العراق يعلن استعادة «500 متر» من أراضيه «كانت لدى الجانب الإيراني»

بعد جدل ساخن بشأن «أم قصر»

أرشيفية لمدخل ميناء أم قصر (أ.ب)
أرشيفية لمدخل ميناء أم قصر (أ.ب)
TT

العراق يعلن استعادة «500 متر» من أراضيه «كانت لدى الجانب الإيراني»

أرشيفية لمدخل ميناء أم قصر (أ.ب)
أرشيفية لمدخل ميناء أم قصر (أ.ب)

بعد جدل طال أياماً بشأن الشكر الذي تقدم به وزير الخارجية الكويتي سالم الصباح، لمحافظ البصرة أسعد العيداني، بشأن أم قصر، تداولت وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي خبراً يتعلق هذه المرة بالحدود مع إيران، وتنازل وزير النقل العراقي رزاق محيبس، لصالح إيران. وفيما نفى العيداني ومن بعده وزارة الخارجية العراقية الأنباء التي تحدثت عن تنازل العراق عن أم قصر للكويت بموجب اتفاقية ترسيم الحدود، فإن وزارة النقل نفت هي الأخرى ما تم تداوله من أنباء بشأن صفقة تنازل أخرى لصالح إيران في سياق اتفاق البلدين على ربط السكك الحديدية.

وقالت الوزارة، في بيان لها، إن «العراق لم يتنازل عن أي أراض عراقية لصالح الجانب الإيراني من أجل مد الخط الحديدي، أو من أجل إنشاء جسر ملاحي على شط العرب». وأضافت أن «ما أثير من تضليل حول المشروع مجرد (شوشرة إعلامية) وكلام ليست له قيمة، وتقف خلفه أطراف تحاول عرقلة إنجاز مشروعات الوزارة الاستراتيجية»، موضحة أن «المشروع هو أحد مشروعات الوزارة، الذي تنفذه الشركة العامة لسكك الحديد العراقية، حيث أدرج ضمن الموازنة الاتحادية لعام 2023، وقد خصصت له ميزانية خاصة».

وأكد البيان أن «ما جاء في مذكرة التفاهم بين وزارتي النقل العراقية والإيرانية، ضمن (النقطة الثالثة) واضح، ولا لبس فيه، حيث نصت على أن يقوم الجانب الإيراني بتحمل التكاليف المالية الخاصة بالتعارضات، من أجل إنجاز المشروع»، مبينة أن «الاتفاق نص على أن يقع على عاتق العراق مسؤولية إنشاء الخط الحديدي والمواقع والمحطات، بينما يتكفل الجانب الإيراني بإنشاء الجسر الملاحي على شط العرب وإزالة الألغام على طول 16 كيلومتراً ضمن المشروع، حيث أشارت الفقرة الرابعة بوضوح إلى أن يقوم الجانب الإيراني بتأمين النفقات المالية المترتبة على الاستملاكات وغيرها، ولم تذكر في مذكرة التفاهم أي عبارة تشير للتنازل أو منح أراض عراقية لإيران».

وأوضحت أنها «تضع في أولوياتها مصالح العراق والعراقيين، كما أنها جهة قطاعية متخصصة بالنقل، ولا تملك صلاحية التنازل عن أرض عراقية لصالح بلد آخر»، مؤكدة أن جميع أراضي المشروع بدءاً من الحدود الإيرانية هي أراض عراقية، إضافة إلى أننا قمنا باستعادة 500 متر من الأراضي العراقية، التي كانت لدى الجانب الإيراني».

* حدود وحدود

وتعود قضية الحدود البرية والبحرية بين العراق وإيران إلى عام 1975 بعد توقيع رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين، اتفاقية الجزائر، مع شاه إيران، تنازل بموجبها العراق عن نصف شط العرب لإيران مقابل وقف إيران الدعم للحركة الكردية.

وفيما انهارت الحركة الكردية بزعامة مصطفى البارزاني آنذاك في اليوم التالي لتوقيع الاتفاقية، فإن صدام حسين، وبعد مرور 4 سنوات، أعلن التراجع عن الاتفاقية المذكورة، وسعيه لاستعادة شط العرب بعد شن الحرب بين العراق وإيران التي استمرت 8 سنوات.

أما الحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت، فإنها بالإضافة إلى أنها تعود إلى عقود سابقة من الزمن مختلف عليها بين البلدين، فقد تفجرت بعد غزو العراق للكويت عام 1990 وما ترتب عليها من قرارات دولية، كان أهمها القرار 833 الذي رسم الحدود بين البلدين.

وفي وقت وافق العراق على القرار المذكور عام 1994 على أمل رفع الحصار عنه، فإن القضية بقيت معلقة حتى الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.

وبقطع النظر عن الاتفاقيات الدولية التي كان نظام صدام حسين ألزم نفسه بها، فإن الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003 احتفظت بعلاقات استراتيجية مع إيران، ما جعل قضايا الحدود، بما في ذلك شط العرب، المختلف عليها، رسمياً، تبدو كما لو كانت أموراً ثانوية بالقياس إلى عمق العلاقات في الميادين الأخرى.

ومع الكويت، فإنه في الوقت الذي حاول الكويت بناء علاقات قوية مع العراق على المستوى الرسمي، لكن خلال السنوات الأخيرة بدأت تثار من قبل الرأي العام العراقي وأوساط رسمية وشعبية قضية الحدود مجدداً، لا سيما البحرية التي لم تحسم حتى الآن.

وحيث إن كلا البلدين يقر بوجود خلاف حدودي بحري بين البلدين، حيث تم الاتفاق خلال زيارة وزير الخارجية الكويتي الأسبوع الماضي إلى العراق على تشكيل لجنة مشتركة للبدء بمناقشة قضية ترسيم الحدود البحرية، فإن قصة الحدود البرية عادت من جديد بعد قيام الجانب العراق بهدم منازل مواطنين عراقيين يسكنون على الخط الحدودي الفاصل في منطقة أم قصر ونقلهم إلى مجمع سكني تكفلت الكويت ببنائه لمصلحتهم.


مقالات ذات صلة

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

شؤون إقليمية تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
رياضة عالمية سجاد غانم (الأولمبية العراقية)

«الأولمبية العراقية»: لن نقف مكتوفي الأيدي بعد سقوط غانم في اختبار المنشطات

قرر عقيل مفتن، رئيس اللجنة الأولمبية العراقية، اليوم (السبت) فتح تحقيق لكشف ملابسات سقوط مصارع الجودو سجاد غانم في اختبار منشطات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

أعلن العراق، أمس الجمعة، فتح تحقيق في اختفاء آلاف الباكستانيين، كانوا قد دخلوا البلاد لزيارة المراقد الدينية خلال شهر محرم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي باكستانيون خلال مشاركتهم في طقوس «عاشوراء» بمدينة كراتشي (إ.ب.أ)

50 ألف باكستاني اختفوا في العراق

فجر وزير باكستاني مفاجأة مدوية حين أعلن اختفاء 50 ألفاً من مواطنيه في العراق، ودفع حكومة بغداد سريعاً إلى فتح تحقيق في تسربهم إلى سوق العمل.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون في قاعدة عين الأسد (أرشيفية - الجيش الأميركي)

فصائل مسلحة تنهي الهدنة مع الأميركيين في العراق

استأنفت فصائل موالية لإيران هجماتها ضد قواعد أميركية في العراق وسوريا، بعد أيام من اتفاق أمني شمل تعهد بغداد بحماية المستشارين والقوافل الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)
صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)
TT

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)
صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

ارتفع منسوب الريبة في أوساط القطاع المالي المحلي من الإمعان الحكومي في انتهاج سياسة «عدم الاكتراث» إزاء الخروج المتدرج والمستمر للبلد ومؤسساته من الأسواق المالية الدولية، والمعزّز بتوسع ظاهرة حجب الترقبات والبيانات المالية الخاصة بلبنان واقتصاده من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية.

ولا يتردد مسؤول مصرفي كبير في التحذير من بلوغ مرحلة السقوط المتسارع إلى قعر «عدم اليقين»، حسب وصفه، الذي لا تقل تداعياته خطورة عن الانغماس في دوامة الانهيارات النقدية والمالية الجسيمة التي أعقبت القرار الحكومي في ربيع عام 2020 بإشهار التعثر غير المنظّم مع الدائنين عن دفع مستحقات سندات دين دولية (يوروبوندز)، والمستتبع قانونياً باستحقاق كامل محفظة الدين العام من هذه السندات البالغة نحو 30 مليار دولار، والمبرمجة في إيفاء فوائدها وأقساطها لغاية عام 2037.

إهمال غير مفهوم

وحسب المصرفي الذي تواصلت معه «الشرق الأوسط»، ليس من المفهوم بتاتاً عدم رصد أي رد فعل من السلطة التنفيذية والوزارات المعنية، وإهمال تقدير الأضرار الكارثية على المديين القريب والمتوسط، جراء تدحرج كرة رفع بيانات لبنان وتوقعاته الاقتصادية من التقارير الدورية للمؤسسات الدولية، والمعوّل عليها أساساً لمعاونته على تحديد معالم مسار الخروج من نفق الأزمات النظامية التي تشرف على ختام عامها الخامس على التوالي.

وفي الوقائع، أفادت وكالة التصنيف الدولية «فيتش» بأنّها ستتوقف عن إصدار تصنيفات خاصة بلبنان، بسبب عدم وجود إحصاءات مالية ونقدية كافية، مشيرة في تقريرها إلى أنّ أحدث الإحصاءات المالية تعود إلى عام 2021، في حين حاز صندوق النقد الدولي الأسبقية بحجب بيانات لبنان وترقباته للعام الحالي، وتلاه البنك الدولي بإزالة هذه البيانات بدءاً من العام المقبل.

ويشكل غياب الاحصاءات والتوقعات الخاصة بأي بلد واقتصاده من قبل أبرز المؤسسات الدولية، وفق المسؤول المعني، فجوة حقيقية وغير قابلة للتعويض في مخاطبة المانحين الدوليين والمستثمرين الذي يعتمدون التقارير المنجزة كمرجع موثوق لقراراتهم، لا سيما لجهة شمولها بيانات الناتج المحلي والمالية العامة وسائر المؤشرات الحيوية الشاملة لميزان المدفوعات والميزان التجاري، فضلاً عن ميزانيات القطاع المالي وسواه من إحصاءات وتوقعات مستقبلية.

ضبابية وقلق متزايد

وقال مسؤول مالي معني بالملف لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار الأحدث للبنك الدولي بحجب لبنان عن ترقباته، يعكس مدى ارتفاع منسوب المخاطر وكثافة الضبابية التي تكتنف الأوضاع الداخلية، لا سيما التمادي في تأخير انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والشكوك المستمرة حول فاعلية الحكومة المستقيلة منذ أكثر من عامين.

ويزيد من تفاقم التداعيات المتوقعة لحجب بيانات لبنان، وارتكازه أساساً إلى التعميق المستمر لواقع الضبابية الكثيفة والغموض غير البناء الذي تتوافق المرجعيات المالية الدولية ومؤسسات تقييم الجدارة الائتمانية على إبراز مخاطره، الارتفاع المتجدد لمستوى القلق من نفاد المهل المتكررة التي منحتها مجموعة العمل المالي الدولية للبنان لإحراز تقدم ملموس في معالجة أوجه القصور التي يعانيها في مكافحة غسل (تبييض) الأموال.

وتشير المعطيات المتلاحقة في هذا الصدد إلى اقتراب لبنان مجدداً من الانزلاق إلى خفض تصنيفه السيادي وإدراجه ضمن القائمة «الرمادية» خلال الاجتماع الدوري للمجموعة في الخريف المقبل، في حال لم يتم الالتزام سريعاً بحزمة من التدابير ذات الأبعاد القانونية والقضائية الخاصة بسد قنوات مشبوهة للفساد والتقصير في المحاسبة، رغم الإقرار بسلامة الاستجابة المطلوبة من قبل مؤسسات القطاع المالي، والتقدير الظرفي بصعوبة الالتزام بإجراءات ذات أبعاد سياسية.

جهود منصوري الخارجية

ويبذل حاكم البنك المركزي (بالإنابة) وسيم منصوري جهوداً خارجيةً مكثفةً للحصول على مهلة جديدة، بموازاة تحركات داخلية وقرارات متتالية له بوصفه رئيساً لهيئة التحقيق الخاصة المولجة مهام مكافحة الجرائم المالية، وبما يشمل الضبط المحكم للكتلة النقدية والحد من المبادلات الورقية (الكاش)، وتجميد حسابات مشبوهة لمسؤولين سابقين مدنيين وغير مدنيين، وتزويد القضاء المحلي والخارجي بما يطلب من وثائق أو بيانات ذات صلة بشبهات مالية وبملاحقات قائمة بالفعل.

ويشدّد منصوري في اجتماعاته الداخلية والخارجية، آخرها مع كبار المسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية وصندوق النقد والبنك الدوليين، على أولوية تفعيل المحاسبة عبر القضاء والشروع بالإصلاحات البنيوية في الدولة وتحديث الإدارة، ضمن المرتكزات الأساسية لتصحيح الانحرافات وتحديد طريق التعافي والنهوض.