لبنان: بطريرك الموارنة يهاجم معطّلي انتخاب رئيس الجمهورية

نائب في «حزب الله» يتحدث عن مرونة متبادلة بينه وبين «التيار الوطني» لإنجاز الاستحقاق

البطريرك بشارة الراعي (رويترز)
البطريرك بشارة الراعي (رويترز)
TT

لبنان: بطريرك الموارنة يهاجم معطّلي انتخاب رئيس الجمهورية

البطريرك بشارة الراعي (رويترز)
البطريرك بشارة الراعي (رويترز)

انتقد البطريرك الماروني، بشارة الراعي، معطلي انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان، واتهمهم بأنهم يخالفون الدستور ويهدمون الجمهورية ويبعثرون السلطة، في وقت لم يسجّل فيه أي جديد على خط ملف الرئاسة باستثناء السجال الحاصل حيال رسالة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى برلمانيين لبنانيين وإعلان أحد نواب «حزب الله» عن مرونة متبادلة في الحوار الجاري مع «التيار الوطني الحر» لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وتحدث الراعي، في عظة الأحد، عن التعطيل المستمر في انتخابات الرئاسة، منتقداً التشريع في البرلمان في ظل الفراغ الرئاسي. وسأل: «ماذا يبغي أسياد تعطيل انتخاب رئيس للجمهوريّة وفقاً للدستور منذ أحد عشر شهراً؟ هم يدركون أنّهم بذلك يحوّلون المجلس النيابي من هيئة تشريعيّة إلى هيئة انتخابيّة فقط، ويتّهمون المقاطعين بأنّهم لا يريدون انتخاب رئيس، ويعادون (اتفاق الطائف)! وهم يدركون أيضاً أنّ حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع إجراء تعيينات واتخاذ قرارات إجرائيّة تستدعي مشاركة رئيس الجمهوريّة وتوقيعه، وينتقدون مقاطعي الجلسات حفاظاً على الدستور ويبتكرون (مبرر) الضرورة للتشريع والتعيين والإجراء».

وأكد الراعي أن «الضرورة واحدة وأساسيّة وهي انتخاب رئيس للجمهوريّة، وهي المدخل إلى التشريع والتعيين والإجراء؛ لأن بوجود الرئيس يستعيد المجلس النيابي طبيعته كهيئة تشريع ومحاسبة ومساءلة، وتستعيد الحكومة كامل صلاحيّاتها الإجرائيّة». وسأل: «إلى متى، يا معطّلي انتخاب رئيس للجمهورية، تخالفون الدستور، وتهدمون الجمهوريّة، وتعطّلون الحياة الاقتصاديّة والماليّة، وتبعثرون السلطة، وتفقّرون الشعب وتهجّرونه إلى أوطان غريبة؟ خافوا الله ولعنة التاريخ». وأضاف: «لقد شكرنا الله على عودة الممارسة الديمقراطية في اختيار الرئيس انتخاباً بين متنافسين... في جلسة 14 يونيو (حزيران) الماضي الانتخابية. لكن لم نفهم لماذا بُترت الجلسة بعد دورتها الأولى الأساسية، بمخالفة واضحة لـ(المادة 49) من الدستور! وفي هذه الأيام تسمعونهم يتكلمون عن سؤال وجواب ولقاء وحوار. فالحوار الحقيقي والفاعل هو التصويت في جلسة انتخابية دستورية ديمقراطية. والمرشحون موجودون ومعروفون».

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

والموضوع نفسه تحدث عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع؛ إذ قال: «الناس يعتقدون أن مسألة انتخاب رئيس جديد للبلاد معقّدة جداً، فيما هذا الأمر غير صحيح، باعتبار أن الحل بسيط؛ وهو أن يحضر النواب جلسة الانتخاب في البرلمان ويصوتوا لرئيس للجمهوريّة. ولكن سبب عدم حصول ذلك مردّه إلى أن هناك من يعطّل انتخابات الرئاسة عن سابق تصوّر وتصميم، فإما يصل مرشّحه إلى سدّة الرئاسة، أو (عمرها ما تصير انتخابات)»، في اتهام لـ«الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») بتعطيل الانتخابات حتى ضمان وصول المرشح المدعوم منهم؛ سليمان فرنجية، إلى منصب رئيس الجمهورية. وأشار جعجع إلى أن هناك «من يدير هذه المسرحيّة، ويدعو إلى جلسة الانتخاب، في حين أن نوابه هم أول من يخرجون من الجلسة لتعطيل النصاب بالشراكة مع الآخرين»، في إشارة الى رئيس البرلمان نبيه بري، وهو أيضاً زعيم «حركة أمل».

وعدّ رئيس حزب «القوات» أن ما يريده «محور الممانعة» هو إما يكون الرئيس له؛ وإما لا يريد رئيساً، مشيراً إلى أن «الفريق الآخر لا يملك قوّة ديمقراطيّة لإيصال مرشّحه إلى سدّة الرئاسة ويصر على وصوله؛ كأنه يريد منا أن نقوم بالإسهام في إيصاله غصباً منا، وهذا ما لن يحصل أبداً».

بدوره، عدّ النائب في «التيار الوطني الحر» إبراهيم كنعان أن «المطلوب الذهاب، أمس قبل اليوم، إلى خريطة طريق للرئاسة. فالرئيس يجب أن يكون باباً للحل لا لفراغ جديد وتعبئة شكلية لموقع، من دون معالجة للملفات السياسية والنقدية والمالية والاقتصادية التي نعاني منها». وأكد في حديث إذاعي أن «الحوار مطلوب، وما من جهة يمكنها الإتيان برئيس لوحدها، والحوار ليس للفرض والمقايضة؛ بل للذهاب إلى خيار وطني ومسيحي على أساس خريطة طريق يمكن تطبيقها بالتعاون مع القوى والكتل حتى لا يجابه عهده بالعرقلة. التمترس خلف المواقف هو تمديد للفراغ، بينما علينا الاتفاق على خلاص لبنان».

أعضاء في البرلمان قبل جلسة تشريعية مقررة لم تنعقد بسبب عدم اكتمال النصاب في 17 أغسطس (رويترز)

في موازاة ذلك، تحدث النائب في «حزب الله» حسن فضل الله عن مرونة متبادلة بين «الحزب» و«التيار الوطني الحر»، بعد استئناف الحوار بينهما وتقديم الأخير ورقة تتضمن بعض الشروط حول الرئاسة؛ منها الصندوق السيادي وتطبيق اللامركزية المالية. وقال في احتفال في جنوب لبنان إنّ «انتخاب رئيس للجمهورية هو مدخل ضروري وطبيعي لإعادة انتظام مؤسسات الدولة، بما فيها تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات تضع خطط التعافي وتبدأ مسيرة العلاج، و(حزب الله) مع انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، ولكن هذا يحتاج إلى تعاون مع آخرين، ولدينا مساعٍ في هذا المجال، وهناك حوار مع (التيار الوطني الحر)، وقد عُقدت لقاءات في الأيام القليلة الماضية، ونناقش ورقة قدمها (التيار)، ولدينا وجهات نظر نتبادلها من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا الحوار نريده أن يصل إلى نتيجة، ولدينا مرونة متبادلة في تبادل الآراء والأفكار، وقد يؤسس ذلك لأرضية مشتركة لتوفير النصاب الدستوري والقانوني لانتخاب رئيس متفاهم ومتفق عليه، وهذا يفتح الباب أمام الحلول والمعالجات في المستقبل».

من جهة أخرى، علّق النائب ميشال موسى؛ من كتلة «التنمية والتحرير» (التي يرأسها بري)، على رسالة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بعض النواب، قائلاً: «كان من الأفضل تجنّب خطوة كهذه، ونحن بانتظار كيفية تصحيحها»، آملاً «ألا تؤثر هذه الرسالة سلباً على مجريات الحوار المرتقب في سبتمبر (أيلول) أو أن تعيقه». وإذ عدّ موسى أن «الأهم هو كل ما يؤدي الى إتمام الاستحقاق بأسرع وقت ممكن ولو بوساطة إقليمية»، سأل في حديث إذاعي: «لمَ انتظار الخارج إذا كان الداخل قادراً على حل أزماته؟».

وشدّد موسى على أن إتمام الاستحقاق الرئاسي يتطلب حواراً جدياً بين الأفرقاء اللبنانيين، مشيراً إلى مناخ عام لدى الجميع في البلاد بالعمل بعكس مقتضيات المرحلة الصعبة التي نمر بها.

وفي إطار المبادرة الفرنسية، رأى النائب غسان سكاف أن باريس لم تعد تملك زمام المبادرة الرئاسية بمفردها؛ بل أصبحت تشاركها 4 دول، مشيراً الى أنه «بسبب عدم تماسكنا داخلياً؛ وضعنا مفتاح الاستحقاق الرئاسي في جيب الراعي الإقليمي والدولي».

وقال سكاف في حديث إذاعي: «كنا نتمنى أن يعود لودريان بمشروع لتوحيد اللبنانيين والعمل على تنفيذ خطة اقتصادية إصلاحية». وسأل: «هل تريد فرنسا من الحوار المماطلة لكسب الوقت للحفاظ على ما تبقى من موقعها في المنطقة؟»، عادّاً أنه «لا يمكن حل أزمة الرئاسة اللبنانية بالمراسلات».


مقالات ذات صلة

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير
المشرق العربي برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن المساعي مستمرة لإنجاح الجلسة النيابية المقررة في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.

ثائر عباس (بيروت)
خاص ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

فُتِحَت قنوات التواصل بين لبنان والحكومة السورية المؤقتة، ونَقَل دبلوماسيون رسالة من قائد «هيئة تحرير الشام» إلى لبنان بأنه لا مشكلة مع الدولة اللبنانية

يوسف دياب

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

TT

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)
القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي، يشار غولر، جولة تفقدية لمنطقة الحدود مع سوريا، وعقد اجتماعاً مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرة هناك.

والتقى فيدان الذي يعد أول وزير خارجية يزور دمشق عقب سقوط نظام بشار الأسد، الشرع بحضور وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، أسعد حسن الشيباني، ومن الجانب التركي نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، والقائم بالأعمال التركي في دمشق، السفير برهان كور أوغلو.

وجاءت زيارة فيدان بعد الزيارة التي قام بها رئيس المخابرات التركي، إبراهيم كالين، لدمشق، الذي كان أول مسؤول أجنبي يزورها ويجتمع مع إدارتها الجديدة، قبل أسبوعين تقريباً، وأعقب ذلك بيومين إعادة فتح السفارة التركية بعد 12 عاماً من إغلاقها، وهي أول سفارة أجنبية تفتح أبوابها بعد سقوط الأسد.

دعم تركي

وقالت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثات فيدان والشرع تناولت «هيكلة الإدارة الجديدة في سوريا، وخطوات المرحلة الانتقالية، ووضع دستور جديد للبلاد يعبر عن المرحلة الجديدة، ويتضمن مشاركة جميع مكونات الشعب السوري في العملية السياسية».

جانب من لقاء الشرع وفيدان في دمشق (الخارجية التركية)

وأضافت المصادر أن فيدان أكد «دعم تركيا للإدارة السورية الجديدة في هذه المرحلة، واستعدادها لتقديم كل ما يلزم من أجل اجتيازها بنجاح، ودعم مرحلة إعادة الإعمار وتلبية احتياجات الشعب السوري».

وبحسب المصادر، تطرقت المباحثات أيضاً إلى «تهيئة الظروف لعودة طوعية آمنة وكريمة للاجئين السوريين، وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة في هذه المرحلة».

كما تم التطرق إلى «مكافحة التنظيمات الإرهابية» وتصدي الإدارة السورية الجديدة للمجموعات التي تعمل على تقسيم البلاد، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تخوض القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة حرباً ضدها في شمال وشرق سوريا بالمناطق المحاذية لحدود تركيا الجنوبية.

وتوقفت وسائل إعلام تركية عند بعض النقاط اللافتة في اللقاء بين فيدان والشرع، منها وضع ظهور العلمين السوري والتركي خلال اللقاء بعدما كان يتم وضع العلم السوري فقط في اللقاءات السابقة للشرع مع الوفود الأجنبية.

كما لفتت إلى أن الشرع ظهر للمرة الأولى وهو يرتدي رابطة عنق (كرافتة) خلال لقائه فيدان. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن في طريق عودته من مصر، حيث شارك في قمة مجموعة الثماني في القاهرة، أن فيدان سيزور دمشق، وسيبحث مع إدارتها الجديدة هيكلة المرحلة المقبلة في سوريا.

تعاون مع «تحرير الشام»

وأكد فيدان، في تصريحات السبت، أن تركيا لم ترصد انخراط «هيئة تحرير الشام»، التي يقودها الشرع، في أي أنشطة إرهابية خلال السنوات الـ10 الأخيرة، مضيفاً: «هذا ليس تقييمنا فحسب، بل هذا ما خلُصت إليه أجهزة الاستخبارات الغربية أيضاً».

وعدّ فيدان الذي تولّى رئاسة المخابرات التركية لمدة 13 عاماً قبل توليه وزارة الخارجية، في يونيو (حزيران) 2023، في مقابلة مع قناة «فرانس 24»، أن «هيئة تحرير الشام» لعبت دوراً في «مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل (داعش) و(القاعدة)»، وقال إن «(تحرير الشام) أظهرت تعاوناً جيداً، خصوصاً في تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بمكافحة (داعش)، وأسهمت بشكل كبير في هذا الصدد».

ولفت إلى أن «تحرير الشام» تعاونت أيضاً مع تركيا حول أهداف معينة، مثل القضاء على زعيم «داعش» السابق، أبو بكر البغدادي، وأنهم لم يعلنوا عن ذلك من قبل؛ «نظراً لحساسية الأمر».

الشرع خلال استقباله فيدان بقصر الشعب في دمشق (إعلام تركي)

وعما إذا كانت تركيا ستتدخل عسكرياً ضد «الوحدات الكردية» في شمال شرقي سوريا، قال فيدان: «(وحدات حماية الشعب) منظمة إرهابية، تم إنشاؤها بشكل مصطنع من أشخاص من تركيا والعراق وسوريا وبعض دول أوروبا، ويجب حلها على الفور، هناك إدارة جديدة في سوريا الآن، ولم تعد روسيا وإيران ونظام الأسد يدعمون (وحدات حماية الشعب) و(حزب العمال الكردستاني)، وأعتقد أن عليهم التعامل مع هذا الأمر من خلال وحدة أراضي سوريا وسيادتها، لكن إذا لم يحدث ذلك؛ فبالطبع علينا حماية أمننا القومي»، وأضاف: «علينا أن نتوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة أيضاً حول هذا الأمر».

وزير الدفاع يتفقد الحدود

وبالتزامن مع زيارة فيدان لدمشق، تفقد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، مناطق الحدود مع سوريا، وعقد لقاء مع قادة الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود.

وقال غولر إن تركيا تعتقد أن الإدارة الجديدة في سوريا، بما في ذلك «الجيش الوطني السوري»، المدعوم من أنقرة، سيطردون مسلحي «وحدات حماية الشعب الكردية» من جميع الأراضي التي تحتلها في شمال شرقي سوريا.

وتدعم الولايات المتحدة «وحدات حماية الشعب»، التي تعدها تركيا ذراعاً في سوريا لحزب العمال الكردستاني المصنف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، بوصفها حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.

وتخوض تركيا والفصائل السورية الموالية لها قتالاً ضد «الوحدات الكردية» في مناطق سيطرة «قسد»، منذ سقوط حكم بشار الأسد، وسيطرت على تل رفعت ومنبج، وتواصل القتال حول عين العرب كوباني والرقة مع استمرار الاستهدافات في الحسكة.

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية السورية الأحد (الدفاع التركية)

وقال غولر، الذي رافقه رئيس الأركان التركي وقادة القوات البرية والبحرية والجوية بالجيش التركي خلال زيارته لقيادة الجيش الثاني في غازي عنتاب: «نعتقد أن القيادة الجديدة في سوريا والجيش الوطني السوري، الذي يشكل جزءاً مهماً من جيشها، إلى جانب الشعب السوري، سيحررون جميع الأراضي التي احتلتها المنظمات الإرهابية».

وأضاف: «سنتخذ أيضاً كل الإجراءات اللازمة بالعزم نفسه حتى يتم القضاء على جميع العناصر الإرهابية خارج حدودنا».

وتابع: «الأزمة التي بدأت في سوريا عام 2011 إضافة إلى البيئة غير المستقرة اللاحقة، أعطت تنظيمات (حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب، وداعش الإرهابي) الفرصة لكسب مساحة في سوريا، وهددت أمن حدودنا».

ولفت إلى أن تركيا دفعت ثمناً باهظاً قبل دخولها سوريا، ونفذت عمليات عبر الحدود، بدءاً بعملية «درع الفرات» عام 2016، لجعل التنظيمات الإرهابية تدفع الثمن ولضمان أمن حدودها وشعبها.

وقال إنه في هذا السياق، يعد الجيش التركي الجيش الوحيد سواء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو خارجه الذي يقاتل تنظيم «داعش» ميدانياً، وتحدث عن ثقته بأن «(الجيش الوطني السوري) سينقذ الأرض بأكملها».

وزير الدفاع التركي يشار غولر وقادة القوات المسلحة خلال اتصال بالفيديو مع الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود السورية (الدفاع التركية)

وأضاف غولر خلال لقاء عبر «الفيديو كونفرس» مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرين على الحدود التركية - السورية من مقر القيادة العسكرية في كليس جنوب، أنه بعد الإطاحة بنظام الأسد الدموي في سوريا، بدأت حقبة جديدة الكلمة الحقيقية فيها للشعب السوري، ومن الآن فصاعداً، سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوري، كما فعلنا حتى الآن، وسنكون على تعاون وتنسيق وثيق مع الإدارة الجديدة لضمان سلامة أراضي سوريا ووحدتها السياسية وأمنها واستقرارها.

وأشار إلى أنه نتيجة للعملية التي بدأت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، في إشارة إلى عملية «فجر الحرية» للجيش الوطني السوري، تم تطهير تل رفعت في 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ومنبج في 9 ديسمبر من العناصر الإرهابية.

وتابع: «أود أن ألفت الانتباه إلى نقطة مهمة وهي أن ما يحدث في سوريا اليوم لا ينبغي النظر إليه فقط على أنه (تطورات الشهر الماضي)، فتصرفات النظام، الذي اضطهد شعبه لسنوات، والجهود الكبيرة التي بذلها أصحاب سوريا الحقيقيون، الذين قالوا للنظام (توقف الآن)، جلبت أياماً جيدة».

تركيا وفصائل الجيش الوطني تواصلان القصف على محاور منبج وعين العرب (المرصد السوري)

وذكر أن «النجاح الذي تحقق هو أيضاً نتيجة للكفاح البطولي لقواتنا المسلحة التركية، وخصوصاً شهدائنا وقدامى المحاربين، الذي بدأ في أغسطس (آب) 2016 في عملية (درع الفرات) في حلب شمال غربي سوريا، لحماية وطننا من وراء الحدود، وتضامن وتضحيات شعبنا النبيل».

وعد غولر أنه ينبغي على جميع الأطراف الفاعلة في الميدان أن تأخذ بعين الاعتبار «التضحيات التي قدمتها تركيا والمبادرات التي قامت بها في الخطوات التي يجب اتخاذها في المستقبل؛ ومن أجل التوصل إلى حل عادل ودائم ومستدام، يجب احترام حساسيات تركيا التي ستواصل القيام بدورها لتحقيق الاستقرار في سوريا وضمان العودة الكريمة لملايين اللاجئين الذين استقبلتهم من سوريا».

هجمات ضد «قسد»

في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 6 من عناصر الوحدات الكردية في عملية نفذتها القوات التركية في منطقة «نبع السلام» ضد عناصر كانوا يستعدون لتنفيذ هجوم في المنطقة.

وقصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن منطقة «نبع السلام»، في شمال شرقي سوريا، بالمدفعية الثقيلة، محطة للوقود ومدرسة في بلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة، ما أدى إلى تدميرهما، كما استهدفت مناطق في ريف تل تمر شمال غربي الحسكة.

ويشهد محور جسر قرة قوزاق بريف حلب الشرقي، اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني» وقوات «قسد»، بالأسلحة الثقيلة، مع قصف مدفعي عنيف استهدف أطراف الجسر الاستراتيجي الذي يربط ضفتي نهر الفرات غرباً وشرقاً، في محاولة لتمهيد الطريق أمام تقدم الفصائل، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.