تحويلات المغتربين تكرس استقراراً مالياً واجتماعياً في لبنان

تمنح البلاد فرصة لاستعادة النهوض

لبنانيون غاضبون خلال احتجاج يطالبون فيه بودائعهم في المصارف الخميس (د.ب.أ)
لبنانيون غاضبون خلال احتجاج يطالبون فيه بودائعهم في المصارف الخميس (د.ب.أ)
TT

تحويلات المغتربين تكرس استقراراً مالياً واجتماعياً في لبنان

لبنانيون غاضبون خلال احتجاج يطالبون فيه بودائعهم في المصارف الخميس (د.ب.أ)
لبنانيون غاضبون خلال احتجاج يطالبون فيه بودائعهم في المصارف الخميس (د.ب.أ)

كرست تحويلات المغتربين اللبنانيين إلى ذويهم في لبنان استقراراً اجتماعياً ومالياً إلى حد كبير منعت«انفجار غضب الناس»، وخففت من تداعيات «الاضطرابات الداخلية»، حسبما أكد مسؤول كبير في السلطة النقدية اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن أرقام التحويلات في الخارج «تعاكس كل التقديرات السلبية، وتساهم في تعديل مؤشرات النمو» في البلاد.

وتشكل تدفقات العملات الصعبة من قبل المغتربين والعاملين في الخارج، مصدراً حيوياً في توفير النقد لاحتياجات الاقتصاد وتصحيح توازنات العرض والطلب في أسواق القطع والحد من الاختلالات الحادة في ميزان المدفوعات. وتبلغ التحويلات «رسمياً» نحو 6.5 مليار دولار سنوياً، من دون احتساب كتلة التدفقات الجديدة والواعدة، وبينها المحمول نقداً إلى الأسر من عشرات آلاف «المهاجرين الجدد» الذين تركوا لبنان بسبب تفاقم أزماته الاقتصادية والمعيشية، إضافة إلى تدفقات مأمولة تناهز 3 مليارات دولار كحصيلة سياحية للموسم الصيفي، ومبالغ كبيرة يتعذر تحديدها تصل إلى أفراد أو منظمات أهلية عبر وسائل مختلفة.

حقائق

6.5 مليار دولار

تحويلات المغتربين اللبنانيين إلى بلدهم سنوياً

وقال المسؤول اللبناني الذي رفض الكشف عن اسمه، إن تصنيف هذه المعطيات كإشارات واضحة وتحفل بميزة «الاستدامة» ضمن مجموعة المؤشرات الإيجابية التي يعوّل عليها لترقب عدم تحول تسجيل تقلصات إضافية للناتج الإجمالي، بعدما تعدّى الانحدار التراكمي نسبة 60 في المائة خلال السنوات الثلاث، ليهبط الناتج إلى أقل من 22 مليار دولار، من رقمه الأعلى البالغ نحو 55 مليار دولار عشية انفجار الأزمتين المالية والنقدية في خريف العام 2019.

ومن غير المتوقع أن تطرأ عوامل كابحة لهذه التدفقات، وبما يشمل موارد السياحة، ما لم تحصل تطورات داخلية قاسية تطيح بنموذج الاستقرار الهش المعتاد على إيقاعات احتدام الكباش السياسي لأسباب متنوعة. ويتوجب، في المقابل، بذل جهود تشاركية ونوعية تستهدف تنشيط التحويلات من خلال الحد من موجات التشكيك بمؤسسات القطاع المالي المحلي، ومعالجة ثغرة العمولات الزائدة، حيث إن متوسّط كلفة التحويلات الوافدة من بلدان ذات دخل مرتفع من ضمن دول منظَّمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لا يزال عالياً جدّاً، بحيث برز لبنان في المرتبة الثانية ضمن أغلى 5 ممرّات لتحويل الأموال. 

حقائق

60 % نسبة تراجع

النتاج المحلي الإجمالي في لبنان خلال 3 سنوات

ويقدّر اقتصاديون ومراكز بحثية أن انكماش الناتج المحلي اللبناني بلغ حدوده القصوى، لكن البلد لا يزال يفتقد إلى استعادة التموضع على مسار الترقبات الإيجابية والتحديد الواضح لمحفزات النمو الاقتصادي، في ظل تعميق حال «عدم اليقين»، والتي أوجبت تغييب التوقعات الخاصة بالاقتصاد المحلي عن رادارات المؤسسات المالية وشركات التقييم الائتماني الدولية. 

مودع لبناني خلال حركة احتجاجية ضد المصارف الخميس (د.ب.أ)

وبالفعل، انضم البنك الدولي إلى صندوق النقد وشركات التصنيف العالمية في حجب التوقعات الخاصة بلبنان لما بعد العام الحالي، لتصبح التحليلات الخاصة بأداء الاقتصاد ومؤشراته مقتصرة على مؤسسات ومراكز مالية محلية، ممّا سيضيّع فرصة التوثيق الخارجي لانتعاش نسبي يرتقب أن تسجله الأسواق المحلية هذا العام، ربطا بتقدم تأقلم القطاع الخاص مع «دولرة» الأسعار، وثبات التوقعات بموسم سياحي واعد هذا الصيف. فضلا عن تواصل دفق العملات الصعبة، وبما يشمل المساعدات النقدية الخاصة بالنازحين ودعم الأسر المحتاجة.

ووفق معلومات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، فإن مسؤولا كبيرا في السلطة النقدية، يرصد من خلال المؤشرات القائمة في أسواق الاستهلاك وحركة التجارة وإشارات النهوض المتوالية في القطاعين السياحي والصناعي، تسجيل نمو إيجابي للاقتصاد اللبناني لا يقل عن 3 في المائة هذا العام رغم الضغوط السياسية المعاكسة، وبحيث تتهيأ الفرصة المواتية لاستعادة استدامة النهوض في حال إرساء استقرار داخلي يكفل استعادة حضور الدولة وإعادة انتظام سلطاتها وإداراتها كافة. 

الحاجة لاستقرار سياسي 

سندا إلى هذه المعطيات، يرجّح مسؤولون في القطاع المالي، أن يمثل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات، منطلقا لمرحلة الخروج الآمن من دوامة الانهيارات، وبدء رحلة النهوض ارتكازا إلى تجديد الثقة عبر الاتفاق المكتمل مع صندوق النقد وتثمير الهدوء النقدي وانسياب حركة الاستهلاك والاستثمار الخاص المتنامي بعد استيعاب القطاعات ومؤسسات الأعمال لصدمات الأزمات، وعلى أمل أن ترد «الأخبار السارة» لاحقا من بئر قانا – صيدا الجنوبي الذي يشهد تدشين عمليات الحفر خلال فصل الخريف المقبل من قبل تحالف نفطي دولي بقيادة شركة «توتال» الفرنسية. 

سندا إلى هذه المعطيات، يرجّح مسؤولون في القطاع المالي، أن يمثل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات، منطلقا لمرحلة الخروج الآمن من دوامة الانهيارات، وبدء رحلة النهوض ارتكازا إلى تجديد الثقة عبر الاتفاق المكتمل مع صندوق النقد وتثمير الهدوء النقدي وانسياب حركة الاستهلاك والاستثمار الخاص المتنامي بعد استيعاب القطاعات ومؤسسات الأعمال لصدمات الأزمات، وعلى أمل أن ترد «الأخبار السارة» لاحقا من بئر قانا – صيدا الجنوبي الذي يشهد تدشين عمليات الحفر خلال فصل الخريف المقبل من قبل تحالف نفطي دولي بقيادة شركة «توتال» الفرنسية.  

المركز الثالث إقليمياً 

في أحدث تقاريره، قدّر البنك الدولي حجم تحويلات المغتربين الوافدة بنحو 6.4 مليار دولار في العام الماضي، ليحلّ لبنان في المركز الثالث إقليميّاً من حيث إجمالي المبالغ، ومسبوقاً فقط من مصر التي استقطبت نحو 28.3 مليار دولار، والمغرب الذي استقبل تحويلات بنحو 11.2 مليار دولار.

أما من حيث نسبة التحويلات إلى الناتج، فقد تبوأ لبنان المركز الأوّل في المنطقة، حيث بلغت نسبة هذه التحويلات 35.7 في المائة إلى الناتج الإجمالي، وتبعته منطقة الضفة الغربية بنسبة 21.8 في المائة، ثم الأردن بنسبة 10.2 في المائة. كما حل في المركز الثالث عالميا بعد طاجيكستان التي سجلت نسبة 51 في المائة، وتونغا التي سجلت نسبة 44 في المائة.


مقالات ذات صلة

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في لبنان وإسرائيل وغزة

نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في لبنان وإسرائيل وغزة

نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

دعت الأمم المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، من جديد إلى «وقف دائم لإطلاق النار» في لبنان وإسرائيل وغزة، في حين يتوقع إعلان هدنة بين إسرائيل و«حزب الله»، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال الناطق باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للمنظمة، جيريمي لورانس، إن «السبيل الوحيد لإنهاء معاناة الناس من جميع الأطراف هو وقف دائم وفوري لإطلاق النار على كل الجبهات، في لبنان وإسرائيل وغزة».

وتجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، اليوم (الثلاثاء)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 6 مواقع. ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان برج البراجنة وتحويطة الغدير.

وتأتي الغارة وسط ترقب لاتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في لبنان. وقال مسؤول إسرائيلي كبير لـ«رويترز» إن إسرائيل تبدو مستعدة للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار الثلاثاء، مما يمهد الطريق لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين منذ اندلاعها في قطاع غزة منذ 14 شهراً.

وفي غزة، أسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 44 ألفاً و249 فلسطينياً وإصابة 104 آلاف و746 آخرين.