقة.

وبعد أقل من ساعتين، استهدفت غارات جوية حياً سكنياً في بلدة عيترون الحدودية، أدت إلى تدمير عدة منازل وتضرر منازل أخرى، وقضت على مربع سكني بالكامل، فيما هرعت طواقم الإسعاف إلى المكان حيث تم انتشال أربعة جرحى من الحي، حسبما أفادت مصادر ميدانية.

وبدا من سياق القصف أن الجيش الإسرائيلي وسع مساحة الغطاء الناري، خصوصاً في القطاع الأوسط وانتقل من استهداف المناطق المفتوحة في الحدود، إلى المنازل والأحياء السكنية.

في المقابل، وسّع «حزب الله» مروحة أهدافه، حيث أعلن عن هجوم جوي بطائرات ‏مسيّرة انقضاضية على مقر قيادة مستحدث للجيش الإسرائيلي في القطاع الغربي جنوب ‏ثكنة يعرا، وقال إن المسيّرات «أصابت أهدافها بدقة وأوقعت إصابات مؤكدة في صفوف العدو».


هجوم جوي إسرائيلي على محيط دمشق

تصاعد الدخان فوق العاصمة دمشق بعد غارة إسرائيلية عام 2022 (أرشيفية-رويترز)
تصاعد الدخان فوق العاصمة دمشق بعد غارة إسرائيلية عام 2022 (أرشيفية-رويترز)
TT

هجوم جوي إسرائيلي على محيط دمشق

تصاعد الدخان فوق العاصمة دمشق بعد غارة إسرائيلية عام 2022 (أرشيفية-رويترز)
تصاعد الدخان فوق العاصمة دمشق بعد غارة إسرائيلية عام 2022 (أرشيفية-رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع السورية مساء اليوم (الثلاثاء)، أن إسرائيل نفذت هجوما جوياً من اتجاه الجولان على بعض النقاط في محيط دمشق، وفق ما أوردته «وكالة أنباء العالم العربي».

وقالت الوزارة في بيان مقتضب: «تصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها، واقتصرت الخسائر على الماديات». وكانت سوريا قد حذرت من تكرار الهجمات الإسرائيلية على أراضيها، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تصاعد العنف في المنطقة بشكل يصعب السيطرة عليه.


الجوع يفاقم ظاهرتي «التسوّل» و«نبش» حاويات القمامة في دمشق

ينتظرون شراء الخبز خارج مخبز على مشارف دمشق (رويترز)
ينتظرون شراء الخبز خارج مخبز على مشارف دمشق (رويترز)
TT

الجوع يفاقم ظاهرتي «التسوّل» و«نبش» حاويات القمامة في دمشق

ينتظرون شراء الخبز خارج مخبز على مشارف دمشق (رويترز)
ينتظرون شراء الخبز خارج مخبز على مشارف دمشق (رويترز)

مع تعمق تردي الأوضاع المعيشية للأغلبية العظمى في دمشق وتضخم ظاهرتي «نبش» أكياس وحاويات القمامة و«التسوّل»، جاء قرار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بإنهاء برنامج مساعداته الغذائية العامة في جميع أنحاء سوريا اعتباراً من بداية العام المقبل، ليزيد أكثر من سوء تلك الأوضاع.

وتفاجأ سكان دمشق، مؤخراً، بإعلان برنامج الأغذية العالمي، انتهاء مساعداته العامة بجميع أنحاء سوريا في يناير (كانون الثاني) المقبل، بسبب نقص التمويل. وذكر البرنامج، في بيان، أنه سيواصل دعم الأسر المتضررة من حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية في جميع أنحاء سوريا من خلال «تدخلات طارئة أصغر وموجهة أكثر»، دون تحديد طبيعة هذه التدخلات.

وبحسب الموقع الرسمي للبرنامج، فإنه كان يقدم شهرياً مساعدات غذائية إلى 5.6 مليون شخص في سوريا، من خلال الحصص الغذائية أو القسائم النقدية لشراء الطعام للعائلات، كما يوفر لأطفال المدارس في جميع أنحاء البلاد وجبات غذائية خفيفة، ويعمل على الوقاية والعلاج من سوء التغذية للأمهات والأطفال.

يأتي إعلان البرنامج، في وقت تعيش فيه الأغلبية العظمى من سكان دمشق، أسوأ أوضاع معيشية على الإطلاق منذ اندلاع الحرب في البلاد في عام 2011، بسبب موجات ارتفاع الأسعار المتتالية.

فعلى مدى عقود طويلة سبقت الحرب، كانت عملية «اقتراض» العائلة رغيفي خبز أو ثلاثة من جيرانها ومن ثم ردها مسألة طبيعية، لكن الأمر بات «تسوّلاً مجمّلاً» مع عدم رد المادة بسبب الفقر الشديد، وفق العجوز «أم يوسف» التي تسكن في غرب دمشق ومعروف عنها طيبة القلب وأنها ميسورة الحال.

تؤكد العجوز لنا أنها «لا تتردد بتلبية أي طلب للجيران إذا كان متوفراً لديها حبتي بندورة، أو كاسة رز أو برغل». وبالنسبة «للعائلات الفقيرة جداً أقوم بشراء كميات وأرسلها لهم».

مع طول أمد الحرب والسنوات اللاحقة التي انهار فيها الاقتصاد وقيمة الليرة السورية، تزايدت العائلات التي انضمت إلى شريحة الفقراء الأشد حاجة. ووصل الأمر وفق «أم يوسف»، إلى أن «أي حارة بات لا يوجد فيها سوى عائلتين أو ثلاث مكتفية ذاتياً». وتلفت إلى أن بابها يقرع أكثر من 20 مرة في اليوم من قبل متسولين يجوبون الشوارع، وتضيف: «يطلبون مالاً، أو خبزاً وطعاماً، ويبحثون في أكياس القمامة عن بقايا طعام».

في المقابل، تذكر «م. س» التي لديها 3 فتيات، أنها بعد موت زوجها عملت في تنظيف المنازل، لكن «الشغل خف». وتوضح السيدة وهي تحبس دموعها، أن العائلة كانت «تمشّي حالها» بالسلة الغذائية التي تستلمها من جمعية خيرية، وتضيف: «حالنا بالويل ونعيش من خير الجيران الخيّرين». وبعدما انفجرت بالبكاء، أقسمت أنها وبناتها يتناولن «سندويشة» واحدة في اليوم، وأحياناً «رغيف حاف».

ظاهرة التسوّل موجودة في سوريا منذ القديم، لكن الظاهرة ازدادت حدة منذ اندلاع الحرب وما خلفته من فقر ومآس ونزوح، تكاثرت جداً مع ارتفاع الأسعار المتتالية وتدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي الذي يسجل حالياً نحو 14 ألف ليرة بعدما كان في عام 2010 50 ليرة.

شكل ذلك أزمة جوع كبيرة في مناطق سيطرة الحكومة السورية، إذ لا يتعدى راتب موظف الدرجة الأولى لدى الدولة 180 ألف ليرة، وفي القطاع الخاص قد يصل إلى مليون ليرة، على حين باتت العائلة المؤلفة من 5 أفراد تحتاج إلى 6 ملايين ليرة في الشهر.

ينتظرون شراء الخبز خارج مخبز على مشارف دمشق (رويترز)

وأكد برنامج الغذاء العالمي، الشهر الماضي، أن 12.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا، بعدما أعلن في بداية العام الجاري، أن سوريا باتت تعاني من مستويات قياسية في الجوع.

في ظل هذه الحال، باتت شوارع وأسواق وحدائق دمشق، تعج بعشرات المتسولين (أطفال، ونساء، ورجال)، فيما يفترش الكثير أرصفة الشوارع يسألون المارة المساعدة. وأُضيف إلى المشهد تسوّل الرغيف أمام الأفران والأغذية من أصحاب وزبائن البقاليات ومحال الخضراوات، والدواء من الصيدليات.

صحيفة «تشرين» الرسمية نشرت بداية عام 2021 إحصائية من الدراسات الاجتماعية تقدر عدد المتسولين في سوريا بشكل تقريبي بحوالي 250 ألف متسول.

وفي 22 الشهر الماضي، ذكرت صحيفة «الوطن» المقربة من الحكومة، أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تعكف على إعداد مسودة قانون رادع خاص بمكافحة التسوّل.

النبش في الحاويات في أحد شوارع دمشق

وتترافق مسألة تضخم آفة «التسوّل» مع تزايد ظاهرة «نبش» أكياس وحاويات القمامة، إذ يلاحظ المتجول في دمشق، انتشار مجموعات من الأطفال والفتيات والنساء والشباب وكبار السن، في كل الأوقات بعدما كان الأمر يتم في الصباح الباكر ومن قبل أعداد قليلة.

ويقوم البعض بنبش أكياس وحاويات القمامة، بحثاً عن بقايا طعام، بينما اتخذ كثيرون من الأمر وسيلة للارتزاق عبر جمع بقايا الخبز والبلاستيك والكرتون وبيعها لمحال مختصة بشراء هذه النفايات.

وأدى تزايد هذه الظاهرة إلى حصول تسابق بين العاملين فيها على نبش الحاويات ووقوف البعض عندها لساعات بانتظار من يجلبون إليها أكياس القمامة، ويصل الأمر أحياناً إلى حصول مشاجرات بين «النابشين».

امرأة تتسول في ظاهرة تفاقمت في السنوات الأخيرة

يوضح لنا خبير في الشؤون الاجتماعية بدمشق، أن هناك عدة أسباب لتضخم واستفحال ظاهرة التسوّل في مناطق الحكومة، فهناك من يمتهنها لرفد دخله، والبعض تشغّلهم «مافيات»، لكن السبب الأبرز هو «الظروف المعيشية الصعبة التي تزداد صعوبة بشكل يومي».

يضيف: «الدراسات تؤكد أن 94 في المائة يعيشون في حالة فقر، وبالتالي يرجح أن كثيرين يندفعون إلى التسوّل بسبب الجوع. المشهد يؤكد أن عدد المتسوّلين يفوق عشرات أضعاف ما تتحدث عنه وسائل إعلام الحكومة».

ويرى الخبير، أن المعالجة تكون من خلال إيجاد حل من قبل الحكومة للأزمات الاقتصادية المتراكمة، ومنح رواتب تتناسب مع الأسعار الحالية، وتوفير المواد الأساسية بأسعار مقبولة.

يضيف: «قبل الحرب كان راتب موظف الدرجة الثالثة لدى الحكومة نحو 300 دولار، حالياً راتب موظف الدرجة الأولى لا يتجاوز راتبه 15 دولاراً!».


تباينات إسرائيلية حول سيناريوهات نهاية الحرب

بنيامين نتنياهو يتفقد قواته بقطاع غزة في 26 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
بنيامين نتنياهو يتفقد قواته بقطاع غزة في 26 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

تباينات إسرائيلية حول سيناريوهات نهاية الحرب

بنيامين نتنياهو يتفقد قواته بقطاع غزة في 26 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
بنيامين نتنياهو يتفقد قواته بقطاع غزة في 26 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

بغض النظر عن التصريحات الإسرائيلية الرسمية من القادة العسكريين والسياسيين التي يزعمون فيها أن حركة «حماس» تبدي علامات انكسار أمام الهجوم الإسرائيلي الشرس، وأن القيادة العليا للحركة تفقد سيطرتها على القيادات الميدانية، تشير تقديراتهم إلى أنهم يحتاجون إلى شهور طويلة، وهناك من يقول أكثر من سنة حتى تتحقق أهداف الحرب، وهي «إبادة (حماس)، وإعادة الأسرى، وتنفيذ إجراءات تجعل قطاع غزة منطقة آمنة لا مجال لإطلاق صواريخ منها تهدد سكان الجنوب».

لكن الجمهور الإسرائيلي، ومعه وسائل الإعلام والخبراء، غير مقتنعين بأن الجيش يمتلك رصيداً يكفيه للبقاء سنة كاملة وأكثر في قطاع غزة، ويقولون إنه يدخل الشهر الثالث للحرب، ولا يحرز إنجازات ملموسة تدل بشكل فعلي على قرب انكسار «حماس»؛ فهو دمر كل المباني في الجزء الشمالي من قطاع غزة، واحتل المنطقة كلها تقريباً، لكن ما زالت عناصر «حماس» تفاجئ الجيش الإسرائيلي بعمليات نوعية تدمر آليات وتقتل جنوداً، بل يطلقون قذائف وبعض الصواريخ من هذه المنطقة بشكل خاص. والجيش نفسه يتحدث عن «معارك ضارية» يخوضها مع العدو.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع قادة القوات الإسرائيلية في 26 نوفمبر (د.ب.أ)

حجب أشرطة «حماس»

وعلى الرغم من أن معظم وسائل الإعلام العبرية ما زالت تحجب عن الجمهور أي بيان أو شريط تسجيل من «حماس»، فإن قليلاً من الإسرائيليين يصدقون روايات الناطق بلسان الجيش، دانيل هغاري، حول ما يدور في قطاع غزة. وهو يعرف ذلك. فمع أن استطلاعات الرأي تشير إلى انه يحظى بثقة 86 في المائة من الجمهور، فإنه لا يحظى بثقة 50 في المائة من الصحافيين، وهم يعبّرون عن هذا في الصحف، ويقولونه في وسائل الإعلام الأخرى.

والشعور هو أن إسرائيل عادت إلى الوراء 50 عاماً من ناحية فرض الرقابة العسكرية. فعلى الرغم من أن هذا الإعلام يمارس رقابة ذاتية شديدة من بداية الحرب، ويمتنع عن نشر بيانات «حماس» وأشرطتها المسجلة، فإنه يسود شعور بأن الرقابة وقادة الجيش يريدون لمن يتلقون الأخبار أن يكونوا مثل الإمعة تماماً.

وأقدم الناطق هغاري على خطوات لاسترداد الثقة، فنظم جولات للصحافيين كل واحد على حدة في غزة. وأتاح لكل صحافي أن يتحدث مع من يريد. واستجاب هغاري لطلبهم حول إعطاء صورة أكثر دقة عن نتائج المعارك. وعدم الاكتفاء بالقول إن قواته تقترب من السنوار، وإن «حماس» تقترب من الانكسار. وأجروا مفاوضات معه في الأيام الأخيرة حول عدد القتلى والمصابين.

وأصر على أن عدد القتلى في معارك غزة وحدها بلغ 100 (إضافة إلى 320 في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، لكنهم أبلغوه بأن لديهم معلومات من المستشفيات بأن عدد الجرحى يفوق أضعاف ما ينشره هو، واتفقوا في النهاية على أن العدد يصل إلى 5 آلاف جريح، بعد أن كان قد وافق على ما نشرته صحيفة «هآرتس»، يوم الثلاثاء الماضي، من أن العدد هو 1000، وكان الرقم في حينه صادماً.

حطام يتناثر وسط انفجار خلال ما يقول الجيش الإسرائيلي إنها عملية في خان يونس (رويترز)

جنود الاحتياط

والمعروف أن الجيش بدا يحرر مجموعات كبيرة من جنود الاحتياط الذين جندهم في بداية الحرب (360 ألف جندي جرى توجيه 130 ألفاً منهم نحو الحدود الشمالية والبقية قرب غزة)، وقد بلغ مجموع من دخلوا منهم وخرجوا من وإلى غزة، نحو 100 ألف جندي، خلال الحرب، يوجد في حكم المؤكد 5 آلاف جريح. ويتضح أن الجراح متنوعة وشديدة، فهناك إصابات في الكلى والطحال والكبد وطبعاً في الرأس. وهناك عدد كبير من الإصابات في العيون. والمستشفيات تقيم أقساماً سرية، وتبلغ نسبة المعوقين الدائمين منهم 15 في المائة على الأقل، وهؤلاء هم المصابون الذين فقدوا أطرافاً من أجسادهم.

وبناءً عليه، فحتى لو كانت هناك ضربات موجعة جداً لـ«حماس» ومقاتليها، وحتى لو كان هناك انكسار في بعض مواقع «حماس»، فإن القتال الضاري يبين أن الادعاءات الإسرائيلية حول قرب انهيار «حماس» هو جزء من حرب نفسية وحملة دعائية، وليس بالضرورة يعكس الواقع.

والحديث عن الحاجة إلى سنة إضافية يعني أن الجيش الإسرائيلي يتعثر، فهو جيش كبير وضخم الموارد، ولديه أحدث الأسلحة والتقنيات التكنولوجية العالية، ويحظى بكل ما يحتاج إليه من الدعم وأكثر من الجيش الأميركي، الذي ينظم حملة جوية من 200 طائرة شحن ضخمة محملة بالذخائر والعتاد، ومع ذلك يتقدم ببطء شديد أمام قوات «حماس» و«الجهاد»... وغيرها.

صورة من بيت لاهيا لعشرات الفلسطينيين المعتقلين وهم شبه عراة (رويترز)

صورة العراة

والأشرطة التي يعرضها الجيش، وتظهر تارة شباناً أُجْبِروا على خلع قمصانهم والجلوس أرضاً وهم عراة بغرض إذلالهم، أو الشريط الذي يتباهى فيه بقتل 3 عناصر من «حماس» في عملية راجلة في أحد أزقة جباليا، أو هدم نصب تذكاري في ميدان فلسطين ورفع علم إسرائيل فيه، هي صور غير تناسبية، قد تلائم جيشاً حقق انتصاراً على فرقة من الجيش الصيني أو الروسي، وليس جيشا يعد أحد أقوى الجيوش في العالم، ويحارب تنظيماً مسلحاً مثل «حماس» من 30 ألف مسلح.

ووفق المراسل العسكري لصحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية ألون بن دافيد، الذي عاد من جولة في قلب غزة بضيافة الجيش، فإنه «في الجانب العسكري سجل الجيش الإسرائيلي لنفسه غير قليل من الإنجازات، لكن الصور تثير نقاشاً يقظاً بين الخبراء، فيما إذا كانت هذه بوادر علامات انكسار في أوساط «حماس».

والوضع في جنوب القطاع مختلف؛ فمع أن الجيش يعمل بقوة لوائية كبيرة في خان يونس، فإنه لم ينجح بعد في كسر 4 كتائب لـ«حماس» التي تعمل في المدينة. والتقدير هو أنه سيتطلب لأجل ذلك 3 أسابيع، وربما أكثر، بينما كان التشديد الأساسي على محاولة المس بمسؤولي «حماس» الكبار، وعلى رأسهم يحيى السنوار وشقيقه محمد، اللذان، حسب كل المؤشرات، يعملان في هذه الجبهة.

فلسطينيون أمام مركز أممي لتوزيع الطحين في غزة (أ.ف.ب)

احتلال خان يونس

وإذا كان احتلال خان يونس يحتاج إلى 3 أسابيع، فإن رفح التي تبلغ أضعافها من حيث المساحة والكثافة السكانية، ودير البلح وبقية المناطق التي لم تدخلها القوات الإسرائيلية تحتاج إلى شهور، لكن القيادات السياسية تؤكد أنه لا يوجد لها كل هذا الوقت، من الناحية السياسية.

ومع أن الولايات المتحدة استخدمت، يوم الجمعة، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن على مشروع قرار يدعو إلى وقف نار فوري في غزة، فإن هناك قلقاً واضحاً في إسرائيل من أنه باستثنائها صَوَّتَتْ بقية الـ13 دولة مع مشروع القرار، (وبريطانيا امتنعت). ووفق تقارير مختلفة من واشنطن فإن الإدارة الأميركية تعتزم السماح لإسرائيل بمواصلة القتال حتى نهاية السنة الميلادية، أي 3 أسابيع من اليوم قبل أن تطالبها بإعادة الانتشار.

وهذا كله، من دون حل لقضية المخطوفين الإسرائيليين لدى «حماس»، الذين لا يبدو أن تحرير أي منهم غاية سهلة، وقد فشلت العملية الخاصة التي حدثت فجر الجمعة، لتحرير الجندي ساهر باروخ وانتهت بقتله. وهذا علماً بأن الجيش يؤكد أن جهوداً مشابهة ستستمر في المستقبل أيضاً، رغم الظروف المعقدة لنجاحها».

بناءً على ذلك كله، فإن العمليات الحربية في قطاع غزة تعد ورطة ليس فقط لـ«حماس»، بل للجيش الإسرائيلي أيضاً.


المصريون يصوتون في اليوم الأول للانتخابات الرئاسية

السيسي يدلي بصوته في الانتخابات بمدرسة الشهيد يسري أبو عميرة في مصر الجديدة (أ.ف.ب)
السيسي يدلي بصوته في الانتخابات بمدرسة الشهيد يسري أبو عميرة في مصر الجديدة (أ.ف.ب)
TT

المصريون يصوتون في اليوم الأول للانتخابات الرئاسية

السيسي يدلي بصوته في الانتخابات بمدرسة الشهيد يسري أبو عميرة في مصر الجديدة (أ.ف.ب)
السيسي يدلي بصوته في الانتخابات بمدرسة الشهيد يسري أبو عميرة في مصر الجديدة (أ.ف.ب)

بدأت عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية المصرية، الأحد، لمدة ثلاثة أيام، لاختيار رئيس للبلاد لولاية جديدة مدتها ست سنوات، حتى عام 2030، وسط دعوات رسمية شددت على أهمية المشاركة.

وينافس الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي تولى الحكم عام 2014، كل من رئيس «الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي» فريد زهران، ورئيس حزب «الوفد» عبد السند يمامة، ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» حازم عمر.

وأظهرت لقطات تلفزيونية السيسي، صاحب الفرصة الأعلى للفوز، وهو يدلي بصوته في لجنة انتخابية بحي «مصر الجديدة» شرق العاصمة القاهرة. بينما أدلى عمر بصوته في إحدى اللجان الانتخابية بحي «التجمع» بالقاهرة، وصوت زهران في لجنة بحي «المقطم» بالقاهرة، بينما صوت يمامة في حي «الدقي» بمحافظة الجيزة.

المرشح الرئاسي حازم عمر أثناء الإدلاء بصوته (رويترز)

وفتحت جميع لجان الاقتراع الفرعية، البالغ عددها أكثر من 11 ألف لجنة، أبوابها أمام الناخبين، صباح الأحد، دون استثناء واحد، وفق بيان للهيئة العامة للاستعلامات بمصر.

وقال رئيس الهيئة، ضياء رشوان، إن العملية الانتخابية تسير في مختلف أنحاء الجمهورية بـ«صورة منتظمة»، فيما لفت إلى «وجود كثافات كبيرة أمام مراكز الاقتراع منذ صباح الأحد»، مشيراً إلى مشاركة 528 مراسلاً صحافياً لوسائل إعلام أجنبية، في تغطية الانتخابات، يمثلون 110 مؤسسات إعلامية من صحف ومجلات ووكالات أنباء ومواقع إخبارية وقنوات تلفزيونية، ينتمون لعدد 33 دولة.

ولم تتلق غرفة المتابعة المركزية بالهيئة، منذ فتح اللجان سوى 4 ملاحظات من مراسلين أجانب تتعلق بالتصوير داخل بعض لجان الاقتراع، تم حلها جميعاً، بحسب رشوان.

مصري مسن يدلي بصوته في اليوم الأول من الانتخابات الرئاسية (رويترز)

وإزاء ما وصفته بـ«إقبال كثيف غير مسبوق» من الناخبين في مختلف المحافظات خلال اليوم الأول؛ قررت «الهيئة الوطنية للانتخابات» «الدفع بالعديد من القضاة وأعضاء الهيئات القضائية الاحتياطيين إلى عدد من اللجان الفرعية؛ لتسريع وتيرة عملية التصويت، والتخفيف من زحام طوابير الناخبين أمام هذه اللجان».

وأعربت الهيئة، في بيان، عن «تقديرها» للمواطنين الذين أظهروا «وعياً عميقاً» بأهمية المشاركة الإيجابية الفاعلة في هذا الاستحقاق.

مصريون يصطفون في إحدى اللجان مع بداية عملية التصويت الأحد (أ.ف.ب)

ورفع ناخبون علم مصر أمام العديد من اللجان، فيما ردد بعض الناخبين هتافات لدعم الرئيس الحالي مثل «تحيا مصر... بنحبك يا سيسي»، كما سُمعت أصداء الأغاني الوطنية تطوف الشوارع.

وعقب الإدلاء بصوته، دعا رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في تصريحات تلفزيونية، جموع الناخبين من أبناء الشعب المصري إلى «التمسك بحقهم الدستوري عبر المُشاركة الفاعلة في هذا الاستحقاق الأهم وطنياً بصورة إيجابية وجادة».

فيما قال وزير الداخلية المصري محمود توفيق، في تصريحات للصحافيين عقب الإدلاء بصوته، إن «جميع أجهزة وزارة الداخلية في حالة استنفار قصوى، لتأمين المواطنين وتهيئة الأجواء المناسبة لسير العملية الانتخابية بالشكل الذي يتيح الفرصة أمام كل المصريين للمشاركة فيها».

بالحبر الفسفوري... مصري يؤكد مشاركته في الانتخابات (رويترز)

ويحق لأكثر من 67 مليون مصري الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي تقام تحت إشراف القضاء، وتراقبها 14 منظمة دولية، و62 منظمة مجتمع مدني محلية، وفقاً للهيئة الوطنية للانتخابات.

وتتواصل عمليات الاقتراع يومي الاثنين والثلاثاء ما بين التاسعة صباحاً والتاسعة مساء (07.00 و19.00 ت غ). فيما أدلى المصريون في الخارج بأصواتهم على مدى ثلاثة أيام أيضاً، بداية الشهر الحالي.

وفي الانتخابات الراهنة تتجه الأنظار إلى نسبة المشاركة التي بلغت 41.5 في المائة في 2018، أقل بست نقاط عن الانتخابات السابقة. ومن المقرر إعلان النتيجة في 18 ديسمبر (كانون الأول) في حال حسم السباق من الجولة الأولى.

وأدى السيسي اليمين الدستورية لفترته الرئاسية الأولى في يونيو (حزيران) 2014، وأعيد انتخابه لفترة ثانية في يونيو 2018.

ووصل السيسي، وزير الدفاع الأسبق، إلى الحكم، عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو (تموز) 2013، بعد احتجاجات شعبية حاشدة. وفي انتخابات عامي 2014 و2018، فاز السيسي بأكثر من 96 في المائة من الأصوات.

وتقرر تمديد فترة الرئاسة لستة أعوام، بعد أن كانت أربعة، إثر تعديلات دستورية أقرت عام 2019، وهو ما مدد الفترة الرئاسية الثانية للسيسي حتى مطلع أبريل (نيسان) عام 2024، كما سمح له بالترشح لفترة ثالثة.


التصعيد الجوي الإسرائيلي يعيد التذكير بقصف المنازل في حرب 2006

دخان غارة إسرائيلية على بلدة عيتا الشعب (أ.ب)
دخان غارة إسرائيلية على بلدة عيتا الشعب (أ.ب)
TT

التصعيد الجوي الإسرائيلي يعيد التذكير بقصف المنازل في حرب 2006

دخان غارة إسرائيلية على بلدة عيتا الشعب (أ.ب)
دخان غارة إسرائيلية على بلدة عيتا الشعب (أ.ب)

أعادت الغارات الجوية الإسرائيلية المتزامنة على مناطق في جنوب لبنان التذكير بوتيرة المعارك التي شهدها الجنوب في حرب عام 2006، وذلك في أعنف تصعيد تشهده المنطقة منذ شهرين، بموازاة استخدام «حزب الله» طائرة مسيّرة مفخخة انفجرت في موقع قيادة إسرائيلي على بعد كيلومترين من المنطقة الحدودية، فيما حلقت الطائرات الإسرائيلية فوق بيروت وشمال لبنان.

ولم تشهد المنطقة الحدودية قصفاً جوياً مكثفاً منذ بداية الحرب في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي شبيهاً بما شهدته الأحد، حيث دوت انفجارات عنيفة في المنطقة الحدودية الواقعة بين بلدتي يارون وكونين ومدينة بنت جبيل على جولتين متقاربتين، تبين أنها ناتجة عن غارات جوية. ووثق مقطع فيديو نشره ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، نحو 6 غارات جوية في وقت واحد استهدفت مناطق مفتوحة مكسوة بالغطاء الحرجي في المنطقة.

وبعد أقل من ساعتين، استهدفت غارات جوية حياً سكنياً في بلدة عيترون الحدودية أدت إلى تدمير عدة منازل وتضرر منازل أخرى، وقضت على مربع سكني بالكامل، فيما هرعت طواقم الإسعاف إلى المكان، حيث تم انتشال 4 جرحى من الحي، حسبما أفادت مصادر ميدانية، في وقت حلقت مقاتلات إسرائيلية على علو متوسط ومرتفع فوق بيروت والضاحية الجنوبية وجبل لبنان، ووصلت إلى شماله.

وقالت مصادر ميدانية في الجنوب لـ«الشرق الأوسط»، إن وتيرة القصف الجوي «هي الأعنف منذ بدء الحرب في الجنوب»، موضحة أنه في الأيام العشرة السابقة التي تكثف فيها القصف، «اعتمدت فيها القوات الإسرائيلية على القصف المدفعي والغارات بالمسيرات، بينما كانت تقع غارات جوية ضخمة في أوقات ومناطق متباعدة».

وقالت المصادر إن ما تبدل يوم الأحد أن «وتيرة القصف في القطاع الأوسط كانت الأعنف، واعتمدت فيها إسرائيل على الغارات الجوية بشكل أساسي، بما يعيد إلى الأذهان مشاهد وتطورات حرب عام 2006»، حيث كانت الغارات الجوية أساس الحملة العسكرية في الحرب، واستهدفت فيها المنازل والأحياء السكنية بشكل مكثف في الجنوب والضاحية.

دخان غارة إسرائيلية على بلدة يارون الحدودية (أ.ب)

وبدا من سياق القصف أن الجيش الإسرائيلي وسّع مساحة الغطاء الناري، خصوصاً في القطاع الأوسط، حيث لم يخلُ يوماً من عمليات عسكرية لـ«حزب الله» في المنطقة باتجاه مواقع إسرائيلية محاذية، وانتقل الجيش الإسرائيلي من استهداف المناطق المفتوحة في الحدود إلى المنازل والأحياء السكنية. وتكرر استهداف المواقع المأهولة بالغارات الجوية خلال الأيام الماضية، حيث يأتي استهداف الحي السكني في عيترون بعد ثلاثة أيام على استهداف مماثل في عيتا الشعب. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن هذه الغارات على عيترون «تسببت بتدمير حي كامل في بلدة عيترون، حيث سويت العديد من المنازل الآمنة بالأرض، وتضرر عدد كبير آخر وحضرت إلى المكان طواقم إغاثة».

«حزب الله» يوسع أهدافه

في المقابل، وسّع «حزب الله» مروحة أهدافه، حيث أعلن عن هجوم جوي بطائرات ‏مسيرة انقضاضية على مقر قيادة مستحدث للجيش الإسرائيلي في القطاع الغربي جنوب ‏ثكنة يعرا، وقال إن المسيرات «أصابت أهدافها بدقة وأوقعت إصابات مؤكدة في صفوف العدو»، حسبما جاء في البيان.

وقال الجيش الإسرائيلي بدوره، إن «أهدافاً جوية مشبوهة» عبرت من لبنان، وتم اعتراض اثنين منها. وأضاف أن جنديين إسرائيليين أصيبا بجروح متوسطة، فيما أصيب عدد آخر بجروح طفيفة جراء الشظايا واستنشاق الدخان.

وذكر أن الطائرات المقاتلة الإسرائيلية نفذت «سلسلة واسعة من الضربات على أهداف إرهابية لـ(حزب الله) في الأراضي اللبنانية». وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن نقل مصابين بالمروحيات من المنطقة، من غير الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وتحدثت وسائل إعلام قريبة من «حزب الله» عن أن «حزب الله» قام «بمشاغلة الاحتلال في عدة نقاط قبل الهجوم بالمسيّرات على ثكنة يعرا بهدف تعطيل دفاعاته الجوية في القطاع الغربي قبل إطلاق المسيّرات»، وقال إن ثكنة يعرا «تبعد 2 كلم عن الحدود اللبنانية واستهدفتها المقاومة اليوم للمرة الأولى»، في إشارة إلى تحديث الحزب معلوماته الاستخبارية من الداخل الإسرائيلي.

وأعلن الحزب في بيانات منفصلة عن عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية في القطاعين الشرقي والغربي، في حين تفعلت القبة الحديدية مساء في محاولة لاعتراض وابل من الصواريخ التي أطلقت باتجاه إسرائيل في القطاع الغربي عند الحدود. كما أعلن تدميره «دشمة في موقع العباد يتحصن فيها جنود العدو الإسرائيلي وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة بين قتيل وجريح»، ولاحقاً استهدافه «تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في قلعة هونين (قرية هونين اللبنانية المحتلة) ‏بالأسلحة المناسبة وحقّقوا فيه إصابات مباشرة».

ولم تهدأ المدفعية الإسرائيلية منذ الصباح، حيث قصفت أطراف بلدات الفرديس وكفر شوبا وحلتا وحولا ومحيبيب وعيترون ومارون الراس ويارون في القطاعين الشرقي والأوسط، ومن بينها استهداف منزل في ​كفر كلا​ بقذيفتَين إسرائيليّتَين، وإطلاق رشقات نارية غزيرة باتجاه البلدة. وبالتزامن أفيد عن قصف أطراف علما الشعب ورميش والناقورة في القطاع الغربي. وتحدث صحافيون في رميش عن سقوط 5 قذائف في أحراج ملاصقة لفندق يقيم فيه الصحافيون في المنطقة، بينما قال القس طوني إلياس لـ«رويترز» إن الضربات الجوية حطمت نوافذ منازل ومتاجر ومدرسة في قرية رميش. كما أطلقت مسيرة صاروخاً استهدف جوار مسجد بلدة مروحين. وأفادت «الوطنية» بسقوط بقايا صاروخ اعتراضي إسرائيلي قرب مركز اليونيفيل في الناقورة.

«حزب الله» يرفض مطالب إسرائيل

بموازاة التصعيد العسكري، رفض «حزب الله» النقاشات والرسائل الدولية التي تصل إلى لبنان، وتطالب بإبعاد الحزب من المنطقة الحدودية إلى منطقة شمال الليطاني وتطبيق القرار 1701.

ورأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش، أن «العدو الإسرائيلي ليس في موقع من يفرض إرادته على لبنان». وأضاف: «تهديد نتنياهو ووزير حربه للبنان هو تهديد فارغ لا قيمة له، فالعدو يعرف تماماً أننا لا نعبأ بالتهديد والتهويل». وقال إن «المقاومة ستواصل استنزافها للعدو، ولن تتوقف ما لم يتوقف العدوان على غزة ولبنان». وأضاف: «الاعتداءات التي يقوم بها العدو بالغارات والمسيرات والقصف على القرى والبلدات ليست بلا رد، فرد المقاومة قوي ومحكم ودقيق ومؤلم، ولم تبق المقاومة للعدو مكاناً أو موقعاً عسكرياً آمناً على امتداد الحدود اللبنانية الفلسطينية، وهي تحقق إنجازات، وتجبر العدو على دفع أثمان كبيرة، ولن تسمح بتغيير المعادلات أو المس بالسيادة اللبنانية أو بتحقيق أي مكسب لإسرائيل على حساب المقاومة أو على حساب السيادة الوطنية».

صورة وزعها «حزب الله» للنائب حسن فضل الله يتفقد موقع غارة في عيتا الشعب الحدودية (رويترز)

وتكرر الموقف على لسان عضو كتلة الحزب النيابية (الوفاء للمقاومة) النائب حسن فضل الله، أثناء جولة في المنطقة الحدودية، الأحد، حيث قال: «يحاول العدو التسلل بتسريب أحلام بعض الواهمين حول خطوات في المستقبل تتعلق بالوضع في الجنوب ويطلق قادته تهديدات، وهذا كله سيبقى في دائرة الوهم الذي يغرق به العدو ومن هو صدى لتمنياته، فنحن اليوم أمام فشل كبير لجيش الاحتلال في الميدان، سواء في غزة أو الجنوب، وهو أصيب في الصميم وكثرة كلام قادته لا تعيد له الهيبة، بل هي دليل إضافي على تحوله إلى آلة دعائية كاذبة تفضح زيفها الوقائع العسكرية اليومية، ولذلك بدل أن يكثروا من التهديدات الفارغة يخلصون من فشلهم العسكري في غزة أو يوقفون هلع جيشهم على حدودنا».


«الحاجة ملحّة» لإصلاح أجهزة الجمارك والضرائب اللبنانية

وزير المالية يوسف الخليل أثناء لقاء في يونيو الماضي مع الممثل الدائم لصندوق النقد الدولي في لبنان فردريكو ليما ومسؤولة مكتب الصندوق في لبنان نجلا نخلة (إكس)
وزير المالية يوسف الخليل أثناء لقاء في يونيو الماضي مع الممثل الدائم لصندوق النقد الدولي في لبنان فردريكو ليما ومسؤولة مكتب الصندوق في لبنان نجلا نخلة (إكس)
TT

«الحاجة ملحّة» لإصلاح أجهزة الجمارك والضرائب اللبنانية

وزير المالية يوسف الخليل أثناء لقاء في يونيو الماضي مع الممثل الدائم لصندوق النقد الدولي في لبنان فردريكو ليما ومسؤولة مكتب الصندوق في لبنان نجلا نخلة (إكس)
وزير المالية يوسف الخليل أثناء لقاء في يونيو الماضي مع الممثل الدائم لصندوق النقد الدولي في لبنان فردريكو ليما ومسؤولة مكتب الصندوق في لبنان نجلا نخلة (إكس)

كشف تقرير دولي عن وجود «حاجة ملحّة» لتدخل حكومي يستهدف إصلاح أجهزة الجمارك والضرائب في لبنان، وإنقاذها من الحال التي انحدرت إليها بفعل الأزمات الحاضرة، مما أفضى إلى انحدار حاد في موارد الخزينة العامة.

وزارت لبنان بعثة خاصة من صندوق النقد الدولي بين 25 سبتمبر (أيلول) و6 أكتوبر (تشرين الأول) والتقت خلالها وزير المال يوسف الخليل ومديري الجمارك والإدارات المختصة بالضرائب، وخلصت إلى ضرورة القيام بسلسلة مبادرات عاجلة ومتدرجة من الأسهل إلى الأساسية لإحداث التغيير المنشود مع دعم مالي وتقني تتكفل به مؤسسات اقتصادية ومالية دولية، شرط توفر الإرادة الداخلية، مبيّنة أن الوضع القائم يتسبّب في انخفاض حاد في قدرات جباية الضرائب، مع تدهور نسبة الإيرادات الضريبيّة من الناتج المحلي الإجمالي من 21 في المائة في عام 2018 إلى 6.3 في المائة في عام 2022.

ويكتسب تقرير البعثة المنجز عقب مهمة خاصة وجولة بحث واستقصاءات دامت أسبوعين، بناء لطلب رسمي من قبل وزير المال يوسف الخليل، أهمية استثنائية لتزامنه مع استمرار مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل في سلسلة اجتماعات لجنة المال النيابية، ولا سيما لجهة ما أثارته من إشكاليات اتسمت بالحدة غالباً، وتساؤلات بشأن تدفق الإيرادات الحكومية عبر المنافذ الجمركية والضريبية.

وسلّط التقرير الضوء، حسب الملخص الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أعدّتها دائرة الأبحاث في مجموعة «الاعتماد اللبناني»، على الحالة السيئة لإدارات الضرائب والجمارك في لبنان، لا سيّما على صعيد الكادر البشري، والذي يعاني من تجميد التوظيف ومن استقالة الموظفين الحاليين الذين انخفضت قيمة رواتبهم بشكل كبير على خلفيّة التدهور الكبير في سعر صرف العملة المحليّة.

وبما يخص الموارد البشريّة أيضاً، ظهر أن الوضع أكثر حرجاً في قسم تكنولوجيا المعلومات، حيث لا يوجد سوى موظّف واحد في مديريّة تكنولوجيا المعلومات في إدارة الجمارك اللبنانيّة، ولا يوجد أي موظّف في المديريات الأخرى للضرائب.

دعم مشروط

بناءً على ذلك، لفت التقرير إلى الحاجة الملحّة للإصلاح، مشيراً إلى أن كثيراً من المانحين الدوليين مثل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق النقد الدولي قد أعربوا عن استعدادهم للدعم المالي شريطة توافر إرادة لإحداث التغيير.

في التقرير، استعملت بعثة الصندوق النقد الدولي منهجيّة لتسليط الضوء على أولويات الإصلاح، تأخذ في الاعتبار النتائج التي سيحدثها هذا الإصلاح والتعقيد الفنّي المطلوب لتنفيذه. وبناءً على ذلك، قام صندوق النقد الدولي بتقسيم الإصلاحات إلى ثلاث فئات تتوزع بين المكاسب السريعة التي يمكن تحقيقها من خلال مبادرات سهلة نسبيّاً من شأنها أن تساعد في بناء الزخم للانتقال إلى حزمة المبادرات الأساسية التي تشكل الجزء الأكبر من برنامج الإصلاح، فضلاً عن إجراءات إضافية يجب دراستها بعناية قبل تنفيذها.

مكاسب سريعة

وفيما يتعلق بدائرة الضرائب، أشار التقرير إلى ثلاثة مكاسب سريعة، وهي الحاجة إلى البدء بتبادل البيانات مع إدارة الجمارك، ومعالجة التسّرب الضريبي من قبل كبار دافعي الضرائب، وإنتاج إحصاءات يمكن تحليلها لتعزيز تحصيل الضرائب.

وتالياً، تشمل المبادرات الأساسيّة معالجة مسألة استقالة الموظّفين وتوظيف أشخاص جدد، وخاصّة في دوائر تكنولوجيا المعلومات والتدقيق والتحصيل برواتب تتماشى مع أسعار السوق، وتحسين ظروف العمل، حيث إن المكاتب تعاني من انقطاع الكهرباء ومن نقص في الإمدادات وتجديد الهيكل التنظيمي الحالي الذي يقسّم مديريات الضرائب من خلال إنشاء إدارة ضريبية شبه مستقلة.

أما التدابير المضافة، فتشمل إعادة إطلاق مكتب كبار دافعي الضرائب، مع العلم بأنّ المعايير الحالية قد تآكلت بسبب التضخم، وتوسيعه ليشمل ضريبة القيمة المضافة أيضاً، وإنشاء مكتب إدارة الإصلاح لتنسيق الإصلاحات بين الإدارات المختلفة، ودمج دوائر الامتثال بين دائرتي الإيرادات وضريبة القيمة المضافة.

ودعت بعثة الصندوق إلى وضع استراتيجيّة امتثال خاصّة بالأزمة، ومعالجة التراكم في مكننة تقديم طلبات ضريبة الدخل الفردي مع التركيز على السنوات الأخيرة، وتحقيق استقرار في عمليّات تكنولوجيا المعلومات، واستئناف التبادل الدولي لضريبة الدخل الفردي، إضافة إلى أولويات القضاء على ازدواجية الوظائف من خلال حصر العمليّات في الإدارة المركزيّة، واستبدال نظام (SIGTAS) المعمول به، بواسطة نظام جديد لتكنولوجيا المعلومات يشمل الضرائب المباشرة وغير المباشرة.

وبما يتعلق بإدارة الجمارك، فإنّ المكاسب السريعة تتمحور حول تحقيق الاستقرار في دائرة تكنولوجيا المعلومات من خلال معالجة مشاكل التوظيف والتطبيق الصحيح للنظام الآلي للبيانات الجمركية (ASYCUDA) لمكافحة التلاعب في تقييم البضائع في الجمارك.

وعلق التقرير بالقول إنّ الأموال التي يستوجبها تحقيق الاستقرار في عمليات تكنولوجيا المعلومات يمكن توفيرها بسهولة، مشيراً في هذا الصدد إلى أن المجلس الأعلى للجمارك يدفع حاليّاً بدل إيجار بقيمة 340 ألف دولار، في حين لا يزال مبنى الجمارك المنشأ حديثاً في مرفأ بيروت شاغراً بسبب عدم وتوفير ما قيمته حوالي 30 ألف دولار من أثاث ومفروشات مكتبيّة وتوصيلات لشبكة الإنترنت لتجهيزه بالكامل.

مراجعة الرسوم

وتشمل المبادرات الأساسيّة إجراء مراجعة لرسوم الخدمات الجمركية، حيث إن كثيراً من الرسوم إما مجانيّة وإما بتكلفة أقل بكثير من تلك المطلوبة لتلبية هذه الرسوم، وتحديث قانون الجمارك ليتوافق مع المعايير الدولية، وإنشاء مكتب لإدارة الإصلاح ووحدة لإدارة المخاطر، وتعزيز عمليّات المراجعة التي تلي التخليص الجمركي.

وبخصوص التدابير المضافة، فهي توصي بحلّ مشاكل التوظيف، كما هي الحال مع إدارة الضرائب، وتحديث تنفيذ التعريفة الإلكترونية المستند حالياً إلى إصدار عام 2017، ليتحول إلى إصدار عام 2022، بينما توجب الأولويات إنشاء هيكل تنظيمي جديد، ونقل إدارة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بنظام (ASYCUDA) التي تعمل حاليا تحت إشراف اللجنة العليا للجمارك إلى مدير عام الجمارك لتحسين الكفاءة وبعض الإصلاحات على جبهة الموارد البشرية.


في ذكرى تأسيسه الثامنة... «مسد» يدعو السوريين للجلوس على طاولة الحوار

اجتماعات أخيرة لمجلس «مسد» في مدينة الرقة السورية (الشرق الأوسط)
اجتماعات أخيرة لمجلس «مسد» في مدينة الرقة السورية (الشرق الأوسط)
TT

في ذكرى تأسيسه الثامنة... «مسد» يدعو السوريين للجلوس على طاولة الحوار

اجتماعات أخيرة لمجلس «مسد» في مدينة الرقة السورية (الشرق الأوسط)
اجتماعات أخيرة لمجلس «مسد» في مدينة الرقة السورية (الشرق الأوسط)

دعا «مجلس سوريا الديمقراطية» جميع الأطراف السورية للجلوس على طاولة الحوارات، والعمل على بلورة مشروع وطني ديمقراطي، والحفاظ على وحدة البلاد أرضاً وشعباً، والتمسك بالهوية الوطنية الجامعة، وفق دستورٍ عصري ونظام حكم لامركزي، لإنهاء الحرب والأزمة الدائرة منذ سنوات.

وقال المجلس في بيان نُشر على موقعه الرسمي، اليوم (الأحد)، بمناسبة مرور 8 سنوات على تأسيسه، إن «القوى الدولية المعنية بالملف السوري لم تتوافق بعد لحل الأزمة، لتتحّول سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات، وحروب بالوكالة، ومشاريع عابرة للجغرافيا ودخيلة على الهوية السورية».

من جهتها، تقول إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية للمجلس لـ«الشرق الأوسط»، إن المطلوب من كل السوريين وبعد كل هذا العداء والإقصاء «الجلوس إلى طاولة الحوار طالما هناك يقين لدى كل القوى والأطراف السورية. إننا سنجلس يوماً ما على الطاولة نفسها، فلماذا نقصي بعضنا البعض، ونخلق كل هذا العداء؟». وحذرت من أن استمرار الحرب سيؤدي لمزيد من الدمار والخراب والتصدعات في جسم المجتمع السوري.

وشددت على أن «المفاوضات ستغلق الأبواب أمام سيناريوهات قد تكون كارثية أكثر مما عايشناه سابقاً، كما ستضع حداً للمأساة التي يعانيها السوريون أينما كانوا، سواء يعيشون بالداخل أو في الخارج».

تدريبات مشتركة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» وقوات «التحالف الدولي» ضد «داعش» في ريف الحسكة (أ.ف.ب)

ويتبع المجلس تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» العربية الكردية، التي تسيطر على مناطق في شمال وشمال شرقي سوريا، تدعمها قوات التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، في إطار مهامها لمحاربة تنظيم «داعش» شرقي سوريا.

وأكد البيان على أن قوات «قسد» تمكنت من تحرير مدن وبلدات الشمال والشمال الشرقي من البلاد، وشكلت هياكل مدنية تدير شؤونها، «في وقت تتعرّض فيها أجزاء من الشمال السوري للاحتلال التركي وسيطرة فصائل موالية لها ترتكب الجرائم بحق السوريين»، فيما ترزح بقية المحافظات السورية «تحت وطأة حكم مركزي مستبد»، في إشارة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري.

يضم مجلس «مسد» 16 حزباً وتياراً سياسياً عربياً وكردياً ومن المكون السرياني الأشوري، إلى جانب شخصيات تكنوقراط. ولديه تفاهمات سياسية مع «هيئة التنسيق الوطنية» و«حزب الإرادة الشعبية». وأطلق العديد من المبادرات السياسية لوضع حد للحرب في سوريا، كما عقد جولات مباشرة مع ممثلين رسميين من الحكومة السورية في العاصمة دمشق منتصف 2018.

إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية (الشرق الأوسط)

وعن موقفهم من النظام الحاكم، قالت القيادية الكردية إلهام أحمد: «دائماً كنا منفتحين على الحوار مع كل الأطراف السورية بما فيها النظام، شريطة أن تمتلك هذه الجهات قرارها السيادي»، لافتة إلى أن «النظام يتوهم بأنه سيعود لسابق عهده ساعياً لكسب الوقت، علماً بأن الظروف الدولية والإقليمية قد تغيرت». داعية دمشق إلى تقييم المبادرات السياسية السلمية والتجاوب معها لتشمل كل السوريين، بهدف التصالح والتوافق على مبادئ ضمان كرامة وحقوق الشعب السوري في إطار دستور جديد.

وحمّلت أحمد النظام الحاكم والمعارضة السورية، مسؤولية تجميد المحادثات الدولية الخاصة بحل النزاع السوري وعدم تطبيق القرار الأممي 2254، عازية السبب إلى «أن المسار الدولي قائم على الإقصاء. بمعنى آخر، هذه العملية لم تعد تجدي نفعاً بالنسبة لحل القضية السورية طالما أن هذا الإقصاء مستمر».

لقاء هيئة التفاوض السورية سبتمبر الماضي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثه إلى سوريا (حساب الهيئة)

وشددت إلهام على أن إصرار جميع الأطراف المشاركة بالعملية السياسية وتمسكها بالشكل القديم للمحادثات والآلية المتبعة في اختيار المنصات، «أديا بالمجمل إلى تجميد العملية السياسية وإفشال عمل اللجنة الدستورية. كما أن عدم تجاوب الطرفين (النظام والمعارضة) مع هذه العملية، نسف الجهود والمساعي الأممية».

وطالبت القيادية الكردية بضرورة إعادة هيكلية «هيئة التفاوض السورية» المعارضة، وإشراك جميع القوى والجهات السورية في العملية السياسية، وأخذ قرارات بما يتناسب مع الوضع الحالي، والضغط على حكومة دمشق للانخراط بشكل حقيقي وفعال في العملية السياسية، «لأنها لا تقبل بتغيير الدستور المعمول به حالياً». وشددت على أن الشعب الكردي جزء أصيل من الحالة الوطنية؛ مطالبة النظام والمعارضة «بعدم التعامل مع أكراد سوريا على أنهم جسم غريب، فنحن جزء أساسي من الحالة الوطنية، وننتمي لهذه الدولة، ونعيش على أرضنا منذ مئات السنين».

يذكر أن «مجلس سوريا الديمقراطية» تأسس بداية ديسمبر (كانون الأول) 2015، ويعد المظلة السياسية لقوات «قسد» التي تسيطر على ربع مساحة البلاد، لتكون ثاني قوى عسكرية مسيطرة على الأرض بعد قوات الجيش السوري، ولعبت رأس حربة وفاعلية في قتال تنظيم «داعش» خلال السنوات الأخيرة.

و«قسد» شريك رئيسي للتحالف الدولي وواشنطن في محاربة وملاحقة خلايا التنظيم النائمة.