هجوم بطائرة مسيّرة على القرداحة... مسقط رأس الأسد

في ثاني هجوم من نوعه خلال يومين

الرئيس السوري بشار الأسد (أ.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد (أ.ب)
TT

هجوم بطائرة مسيّرة على القرداحة... مسقط رأس الأسد

الرئيس السوري بشار الأسد (أ.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد (أ.ب)

في تطور لافت برمزيته، أعلنت الحكومة السورية اليوم مقتل مواطن وإصابة آخر بجروح طفيفة في مدينة القرداحة، مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد، جراء هجوم بطائرة مسيّرة «مصدرها التنظيمات الإرهابية بريف اللاذقية الشمالي»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

ونقلت «سانا» عن مصدر أمني أن الطائرة المسيّرة ألقت قذيفتين، سقطت إحداهما في أراضٍ زراعية بجانب مستوصف القرداحة، ما أدى إلى مقتل المهندس محمد هاني سلطانة (25 عاماً) وإصابة مواطن آخر بجروح طفيفة، ووقوع أضرار مادية بأحد المباني.

من جهته، أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى سماع دوي انفجارات متتالية في ريف اللاذقية، تبيّن أنها ناجمة عن سقوط قذيفتين صاروخيتين صغيرتين من قبل طائرة مسيّرة «مجهولة المصدر»، على منطقة الضاحية بمحيط القرداحة في ريف اللاذقية، وموضحاً أن ذلك تزامن مع تحليق طيران مسيّر في الأجواء. و

قال إن الهجوم أدى إلى مقتل شخص وإصابة آخرين بجروح. وذكر «المرصد» أن هذا الاستهداف الأول من نوعه الذي يطول القرداحة مسقط رأس الرئيس السوري. وجاء الهجوم على القرداحة بعد يوم من مقتل طفل وامرأة وإصابة 3 مواطنين بـ«اعتداء إرهابي» نفذته جماعات مسلحة منتشرة بريف إدلب الشمالي والشمالي الغربي،

بحسب وصف وكالة «سانا» التي ذكرت أن طائرة مسيّرة ألقت قنبلتين على «الأحياء السكنية في منطقة سلحب بريف حماة». وتنتشر في أقصى ريف اللاذقية الشمالي وريف إدلب الشمالي الغربي مجموعات عدة، بينها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) التي صعّدت في الفترة الماضية هجماتها ضد مواقع القوات الحكومية السورية.

لكن الهجمات بطائرات مسيّرة تبدو أسلوباً جديداً في الصراع الدائر في شمال غربي سوريا، وذلك بعد أيام من انتهاء اجتماعات مسار أستانة بمشاركة نواب وزراء خارجية سوريا وروسيا وإيران وتركيا. ونقلت وكالة أنباء العالم العربي عن عبد القادر عزوز، مستشار رئاسة مجلس الوزراء السوري، أن مباحثات أستانة تشكل اختباراً لرغبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في البحث عن تسوية وتفاهم يفضي إلى انسحاب القوات التركية وإيجاد حلول لكثير من الملفات العالقة بين البلدين.

وأكد عزوز للوكالة يوم الأربعاء حرص سوريا على «علاقات طبيعية مع تركيا، كونها تتمتع بثقل سياسي استراتيجي وجغرافي». وقال: «نطمح إلى عودة العلاقات وحل الخلافات بالطرق السلمية؛ وما نطالب به ينسجم مع مبادئ الأمم المتحدة في عدم استخدام القوة أو التهديد بها لحل الخلافات». وحول التعزيزات العسكرية التي أرسلها الجيش السوري إلى مناطق التماس في شمال سوريا، اعتبر عزوز أن هذا يأتي «في إطار بسط سيطرته (الجيش السوري) وسيادته على جميع المناطق، بما لا يسمح للتنظيمات الإرهابية والانفصالية باستغلال الفراغ الأمني والعسكري في بعض المناطق السورية». وكان رئيس الوفد السوري في أستانة، أيمن سوسان، قال في تصريحات لقناة «الإخبارية» السورية إن الجانب التركي لا يزال بعيداً عن الوفاء بمتطلبات العلاقات مع دمشق، مشيراً إلى أن الانسحاب التركي من بلاده يجب أن يبدأ على الفور.


مقالات ذات صلة

أصعب مشكلة تواجه سوريا... ملايين النازحين لن يجدوا مكاناً يعودون إليه

المشرق العربي نساء يجلسن أمام مبنى متضرر من الحرب في بلدة القصير في محافظة حمص وسط سوريا (أ.ف.ب) play-circle

أصعب مشكلة تواجه سوريا... ملايين النازحين لن يجدوا مكاناً يعودون إليه

لا يزال مستقبل سوريا غامضاً في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحدي عودة ملايين اللاجئين الذين نزحوا بسبب الحرب التي استمرَّت أكثر من عقد من الزمن.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي البنك المركزي السوري في دمشق (رويترز)

«حملة لاستئصال الفساد»... حكومة سوريا الجديدة تستهدف رجال أعمال الأسد

تدقق الحكومة السورية الجديدة في إمبراطوريات الشركات المملوكة لحلفاء الرئيس المخلوع بشار الأسد، في حملة لاستئصال الفساد والنشاط غير القانوني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الشرع مرحباً بوفد الائتلاف الوطني والمعارضة وأعضاء هيئة التفاوض السورية (سانا)

الشرع يلتقي أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني

اجتمع الرئيس السوري، أحمد الشرع، مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، بحسب ما ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) الأربعاء.

موفق محمد (دمشق )
المشرق العربي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يحضر مؤتمراً صحافياً في دمشق الأربعاء (رويترز)

بيدرسن يشيد بخريطة طريق السلطات المؤقتة في سوريا

أشاد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن بالإجراءات التي تتخذها السلطات المؤقتة في دمشق وبـ«خريطة الطريق» التي تتماشى مع القرار الأممي 2254.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 3 يناير 2025 بالعاصمة السورية دمشق تظهر الرئيس السوري أحمد الشرع أثناء اجتماع بالقصر الرئاسي (د.ب.أ)

​الرئاسة السورية تصدر قراراً بتشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني

ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) الأربعاء أن الرئاسة السورية أصدرت قراراً بتشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني من أجل بحث مستقبل البلاد

«الشرق الأوسط» (دمشق)

سجون حوثية للابتزاز... وأجهزة أمنية لإرهاب المجتمع اليمني

قادة حوثيون يفتتحون منشآت جديدة في سجن تابع للجماعة بمدنية عمران (إعلام حوثي)
قادة حوثيون يفتتحون منشآت جديدة في سجن تابع للجماعة بمدنية عمران (إعلام حوثي)
TT

سجون حوثية للابتزاز... وأجهزة أمنية لإرهاب المجتمع اليمني

قادة حوثيون يفتتحون منشآت جديدة في سجن تابع للجماعة بمدنية عمران (إعلام حوثي)
قادة حوثيون يفتتحون منشآت جديدة في سجن تابع للجماعة بمدنية عمران (إعلام حوثي)

كشف ناشطون يمنيون عن سجن سري يتبع القيادي الحوثي عبد الباسط الهادي، الذي عيَّنته الجماعة الحوثية محافظاً لصنعاء، يستخدمه لاحتجاز العشرات من السكان بعيداً عن أي سلطة أمنية حوثية أخرى، إذ يرفض إخضاعه لأي قرارات وأوامر من أي جهة قضائية تابعة للجماعة.

ومن بين ما جرى كشفه عن السجن، رفض القيادي الحوثي الهادي، قبل نحو عام، أوامر القيادي الآخر وضاح القرشي، الذي كان يشغل منصب رئيس نيابة استئناف محافظة صنعاء، للإفراج عن 7 مختطفين في السجن المذكور، تم احتجازهم بأوامر من الهادي.

كما رفض الهادي أوامر من القيادي الحوثي محمد الديلمي الذي كان يشغل منصب النائب العام لدى الجماعة للإفراج عن نفس المختطفين، وطلباً تقدم به يحيى الراعي، رئيس برلمان الجماعة، للإفراج عن أحد المختطفين السبعة، وبرر الراعي طلبه بأن القضية التي جرى اختطاف ذلك الشخص بسببها، منظورة أمام إحدى المحاكم.

ولجأت عائلة المختطف نفسه إلى أحمد الرهوي رئيس حكومة الجماعة الحوثية التي لا يعترف بها أحد، والذي أصدر، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد توليه منصبه بأسابيع، توجيهاً لوزارة داخلية الجماعة بالإفراج عن المختطف الذي لم يفرَج عنه حتى الآن.

توجيه مسؤول قضائي حوثي بالإفراج عن 7 مختطفين في سجن خاص يتبع قيادياً حوثياً (إكس)

وتفيد المعلومات بأن الهادي يستغل الخلافات حول قضايا الميراث ونزاعات الأراضي والعقارات والخلافات المالية والقضايا العائلية لابتزاز المختصمين وإجبارهم على حل خلافاتهم بنفسه مقابل مبالغ مالية كبيرة أو باقتطاع نسبة من الأموال محل الخلافات.

ويتنافس الهادي مع قادة حوثيين آخرين في الاستيلاء على أموال طائلة من السكان من خلال تنصيب أنفسهم أوصياء عليهم لحل خلافاتهم وعدم تمكين أي جهة أمنية أو قضائية من أداء ذلك الدور.

استحداثات أمنية

وتخضع مختلف أجهزة الاستخبارات والأمن الحوثية لإدارة مباشرة من زعيمها عبد الملك الحوثي، وفقاً لمصادر حقوقية من محامين وناشطين وشخصيات اجتماعية يعملون في تقديم العون والدعم للمختطفين ويتوسطون للإفراج عنهم.

توجيه النائب العام للحوثيين قيادياً بالجماعة بالإفراج عن مختطفين في سجنه الخاص (إكس)

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثي يتولى بنفسه البت في غالبية طلبات الإفراج عن المختطفين أو إصدار التوجيهات باستمرار احتجازهم واتخاذ إجراءات مختلفة بحقهم، مثل الإحالة إلى القضاء، وذلك بعد دراسة مكتبه لملفاتهم وتقديم تقارير ملخصة حولهم.

وأشارت المصادر إلى استحداث الجماعة الحوثية نحو 15 سجناً جديداً، خلال العام الماضي، في منازل ومبانٍ استولت عليها في العاصمة المختطفة صنعاء، بينما سيطرت على جميع السجون التي كانت تتبع أجهزة أمن الدولة اليمنية منذ استيلائها على العاصمة ومؤسسات الدولة قبل أكثر من 10 سنوات.

وفي حين يملك عدد كبير من القادة الحوثيين سجوناً خاصةً بهم، تملك الجماعة 4 أجهزة استخباراتية، بعد دمج جهازي الأمن السياسي والأمن القومي التابعَين للدولة اليمنية في جهاز واحد تحت مسمى «جهاز الأمن والمخابرات»، إلى جانب جهاز الأمن الوقائي، وجهاز استخبارات الشرطة، وهيئة الاستخبارات العسكرية، بينما يجري الإعداد لإنشاء أجهزة أمنية أخرى، منها جهاز تنوي الجماعة تسميته شرطة المجتمع للرقابة على القبائل.

ويدير كل جهاز استخباراتي سجوناً تابعةً له في ظل تنافس بينها على استحداث السجون واختطاف السكان تحت مبررات مختلفة.

ويقول مراقبون إن الجماعة تسعى من خلال استحداث الجماعة كل هذه الأجهزة الأمنية إلى تحقيق عدة أهداف، بينها ترهيب السكان، بحيث يشعر كل فرد أنه واقع تحت الرقابة بشكل دائم ومباشر.

كما ترغب الجماعة، حسب المراقبين، باتباع نهج حكم عائلة الأسد المخلوع في سوريا بإنشاء سلسلة من أجهزة الاستخبارات، والتي أحكمت من خلالها قبضتها الأمنية على المجتمع لعقود طويلة، واستنساخ نموذج النظام الإيراني في طرق الرقابة على المجتمع، وابتداع وسائل السيطرة عليه.

عنصر حوثي يحرس السجن المركزي في صنعاء الذي استولت عليه الجماعة منذ 11 عاماً (غيتي)

ومكَّنت الجماعة الحوثية القيادي علي الحوثي، نجل مؤسسها حسين الحوثي، من قيادة جهاز ما تسمى استخبارات الشرطة الذي بدأ مهامه بعمليات اختطاف الآلاف من السكان بتهمة الاحتفال بذكرى الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي.

كما تستخدم الأجهزة الأمنية لإدارة خلافات وتنافس أجنحة الجماعة الحوثية، والرقابة الداخلية بعضها على بعض، إلى جانب تضليل أهالي المختطفين حول جهات وأماكن اختطافهم، وممارسة الابتزاز بحقهم لإجبارهم على دفع رشى وفديات أو الإدلاء بمعلومات واعترافات حول أنشطة ذويهم.