السلطة غاضبة من اقتحام «جنين» بينما تستعيد السيطرة شمال الضفة

توسعة شوارع لصالح خطة «المليون» مستوطن

سكان في مخيم جنين يتفقدون الأضرار في منزلهم بعد الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير (أ.ف.ب)
سكان في مخيم جنين يتفقدون الأضرار في منزلهم بعد الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير (أ.ف.ب)
TT

السلطة غاضبة من اقتحام «جنين» بينما تستعيد السيطرة شمال الضفة

سكان في مخيم جنين يتفقدون الأضرار في منزلهم بعد الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير (أ.ف.ب)
سكان في مخيم جنين يتفقدون الأضرار في منزلهم بعد الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير (أ.ف.ب)

نقلت السلطة الفلسطينية رسالة غاضبة إلى إسرائيل، بعد الاقتحامين اللذين نفذتهما قوات الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين هذا الأسبوع، وتخللتهما اشتباكات واسعة وإصابات واعتقالات.

وقالت «هيئة البث الإسرائيلية» إن السلطة الفلسطينية انتقدت العمليتين الأخيرتين بشدة، محذرة من أنهما «تفاقمان التوتر في الضفة».

وجاءت الرسالة الغاضبة بينما بدأت السلطة الفلسطينية العمل على استعادة السيطرة في شمال الضفة الغربية، وكان ذلك جزءاً من تفاهم أوسع شمل أن تمتنع إسرائيل عن شن عمليات هناك، لإعطاء مجال لأجهزة الأمن الفلسطينية بالعمل.

وكانت قوات الجيش قد امتنعت، منذ الشهرين تقريباً، عن القيام بمثل هذه العمليات، وأتاحت الفرصة أمام الأجهزة الأمنية الفلسطينية من أجل القيام بنشاطات في جنين ونابلس.

طريق مسدودة بعد هجوم عسكري إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية 4 سبتمبر (أ.ف.ب)

وعقَّبت جهات إسرائيلية على الموقف الفلسطيني، بقولها إنه لم يتم تغيير سياسة تمكين الجانب الفلسطيني من ممارسة السيادة في جنين، وفرض سيطرته الأمنية عليها «ولكن قوات الأمن الإسرائيلية ستصل إلى الأماكن التي لا تتمكن السلطة الفلسطينية من الوصول إليها».

وكانت السلطة قد بدأت حملة قبل أسابيع، استهدفت، من بين أشياء أخرى، استعادة السيطرة وفرض الهيبة والقانون بعد سنوات من العمل المتحفظ.

وعانت السلطة في السنوات الأخيرة من اتساع سيطرة مسلحين في الفصائل ومسلحين في العائلات كذلك، ما أضعفها إلى حد كبير بدت فيه في بعض المناطق شبه غائبة.

وجاء تحرُّك السلطة بعد أعوام من اتهامات إسرائيلية لها بأنها فقدت السيطرة في شمال الضفة الغربية وضعفت، وتركت الساحة هناك لحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وهي اتهامات ردَّت عليها السلطة باتهام إسرائيل بإضعافها هناك ومحاولة نشر الفلتان.

وطالب مسؤولون أمنيون إسرائيليون باستغلال الوضع القائم، وتقديم «مبادرات نية حسنة وتنازلات» للفلسطينيين، مقابل تهدئة الضفة، لكن على الأرض لا تبدو الحكومة الإسرائيلية مستجيبة لمثل هذا الطلب.

واقتحم الجيش الإسرائيلي مناطق واسعة في الضفة الغربية، يوم الخميس، واعتقل فلسطينيين قال إنهم مطلوبون له. ونفذ عملية واسعة في الضفة انتهت باعتقال 20 فلسطينياً، ومصادرة أسلحة وذخائر وسيارات وأموال، بحسب بيان إسرائيلي رسمي.

توسيع طرق استيطانية

جاء ذلك في وقت قررت فيه الحكومة الإسرائيلية توسيع طرق استيطانية بالضفة الغربية، في إطار زيادة عدد المستوطنين في الضفة إلى أكثر من مليون.

صورة أرشيفية لخيام نصبها مستوطنون على أراضي فلسطينيين في سلفيت بالضفة (وفا)

وقال موقع «واينت» الإسرائيلي، الخميس، إن اتفاقاً عُقد بين وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغف ورئيس «مجلس مستوطنات السامرة (شمال الضفة)» يوسي داغان، على بدء أعمال مضاعفة الشارع رقم 505 الذي يوصل بين مستوطنتي أريئيل قرب سلفيت، وتبواح جنوب نابلس، بتكلفة نصف مليار شيقل، في الصيف المقبل، وأن تتم مضاعفة الشارع رقم 5، الذي يبدأ في منطقة تل أبيب ليصل إلى مفترق فصايل في الأغوار الحدودية، بتكلفة 1.5 مليار شيقل.

ويُفترض أن يبدأ العمل في المخطط العام المقبل، ويهدف إلى خلق بنى تحتية مشجعة لاستقطاب مئات آلاف المستوطنين في الضفة.

وتشمل الخطة مضاعفة الشارع رقم 5 وتعريضه، وفقاً للموقع، سيحوله إلى أهم شارع عرضي يوصل بين البحر المتوسط ونهر الأردن، بموازاة شرعنة عشرات البؤر الاستيطانية العشوائية.

وكان داغان قد قدم إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، هذه الخطة في وقت سابق، من أجل زيادة عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى مليون مستوطن حتى عام 2050.

ويشمل المخطط، إضافة إلى إقامة مدن جديدة وتحويل مستوطنات قائمة إلى مدن، توسيع شوارع وإقامة مركز طبي في مركز المجلس الإقليمي للمستوطنات، وبناء مطار، ومناطق صناعية، ومراكز ثقافية، ومد سكة حديد باتجاه إسرائيل.

جدار يفصل مستوطنة بسغات زئيف الإسرائيلية عن الجزء الشرقي من القدس (أ.ف.ب)

ويعتقد المستوطنون أن الوقت الأفضل لتعزيز وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية هو في ظل الحكومة اليمينية الحالية، وأنه توجد فرصة لا يمكن أن تُعوَّض من أجل ذلك.

وقالت ريغف إن هذه المخططات «أمر مهم للغاية من الناحية الاستراتيجية، على المستوى القومي والمستوى السياسي والمستوى الأمني. وهذه بشرى هائلة لجميع السكان هنا، وفي المنطقة عموماً ولدولة إسرائيل كلها».

وعقب داغان بقوله إن «الطريق إلى المليون (مستوطن) تمر من خلال البناء، والحفاظ على الأراضي القومية، والأهم هو البنية التحتية والشوارع».

ويعيش في الضفة الغربية اليوم نحو نصف مليون مستوطن في 132 مستوطنة، و146 بؤرة استيطانية، بين أكثر من 3 ملايين فلسطيني، ولا تشمل هذه المعطيات نحو 230 ألف مستوطن يعيشون في 14 مستوطنة إسرائيلية مقامة على أراضي القدس الشرقية.


مقالات ذات صلة

إسرائيل: قتلنا 12 «عنصراً إرهابياً» في غارة على طولكرم

المشرق العربي جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية على مقهى شعبي في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)

إسرائيل: قتلنا 12 «عنصراً إرهابياً» في غارة على طولكرم

قال الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) إنهما تمكنا من تحديد على الأقل 12 «عنصراً إرهابياً» بين القتلى في غارة شنتها طائرة حربية ليل الخميس بطولكرم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

وزير خارجية فرنسا يتوجه إلى الشرق الأوسط ويبدأ زيارته بالسعودية

يتوجه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى السعودية في مستهل جولة تستمر أربعة أيام تنتهي في إسرائيل والضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي جانب من تشييع قتلى الضربة الإسرائيلية في طولكرم الجمعة (أ.ف.ب)

شلل في الضفة بعد «مجزرة طولكرم»... وإسرائيل تحدد هويات 7 «نشطاء» قتلتهم

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الجمعة)، إنه حدد هويات 7 «نشطاء إرهابيين» على الأقل من بين قتلى ضربته الجوية الأولى من نوعها منذ عام 2000 بالضفة الغربية.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشيعون بجوار جثث 4 فلسطينيين خلال جنازتهم في طولكرم بالضفة الغربية، 12 سبتمبر (أيلول) 2024 (إ.ب.أ) play-circle 00:38

«الصحة الفلسطينية»: 18 قتيلاً في غارة إسرائيلية على مقهى بطولكرم

قالت وزارة الصحة الفلسطينية، الخميس، إن 18 قتيلاً سقطوا جراء قصف إسرائيلي على مخيم طولكرم.

المشرق العربي قوات فلسطينية تحمل جثمان سامح العسلي الذي قتل بصاروخ خلال القصف الإيراني ليلة الثلاثاء على إسرائيل (أ.ب) play-circle 00:49

تشييع الفلسطيني القتيل الوحيد في الهجوم الإيراني على إسرائيل (فيديو)

كشف شهود عن أن فلسطينياً من غزة (38 عاماً)، وهو القتيل الوحيد المعروف في الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، ووري الثرى اليوم (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قيادة جماعية لـ«حزب الله» بانتظار نهاية الحرب

صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)
صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قيادة جماعية لـ«حزب الله» بانتظار نهاية الحرب

صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)
صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)

بدأ في لبنان التداول باسم رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» إبراهيم أمين السيد، خليفة محتملاً للأمين العام للحزب حسن نصر الله الذي قتل في غارة إسرائيلية، قبل نحو أسبوعين في ضاحية بيروت الجنوبية.

إبراهيم أمين السيد رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» (موقعه في الإنترنت)

وبرز اسم السيد رغم عدم تأكيد إسرائيل، كما «حزب الله»، حتى الساعة مقتل رئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين، في الغارات التي شنتها طائرات حربية إسرائيلية بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة، على موقع يُعتقد أنه كان يوجد فيه تحت الأرض في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهو الذي كان يُرجح أن يخلف نصر الله.

إلا أن مصادر مطلعة على أجواء الحزب تنفي كل ما يُتداول في هذا المجال «جملة وتفصيلاً»، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحد حالياً مرشح لخلافة نصر الله. لا صفي الدين ولا السيد ولا أي شخصية أخرى، فالقيادة الراهنة جماعية».

وأصدرت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» السبت، بياناً تحدثت فيه عن «أخبار كاذبة وشائعات لا قيمة لها يتم تداولها تتعلق بالوضع التنظيمي لعدد من كبار مسؤولي (حزب الله)»، مشيرة إلى أنها «تندرج في إطار الحرب النفسية المعنوية ضد جمهور المقاومة».

القيادي البارز في «حزب الله» هاشم صفي الدين خلال مشاركته في تشييع قيادي من الحزب قُتل في إدلب بسوريا (أ.ف.ب)

ويستبعد الناشط السياسي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين، إقدام الحزب في هذه الفترة على تعيين أمين عام جديد، «لأن المرشح أو المُعيّن، أياً كان، مرشح للموت»، مؤكداً أن «الحزب أصلاً في حالة تشتت وغير قادر على القيام بخطوة كهذه في ظرف كهذا، فضلاً عن أن الشيخ نعيم قاسم هو أمين عام بالوكالة بوصفه نائباً للأمين العام».

 

من هو السيد؟

ولد السيد في منطقة البقاع، شرق لبنان، عام 1955. تلقى تعليماً دينياً مكثفاً في الحوزات العلمية. وانضم إلى «حزب الله» منذ تأسيسه في أوائل الثمانينات، وأسهم في تطوير الحركة السياسية والعسكرية للحزب. والسيد تدرج في المناصب في «حزب الله» حتى أصبح رئيس المجلس السياسي، حيث يقوم بإدارة السياسات العامة للحزب والتواصل مع القوى السياسية اللبنانية والدولية.

ووفق الأمين، فإن السيد «كان مندوب حركة (أمل) في إيران قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ثم انتسب إلى (حزب الله). وقد قرأ الرسالة المفتوحة للحزب والبيان الأول له عند تأسيسه رسمياً، أي كان الناطق باسمه في فبراير (شباط) 1985».

السيد خلال إحدى زياراته للبطريرك الماروني بشارة الراعي (موقعه على الإنترنت)

ويشير إلى أنه «قريب للنائب جميل السيد، وكان نائباً في البرلمان ورئيس كتلة (الوفاء للمقاومة) من عام 1992 إلى عام 1996». ويرى الأمين أن «اقتراب السيد من إتمام السبعين لا يجعله خياراً موفقاً للأمانة العامة، وبخاصة في هذه الظروف»، مرجحاً أن يكون «الكلام عن تعيين السيد من خارج سياق الحزب... خصوصاً أنه في الـ15 سنة الأخيرة كان مهمشاً وأشبه بمتقاعد، فلا نراه إلا في زياراته إلى البطريركية المارونية، كما أنه لا يُعدّ من القيادات الحيوية داخل الحزب التي تم اغتيال معظمها».

موقع إلكتروني رسمي

ويُعدّ السيد أول رئيس للمجلس السياسي للحزب ومن الشخصيات القيادية القديمة، وله دور بارز في بناء شبكة العلاقات السياسية بلبنان، خصوصاً مع القوى السياسية الأخرى مثل حركه «أمل» و«التيار الوطني الحر» وغيرهما.

وبعكس صفي الدين الذي كانت إطلالاته العلنية والإعلامية محدودة، تُسجل إطلالات كثيرة للسيد سواء خلال خطب في عاشوراء، أو خلال لقاءات سياسية علنية مصورة كان يقوم بها.

كما أن اللافت أن «له موقعاً رسمياً على شبكة الإنترنت يحمل اسمه، وهو ما يفتقده معظم مسؤولي وقيادات (حزب الله)».

دمار هائل نتيجة إحدى الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

هذا الموقع ينشر خطاباته ومواقفه التي يعود آخرها لشهر يوليو (تموز) الماضي، والتي عدّ فيها أن «الانتصار على العدوّ سينتج تداعيات كبرى على مستوى الأجيال المقبلة».

رفض المنصب

وتردد عبر مواقع إلكترونية أنه بعد ترجيح فرضية اغتيال هاشم صفي الدين، رفض أمين السيد تولي منصب الأمين العام للحزب، وطلب السفر إلى طهران للتفرغ للعبادة. لكن هذه المعلومات لم يؤكدها أي مصدر موثوق.

ويقول مطلعون على جو الحزب إن «منصبه رئيساً للمجلس السياسي يجعله مسؤولاً عن توجيه السياسات الداخلية والخارجية للحزب»، ويتحدثون عن «شخصية مؤثرة في النقاشات السياسية المتعلقة بالصراعات الإقليمية».