موسكو ودمشق تطلقان مناورات تتحدى واشنطن وتل أبيب

تحذيرات روسية من «استفزازات أميركية» في سوريا

 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته قاعدة حميميم في اللاذقية يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته قاعدة حميميم في اللاذقية يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)
TT
20

موسكو ودمشق تطلقان مناورات تتحدى واشنطن وتل أبيب

 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته قاعدة حميميم في اللاذقية يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته قاعدة حميميم في اللاذقية يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الأربعاء، إطلاق مناورات عسكرية ضخمة تشارك فيها قوات روسية وسورية وتستمر لمدة أسبوع. وحملت تحذيرات موسكو من «استفزازات» تقوم بها القوات الأميركية في مناطق سورية، إشارة إلى ربط المناورات بتحركات تقوم بها واشنطن في أجواء سوريا.

وقال نائب رئيس مركز المصالحة الروسي التابع للوزارة، أوليغ غورينوف، إن مناورات روسية - سورية تهدف لتطوير العمل المشترك للطيران والدفاع الجوي قد بدأت على الأراضي السورية.

وأوضح غورينوف: «تنطلق ابتداء من 5 يوليو (تموز) مناورات روسية سورية مشتركة على الأراضي السورية، تستمر 6 أيام، ومن المقرر خلال التدريبات العمل على مسائل تطوير العمل المشترك في قطاعات الطيران، وقوات التدخل السريع، ووسائل الدفاع الجوي، والحرب الإلكترونية في إطار صد الهجمات الجوية».

ومع أن موسكو لم تفصح عن تفاصيل أوسع حول حجم المناورات وطبيعة مشاركة القوات السورية فيها، لكن إشارات المسؤول العسكرية إلى «الانتهاكات» التي تقوم بها واشنطن في الأجواء السورية، ومسائل تعزيز قدرات الجيش السوري على صد الهجمات الجوية، حملتا إشارات إلى أن المناورات تشكل رداً مباشراً على تنشيط تحركات تل أبيب وواشنطن أخيراً.

دخان عقب غارة روسية على ضواحي جسر الشغور بمحافظة إدلب السورية يوم 25 يونيو الماضي (د.ب.أ)
دخان عقب غارة روسية على ضواحي جسر الشغور بمحافظة إدلب السورية يوم 25 يونيو الماضي (د.ب.أ)

وأضاف المسؤول العسكري أن «روسيا قلقة من الانتهاكات المنهجية لبروتوكولات عدم التضارب المتعلقة برحلات الطائرات دون طيار من قبل ما يسمى بالتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب تحت رعاية الولايات المتحدة».

وأضاف غورينوف أنه «تم خلال يوم واحد تسجيل تسع حالات انتهاك فوق مناطق شمال سوريا من قبل طائرات دون طيار تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة».

وأكد أن «زيادة عدد الطلعات الجوية غير المنسقة تؤدي إلى تصعيد التوتر، ولا تساهم في التعاون المتبادل والبناء. نذكركم بأن الجانب الروسي غير مسؤول عن سلامة الرحلات الجوية غير المنسقة للطائرات المسيّرة».

وكان غورينوف قد أعلن، قبل يومين، أن «التحالف» الذي تقوده الولايات المتحدة انتهك مذكرة السلامة الجوية 315 مرة في سوريا خلال شهر يونيو (حزيران) المنصرم.

وأشار إلى أن الانتهاكات «موجهة ومنهجية، وقد ازداد عددها بشكل ملحوظ مقارنة بالعام الماضي».

في الوقت ذاته، اشتكى المسؤول العسكري الروسي من أن «طياري سلاح الجو الأميركي قاموا مرتين بتفعيل منظومات الأسلحة لديهم عند اقترابهم من الطائرات الروسية»، في تطور غير مسبوق منذ اتفاق الطرفين في 2015 على آليات لمواجهة وقوع احتكاكات غير مقصودة في مواقع نشاط قوات البلدين. وبحسب قوله، فإن الجانب الروسي يعمل على تثبيت الانتهاكات المنهجية والخطيرة لبروتوكولات عدم التضارب والمذكرة الثنائية لسلامة الطيران في سوريا من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

أضرار جراء غارات روسية على ضواحي مدينة إدلب يوم 20 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
أضرار جراء غارات روسية على ضواحي مدينة إدلب يوم 20 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

اللافت في توقيت المناورات الروسية السورية أنها جاءت أيضاً في وقت تصاعدت فيه وتائر الغارات الإسرائيلية على مواقع سورية. وكانت موسكو تفضل تجاهل التعليقات على هجمات الطيران الإسرائيلي سابقاً، لكنها شددت لهجتها خلال العام الأخير تجاه تل أبيب، وانتقدت أكثر من مرة الهجمات التي وصفت في حالات عدة بأنها «عدوانية».

وحمل تركيز الناطق العسكري على أن أحد أهداف المناورات المشتركة تعزيز قدرات الجيش السوري على مواجهة الهجمات من الجو إشارة مباشرة إلى هذا الملف.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، استبق انطلاق المناورات بإجراء جولة محادثات هاتفية الثلاثاء، مع نظيره السوري فيصل المقداد. تطرق خلالها الطرفان إلى «الوضع في سوريا وقضايا التنسيق بين البلدين في الأمم المتحدة»، وفقاً لبيان وزارة الخارجية الروسية.

آليات روسية قرب موقع هجوم استهدفها في تل رفعت بريف حلب شمال سوريا يوم 12 يونيو الماضي (شبكة نبض الشمال - رويترز)
آليات روسية قرب موقع هجوم استهدفها في تل رفعت بريف حلب شمال سوريا يوم 12 يونيو الماضي (شبكة نبض الشمال - رويترز)

ولفت البيان إلى أن الوزيرين «تبادلا وجهات النظر حول قضايا الساعة على الساحة الإقليمية. وتم بحث الوضع في سوريا بشكل تفصيلي مع التطرق إلى كل الملفات المرتبطة بالمحيط السوري، كما تم إيلاء الاهتمام الرئيسي لقضايا التنسيق المشترك في منظمة الأمم المتحدة».

في سياق متصل، حذر رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين من أن الإدارة الأميركية «تبذل قصارى جهدها لعرقلة التطبيع بين الدول العربية وسوريا، وتشويه سمعة القيادة السورية». ولفت إلى أن «الجانب الأميركي يحضّر لاستفزازات في جنوب سوريا مع استخدام مواد كيماوية سامة».

وجاء في بيان صدر عن الاستخبارات الخارجية الروسية: «فريق (الرئيس جو) بايدن يفعل كل ما في وسعه لعرقلة التطبيع العربي مع سوريا وتشويه سمعة القيادة السورية»، مشيراً إلى أن لدى موسكو معطيات حول قيام الولايات المتحدة في مايو (أيار) الماضي، باختبارات على طرق استخدام مواد سامة في إدلب شمال سوريا بواسطة جماعة «حراس الدين» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» ومجموعات من المتشددين التابعين لـ«حزب تركستان الإسلامي».

وقال المسؤول الأمني إن الجيش الأميركي سلّم مسلحي «داعش» الموجودين بالقرب من قاعدة «التنف» الأميركية في جنوب سوريا، صواريخ مشحونة بمواد سامة.

ووفقاً للاستخبارات الروسية، فقد تم مؤخراً في هذه القاعدة تشكيل لجنة استخبارات أميركية - بريطانية مشتركة، باتت تشكل المقر الرئيسي لقيادة وتوجيه نشاطات مسلحي «داعش» في جنوب سوريا وفي منطقة دمشق. ويرأس هذه اللجنة مسؤول كبير في القيادة المركزية الأميركية، بحسب ما تقول الاستخبارات الروسية.

وحذر البيان الروسي من أن الجانب الغربي «سوف يتصرف كما جرت العادة، وسوف يرفق المؤامرة بحملة إعلامية قوية، هدفها الإظهار لدول العالم العربي أن استئناف الحوار مع الرئيس بشار الأسد كان غلطة استراتيجية».


مقالات ذات صلة

أكراد سوريا يتطلعون لمؤتمر جامع

المشرق العربي اجتماع للأحزاب الكردية بحضور السفير الأميركي وليام روباك وقائد «قسد» مظلوم عبدي (أرشيفية - الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتطلعون لمؤتمر جامع

يأمل أكراد سوريا في عقد مؤتمر وطني جامع يضم جميع أحزاب أطرها السياسية لتوحد صفوفها وبلورة رؤية سياسية موحدة.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي وفود من أهالي مدينة بانياس في لقاء مع رئيس لجنة السلم في طرطوس أنس عيروط (المكتب الإعلامي لمدينة بانياس)

سوريا: «السلم الأهلي» تُشكل لجنة مشتركة مع الأهالي في بانياس

بدأت لجنة السلم الأهلي السورية توسيع عملها عبر تشكيل لجان مشتركة مع الأهالي، وقد تم تشكيل أول لجنة في بانياس.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص عناصر أمنية تفتش خيمة في مخيم روج (الشرق الأوسط)

خاص حملة أمنية لـ«قسد» لملاحقة «داعش» بمخيم روج

بدأت قوى الأمن الداخلي التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، فجر السبت، حملة أمنية ضد أذرع وخلايا تنظيم «داعش» النائمة في مخيم روج.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي عنصر من الجيش السوري (إ.ب.أ)

سوريا: ضبط قارب يقل أكثر من 30 مدنياً في محاولة للهجرة غير الشرعية

أعلن خفر السواحل السوري، اليوم (السبت)، ضبط قارب على متنه أكثر من 30 مدنيا أثناء محاولتهم الهجرة غير الشرعية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لافتة رفعها الدروز السوريون في 25 فبراير الماضي: «السويداء لن تكون خنجركم المسموم في ظهر سوريا» رداً على التوغلات الإسرائيلية بالأراضي السورية (أ.ب)

سوريا: «فزعة» شعبية ومدنية للتضامن مع درعا بمواجهة إسرائيل

تستغل إسرائيل الأوضاع السورية الداخلية الهشة لتغطية توغلها في الجنوب السوري بوسائل عدة، منها إعلان الاستعداد لحماية أبناء الطائفة الدرزية في محافظة السويداء.

سعاد جروس (دمشق)

غزة «مقطعة الأوصال»... وإسرائيل تحاول «عزل رفح»

نازحون فلسطينيون يعبرون ممر «نتساريم» وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يعبرون ممر «نتساريم» وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

غزة «مقطعة الأوصال»... وإسرائيل تحاول «عزل رفح»

نازحون فلسطينيون يعبرون ممر «نتساريم» وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يعبرون ممر «نتساريم» وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)

بينما يشدد الجيش الإسرائيلي ضغطه لعزل مدينة رفح، على الحدود مع مصر، عن بقية أرجاء قطاع غزة، يبدو القطاع اليوم فعلياً مقطع الأوصال رغم أن التوغلات الإسرائيلية براً ما زالت محدودة.

وطلبت إسرائيل من سكان رفح إخلاءها، علماً أن قواتها تسيطر حالياً على نحو 60 في المائة من أراضي المدينة. ويأتي ذلك بعدما أعلن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بدء السيطرة على محور «موراغ» الذي يفصل فعلياً رفح في أقصى جنوب القطاع عن خان يونس.

وترجح مصادر ميدانية، تحدّثت لـ«الشرق الأوسط»، أن تبسط القوات الإسرائيلية سيطرتها على رفح خلال أيام، وبذلك تكون عزلتها عن وسط القطاع وجنوبه. كما أن وجود القوات الإسرائيلية على محور «نتساريم» يعني أنها تفصل جنوب القطاع ووسطه عن شماله. ويشهد شمال القطاع بدوره عمليات تهجير على غرار ما يحصل في الشجاعية شرق مدينة غزة وبيت حانون وبيت لاهيا وأجزاء من جباليا.

إلى ذلك، استقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، السبت، وفداً من حركة «فتح»، وأكد له موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين، وتزامن اللقاء مع معلومات عن تقديم مصر مقترحاً جديداً بمثابة «حل وسط»، يهدف إلى «سد الفجوات» بين إسرائيل و«حماس» بخصوص التهدئة في غزة.