وزير العدل يدعو الفلسطينيين إلى تقديم شكاوى لـ«الجنائية» ضد إسرائيل

عبر منصة إلكترونية جديدة للمحكمة ينظر بها المدعي العام

رجل يتفاعل مع الغاز المسيل للدموع خلال هجوم إسرائيلي بعد إطلاق نار على مفرق تقوع في الضفة 16 يوليو (رويترز)
رجل يتفاعل مع الغاز المسيل للدموع خلال هجوم إسرائيلي بعد إطلاق نار على مفرق تقوع في الضفة 16 يوليو (رويترز)
TT

 وزير العدل يدعو الفلسطينيين إلى تقديم شكاوى لـ«الجنائية» ضد إسرائيل

رجل يتفاعل مع الغاز المسيل للدموع خلال هجوم إسرائيلي بعد إطلاق نار على مفرق تقوع في الضفة 16 يوليو (رويترز)
رجل يتفاعل مع الغاز المسيل للدموع خلال هجوم إسرائيلي بعد إطلاق نار على مفرق تقوع في الضفة 16 يوليو (رويترز)

دعا وزير العدل الفلسطيني محمد الشّلالدة الفلسطينيين أفراداً ومؤسسات لتقديم الشكاوى والبلاغات ضد إسرائيل عبر منصة إلكترونية جديدة أطلقتها «المحكمة الجنائية» الدولية.

وقال الشّلالدة للإذاعة الفلسطينية الرسمية: إن الفلسطينيين مدعوون لتوثيق جرائم الاحتلال بحقهم وصولاً لمعاقبة الجناة.

وأكد الوزير أن «المنصة تتمتع بقيمة قانونية وبمثابة توثيق أمام القضاء الدولي»، كما أنها تأتي تأكيداً على أن «الجرائم المرتكبة بحق شعبنا يجب ألا تمر مرور الكرام».

وبحسبه، فإن المدعي العام للجنائية الدولية، هو من سيقوم بفتح تحقيق بناءً على الشكاوى التي يتقدم بها المواطنون كأفراد أو مؤسسات حكومية وغير حكومية. وعبّر الشّلالدة عن أمله في أن إنشاء هذه المنصة، سيدفع المجتمع الدولي للمسارعة في مقاضاة مرتكبي الجرائم ومعاقبتهم.

ويتوقع أن تطلق المحكمة الجنائية الدولية منصة إلكترونية، الأربعاء، تتيح للمواطنين تقديم الشكاوى على مرتكبي الجرائم الإسرائيليين.

ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية سفين كوهن فون بورغسدورف ومبعوثون دوليون يزورون مخيم جنين 8 يوليو (أ.ف.ب)

وقال مساعد وزير الخارجية للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، عمر عوض الله: إن هذه المنصة، ستمكن المواطنين من تقديم الشكاوى المدعمة بالصور والفيديوهات، والتي تظهر جرائم الاحتلال بحقهم من أجل تقديمها للمحكمة للنظر فيها، واتخاذ موقف رادع ولاجم لإسرائيل.

وكانت السلطة الفلسطينية قدمت رسمياً مجموعة شكاوى ضد إسرائيل متعلقة بالقتل والاستيطان وقضايا أخرى، لكن أياً من هذه القضايا لم يحسم. وتشكل المنصة فرصة للمؤسسات الحقوقية والمواطنين بالانضمام إلى المشتكين على إسرائيل.

وقال مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك: إن أهمية إطلاق المنصة الإلكترونية من قبل المحكمة الجنائية الدولية، هو إتاحة المجال أمام المواطنين لتقديم شكاوى ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين.

رياض توركمان يشير إلى ماشيته التي قُتل 11 منها خلال العملية الإسرائيلية على مخيم جنين (رويترز)

وأَضاف الدويك في حديث لإذاعة «صوت فلسطين»، الأربعاء: «من الناحية القانونية، إطلاق المنصة يعني إزالة العقبات أمام مباشرة التحقيق، بعد النظر في جميع الاعتبارات القانونية الموضوعية التي توصلت إليها المحكمة والتي رأت بأن هناك جرائم حرب تقع في فلسطين».

وأَضاف: «الكرة الآن في ملعب المدعي العام للمحكمة الذي بدأ عليه تباطؤ وتراخٍ في ملف فلسطين، وبالتالي يجب مواصلة الضغط الممارس عليه من قبل وزارة الخارجية ومؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين، ومئات المؤسسات الحقوقية العالمية التي تطالبه بإثبات مصداقية المحكمة.»

وأوضح الدويك أن هناك استعداداً من قِبل مؤسسات حقوق الإنسان ووزارة الخارجية، لتقديم أي مساعدة يحتاج إليها المواطنون في تقديم هذه الشكاوى.

صورة للدمار الذي أعقب عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين بداية يوليو (رويترز)

ودفع الناطق باسم منظمة «بتسيلم» كريم جبران الفلسطينيين، إلى توثيق الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال في المحكمة الجنائية الدولية. وقال جبران: إن على المواطنين تقديم شهاداتهم وبلاغاتهم للمحكمة عن جرائم الحرب التي تقوم بها قوات الاحتلال؛ لأن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم.

كما دعا مدير «مؤسسة الحق»، شعوان جبارين، الفلسطينيين إلى التحرك، وقال: إن جميع البلاغات والشكاوى التي سيتم استلامها من المواطنين ستشكل مزيداً من الضغط أكثر على مكتب المدعي العام، لإجباره على التعامل معها والنظر فيها بشكل دائم.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية الإسرائيلي يهاجم بوريل لتنظيمه «لقاء مدريد»

شؤون إقليمية مسؤول السياسة الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل ورئيس حكومة السلطة الفلسطينية محمد مصطفى في «لقاء مدريد» (إ.ب.أ)

وزير الخارجية الإسرائيلي يهاجم بوريل لتنظيمه «لقاء مدريد»

هاجم وزير خارجيتها، يسرائيل كاتس، الممثلَ السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية، جوزيف بوريل، وعَدّه عنصرياً ومعادياً للسامية ولليهود.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (أ.ب)

نتنياهو يبحث عن كبش فداء إسرائيلي لتفادي المحاكمة في لاهاي

السعي في إسرائيل لإيجاد كبش فداء يحمل ملف التهمة عن نتنياهو وغالانت، والتحقيق سيقتصر على عدد قليل من الأشخاص، ولوقت قصير، ومن دون توجيه اتهامات حقيقية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أشخاص أمام قصر السلام قبل صدور حكم محكمة العدل الدولية بشأن طلب من جنوب أفريقيا باتخاذ تدابير طارئة لغزة في لاهاي بهولندا (إ.ب.أ)

تقرير: إسرائيل تطلب من الكونغرس الضغط على جنوب أفريقيا لإسقاط قضية الإبادة الجماعية

كشف موقع «أكسيوس» الأميركي أن إسرائيل تمارس ضغوطاً على أعضاء الكونغرس للضغط على جنوب أفريقيا لإسقاط إجراءاتها القانونية أمام محكمة العدل الدولية.

«الشرق الأوسط» ( واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز)

كاتس يهدد بـ«تفكيك وحل» السلطة الفلسطينية إذا دفعت بقرار أممي ضد إسرائيل

هدَّد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بـ«تفكيك وحل» السلطة الفلسطينية إذا تقدمت بإجراءات عدوانية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون في الضفة الغربية يشيعون أمس جثمان شاب قتلته القوات الإسرائيلية (أ.ب)

تصاعد العنف الاستيطاني في الضفة الغربية

يتعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى موجة من العنف والتهديدات المتزايدة من الإسرائيليين الذين يسعون لانتزاع أراضيهم تحت حماية الجيش.


لبنانيون دُمرت منازلهم في الحرب ينتظرون إعادة الإعمار

سكان يسيرون أمام مبان مدمرة أثناء عودتهم إلى قرية قانا جنوب لبنان (أ.ب)
سكان يسيرون أمام مبان مدمرة أثناء عودتهم إلى قرية قانا جنوب لبنان (أ.ب)
TT

لبنانيون دُمرت منازلهم في الحرب ينتظرون إعادة الإعمار

سكان يسيرون أمام مبان مدمرة أثناء عودتهم إلى قرية قانا جنوب لبنان (أ.ب)
سكان يسيرون أمام مبان مدمرة أثناء عودتهم إلى قرية قانا جنوب لبنان (أ.ب)

بعد 6 أسابيع من وقف إطلاق النار الذي أوقف الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، يريد عدد من النازحين اللبنانيين الذين دُمِّرت منازلهم في الحرب إعادة البناء، لكن إعادة الإعمار والتعويضات ليست بالأمر السهل.

وتحولت مساحات شاسعة من جنوب وشرق لبنان، فضلاً عن الضواحي الجنوبية لبيروت، إلى أنقاض، كما تحولت عشرات الآلاف من المنازل إلى أنقاض في الغارات الجوية الإسرائيلية. وقد قدَّر البنك الدولي في تقرير صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) - قبل وقف إطلاق النار في وقت لاحق من ذلك الشهر - الخسائر التي لحقت بالبنية الأساسية في لبنان بنحو 3.4 مليار دولار.

في الجنوب، لا يستطيع سكان عشرات القرى على طول الحدود اللبنانية - الإسرائيلية العودة لأن الجنود الإسرائيليين ما زالوا هناك. وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تفاوضت عليه الولايات المتحدة، من المفترض أن تنسحب القوات الإسرائيلية بحلول 26 يناير (كانون الثاني)، ولكن هناك شكوك في أنها ستفعل ذلك.

وتُعدّ الشروط الأخرى للاتفاق غير مؤكدة أيضاً؛ فبعد انسحاب «حزب الله»، من المقرر أن يتدخل الجيش اللبناني ويفكك المواقع القتالية للمسلحين في الجنوب. وقد اشتكى المسؤولون الإسرائيليون من أن القوات اللبنانية لا تتحرك بالسرعة الكافية، ويقولون إن القوات الإسرائيلية لا بد أن تخرج أولاً، وفق ما أفادت به وكالة «أسوشيتد برس».

سيدة لبنانية وزوجها وسط أنقاض منزلهما الذي تدمر بفعل الحرب في جنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)

ولا تزال احتمالات إعادة الإعمار ومَن سيتحمل التكاليف غير واضحة؛ ففي الحرب الإسرائيلية عام 2006 التي استمرت شهراً، موَّل «حزب الله» جزءاً كبيراً من إعادة الإعمار التي بلغت 2.8 مليار دولار بدعم من حليفته إيران. وأعلن «حزب الله» أنها ستفعل ذلك مرة أخرى، وبدأت في دفع بعض المدفوعات. ولكن الحزب تكبد خسائر كبيرة في هذه الحرب الأخيرة. ومن جانبه، أصبحت إيران الآن غارقة في أزمة اقتصادية خانقة.

«لم يحن دورنا بعد»

يأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه الحكومة اللبنانية من نقص السيولة منذ فترة طويلة ليست في وضع يسمح لها بالمساعدة، وقد يكون المانحون الدوليون مرهقين بسبب احتياجات ما بعد الحرب في قطاع غزة وسوريا المجاورة. ويقول عدد من اللبنانيين إنهم ينتظرون التعويضات التي وعد بها «حزب الله». ويقول آخرون إنهم تلقوا بعض المال من الحزب، وإنها أقل بكثير من تكلفة الأضرار التي لحقت بمنازلهم.

وتقول منال، وهي أم تبلغ من العمر 53 عاماً، ولديها 4 أطفال من قرية مرجعيون الجنوبية، إنها نزحت مع عائلتها لأكثر من عام، منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، في يوليو (تموز)، سمعت عائلة منال أن منزلها دُمِّر بسبب الحرب. وتسعى الأسرة الآن للحصول على تعويض من «حزب الله»، وتقول منال، التي ذكرت اسمها الأول فقط: «لم نتلقَّ أي أموال بعد. ربما لم يحن دورنا».

سيدة تجلس وسط أنقاض منازل مدمرة في الضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ب)

في أحد الأيام الأخيرة في جنوب بيروت؛ حيث ضربت الغارات الجوية على بُعد 100 متر فقط من منزله، شاهد محمد حفارة تزيل الحطام والغبار المتطاير في الهواء. وقال إن والده ذهب إلى مسؤولي «حزب الله»، وحصل على 2500 دولار - وهو مبلغ غير كافٍ لتغطية أضرار بقيمة 4 آلاف دولار في منزلهم. وقال محمد، الذي لم يذكر سوى اسمه الأول: «أخذ والدي المال وغادر، معتقداً أنه من غير المجدي الجدال». وقال إنه عُرض على عمه 194 دولاراً فقط مقابل منزل تضرر بشكل مماثل. وعندما اشتكى العم، قال محمد: «سأله (حزب الله): (لقد ضحينا بدمائنا؛ ماذا فعلت في الحرب؟)».

ومع ذلك، يقول آخرون إن «حزب الله» عوضهم بشكل عادل. إذ قال عبد الله سكيكي، الذي دمر منزله (أيضاً في جنوب بيروت) بالكامل، إنه تلقى 14000 دولار من «مؤسسة القرض الحسن»، وهي مؤسسة تمويل مرتبطة بـ«حزب الله»

وقال حسين خير الدين، مدير «مؤسسة جهاد البناء»، إحدى أذرع «حزب الله»، إن المجموعة تبذل قصارى جهدها. وأضاف أن فرقها قامت بمسح أكثر من 80 في المائة من المنازل المتضررة في مختلف أنحاء لبنان. وقال: «لقد بدأنا في تعويض الأسر. كما بدأنا في تقديم مدفوعات لإيجار عام وتعويضات عن الأثاث»، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقال خير الدين إن مدفوعاتهم تشمل 8 آلاف دولار للأثاث و6 آلاف دولار لإيجار عام لأولئك الذين يعيشون في بيروت. أما أولئك الذين يقيمون في أماكن أخرى، فيحصلون على 4 آلاف دولار نقداً للإيجار. وقال إنه يجري إعداد مخططات لكل منزل، رافضاً الخوض في تفاصيل خطط إعادة الإعمار. وأضاف: «نحن لا ننتظر الحكومة. ولكن بالطبع، نحث الدولة على التحرك».

الحكومة لا تملك الموارد المالية

قال تقرير البنك الدولي الصادر في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) إن خسائر البنية الأساسية والاقتصاد اللبناني جراء الحرب بلغت 8.5 مليار دولار. وقال نائب رئيس الوزراء سعدي الشامي لوكالة «أسوشييتد برس» إن هذا التقدير لا يأخذ في الاعتبار الشهر الأخير من الحرب. وقال بصراحة إن «الحكومة لا تملك الموارد المالية لإعادة الإعمار».

وأعلن البنك الدولي أن 99209 وحدات سكنية تضررت، و18 في المائة منها دُمّرت بالكامل. وفي ضواحي بيروت الجنوبية وحدها حدد تحليل الأقمار الاصطناعية الذي أجراه «المركز الوطني للمخاطر الطبيعية والإنذار المبكر»، في لبنان، 353 مبنى مدمراً بالكامل وأكثر من 6 آلاف منزل متضرر.

سكان نازحون يقودون سياراتهم عبر أنقاض المباني المدمرة أثناء عودتهم إلى قراهم، بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله (أ.ب)

وناشد المسؤولون اللبنانيون المجتمع الدولي الحصول على التمويل. وتعمل الحكومة مع البنك الدولي للحصول على تقييم محدَّث للأضرار، وتأمل في إنشاء صندوق ائتماني متعدد المانحين.

«مشروع طارئ للبنان»

وقال شامي إن البنك الدولي يدرس أيضاً «مشروعاً طارئاً للبنان» يركز على المساعدات المستهدفة للمناطق الأكثر احتياجاً، رغم عدم ظهور خطة ملموسة حتى الآن. وقال شامي «إذا شارك البنك الدولي؛ فمن المأمول أن يشجع المجتمع الدولي على التبرع بالمال».

وقال علي دعموش، أحد مسؤولي «حزب الله»، في وقت سابق من هذا الشهر، إن الجماعة حشدت 145 فريقاً لإعادة الإعمار، بما في ذلك 1250 مهندساً، و300 محلل بيانات ومئات المدققين، وكثير منهم من المتطوعين على ما يبدو. وقال دعموش إن التعويضات المدفوعة حتى الآن جاءت من «الشعب الإيراني»، دون تحديد ما إذا كانت الأموال من الحكومة الإيرانية أو من المانحين من القطاع الخاص.