الموساد يكشف وثائق لتبرئة نفسه من إخفاقات حرب أكتوبر

أشرف مروان مع ضابط الموساد الإسرائيلي دوبي (صورة نشرها الموساد)
أشرف مروان مع ضابط الموساد الإسرائيلي دوبي (صورة نشرها الموساد)
TT

الموساد يكشف وثائق لتبرئة نفسه من إخفاقات حرب أكتوبر

أشرف مروان مع ضابط الموساد الإسرائيلي دوبي (صورة نشرها الموساد)
أشرف مروان مع ضابط الموساد الإسرائيلي دوبي (صورة نشرها الموساد)

من خلال نشر آلاف الوثائق الجديدة حول حرب أكتوبر، في الذكرى السنوية الخمسين لوقوعها، بادر جهاز المخابرات الخارجية في إسرائيل (الموساد)، إلى استئناف الحرب الداخلية مع شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش (أمان)، محاولاً تبرئة نفسه من الإخفاقات والقول إنه كان قد حذّر من قدوم الحرب عدة مرات، لكن الجيش استخف بتحذيراته.

وعلى نحو استثنائي، نشر الموساد كتاباً بعنوان «ذات يوم، حين يكون الحديث مسموحاً»، كتبه فريق من «الدائرة التاريخية»، ووقع بأول حرفين من اسم مسؤولة الفريق «ر.م». وقد أجمع المراقبون الإسرائيليون على أن الكتاب، الذي يعدّ أول إصدار باسم «الموساد»، لا يتناول الموضوع كدراسة علمية تاريخية تعتمد على مصادر سرية، بل هو مجرد «قصائد تكيل المديح للجهاز، وتضخم إنجازاته، وتبجل رئيس الموساد في حينه، تسفي زمير، وتخلو من أي نقد ذاتي. وتحتوي على تناقضات كثيرة. ويبدو أن الغرض الأساسي منه هو الدفاع عن النفس ودحض اتهامات الجيش الذي يقول إن الموساد لم يقدم أي معلومات جدية تغير توجه القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، في حينه، التي أقنعت نفسها بأن العرب لن يحاربوا إسرائيل».

ويورد الكتاب مجموعة من الوثائق التي تبين أن الموساد حصل على معلومات مهمة ودقيقة عن نية مصر وسوريا إعلان حرب على إسرائيل، كان بينها تحديد موعد الانطلاق لهذه الحرب، في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1973. ويرفض الموساد ادعاءات «أمان» في حينه بأن أشرف مروان، صهر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر ومساعد الرئيس أنور السادات، كان عميلاً مزدوجاً ويرفض الادعاء المصري بأنه كان «بطلاً قومياً نجح في جلب أهم المعلومات عن العدو». وقال إن الموساد الإسرائيلي فحص هذه المعلومات وتوصل إلى اقتناع بأنه عمل في خدمة إسرائيل، إذ هو الذي حدد يوم 6 أكتوبر يوم انطلاق الحرب. وثبتت صحة معلوماته.

رئيس أركان الجيش ألعزار مع رئيس شعبة «أمان» إيلي زعيرا في الوسط (أرشيف إسرائيل)

ومن البروتوكولات التي ينشرها «الموساد»، يتضح أن مروان كان يعدّ الحرب أمراً خطيراً على مصر وإسرائيل وسوريا، وأن غباء القيادات يدفع نحوها، وأنه قدّم المعلومات إلى إسرائيل من جهة، واستغل نفوذه في مصر من جهة ثانية لكي يدفع القيادات في كل طرف لعمل شيء يوقف الحرب. وبحسب الموساد، فإن مروان لم يكن المصدر الاستخباري الوحيد، لكنه قدم معلومات كثيرة حول الجيشين المصري والسوري، لكن «لسوء الحظ، فإن هذه المعلومات الاستخبارية العالية الجودة لم تمنع المفاجأة الاستراتيجية للجيش الإسرائيلي، ودفع ثمن هذه الحرب باهظاً بالدماء».

وتضمنت المواد الأرشيفية التي كشف عنها الموساد، أن تشغيل أشرف مروان، الذي لقبه الموساد بـ«الملاك»، بدأ عام 1970. وبحسب الضابط، الذي كان مسؤولاً عن العلاقة به، ويدعى «دوبي»، فإنه «كان يتمتع بقدرة غير عادية على الوصول إلى رأس هرم القيادة المصرية، والبريد يمر عبر مكتب مروان قبل أن يصل إلى الرئيس (السادات)»، وكان مسؤولاً عن «نقل تعليمات رئيس الجمهورية إلى جميع الأجهزة الحكومية»، و«تقديم معلومات كافة الأجهزة الاستخبارية إلى رئيس الجمهورية. وكان حاضراً في جميع مؤتمرات رؤساء الدول العربية التي عقدت في القاهرة وفي جميع الاجتماعات التي يعقدها رئيس الوزراء المصري، وكان «يحتفظ بعلاقات شخصية في جميع قطاعات الجيش المصري».

مقطع من بروتوكولات الموساد (أرشيف الموساد)

ويكشف الموساد بروتوكولات كثيرة، من بينها ذلك الذي وثق للاجتماع الذي عقد في مساء 5 أكتوبر 1973، في لندن، وأصر فيه مروان على أن يتم اللقاء مع رئيس الموساد تسفي زمير، وليس مع ضابط أقل منه درجة. وجاء في الوثيقة، التي تضمنها البروتوكول: «اتصل (مروان) الليلة الساعة 9:30 مساءً هاتفياً... في المحادثة قال... سيصل غداً الجمعة، مساء 5 أكتوبر، لعقد لقاء، سيقدم خلاله معلومات... يقول إنها ذات أهمية كبيرة... وألمح إلى أن المعلومات التي جاء ليوصلها تخص... (هذا الجزء من الوثيقة لا يزال محظوراً) بحوزته. هذه القائمة كما هو معروف هي رمز للإنذار». وجاء في بروتوكول اللقاء في لندن أن مروان طلب أن يتحدث عن الحرب، وقال إن «هناك احتمالاً بنسبة 99 في المائة أن تبدأ الحرب غداً السبت». فسأله زمير: «لماذا غداً؟»، فأجاب مروان: «لأن هذا ما تقرر، وهو يصادف يوم عيد بالنسبة لكم». وأوضح مروان أن الحرب ستبدأ على الجبهتين السورية والمصرية في نفس الوقت. وأنه أكد في البداية أنها ستندلع «في المساء»، لكنه حدد لاحقاً الساعة 16:00 موعداً لاندلاع الحرب، وتبين لاحقاً أن هذا التوقيت كان أكثر دقة، حيث إن الحرب اندلعت حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، لكن الموساد لم ينقل هذه المعلومات إلى الجيش الإسرائيلي، بل تمسك بمقولة مروان الأولى «قبيل المساء».

وفي التعقيب على منشورات الموساد، تساءل كثير من الخبراء العسكريين في الصحافة العبرية (الجمعة): «إذا كان رئيس الموساد قد سمع في لندن أن الحرب ستقع بعد ساعات، فلماذا لم يتصل من هناك ويخبر الجيش لكي يستعد لها؟ لماذا انتظر حتى عودته إلى تل أبيب... أليس هذا أيضاً إخفاقاً كبيراً؟».


مقالات ذات صلة

«بنك إسرائيل» يُبقي الفائدة دون تغيير للمرة الثامنة وسط حالة عدم يقين اقتصادي

الاقتصاد مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)

«بنك إسرائيل» يُبقي الفائدة دون تغيير للمرة الثامنة وسط حالة عدم يقين اقتصادي

أبقى «بنك إسرائيل» أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الثامن على التوالي يوم الاثنين بعد أن شهد التضخم تراجعاً طفيفاً مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (القدس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أناس يقفون على الرصيف مع منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

النفط يتراجع عن أعلى مستوى في 3 أشهر مع صعود الدولار

انخفضت أسعار النفط، يوم الاثنين، مع صعود الدولار ومخاوف بخصوص عقوبات قبيل بيانات اقتصادية مهمة للبنك المركزي الأميركي وتقرير الوظائف.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك (يسار) يتحدث مع رئيس الوزراء البريطاني حينها توني بلير بعد لقائهما في 11 مايو 2007 أمام قصر الإليزيه في باريس (أ.ف.ب)

وثائق: شيراك أغضب بريطانيا برفضه عملاً عسكرياً في العراق عام 2003

كشفت وثائق بريطانية، نُشرت الثلاثاء، عن غضب رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير من الرئيس الفرنسي جاك شيراك بسبب عرقلة عمل عسكري على العراق سنة 2003.

«الشرق الأوسط» (لندن)

واشنطن تخفف «القيود» على دمشق

قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر النصيب مع الأردن أمس (رويترز)
قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر النصيب مع الأردن أمس (رويترز)
TT

واشنطن تخفف «القيود» على دمشق

قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر النصيب مع الأردن أمس (رويترز)
قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر النصيب مع الأردن أمس (رويترز)

مع بدء العد التنازلي لرحيلها، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تخفيف بعض القيود المالية على سوريا، تاركة مسألة رفع العقوبات لقرار تتخذه الإدارة الجديدة للرئيس دونالد ترمب.

وأظهر الموقع الإلكتروني الخاص بوزارة الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة أصدرت أمس رخصة عامة لسوريا تسمح لها بإجراء معاملات مع مؤسسات حكومية وكذلك بعض معاملات الطاقة والتحويلات المالية الشخصية.

في الأثناء، جرت في أنقرة مباحثات تركية - أردنية. وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي بحضور نظيره الأردني أيمن الصفدي، إن القضاء على «وحدات حماية الشعب» الكردية بات «مسألة وقت»، وإن أنقرة لن توافق على أي سياسة تسمح للوحدات الكردية بالحفاظ على وجودها في سوريا. وأكد فيدان أن بلاده لن تسمح بتمرير أي أجندات غربية تدعم «حزب العمال الكردستاني» بذريعة مكافحة «داعش».

إلى ذلك، وصل إلى أبوظبي، أمس، أسعد الشيباني، وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، حيث التقى الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، وبحثا التطورات في سوريا، والأوضاع الإقليمية، وسبل تعزيز العلاقات بين البلدين والشعبين.