إسرائيل تفاوض في الدوحة... وتجعل الحياة مستحيلة في غزة

اليمين المتطرف يدعو إلى تدمير شامل في الشمال تمهيداً لاستئناف الاستيطان

انفجار أعقب غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة الجمعة (رويترز)
انفجار أعقب غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة الجمعة (رويترز)
TT

إسرائيل تفاوض في الدوحة... وتجعل الحياة مستحيلة في غزة

انفجار أعقب غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة الجمعة (رويترز)
انفجار أعقب غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة الجمعة (رويترز)

فيما استؤنفت المفاوضات في الدوحة، الجمعة، حول هدنة جديدة واتفاق تبادل أسرى، وينشغل المحللون في معايير التفاؤل والتشاؤم، وفي تفاصيل الخلافات حول بنود الاتفاق، يجري قادة اليمين الحاكم مداولات حول مشاريع إعادة الاستيطان اليهودي للقطاع وتوفير الظروف لجعل حياة الفلسطينيين فيه مستحيلة، وينفذ الجيش إجراءات تدمير تساعد على تحقيق هذه المشاريع بحجة الدوافع الأمنية.

وقد كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، خلال الأيام الأخيرة، نشاطات كثيرة يقوم بها ضباط في جيش الاحتياط الإسرائيلي، ظاهرها الحرص على الأمن لكنها تنبع في الواقع من مواقف آيديولوجية متطرفة. فلا تكتفي بما يقوم به الجيش من تدمير شامل، بلغ حد عدم إبقاء بيت واحد في بلدات الشمال في القطاع صالحاً للعيش، وتدمير أكثر عمقاً، بل يُمارَس القتل لكل فلسطيني يراه الجنود. ويدعي الجيش أن المواطنين في الشمال رحلوا إلى الجنوب، وفق أوامره، ومن بقوا هم عناصر «حماس» الذين يجوز قتلهم، باعتبار أن المنطقة تعيش حالة حرب.

فلسطيني مع دراجته بعد غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة الجمعة (رويترز)

ويقول عاموس هرئيل، المحرر العسكري في صحيفة «هآرتس»، إن اليمين المتطرف لا يفتش عن هزيمة «حماس» فحسب، وإنما يسعى أيضاً بشكل صريح إلى إعادة إقامة مستوطنات في قطاع غزة ومنع أي إمكانية لانسحاب في المستقبل. وكشف أن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضاً منصب وزير ثانٍ في وزارة الدفاع، هاجم رئيس هيئة الأركان العامة، هيرتسي هاليفي، لأنه حسب رأيه «يرفض المصادقة على عمليات عسكرية قُدمت له في الأسبوع الأخير، لتصفية (حماس) عن بكرة أبيها في الشمال. ورد قائلاً إن هناك 100 ألف فلسطيني موجودين حتى الآن في الشمال، معظمهم لا يمت بصلة إلى (حماس). وهم يصرون على البقاء قرب بيوتهم المهدومة مفضلين الموت فيها على الرحيل من مكان إلى مكان تحت خطر الغارات الإسرائيلية المستمرة».

ويذكر أن 8 نواب بارزين من حزب «الليكود» وحزبي سموتريتش (الصهيونية الدينية) وإيتمار بن غفير (عظمة يهودية)، وهم أعضاء في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، كانوا قد توجهوا برسالة إلى وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، يطالبونه فيها بأن يوعز للجيش الإسرائيلي «بتدمير جميع مصادر الماء والغذاء والطاقة» في قطاع غزة «من أجل القضاء على (حماس)».

وحسب هرئيل، فإن نتنياهو وكاتس، وضباطاً كباراً في الجيش يتباهون بإنجازاتهم الكبيرة في سوريا ولبنان، لكنهم يتجاهلون الحقيقة بأن «هذه الإنجازات لا تحل المشكلة الأساسية التي بدأت الحرب الإقليمية بسببها، وهي قطاع غزة وبالمفهوم الواسع أكثر هي الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. فحتى بعد الدمار والقتل الذي أنزله الجيش الإسرائيلي على القطاع، ثمة شك كبير إذا كان قد تم ترميم كامل لمكانة الردع الإسرائيلي في المنطقة».

ولفت إلى أنه «كلما بدت الاحتمالات لصفقة ضئيلة أكثر، تتزايد الدعوات في المؤسسة السياسية لتوسيع العملية العسكرية (في شمال القطاع) إلى مدينة غزة، وبشكل يتلاءم كلياً مع خطة الجنرالات المتقاعدين (لإفراغ شمال القطاع من سكانه بالكامل)، التي ينفي رئيس هيئة الأركان العامة أي علاقة بها».

فلسطينيون يشيّعون قتلى سقطوا بغارات إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة الجمعة (رويترز)

والمعروف أن مجموعة من المستوطنين في منطقة نابلس انتقلت للعيش على حدود قطاع غزة، معلنة أنها تنوي إقامة بؤر استيطان في المناطق التي رحل عنها الفلسطينيون وقام الجيش بتدمير مبانيها. وهم يحاولون من آنٍ لآخر تجاوز الحدود ليباشروا عملية الاستيطان، لكن الجيش يردعهم. وهم يقيمون علاقات وثيقة مع «فرقة 252» في الجيش، بقيادة المقدم يهودا فاخ، التي كشف النقاب هذا الأسبوع عن الفظائع التي ترتكبها. وفاخ هذا، ولد في مستوطنة «كريات أربع» في مدينة الخليل التي تُعتبر معقل غلاة المستوطنين المتطرفين، من أمثال بن غفير، وتخرج من الكلية العسكرية التحضيرية «بني دافيد» في مستوطنة «عيلي»، وهي أيضاً معقل المتطرفين من التيار الديني - القومي. وقد تم تكليفه بمهمات الاحتلال في محور «نتساريم». ونُشرت تقارير عنه تؤكد أنه طائش وفوضوي ومتسرع وتسبب بمقتل 8 جنود في قوات الاحتياط. ويصدر أوامر تعسفية ومبتذلة لقتل الفلسطينيين بشكل عشوائي، بدعوى أن كل الفلسطينيين مخربون حتى لو كانوا أطفالاً.

وأشارت صحيفة «هآرتس»، اليوم، إلى أن فاخ كان واحداً من الضباط الذين لم يكتفوا بقسوة الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، فوضع مجموعة قوانين بديلة خلال الحرب على غزة، بينها قراره المستوحى من الاستيطان في الضفة الغربية، وأبلغه لضباط وجنود تحت إمرته، بأنه «عبر فقدان الأرض فقط سيتعلم الفلسطينيون الدرس».

وأحضر فاخ شقيقه، غولان فاخ، وهو ضابط في الاحتياط برتبة عقيد، إلى المنطقة التي تسيطر فرقته عليها، واستخدم شقيقه قوة من جنود الاحتياط والمدنيين، وصفهم ضابط إسرائيلي بأنهم «يبدون مثل شبيبة التلال (التنظيم الإرهابي الاستيطاني في الضفة الغربية). والهدف الوحيد لهذه القوة هو تدمير غزة وتسويتها بالأرض».


مقالات ذات صلة

وزير خارجية إسرائيل: هناك فرصة لعلاقات أفضل مع لبنان

العالم العربي جنود إسرائيليون يقفون بجوار دباباتهم على الحدود مع لبنان في الجليل الأعلى شمال إسرائيل 28 يناير 2025 (إ.ب.أ)

وزير خارجية إسرائيل: هناك فرصة لعلاقات أفضل مع لبنان

قال وزير خارجية إسرائيل جدعون ساعر مساء اليوم السبت إنه بحث مع مورغان أورتاغوس نائبة مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشرق الأوسط الوضع في لبنان وقضايا أخرى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دبابات إسرائيلية في مرتفعات الجولان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يجري تدريبات عسكرية في جميع أنحاء البلاد الأحد

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه سيجري تدريبات عسكرية بمناطق مختلفة في أنحاء البلاد، الأحد، تشمل الضفة الغربية ومرتفعات الجولان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مقاتلو «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» لحظة تسليم الرهائن الإسرائيليين «للصليب الأحمر» اليوم (د.ب.أ) play-circle

مصادر بالجيش الإسرائيلي: حالة الرهائن «المزرية» لا ينبغي أن تفاجئ نتنياهو

أدان مسؤولون كبار في وزارة الدفاع الإسرائيلية رئيس الوزراء بعد أن أعرب عن غضبه وقام بتهديد «حماس» بسبب «الحالة الهزيلة» للرهائن الذين أُطلق سراحهم اليوم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي المحتجزون الإسرائيليون الثلاثة بين مقاتلين من «حماس» قبيل تسليمهم للصليب الأحمر بدير البلح السبت (رويترز)

غالانت: إسرائيل كانت على علم بتدهور الحالة الصحية لبعض الرهائن منذ «بعض الوقت»

قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت إن إسرائيل كانت على علم بتدهور حالة الرهائن المحتجزين لدى «حماس» في غزة «منذ بعض الوقت» بعد إطلاق سراح 3 رهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في الكابيتول بالعاصمة الأميركية واشنطن (إ.ب.أ) play-circle

تقرير: نتنياهو يرسل وفداً إلى الدوحة لمحادثات وقف إطلاق النار

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم (السبت)، بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيرسل وفداً إلى الدوحة من أجل محادثات المرحلة التالية بشأن وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش الإسرائيلي يجري تدريبات عسكرية في جميع أنحاء البلاد الأحد

دبابات إسرائيلية في مرتفعات الجولان (رويترز)
دبابات إسرائيلية في مرتفعات الجولان (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يجري تدريبات عسكرية في جميع أنحاء البلاد الأحد

دبابات إسرائيلية في مرتفعات الجولان (رويترز)
دبابات إسرائيلية في مرتفعات الجولان (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم السبت، أنه سيجري تدريبات عسكرية بمناطق مختلفة في أنحاء البلاد، صباح الأحد.

وستجرى التدريبات في الضفة الغربية بالقرب من غور الأردن وبالقرب من البحر الميت وفي مرتفعات الجولان.

ووفق ما ذكرته صحيفة «جيروزاليم بوست»، فخلال التدريبات ستكون هناك حركة ملحوظة للمركبات وقوات الأمن، وقد يُسمع صوت انفجارات.