قتيلان وجرحى وأسرى في اجتياح إسرائيلي لنابلس

مستوطنون يهاجمون سيارة إسعاف فلسطينية تقل طفلاً رضيعاً جريحاً... والجيش يهاجم متضامنين يهوداً

جنود إسرائيليون يظهرون في موقع هجوم بمستوطنة كدوميم شمال نابلس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يظهرون في موقع هجوم بمستوطنة كدوميم شمال نابلس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

قتيلان وجرحى وأسرى في اجتياح إسرائيلي لنابلس

جنود إسرائيليون يظهرون في موقع هجوم بمستوطنة كدوميم شمال نابلس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يظهرون في موقع هجوم بمستوطنة كدوميم شمال نابلس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

بعد عملية اجتياح إسرائيلية أسفرت عن مقتل فلسطينيين، وجرح 3، وحملة اعتقالات واسعة شملت عدة بلدات في الضفة الغربية، واعتداءات من المستوطنين لم يَسلم منها حتى طفل رضيع في سيارة إسعاف، هدَّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بعملية اجتياح في حي القصبة بنابلس، على طريقة الاجتياح الذي جرى، في مطلع الأسبوع، في مخيم جنين.

وتحدثت وزارة الصحة الفلسطينية عن شهيدين، و3 إصابات، جراء عدوان الاحتلال على نابلس، موضحة أن «الشهيدين هما خيري محمد سري شاهين (34 عاماً)، وحمزة مؤيد محمد مقبول (32 عاماً)».

ونعت «كتائب الشهيد أبو علي مصطفى»، الجناح العسكري لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، «الشهيدين المقاتلين حمزة مقبول وخيري شاهين مُنفّذي عملية جبل جرزيم قرب نابلس، أول من أمس الأربعاء»، مهددة «بردٍّ مقبل ولن يتأخر».

تهديد غالانت

وكان غالانت قد أجرى مكالمة هاتفية مع قائد القوات الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية، العميد آفي بلوط، فحيّاه على العملية في نابلس، وبقية العمليات التي نفّذتها قواته، خلال الأسبوع، مؤكداً دعم الحكومة له في كل ما يفعله وقواته للدفاع عن أمن إسرائيل. وقال: «مثلما فعلنا في جنين، قبل أيام، ومثلما فعلنا في نابلس، صبيحة اليوم، سنفعل في كل مكان، بإصرار وبقوة جبارة وفتاكة وقاتلة. لم نبق دائرة من دون إغلاق، ولن نُبقي مُخرِّباً بلا عقاب. سنجعلهم يدفعون ثمناً باهظاً جداً».

وكانت قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي قد داهمت حي القصبة في نابلس؛ بحثاً عن الأسير المحرَّر خيري محمد سري شاهين (34 عاماً)، والشاب حمزة مؤيد محمد مقبول (32 عاماً)، اللذين تتهمهما بإطلاق نار، قبل يومين، على دورية شرطة ومحل تجاري في حي الطور جنوب نابلس، والإعداد لعملية ثالثة ضد مستوطنة براخا القريبة.

وجاء في بيان لـ«الشاباك (المخابرات الإسرائيلية)» وحرس الحدود وجيش الاحتلال، أنه «خلال عملية مشتركة في البلدة القديمة بنابلس، في محاولة لاعتقال خيري شاهين وحمزة مقبول؛ من سكان نابلس والمشتبهين بتنفيذ عملية إطلاق نار على دورية شرطة في جبل بارخا، أول من أمس الأربعاء، قُتل كلاهما خلال تبادل إطلاق نار». وأضاف أنه «خلال العملية جرى ضبط أسلحة يُشتبه باستخدامها على يد المُنفّذين، في حين لم يُبلّغ عن إصابات بين القوات».

رواية فلسطينية

وروت مصادر فلسطينية أن قوة إسرائيلية خاصة اقتحمت حارة الحبلة في البلدة القديمة بنابلس، ثم تبعها عدد كبير من جيبات الاحتلال التي اقتحمت المدينة من عدة محاور، ثم تسللت قوة إسرائيلية خاصة إلى الحارة الشرقية وحاصرت مضافة آل مقبول. وطالبت الشابين بتسليم نفسيهما. وتصدَّى مقاومون لاقتحام قوات الاحتلال بإطلاق النار، وإلقاء العبوات المتفجرة محلية الصنع. ودفعت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية إلى نابلس، واقتحمت حارة الحبلة وخلة العامود والمعاجين، بالتزامن مع تحليق طائرات مسيَّرة في سماء نابلس، كما انتشرت قوات الاحتلال في شارع حطين وشارع القدس بمدينة نابلس، وسط مواجهات مع الشباب الثائر. وذكرت مصادر طبية أن الشابين استشهدا، وأن 3 آخرين أصيبوا بجروح. وبعد تشييع جماهير غفيرة في نابلس جثماني الشابين، هددت المقاومة الفلسطينية بالانتقام السريع.

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي لقواته في نابلس

وكانت الضفة الغربية قد شهدت، كما في كل يوم جمعة، صدامات عنيفة في عدة مواقع بين الفلسطينيين من جهة، وبين قوات الجيش والمستوطنين من جهة ثانية، ففي قلقيلية اعتدى المستوطنون على مزارعين، مما تسبب في إصابة طفل رضيع بجروح خطيرة. وخلال نقله إلى المشفى اعتدى المستوطنون على سيارة الإسعاف وحطّموها. وقد نجا الطفل، وطاقم الإسعاف بأعجوبة. وروى مدير مستشفى درويش نزال الحكومي في قلقيلية، رامز عبد الله، أن «سيارة الإسعاف كانت تُقلّ الرضيع (عام ونصف العام)، وهو مصاب بكسور متعددة في الجمجمة والوجه، ويعاني من نزيف دماغي. وقد فوجئ طاقم من المستشفى كان في طريقه إلى مدينة نابلس لنقل الرضيع المصاب، بزخات من الحجارة. وأسفر الاعتداء عن تحطيم زجاج سيارة الإسعاف وتضرر هيكلها، ونجاة من كانوا بداخلها بأعجوبة». وقد أدانت وزارة الصحة هذا الاعتداء، وقالت إنه بات مشهداً متكرراً في ظل الصمت الدولي، وسياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها دول العالم. وأضافت: «المستوطنون ومن خلفهم جيش الاحتلال، لم يتركوا محرَّماً إلا انتهكوه، في ظل صمت دولي رهيب».

وفي طولكرم، اعتدى مستوطنون على مركبات المواطنين المارّة عبر سهل رامين شرق طولكرم، ورشقوها بالحجارة، ما أدى إلى إلحاق أضرار في عدد منها، كما عرقل المستوطنون حركة مرور المركبات عبر حاجز شوفة العسكري، جنوب شرقي طولكرم، بعد أن تجمهروا في المكان.

وفي الخليل استولى مستوطنون على قطعة أرض بمنطقة واد الغروس شرق مدينة الخليل، ونصبوا خيمة فيها. وأوضح مالك الأرض عبد الكريم القيمري أن المستوطنين يحاولون الاستيلاء على قطعة الأرض المزروعة باللوزيات، ومساحتها 9 دونمات. وأكد الفلسطينيون أن المستوطنين، بحماية جيش الاحتلال، كثّفوا من هجماتهم ضد المواطنين وممتلكاتهم في الخليل، بتشجيع من الحكومة الإسرائيلية.

مسيرة أنصار السلام في حومش قبل الاعتداء عليها (تصوير مكتب النائب عوفر كسيف)

وفي منطقة مستوطنة حومش، قرب جنين، اعتدت القوات الإسرائيلية والمستوطنون على مجموعة من أنصار السلام اليهود الذين جاءوا للاحتجاج على قرار الحكومة إعادة الاستيطان هناك. وقال النائب عوفر كسيف، من «كتلة الجبهة العربية للتغيير»، الذي شارك في المسيرة: «قوات الاحتلال انفلتت وأطلقت قنابل غاز دون رادع، وأشعلت النار في بساتين وحقول برقة، وتسببت بحرائق هائلة فقط لمنع دعاة السلام المعارضين للاحتلال من دعم سكان برقة الذين يعانون يومياً من المنفلتين؛ المستوطنين الإرهابيين الذين يعيشون على الأراضي المنهوبة في عش الإرهاب حومش». وأضاف: «يسمح لهؤلاء المجرمين بالدخول، حتى بما يخالف القانون الإسرائيلي نفسه، بينما غير مسموح لنا بذلك، هذا بالضبط ما يبدو عليه الاحتلال». وأكد كسيف أن عشرات المواطنين الفلسطينيين والمتضامنين أصيبوا بجروح متفاوتة، خلال قمع قوات الاحتلال للمسيرة.

يأتي ذلك بعدما قُتل 12 فلسطينياً وجندي إسرائيلي، خلال عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي على مخيم جنين للاجئين، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، في هجوم وُصف بالأعنف منذ عام 2002 وتخللته غارات جوية مكثفة.


مقالات ذات صلة

الخارجية الفلسطينية: تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير

المشرق العربي عائلات فلسطينية تغادر مخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية هرباً من العملية العسكرية الإسرائيلية (أ.ب)

الخارجية الفلسطينية: تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير

قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية الأحد إن «التحريض الإسرائيلي على تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير بحق شعبنا».

«الشرق الأوسط» (رام الله )
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء فلسطين

 تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اتصالاً هاتفيًا، الأحد، من رئيس وزراء فلسطين وزير الخارجية والمغتربين الدكتور محمد مصطفى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ صورة تجمع الرهائن الست الذين أعلن الجيش الإسرائيلي العثور على جثثهم في قطاع غزة (أ.ب) play-circle 03:06

بايدن يعلن العثور على جثث 6 رهائن في غزة بينهم أميركي

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم انتشال جثث 6 رهائن من قطاع غزة، بعدما كان أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن من بين الضحايا الرهينة الأميركي هيرش غولدبرغ بولين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئاسة الفلسطينية: العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية تصعيد خطير

عملية إسرائيلية موسّعة في الضفة الغربية... والرئاسة الفلسطينية تندد بـ«تصعيد خطير»

الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية يُحذر من أن «الحرب الإسرائيلية المتصاعدة في الضفة الغربية ستؤدي إلى نتائج وخيمة وخطيرة سيدفع ثمنها الجميع».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى في رام الله (د.ب.أ)

محمد مصطفى: إسرائيليون يقيمون دعاوى تعويضات على السلطة الفلسطينية

 قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن الكنيست الإسرائيلي أقر قانوناً جديداً يسمح بتعويض عائلات إسرائيلية من أموال الضرائب الفلسطينية التي تجمعها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

غالانت: سنواصل ضرب «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال

سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)
سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)
TT

غالانت: سنواصل ضرب «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال

سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)
سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)

جدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تأكيده على مواصلة المواجهات مع «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، في وقت ساد فيه الهدوء الحذر على جبهة جنوب لبنان، الأحد، بعد توتّر شهده مساء السبت.

وقال غالانت، في تصريح له عند الحدود الشمالية: «الثمن الذي ندفعه لن يذهب سدى، وسنواصل ضرب (حزب الله) حتى نعيد سكان الشمال».

ومساءً، ذكرت وسائل إعلام أن رشقة صاروخية كبيرة أطلقت من جنوب لبنان باتجاه الأراضي الإسرائيلية، مع تسجيل انفجار صواريخ اعتراضية في أجواء القطاع الغربي.

وكان قصف متقطع سجل على بلدات جنوبية عدة؛ ما أدى إلى سقوط 4 جرحى، فيما نفذ «حزب الله» عملية مستهدفاً «التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا»، و«دورية للجيش الإسرائيلي قرب حاجز كفريوفال»، و«انتشاراً لجنود إسرائيليين في محيط موقع المرج بالأسلحة الصاروخية».

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن مسيّرة شنت غارة استهدفت بلدة عيتا الشعب؛ ما أدى إلى سقوط 4 جرحى، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية.

وأفادت الصحة أيضاً بأن "الغارة الإسرائيلية المعادية التي استهدفت بلدة بيت ليف، أدت إلى استشهاد شخص وإصابة شخصين بجروح، ومن بين الجريحين سيدة جروحها بليغة".

وأشارت «الوطنية» إلى أن درون إسرائيلية ألقت قنابل 4 مرات، الأحد، بالقرب من الجدار الحدودي في بلدة كفركلا.

وأضافت «الوطنية» أن مسيّرة إسرائيلية ألقت مواد حارقة بالقرب من بلدية العديسة، بالتزامن مع قصف مدفعي على البلدة وعلى أطراف بلدة الوزاني.

وكان مساء السبت شهد توتراً على الجبهة؛ حيث تعرضت أطراف يحمر الشقيف ومجرى النهر عند الأطراف الجنوبية فيها لقصف مدفعي، تسبب في اندلاع النيران التي امتدت إلى مشارف المنازل.

وأفادت «الوكالة» أيضاً بأن مسيّرة إسرائيلية ألقت قنبلة حارقة على أحراج العديسة وأخرى قرب البلدية؛ مما تسبب باندلاع النيران فيها، وللسبب نفسه، تحركت سيارات إطفاء لإخماد حريق كبير شبّ في أطراف بلدة الناقورة جراء إلقاء طائرة درون مواد حارقة في المنطقة، حسب «الوطنية».

ومع ارتباط جبهة الجنوب بالحرب على غزة ومسار مفاوضات الهدنة، يعدُّ رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما» رياض قهوجي الوضع بجبهة الجنوب في هذه المرحلة كما كان عليه منذ أن فتح «حزب الله» جبهة الإسناد في 8 أكتوبر (تشرين الأول)، مع تراجع في مستوى تهديدات «حزب الله». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الاختلاف اليوم هو أن سقف تهديدات قادة (حزب الله) بات أكثر محدودية مع اقتناعهم بأن التصعيد لم يردع إسرائيل بل كان يوفر الذرائع لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لجر الحزب لحرب واسعة لا تريدها إيران».

وفي حين يلفت إلى أن «الرد على اغتيال القيادي فؤاد شكر لم يكن بمستوى التهديدات والتوقعات وسبقه ضربات استباقية عنيفة من جانب إسرائيل»، يشير إلى «الغارات الجوية اليومية للطيران الإسرائيلي وعمليات الاغتيال المستمرة مقابل ضربات للحزب محصورة بمنطقة جغرافية وعدد من المواقع الإسرائيلية قرب الحدود».

جانب من الدمار الذي لحق بمباني ميس الجبل في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

من هنا يرى أن هذا الواقع سيستمر على ما هو عليه بانتظار حل دبلوماسي، تسعى إليه قوى مثل أميركا وفرنسا، سيأتي بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكن السؤال يبقى، حسب قهوجي «ماذا سيفعل الحزب إن تمكنت إسرائيل من اغتيال شخصية قيادية جديدة للحزب أو إذا أصرت إسرائيل على تغيير الواقع العسكري في جنوب لبنان بشكل كبير؟».