أموال «النقد الدولي» تحل مؤقتاً أزمة الكهرباء في لبنان

بعد ساعات من العتمة وتوقف محطات عن ضخ المياه

العتمة في بيروت شملت المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» (أ.ف.ب)
العتمة في بيروت شملت المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» (أ.ف.ب)
TT

أموال «النقد الدولي» تحل مؤقتاً أزمة الكهرباء في لبنان

العتمة في بيروت شملت المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» (أ.ف.ب)
العتمة في بيروت شملت المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» (أ.ف.ب)

بعد نحو 24 ساعة على العتمة الشاملة التي عاشها لبنان إثر توقف معملين لإنتاج الكهرباء نتيجة عدم حصول المشغّل على مستحقاته، وفق ما أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان، تم التوصل إلى حل قضى بالدفع من حقوق السحب الخاص التي حوّلها صندوق النقد الدولي إلى لبنان، وذلك بعد رفض حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري الدفع من أموال احتياطي «المركزي»، وهي المشكلة التي يواجهها لبنان منذ انتهاء ولاية رياض سلامة ورفض منصوري تحويل الأموال لتغطية نفقات رئيسية للحكومة إذا لم يتوفّر الغطاء القانوني له.

وأشارت المعلومات إلى أن الشركة المشغلة حصلت على وعود شفهية من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأن تحصل شهرياً على سبعة ملايين دولار من مستحقاتها وبالتالي العمل على إعادة تشغيل المعملين.

والحل البديل الذي لجأ إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لحل مشكلة الكهرباء، كان قد اعتمد أيضا في حل أزمة شراء أدوية السرطان والأمراض المستعصية بعد رفع الصوت والتحذير من أزمة صحية مقبلة.

وكان الإعلان عن قرار توقف معملي الكهرباء عن العمل انعكس إرباكا كبيرا في لبنان في ظل موجة الحر الشديدة التي تضربه، وهو ما من شأنه أن ينعكس على حياة اللبنانيين اليومية من المياه والاتصالات وحركة المرافق العامة وأبرزها المرفأ والمطار الذي خيمّت عليه العتمة مساء الأربعاء لساعات، وهو ما أظهرته مقاطع الفيديو التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. وأعلن وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية أن خطة الطوارئ البديلة تعتمد على استخدام المولدات الخاصة، داعيا «المعنيين أن يدركوا أن المطار ومرفأ بيروت خطان أحمران، ويجب تزويدهما بالكهرباء بسرعة تحت أي ظرف كان».

وكانت «مؤسسة كهرباء لبنان» قد أعلنت في بيان لها أنها تبلغت الأربعاء من مشغل معملي الزهراني ودير عمار بأنه نتيجة عدم تسديد مستحقاتها المترتبة بالعملة الأجنبية، ستقوم بتوقيف مجموعات المعملين عن العمل عصر الأربعاء، وباشرت هذه الشركة بالفعل الإجراءات الآيلة إلى ذلك، ما من شأنه أن يؤدي إلى توقف القدرة الإنتاجية للمؤسسة، وبالتالي انفصال الشبكة الكهربائية كليا بنتيجة ذلك وانعدام التغذية بالتيار الكهربائي إلى المشتركين، وضمنا المرافق الأساسية في البلد.

مع العلم أن معملي دير عمار والزهراني هما المعملان الحراريان الوحيدان الموضوعان على الشبكة الكهربائية اللبنانية حاليا، حيث يؤمنان بحدود 550 ميغاواط عليها.

من جهتها، برّرت الشركة المشغلة قرار التوقف عن العمل بالقول إنه «بعدما تم التعهد بتلقي أقساط شهرية منتظمة بدءا من شهر مارس (آذار) 2013 من دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ، تفاجأت في الأسابيع الأخيرة، ورغم استمرار التحصيل من المواطنين، بأن الأمور عادت إلى ما كانت عليه قبل 3 سنوات، حيث لم تتوفر أي خطة لدفع المستحقات المالية المترتبة، ما جعلنا عاجزين عن الاستمرار في تأدية عملنا».

وقرار انقطاع التيار الكهربائي انعكس أيضا على أمور حياتية عدة، منها ضخ المياه، وهو ما أعلنت عنه مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، مشيرة إلى أن التغذية بالمياه ستتوقف في كل دوائر المياه التابعة لها، داعية «المشتركين إلى ترشيد استهلاك المياه وتقنينه إلى حين عودة معامل إنتاج الكهرباء للتغذية كالمعتاد».

وهي ليست المرة الأولى التي ينقطع فيها التيار الكهربائي، الذي لا تصل تغذيته أساسا كحد أقصى، إلى ست ساعات يوميا. إذ في بداية العام الحالي عاش اللبنانيون الأزمة نفسها، مع مشكلة فتح الاعتمادات اللازمة لتفريغ بواخر المحروقات وذلك في ظل الأزمة المالية - السياسية التي يعيشها لبنان. مع العلم، أن نسبة كبيرة من اللبنانيين عمدت إلى إيجاد حلول فردية لمشكلة الكهرباء، لا سيما أنه في السنوات الأخيرة كانت التغذية شبه معدومة، بحيث لجأ عدد كبير منهم إلى تركيب ألواح الطاقة الشمسية لتأمين الكهرباء إضافة إلى الاشتراك بالمولدات الخاصة في مختلف المناطق.



صور الأقمار الاصطناعية تثير مخاوف... هل تسعى إسرائيل لإقامة منطقة عازلة بجنوب لبنان؟

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية بليدا في جنوب لبنان - 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية بليدا في جنوب لبنان - 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)
TT

صور الأقمار الاصطناعية تثير مخاوف... هل تسعى إسرائيل لإقامة منطقة عازلة بجنوب لبنان؟

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية بليدا في جنوب لبنان - 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية بليدا في جنوب لبنان - 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)

تقع قرية رامية الصغيرة في جنوب لبنان، على قمة تلة على بعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام من الحدود الإسرائيلية، وقد تم محوها تقريباً من الخريطة بفعل الضربات الإسرائيلية. وفي قرية مجاورة، تُظهر صور الأقمار الاصطناعية مشهداً مماثلاً، تلة كانت مغطاة بالمنازل، تحولت الآن إلى بقعة من الركام.

وقامت الطائرات الحربية والقوات البرية الإسرائيلية بشن غارات وهجمات في جنوب لبنان، خلال الشهر الماضي. وتقول إسرائيل إن الهدف منها هو إضعاف جماعة «حزب الله»، وإبعادها عن الحدود وإنهاء أكثر من عام من إطلاق الحزب النار على شمال إسرائيل، منذ بداية الحرب في قطاع غزة.

وحتى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) والقوات اللبنانية في الجنوب تعرضت لإطلاق نار من القوات الإسرائيلية، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان بإمكانهم البقاء في مكانهم.

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية رامية في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)

وفرَّ أكثر من مليون شخص من القصف مما أدى إلى إفراغ جزء كبير من الجنوب. ويقول بعض الخبراء إن إسرائيل ربما تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة خالية من السكان، وهي استراتيجية طبقتها بالفعل على طول حدودها مع غزة.

ويبدو أن بعض الشروط لإنشاء مثل هذه المنطقة موجودة بالفعل، وفقاً لتحليل وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية لصور الأقمار الاصطناعية والبيانات التي جمعها خبراء رسم الخرائط، والتي تُظهر اتساع نطاق الدمار عبر 11 قرية بجوار الحدود.

وتقول إسرائيل إنها تهدف إلى إبعاد «حزب الله» لمسافة كافية حتى يتمكن مواطنوها من العودة بأمان إلى منازلهم في الشمال التي يهاجمها الحزب، لكن المسؤولين الإسرائيليين يعترفون بأنه ليس لديهم خطة ملموسة لضمان بقاء «حزب الله» بعيداً عن الحدود على المدى الطويل. وهذا هو محور التركيز الرئيسي في محاولات الولايات المتحدة للتوسط في وقف إطلاق النار.

وتقول أورنا مزراحي، الباحثة البارزة في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، إن الهدف المباشر لإسرائيل ليس إنشاء منطقة عازلة، لكن هذا قد يتغير. وتضيف: «ربما لن يكون أمامنا خيار آخر سوى البقاء هناك حتى نحصل على ترتيب يضمن لنا أن (حزب الله) لن يعود إلى المنطقة».

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية محيبيب في جنوب لبنان في 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)

وباستخدام صور الأقمار الاصطناعية التي قدمتها شركة «Planet Labs PBC»، حددت وكالة «أسوشييتد برس» خطأ مكوناً من 11 قرية، جميعها تقع على بعد 4 أميال (6.5 كيلومتر) من الحدود اللبنانية مع إسرائيل، التي تضررت بشدة في الشهر الماضي، بسبب الهجمات الإسرائيلية.

ووجد التحليل أن الأضرار الأكثر شدة في الجنوب جاءت في القرى الأقرب إلى الحدود، حيث من المحتمل أن يكون ما بين 100 و500 مبنى مدمر أو متضرر في كل منها، وفقاً لكوري شير من مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك، وغامون فان دير هوك من جامعة ولاية أوريغون، وخبراء آخرين.

وعندما سُئل عما إذا كان ينوي إنشاء منطقة عازلة، قال الجيش الإسرائيلي إنه «يشن غارات محدودة بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة»، ضد أهداف لـ«حزب الله»، مشيراً إلى أن الحزب «زرع عمداً» أسلحة في المنازل والقرى التي يستهدفها الجيش. ولم تقم إسرائيل ببناء أي قواعد أو تمكنت من الحفاظ على وجود دائم في جنوب لبنان حتى الآن وفقاً لـ«أسوشيتد برس».

صورة بالأقمار الاصطناعية لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان - 24 أكتوبر 2024 (أ.ب)

وتقول الوكالة الأميركية إنه من الممكن أن تحاول إسرائيل الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف النار من خلال الدمار الذي لحق بجنوب لبنان.

وكتب يوسي يهوشوا، المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أن الجيش يحتاج إلى «ترسيخ إنجازاته العملياتية» لدفع «حزب الله» والحكومة اللبنانية ودول الوساطة «لقبول نهاية (الحرب) في ظل ظروف مناسبة من أجل إسرائيل».

ويخشى بعض اللبنانيين أن يعني ذلك احتلال أجزاء من الجنوب بعد 25 عاماً من إنهاء إسرائيل احتلالها هناك.