تبنّت مجموعة تطلق على نفسها اسم «كتيبة العياش» في جنين شمال الضفة الغربية، إطلاق صاروخ باتجاه مستوطنة «رام أون» صباح الخميس، ونشرت في بيان أنها أطلقت الصاروخ رداً على اقتحام المسجد الأقصى.
وقالت الكتيبة، التي سُميت على اسم يحيى عياش، أبرز صانع للمتفجرات في حركة «حماس» في الضفة الغربية في فترة التسعينات، واغتالته إسرائيل لاحقاً في قطاع غزة: «نقول للاحتلال إن المسجد الأقصى خط أحمر لن نسمح بتجاوزه؛ فدماؤنا رخيصة في سبيله، وإن إرث العياش قادم بإذن الله». وتوعّدت الكتيبة الاحتلال بأن «القادم أعظم».
ونشرت الكتيبة فيديو يُظهر صاروخاً ينطلق من قاعدة بدائية، من دون أن يتضح إلى أي مدى وصل. وهذه هي المحاولة الخامسة لاستخدام صواريخ بدائية الصنع من جنين، وهي محاولات ستقرّب، أغلب الظن، عملية عسكرية إسرائيلية ثانية في جنين.
وبينما قال مسؤول أمني إسرائيلي إن الصاروخ حلَّق عشرات الأمتار فقط، قال الجيش الإسرائيلي إنه يتحقق من صحة تقارير عن إطلاق صاروخ من جنين نحو مناطق إسرائيلية، وقال المجلس الإقليمي «جلبوع» إنه لم يعثر خلال عمليات المسح والتفتيش على بقايا أي صواريخ.
وعادةً لا تصل الصواريخ من جنين لأهدافها، وفي كل مرة سابقة عثر الجيش على منصات إطلاق وبقايا صواريخ بدائية، انفجرت داخل الأراضي الفلسطينية دون تشكيلها أي خطر على المستوطنات.
JENIN: A Palestinian group called Al-Ayyash Battalion says they launched a rocket toward the town of Ram-On.The Israeli military is searching the area.This is the second incident of its kind in recent weeks. pic.twitter.com/ZnVS9ycPCn
— Hamdah Salhut (@hamdahsalhut) July 27, 2023
لكنّ الإصرار على محاولة إطلاق الصواريخ بعد العملية العسكرية الأخيرة في جنين، يثير انتباه وقلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي تدرس أصلاً عملية ثانية في جنين.
وعلى الرغم من أن الصواريخ التي تطلق حالياً لم تشكل أي تهديد حقيقي، فإن نسخ نموذج قطاع غزة الذي بدأ بمثل هذه الصواريخ، أكثر ما يثير القلق في إسرائيل.
عملية ثانية خاطفة
ويراقب الإسرائيليون كيف أن جنين «بدأت ترفع رأسها مجدداً». ويخطط الجيش الإسرائيلي لعملية ثانية خاطفة في مخيم جنين، لكن هذه المرة لعدة ساعات فقط، بهدف إحباط محاولات المسلحين الفلسطينيين هناك ترميم البنية التحية العسكرية بعد العملية السابقة التي استمرت يومين وخلّفت دماراً كبيراً.
وقال مسؤولون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، إن عملية عسكرية جديدة في مخيم جنين، بات أمراً لا مفرّ منه، ولكنها لن تكون على نطاق واسع كما جرى في العملية الأخيرة التي بدأت في الثالث من هذا الشهر واستمرت يومين.
وقالت مصادر عسكرية لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن العملية المحتملة ستكون سريعة، وتهدف لإحباط البنية التحتية للخلايا المسلحة.
وتقدر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن المجموعات المسلحة في مخيم جنين لم تتلقَّ ضربة كاملة في العملية الأخيرة، واستأنفت ترميم قدراتها، بما في ذلك إنتاج عبوات ناسفة ومحاولات إطلاق صواريخ.
التخطيط لعملية جديدة، جاء في وقت بدأت فيه السلطة الفلسطينية أنشطة كانت قد توقفت لفترة طويلة في جنين ونابلس شمال الضفة.
ورأى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أنه من الضروري أن تعمل السلطة في جنين باعتبار ذلك مصلحة إسرائيلية. وأضاف: «لأن أي منطقة لا تسيطر عليها السلطة، فإن قواتنا ستواصل عملها هناك وفي كل الأوقات». وتشكل هذه القضية مسألة معقدة إلى حد ما.
وقال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إن ثمة اهتماماً بعدم إلحاق ضرر بمحاولات السلطة الفلسطينية بسط سيطرتها هناك، لأن ذلك يمثل مصلحة إسرائيلية.
لكنّ «يديعوت» قالت إنه رغم محاولات السلطة الفلسطينية السيطرة على الوضع في جنين ومخيمها، فإنه بالنسبة للجيش الإسرائيلي، لا يمكن أن يُعتمد في القضايا الأمنية بشكل كامل على السلطة.
وأضاف المسؤولون: «لا يمكن إحباط الإرهاب بعملية واحدة، يجب دخول مخيم جنين للقيام بعمليات من حين لآخر، وإحباط محاولات تأسيس بنى جديدة، ولقد اقترب الوقت الذي سنضطر فيه إلى ذلك، ولكن عبر عملية قصيرة المدى مثلما حصل في مخيم (نور شمس) منذ أيام».
كانت قوات إسرائيلية قد اقتحمت مخيم «نور شمس» شرق مدينة طولكرم، يوم الاثنين، وفرضت حصاراً مشدداً عليه، وأغلقت شوارع رئيسية في محاولة لاعتقال مطلوبين، تصدوا للقوات الإسرائيلية بالنار.
وشهد المخيم مواجهات عنيفة، استُخدمت فيها العبوات الناسفة لأول مرة هناك، في مشهد يحاكي الاشتباكات التي حدثت في مخيم جنين في الأسابيع القليلة الماضية. والأربعاء، قتل الجيش الإسرائيلي فلسطينياً في اقتحام مخيّم «العين» قرب نابلس في الضفة الغربية، كما أعلن الجيش عن اعتقاله مطلوباً بعد محاصرته في المخيم.
سياسة الاقتحام
الاقتحامات السريعة للمدن والمخيمات يبدو أنها ستكون سياسة الجيش الإسرائيلي، تجنباً لتكرار العملية في مخيم جنين.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي، على خلفية اتساع رفض عناصر الاحتياط في الجيش الإسرائيلي أداء الخدمة، إنه لا يتوقع حدوث تراجع في قدرات إسرائيل العسكرية في عمليات ضد غزة أو جنين، وإنما في حالة حرب واسعة فقط. وبالتالي فإن ما يحدث في إسرائيل لن يؤثر على أي خطط متعلقة بالفلسطينيين.