الجيش يقتحم جنين للمرة الأولى بعد العملية الكبيرة... ويعتقل مسؤولاً في «حماس»

مواجهات مسلحة لكن أقل حدة من الهجوم السابق

يمشي أمام لوحة جدارية في مخيم جنين عليها صور فلسطينيين قتلوا في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني 6 يوليو (إ.ب)
يمشي أمام لوحة جدارية في مخيم جنين عليها صور فلسطينيين قتلوا في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني 6 يوليو (إ.ب)
TT

الجيش يقتحم جنين للمرة الأولى بعد العملية الكبيرة... ويعتقل مسؤولاً في «حماس»

يمشي أمام لوحة جدارية في مخيم جنين عليها صور فلسطينيين قتلوا في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني 6 يوليو (إ.ب)
يمشي أمام لوحة جدارية في مخيم جنين عليها صور فلسطينيين قتلوا في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني 6 يوليو (إ.ب)

اقتحمت قوات إسرائيلية مدينة ومخيم جنين، فجر الاثنين، لأول مرة، منذ العملية التي سمّتها «بيت وحديقة» بداية الشهر الحالي، واستمرت يومين، قتلت فيها 12 فلسطينياً واعتقلت آخرين وخلفت دماراً كبيراً.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الاقتحام استهدف وانتهى، باعتقال زعيم حركة «حماس» في المدينة. وقالت إذاعة «كان» الإسرائيلية إن القوات الإسرائيلية دخلت إلى جنين واستهدفت مسلحين فلسطينيين في مخيم جنين، على وجه الخصوص، واعتقلت زعيم حركة «حماس» في المدينة، وقيادياً في كتائب جنين المسلحة.

وأكد مسؤولون فلسطينيون أن إسرائيل اعتقلت القيادي في «حماس» فتحي عتوم. وجاء الاقتحام واعتقال عتوم بعد أيام من تبني مجموعة تطلق على نفسها اسم «كتيبة العياش» في جنين شمال الضفة الغربية، إطلاق صاروخ باتجاه مستوطنة «رام اون».

صورة متداولة على مواقع التواصل نقلاً عن «كتيبة العياش» تعلن إطلاق قذيفة صاروخية من طراز «قسام 1»

وقالت الكتيبة، التي سميت على اسم يحيى عياش، أبرز صانع للمتفجرات في حركة «حماس» في الضفة الغربية بفترة التسعينات، واغتالته إسرائيل لاحقاً في قطاع غزة، إن «المقبل أعظم».

ونشرت الكتيبة فيديو يظهر صاروخاً ينطلق من قاعدة بدائية، من دون أن يتضح إلى أي مدى وصل. وهذه هي المحاولة الخامسة لاستخدام صواريخ بدائية الصنع من جنين.

اقتحام جنين ومخيمها تم في وقت يخطط فيه الجيش لعملية ثانية خاطفة، لكن هذه المرة لعدة ساعات فقط، بهدف إحباط محاولات المسلحين الفلسطينيين هناك لترميم البنية التحتية العسكرية بعد العملية السابقة التي استمرت يومين وخلفت دماراً كبيراً.

رجلان وطفل قرب قبور 13 فلسطينياً قتلوا في الهجوم الإسرائيلي الأخير بداية يوليو (أ.ف.ب)

وقال مسؤولون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، إن عملية عسكرية جديدة في مخيم جنين، باتت أمراً لا مفر منه، ولكنها لن تكون على نطاق واسع كما جرى في العملية الأخيرة.

وكانت آخر مرة دخل فيها الجيش الإسرائيلي إلى جنين في أوائل يوليو (تموز)، في العملية التي استمرت يومين وشارك فيها أكثر من 1000 جندي من القوات البرية والقوات الجوية.

وقال الجيش الإسرائيلي إن القوات كشفت وهدمت في هذه العملية ما لا يقل عن 8 مواقع لتخزين الأسلحة، و6 مختبرات لصناعة المتفجرات بها مئات الأجهزة الجاهزة، و3 غرف حرب استخدمها مسلحون فلسطينيون لمراقبة القوات الإسرائيلية، و«البنية التحتية» للمسلحين.

وكانت العملية تستهدف السماح للجيش بشن هجمات اعتقال على جنين، من دون مقاومة عنيفة.

وقال الجيش بعد العملية، إنها «لم تحقق كل أهدافها، وإن اقتحام المخيم والمدينة، سيثبت إلى أي حد تم إلحاق أضرار بالبنية التحتية للمسلحين».

مسلحون من «كتيبة جنين» خلال مهرجان تأبين مايو الماضي (الشرق الأوسط)

والاثنين، اندلعت اشتباكات بين القوات الإسرائيلية ومجموعة من المسلحين الذين تصدوا للقوات المقتحمة، لكن أي عبوات ناسفة لم تنفجر. ويعد الجيش الإسرائيلي أن تحييد «العبوات» إنجاز كبير، لكن ما زال مبكراً الحكم على ذلك على الرغم من الاقتحام السريع الأخير. ونفذت القوات اقتحامات لمنازل بالمخيم وعاثت بها خراباً، ثم انسحبت من دون إصابات.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار خلال المداهمة في المنطقة، مضيفاً أن مركبة هندسية تعطلت بسبب خلل تقني. وتم إخلاء المركبة في وقت لاحق.

وسمع دوي إطلاق النار في أنحاء المدينة بمقطع فيديو نشرته وسائل إعلام فلسطينية. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (وفا)، أن المعتقلين هما فتحي عتوم وربيع الصانوري. وأضافت أن عتوم سبق أن أمضى ما مجموعه 9 سنوات في السجون الإسرائيلية قبل إطلاق سراحه الشهر الماضي.

وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوده اعتقلوا 10 فلسطينيين مطلوبين خلال مداهمات في مناطق أخرى بالضفة الغربية، في وقت مبكر من يوم الاثنين، مع وقوع أعمال عنف في بعض المناطق.


مقالات ذات صلة

«آر بي جي» في مواجهات مخيم جنين الداخلية... تفاجئ إسرائيل و«تثير قلقها»

المشرق العربي تصاعد الدخان من احد المنازل يعد هحوم لقوات الأمن الفلسطينية ب ضد مسلحين في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية المحتلة (أ.ب)

«آر بي جي» في مواجهات مخيم جنين الداخلية... تفاجئ إسرائيل و«تثير قلقها»

تؤكد السلطة أنها ستسيطر على المخيم، ويقول المسلحون إن «ما فشلت فيه إسرائيل ستفشل فيه السلطة».

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي القوات الإسرائيلية تقتحم مخيم طولكرم للاجئين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

مقتل 5 فلسطينيين على الأقل في مخيم للاجئين بالضفة الغربية

كشف مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون عن أن قوات إسرائيلية قتلت 5 فلسطينيين على الأقل في مداهمة بمخيم للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية، فجر اليوم.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي سيارة شرطة تسير خلال مهمة لقوات الأمن الفلسطينية في مخيم جنين بالضفة الغربية... 21 ديسمبر 2024 (رويترز)

مقتل شرطي فلسطيني خلال الاشتباكات المتواصلة بين الأمن ومسلحين في جنين

قُتل شرطي فلسطيني برصاص مسلحين فلسطينيين خلال الاشتباكات المتواصلة بين أجهزة الأمن ومسلحين في مخيم جنين في شمال الضفة الغربية منذ 18 يوما.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
العالم العربي رجال أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

أخذت الاشتباكات الداخلية الفلسطينية في مخيم جنين بمدينة جنين شمال الضفة الغربية، منحى خطيراً، بعدما قتل مسلحون عنصراً في الحرس الرئاسي الفلسطيني.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مخيم جنين (د.ب.أ)

مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين في اشتباك بجنين

أعلنت قوى الأمن الفلسطيني، الأحد، مقتل أحد عناصرها وإصابة اثنين آخرين في إطلاق نار في جنين بشمال الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

معاناة «قارصة» للنازحين في خيامهم... البرد يقتل 3 رضَّع بغزة

رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)
رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

معاناة «قارصة» للنازحين في خيامهم... البرد يقتل 3 رضَّع بغزة

رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)
رجل يُمسك بيد الرضيعة سيلا التي قتلها البرد في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)

توفي 3 أطفال حديثي الولادة، نتيجة اشتداد البرد القارس وانخفاض درجات الحرارة، في آخر 48 ساعة، ممن تقطن عوائلهم في خيام للنازحين بمنطقة مواصي خان يونس جنوبي قطاع غزة، الأمر الذي يكشف عن تفاقم معاناة سكان الخيام في ظل الأجواء الشتوية الباردة مع دخول فصل الشتاء فعلياً منذ أيام الأراضي الفلسطينية.

وقال أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال في مجمع ناصر الطبي بخان يونس، خلال تصريحات صحفية، إن هؤلاء الأطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و21 يوماً، مؤكداً أنهم توفوا نتيجة البرد الشديد وانعدام الأمن الغذائي بين الأمهات، وعدم القدرة على الوصول إلى مأوى دافئ، الأمر الذي زاد من خطورة حالة الأطفال ووفاتهم، وظهور حالات مرضية جديدة قد تؤدي إلى مزيد من الوفيات.

وأعلن أطباء عن وفاة الرضيعة سيلا الفصيح (التي تبلغ من العمر أسبوعين)، بعد أن توقف قلبها داخل خيمة عائلتها في مواصي خان يونس، وهي آخر حالة تسجَّل بين الحالات الثلاث.

أفراد من عائلة الرضيعة سيلا التي قتلها البرد ينظرون إلى جثمانها في مستشفى ناصر بخان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)

وقالت والدتها، ناريمان، لعدد من الصحافيين الذين وثَّقوا معاناتها في مجمع ناصر: «ماتت سيلا من البرد، كنت أقوم بتدفئتها واحتضانها، لكن لم تكن لدينا ملابس إضافية لتدفئتها».

وسبقت سيلا الفصيح، حالتان أخريان لطفل يبلغ 4 أيام وطفلة تبلغ من العمر 20 يوماً.

ويعاني نحو مليوني نازح، تعيش غالبيتهم العظمى في خيام بمناطق ممتدة من مواصي رفح جنوباً وصولاً إلى خان يونس المجاورة حتى شواطئ دير البلح والزوايدة والنصيرات وسط القطاع، ظروفاً قاسية، خصوصاً أن هذا هو فصل الشتاء الثاني على التوالي الذي يعيشونه في ظروف مماثلة، لكنَّ الفصل الحالي أكثر اشتداداً مع تكدسهم في تلك المناطق، بعد أن سيطرت إسرائيل على غالبية مدينة رفح التي كانت بأكملها إلى جانب خان يونس مأوى لهؤلاء السكان.

وغالبية العوائل النازحة من سكان مدينة غزة ومحافظة شمال القطاع، الذين فروا من جحيم الحرب في تلك المناطق، إلى جنوب القطاع بطلب من الجيش الإسرائيلي الذي كان يدعوهم للتوجه إلى تلك المناطق بزعم أنها مناطق إنسانية آمنة، قبل أن ينضم إليهم آخرون من مناطق شرق القطاع، وكذلك رفح بشكل شبه كامل.

يقول الغزي مجد ياسين (26 عاماً) النازح من مدينة غزة إلى خان يونس، إنه يعيش في خيمة لا تتعدى الأمتار الثلاثة، وتعرضت للغرق عدة مرات بمياه الأمطار في شتاء العام الماضي، ومرة واحدة خلال الشتاء الحالي، مما أدى إلى تضررها عدة مرات، الأمر الذي أثَّر عليه وعلى زوجته التي كانت حاملاً ورُزقت قبل أشهر بطفل يبلغ حالياً من العمر 8 أشهر.

ويخشى ياسين كما يقول لـ«الشرق الأوسط» من أن يتأثر طفله كثيراً بالأجواء الباردة والقارسة خلال فصل الشتاء الجاري، مشيراً إلى أنه منذ نحو أسبوعين لا يتوقف طفله عن البكاء نتيجة البرد الشديد الذي أصابه دون جدوى أو فائدة من الأدوية التي استطاع الحصول عليها بصعوبة من بعض المستشفيات الميدانية الموجودة في منطقة المواصي لعلاجه.

عائلة فلسطينية تتدفأ داخل خيمتها في دير البلح الثلاثاء (د.ب.أ)

فيما أشارت زوجته تسنيم إلى أن نزلات البرد الشديدة أصابت طفلها عدة مرات، وهو الحال ذاته الذي ينطبق على آلاف الأطفال ممن يعيشون في الخيام، مشيرةً إلى أن أكثر من يتضررون بشكل أكبر هم الرضع الذين يصابون بشكل أسرع وأخطر بأمراض فصل الشتاء، خصوصاً أنهم بحاجة إلى الدفء ولا توجد وسائل تدفئة آمنة متوفرة في ظل ظروف الحرب.

كانت الأمم المتحدة قد حذَّرت مؤخراً من أن الناس الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة في غزة قد لا يصمدون في الشتاء، مشيرةً إلى حاجة ما لا يقل عن 945 ألف شخص إلى إمدادات الشتاء، التي أصبحت باهظة الثمن في القطاع، معربةً عن خشيتها من أن تتفشى الأمراض المعدية، التي انتشرت في الشتاء الماضي، مرة أخرى وسط ارتفاع سوء التغذية.

وقالت المواطنة ختام أبو إسماعيل، وهي من سكان بني سهيلا، شرق خان يونس، والنازحة من تلك المنطقة إلى غرب المدينة بعد تدمير منزلها، إن 3 من أطفالها يعانون من نزلات برد، أصغرهم يبلغ من العمر شهراً ونصف الشهر، والآخرون ما بين عامين وأربعة، مشيرةً إلى أنه بعد تدمير منزلها وعيشها في خيمة، لم تعد تملك أي وسيلة تدفئة، وينقصها كثير من «الفراش» و«الأغطية» وحتى الملابس الشتوية، التي قالت إنها حتى وإن توفرت فلن تستطيع شراءها بسبب ثمنها المرتفع جداً.

وأشارت ختام أبو إسماعيل إلى أنها مثل نحو مليون نازح، تعاني بشدة من عدم توفر الأغطية وغيرها من العوامل التي تساعد على تدفئة الأطفال وكذلك حتى الكبار، مشيرةً إلى أن هناك نقصاً حاداً جداً في توفر الملابس والأغطية وغيرها، كما أنه لا تتوفر الكهرباء أو الغاز أو عوامل بديلة تساعد على تدفئة الخيام.

ويقول المواطن فايز صقر، النازح من جباليا إلى دير البلح وسط قطاع غزة، إنه لا يتوفر لديهم سوى الخشب والحطب الذي يتم إيقاده بشكل أساسي للطبخ وتسخين المياه للاستحمام، وفي حال كان المواطن مقتدراً يستطيع شراء كمية أكبر منه للتدفئة، ولكن ليس الجميع بمقدوره ذلك.

وبيَّن صقر أن كيلوغرام الخشب أو الحطب يتراوح حسب جودته من 3 إلى 5 شواقل (بمعدل دولار إلى دولار ونصف)، مشيراً إلى أن كل عائلة بحاجة إلى كميات كبيرة حتى تستطيع تدبر أمورها.

وقال بلغة عامية غلب عليها القهر والوجع: «إحنا مش قادرين ندفّي حالنا، ولا ندفّي أطفالنا، كل شيء فينا عاجز حتى عن أبسط الأشياء في حياتنا».

وقال بيان لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إن أطفال قطاع غزة يعانون من البرد والمرض والصدمة، ويستمر الجوع وسوء التغذية، وظروف المعيشة المزرية على نطاق أوسع، في تعريض حياة الأطفال للخطر، مشيراً إلى أنه وعلى مدى أكثر من 14 شهراً، كان الأطفال على حافة الكابوس خصوصاً بعد التقارير التي تؤكد مقتل أكثر من 14500 طفل وإصابة الآلاف.

وقالت مسؤولة الاتصالات في «يونيسيف» روزاليا بولين: «لقد حلَّ الشتاء الآن على غزة. الأطفال يشعرون بالبرد وحفاة الأقدام. ولا يزال كثير منهم يرتدون ملابس الصيف. ومع نفاد غاز الطهي، يبحث كثيرون بين الأنقاض عن قطع بلاستيكية لإحراقها. وتدمر الأمراض أجساد الأطفال الصغيرة، في حين تعاني المستشفيات من الفقر وتتعرض للهجوم المستمر. والرعاية الصحية في حالة يرثى لها».