السوداني: 3 سنوات لإنهاء الاعتماد على الغاز الإيراني لمحطات الكهرباء

مسؤول دولي: دخلنا عصر الغليان وارتفاع الحرارة في العراق إنذار للعالم كله

خطط لاستثمار الغاز المحلي (رويترز)
خطط لاستثمار الغاز المحلي (رويترز)
TT

السوداني: 3 سنوات لإنهاء الاعتماد على الغاز الإيراني لمحطات الكهرباء

خطط لاستثمار الغاز المحلي (رويترز)
خطط لاستثمار الغاز المحلي (رويترز)

حدد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الخميس، المدة التي سوف يستغني بعدها العراق عن استيراد الغاز لتشغيل محطاته الكهربائية وهي ثلاث سنوات من الآن.

وقال السوداني خلال افتتاحه وحدتين مركبتين في محطة كهرباء العمارة الغازية بمحافظة ميسان في الجنوب، إن «هذا المشروع سيرفد المنظومة بطاقة جديدة تبلغ 250 ميغاواط»، مبينا في الوقت نفسه أن «هذه المشاريع الاستراتيجية ستُسهم في تقليل إنفاق الموازنة التشغيلية، خاصة ما يتعلق باستيراد الغاز، وهي من المشاريع المستمرة منذ عام 2019، وتأتي ضمن توجه الحكومة لإكمال المشاريع المتوقفة والمتلكئة».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

كما أشار السوداني إلى أن «توجه الحكومة ووزارة الكهرباء، خلال المرحلة الماضية، ركز على تنفيذ مشاريع الدورة المركبة، وقد تم توقيع المرحلة الأولى لإنتاج ما يقارب 1140 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، ومن المؤمل توقيع المرحلة الثانية من مشاريع الدورة المركبة؛ حتى يصل إجمالي الطاقة إلى 4 آلاف ميغاواط ستنفذ دون الحاجة إلى وقود إضافي».

ومضى السوداني قائلا إن «الحكومة مستمرة على أكثر من صعيد لتحسين واقع منظومة الكهرباء»، مؤكداً أن «كلّ المشاكل والأزمات التي تعرضت لها منظومة الكهرباء هي خارج إرادة الوزارة، بسبب إشكالية استيراد الغاز، الذي عالجته الحكومة عبر قرارات تتخذ لأول مرة، حيث تم حسم موضوع تسديد المستحقات من خلال المقايضة بالنفط الخام والأسود مع الجارة إيران، التي تورّد الغاز الإيراني لتشغيل المحطات».

حلول مستقبلية

وفيما حدد السوداني المدة التي يبقى العراق خلالها رهين استيراد الغاز وهي ثلاث سنوات، فإنه نوه إلى إمكانية وجود حلول مستقبلية ودائمة لاستثمار الغاز الذي يحرق ولا يستثمر، مشيرا إلى أن ذلك سوف يتم «عن طريق عقد توتال أو الجولة الخامسة، أو العقود التي من المؤمل توقيعها قريباً، وسيكون العراق أمام استحقاق مهم، وهو انتفاء الحاجة للغاز المستورد خلال مدة لا تزيد على 3 سنوات حال إكمال هذه المشاريع، التي ستوفر أيضاً استقلالية الطاقة والاعتماد على الإنتاج المحلي».

أزمة كهرباء في ذروة الصيف (مواقع التواصل)

وكانت وزارة الكهرباء العراقية أعلنت أوائل الصيف الحالي أن هذا الصيف سيكون الأفضل على مستوى تجهيز الطاقة الكهربائية بعد أن بلغ إنتاج الطاقة نحو 26 ألف ميغاواط، بينما يحتاج العراق إلى نحو 36 ألف ميغاواط، غير أن الارتفاع الحاد لدرجات الحرارة أدى إلى تراجع التجهيز إلى أدنى مستوياته، لا سيما بعد امتناع إيران عن توريد الغاز إلى العراق نظرا لعدم تحويل مستحقاتها المالية.

الحكومة العراقية التي تعهدت بتحسين واقع الخدمات ضمن البرنامج الحكومي، وجدت نفسها محرجة حيال ذلك بعد رفض الولايات المتحدة التحويل بالدولار إلى إيران. ومع أن سلطنة عمان دخلت على خط الوساطة بين العراق وإيران والولايات المتحدة، غير أن جهودها تعثرت بعد أن وافقت واشنطن على تحويل قسم من الأموال لأغراض إنسانية وهو ما رفضته إيران.

وقرار رئيس الوزراء العراقي بمقايضة استيراد الغاز من إيران بتصدير النفط الأسود فاجأ الأميركيين الذين لم يصدروا موقفا رسميا بشأن ذلك.

جرعة مياه لببغاء أنهكه العطش في حديقة الحيوان في بغداد (أ.ف.ب)

وبينما سعت الحكومة العراقية إلى اتخاذ إجراءات للحد من أزمة الكهرباء، فإن الحرارة التي تضاعفت خلال شهر يوليو (تموز) الماضي بدت أكبر من كل الجهود المبذولة، إلى الحد الذي فاجأ مسؤولا دوليا كبيرا زار العراق مؤخرا وأعرب عن دهشته لمستوى سخونة الحرارة في العراق.

وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك إن «ما يواجهه العراق من ارتفاع في درجات الحرارة والجفاف إنذار للعالم أجمع، بأن الأرض دخلت عصر الغليان».

المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك (أ.ف.ب)

تعليقات تورك جاءت في ختام زيارته للعراق التي استغرقت أربعة أيام، والتقى خلالها عدداً من المسؤولين، بعد جولة ميدانية زار خلالها مدناً متفرقة، بينما كانت تبلغ درجة الحرارة نحو 50 درجة مئوية. المسؤول الأممي أضاف «عند وقوفي في هذه الحرارة الحارقة في العراق ومع استنشاق الهواء الملوث بسبب كثير من مشاعل الغاز المنتشرة في المنطقة، اتضح أن حقبة الغليان العالمي قد بدأت بالفعل».

وأوضح «حينما نشاهد أوضاع العراق فنحن نشاهد مستقبلنا. أستعير هنا تعبيرا استخدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الشهر الماضي، العالم قد دخل عصر الغليان... لا سيما هنا في العراق، حيث نعيش ذلك ونراه كل يوم» مؤكدا أن «ما يحدث في العراق هو نافذة على مستقبل قادم لأجزاء أخرى من العالم إذا واصلنا الإخفاق في الاضطلاع بمسؤوليتنا في اتخاذ الإجراءات الوقائية والمخففة لحدة تغير المناخ».


مقالات ذات صلة

ترمب يعد حزمة دعم واسعة النطاق لقطاع الطاقة الأميركي

الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

ترمب يعد حزمة دعم واسعة النطاق لقطاع الطاقة الأميركي

يعمل الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، على إعداد حزمة واسعة النطاق في مجال الطاقة، لطرحها خلال أيام من توليه المنصب.

الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أسلاك كهربائية معلقة بين المباني في أحد شوارع العاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)

العراق: نفقد 5.5 غيغاواط من الكهرباء بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية عن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يوماً؛ ما تسبب في فقدان 5.5 غيغاواط من الطاقة الكهربائية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد مصانع تابع لشركة «أوكيو»... (أونا)

«أوكيو للصناعات الأساسية» العمانية تتلقّى تعهداً من 4 مستثمرين بشراء 30 % من الأسهم

تلقّت «أوكيو للصناعات الأساسية» العمانية تعهداً باكتتاب بـ30 في المائة من الأسهم المطروحة للاكتتاب العام من 4 مستثمرين رئيسيين بإجمالي نحو 146.6 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لبنان يستبعد إعطاء حق لإسرائيل بالتوغل لمنع الانتهاكات

جانب من الدمار الذي لحق بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة الغارات التي استهدفتها ليلاً (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي لحق بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة الغارات التي استهدفتها ليلاً (أ.ف.ب)
TT

لبنان يستبعد إعطاء حق لإسرائيل بالتوغل لمنع الانتهاكات

جانب من الدمار الذي لحق بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة الغارات التي استهدفتها ليلاً (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي لحق بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة الغارات التي استهدفتها ليلاً (أ.ف.ب)

التفاؤل اللبناني، ولو بحذر، بالتوصل لوقف النار في الجنوب بتطبيق القرار الدولي «1701» من دون أي تعديل، يبقى عالقاً على مدى تجاوب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع خريطة الطريق التي أعدها الوسيط الأميركي آموس هوكستين لإنهاء الحرب، والتي تحظى بتأييد رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري الذي قاد معه المفاوضات بتفويض من «حزب الله».

وتقول مصادر بري لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يعد لديه ما يقوله، وهو ينتظر رد فعل إسرائيل للتأكد من أنها قررت ترجيح كفة الحل الدبلوماسي على مضيها في حربها التدميرية للبنان، خصوصاً أن نتنياهو من أصحاب السوابق في الانقلاب على ما توصلت إليه المفاوضات لوقف الحرب في غزة.

«النسخة الغزاوية»

التفاؤل الحذر يبقى قائماً إلى أن يتأكد لبنان أن نتنياهو ليس في وارد استحضار النسخة الغزاوية التي حالت دون التوصل لوقف النار، بصرف النظر عن التفاؤل الذي أخذت تشيعه معظم وسائل الإعلام في إسرائيل بالتوصل لإنهاء الحرب في القريب العاجل، ما لم يقلع عن رغبته بكسب الوقت لعل جيشه يتمكن من السيطرة على مشارف نهر الليطاني على نحو يسمح له بفرض شروطه بإدخال تعديلات على القرار «1701» رغم أنه يلقى مقاومة غير مسبوقة من قبل مقاتلي «حزب الله».

ويلفت مصدر نيابي مواكب للتواصل، من حين لآخر، بين بري وهوكستين، وأحياناً بينه وبين المستشار السياسي لرئيس المجلس علي حمدان، إلى أن المفاوضات بقيت تحت سقف التوافق على الإجراءات التنفيذية لضمان تطبيق القرار «1701» بحرفيته، ولم يتم التطرق إلى تعديله أو البحث في اتفاق جديد.

ويؤكد أن هذه الإجراءات هي موضع تفاهم بين بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وأن مهمة تنفيذها تقع على عاتق قيادة الجيش من خلال الوحدات العسكرية المنتشرة في جنوب الليطاني، بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل».

الضامن الأميركي

وينفي المصدر النيابي ما تردد بشأن أن الاتفاق يعطي لإسرائيل الحق بالتوغل في جنوب لبنان حال حصول انتهاكات تشكل خطراً على أمنها. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة المشرفة على تطبيق الاتفاق تتشكل من الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل وقيادة «اليونيفيل»، ويُفترض أن يرأسها ضابط أميركي، وأن مجرد وجوده على رأس اللجنة يدعو إسرائيل للاطمئنان، وتلجأ إليه في حال وجود خروقات، طالبة منه التدخل فوراً لمعالجتها.

ويؤكد أن الضابط الأميركي هو من يوفر الضمانات لإسرائيل، وأن ما يشاع في تل أبيب هو بخلاف ذلك، ويأتي في سياق الاستهلاك المحلي لتسويق موافقة نتنياهو على وقف النار على غرار اعتراضه على ضم ممثل لفرنسا في لجنة الرقابة عقاباً لها على وجود قاضٍ فرنسي على رأس المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة توقيف بحقه، مع أنه يدرك أن اعتراضه لن يُصرف ما دام أن لبنان يتمسك بتمثيلها، ويعد أن استبعادها يخالف ما اتفق عليه بري مع هوكستين، وبالتالي لن يمشي باتفاق ناقص بالرضوخ لابتزازه.

ويضيف أنه لا مجال لإبعاد فرنسا، ليس لمشاركتها المميزة في «اليونيفيل»، وإنما لأن واشنطن تتمسك بتمثيلها كونها الأقدر على التواصل مع «حزب الله» في حال حصول أي إشكال يمكن أن تتذرع به إسرائيل لتبرير تفلُّتها من القرار «1701».

ويكشف أن إسرائيل سعت لتعديل القرار «1701» بمطالبتها بتوسيع الرقعة الجغرافية للقطاع الشرقي بإلحاق بعض البلدات به وإخضاعها لسيطرة «اليونيفيل» والجيش اللبناني، لكن لم يؤخذ بهذا التعديل كون بعضها يقع على تخوم الحدود اللبنانية - السورية.

ولا يجد المصدر النيابي مشكلة في تطعيم «اليونيفيل» بوحدات عسكرية من دول أخرى غير مشاركة فيها، ويقول إن القرار يعود لموافقة مجلس الأمن الدولي في حال ارتأى أن هناك ضرورة لذلك.

تحديد الحدود

وبالنسبة إلى تحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل يؤكد المصدر أنه سبق للحكومة اللبنانية أن سجّلت تحفظها على 13 نقطة تعدها واقعة في مناطق متنازع عليها وتتبع للسيادة اللبنانية، ويقول إنه تمت تسوية الخلاف حول 7 نقاط أُعيدت إلى لبنان لكن لا بد من تثبيتها.

ويكشف أن تحديد الحدود بين البلدين سيوكل إلى اللجنة الثلاثية المؤلفة من الجيشين اللبناني والإسرائيلي و«اليونيفيل»، وتجتمع عادة في مقر القوات الدولية في الناقورة. ويقول إنها ستواصل عملها للانتهاء من تحديدها طبقاً للحدود المنصوص عليها في اتفاقية الهدنة عام 1949.

ويؤكد أن هناك ضرورة لتسوية النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل وصولاً إلى تحديده كما هو وارد في اتفاقية الهدنة، لأن الخط الأزرق لا يُعد الخط النهائي لتحديدها، ويتعامل معه لبنان على أنه خط الانسحاب، وبالتالي لا بد من العودة إلى الخط المعترف به دولياً. فيما لم يتطرق بري وهوكستين إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين لأن بحثهما سيكون بالتواصل مع سوريا لتثبيت استردادهما للسيادة اللبنانية.

كلمة الميدان

ولم يستبعد المصدر، في حال سريان مفعول وقف النار، وانكفاء «حزب الله» إلى شمال الليطاني تطبيقاً للقرار «1701» أن يقوم بتسليم ما لديه من تحصينات وبنى عسكرية، كان أقامها فوق الأرض أو تحتها لقيادة الجيش، تاركاً لها حرية التصرف، بخلاف ما تردد أنه سيبادر إلى تدميرها، مع تأكيده أن كلمة الفصل تبقى للميدان؛ لأنه لا يؤتمن لنتنياهو، إلا إذا كان يتحضر، وعلى طريقته، للسير في الاتفاق مع اشتداد الضغوط الدولية عليه، على أن يتمهل ريثما يواصل حربه التدميرية انتقاماً من المباني والمؤسسات والمراكز الصحية والأسواق التجارية من دون أن تسجل الغارات الإسرائيلية منذ أكثر من أسبوعين إصابتها على الأقل في الضاحية الجنوبية والبقاع لأي هدف عسكري كما يدّعي الناطق باسم الجيش الإسرائيلي.