باسيل يواجه تحدي الحفاظ على تماسك «لبنان القوي»

عون وباسيل خلال اجتماع التكتل (الوكالة المركزية)
عون وباسيل خلال اجتماع التكتل (الوكالة المركزية)
TT

باسيل يواجه تحدي الحفاظ على تماسك «لبنان القوي»

عون وباسيل خلال اجتماع التكتل (الوكالة المركزية)
عون وباسيل خلال اجتماع التكتل (الوكالة المركزية)

فاقمت الخلافات حول الملف الرئاسي اللبناني بين نواب تكتل «لبنان القوي» التحديات التي يواجهها رئيس التكتل و«التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، للحفاظ على وحدته وعدد أعضائه، إذ يتردد أنه تراجع من 21 نائباً إلى حدود الـ17 نائباً، نتيجة تباينات حيال المشاركة في اجتماعات الحكومة، وتجعل 5 نواب آخرين يعارضون توجه باسيل في خياراته الرئاسية.

وانتشرت في الأسبوع الماضي أنباء عن أن 5 نواب من «التيار»، هم: إبراهيم كنعان وإلياس بوصعب وآلان عون وسيمون أبي رميا وأسعد ضرغام، يعارضون خيار باسيل دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، رغم أن هؤلاء شاركوا في اجتماع التكتل الذي عُقد الثلاثاء الماضي، وحضره الرئيس السابق ميشال عون.

وتلا ذلك عقد باسيل أمس (السبت) مؤتمراً صحافياً وجه خلاله سهامه باتجاه النواب المعترضين داخل «التيار»، قائلاً إنه «لا أحد أكبر من المؤسسة. وعندما يخرج أحد عن قراراتها ويعتقد أنه أكبر منها، فهي ترد الشخص لحجمه وتريه أنها أكبر منه». كما اعتبر أن «الديمقراطية تعني احترام التنوع والآراء، وتعني الالتزام بالقرار ووحدته».

وبدأ عدد أعضاء كتلة باسيل يتراجع منذ الانتخابات الأخيرة. وبعدما اندلع سجال بين «التيار» و«القوات اللبنانية» بعيد الانتخابات النيابية الماضية على خلفية صاحب أكبر تكتل مسيحي، تراجع عدد نواب «لبنان القوي» بداية من 21 نائباً إلى 20 مع قرار فصل النائب ووزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان من كتلة «نواب الأرمن» التي هي جزء من التكتل الذي يرأسه باسيل. وقبل أيام أُعلن عن انضمام النائب محمد يحيى إلى تكتل «التوافق الوطني»، الذي يضم 5 نواب سنّة مقربين من «حزب الله».

وإن كان يحيى لم يعلن انسحابه من «لبنان القوي»، فإن ما هو مرجح أنه يسير، وكما باقي أعضاء الكتلة الجديدة، بخيار «حزب الله» الرئاسي، ألا وهو رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، مما يجعله عملياً خارج عباءة باسيل. وقال يحيى الذي لا يخفي أنه قريب من خيار فرنجية، أنه سيواصل حضور اجتماعات «لبنان القوي»، مستبعداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الوصول إلى جلسة مواجهة لانتخاب رئيس للجمهورية، مرجحاً أن يتم التفاهم بين معظم الكتل على الاسم قبل الدعوة لأي جلسة.

النائب محمد يحيى (الوكالة الوطنية)

سأواصل حضور اجتماعات تكتل "لبنان القوي"


النائب محمد يحيى

ولا يقتصر التمايز بالملف الرئاسي على يحيى، بحيث يتجه نائبا الأرمن في «لبنان القوي»، وهما هاغوب بقرادونيان وهاغوب ترزيان من حزب «الطاشناق»، للتصويت أيضاً لفرنجية، لا للمرشح الذي تفاهمت عليه قوى المعارضة مع «التيار الوطني الحر»، وهو أزعور. وبهذا، ينخفض عدد النواب الذين سيعتمدون خيار باسيل الرئاسي إلى 17، ويُضاف إليهم النواب الخمسة المعترضون على خيار أزعور (كنعان، وآلان عون، وأبي رميا، ودرغام وبوصعب)، رغم أنه ليس محسوماً حتى الآن، ما إذا كان هؤلاء بأكملهم سيخالفون قرار القيادة في حال قررت التصويت لأزعور. وفي حال خالفوه، فإن عدد المؤيدين لطروحاته حول التصويت لأزعور، سينخفض إلى 12 نائباً.

3 تكتلات

ويتجنب النواب الخمسة السابق ذكرهم التصريح للإعلام لتفادي زيادة الشرخ داخل «التيار». وتقول مصادر مطلعة على ما يجري داخلياً لـ«الشرق الأوسط» إن «لبنان القوي» بات مقسوماً إلى 3 تكتلات؛ الأول يخوض معركة علنية بوجه باسيل، ويشدد على حق النواب بالنقاش والمشاركة باتخاذ القرارات وألا يكون باسيل وحده مَن يقرر ويبلغ أعضاء الكتلة بقراراته، ويضم النواب الخمسة السابق ذكرهم الذين يتفادون بالوقت نفسه إعلان الشرخ أو الطلاق، لأن ذلك لن يصب لصالحهم في المرحلة الراهنة. أما القسم الثاني، فهو يضم عدداً آخر من النواب الذين يعبرون عن امتعاضهم وراء الأبواب المغلقة، والذين يرفض قسم منهم خوض مواجهة مع «حزب الله» وكسر الجرة معه. أما القسم الثالث فهو المؤيد لباسيل تماماً، ويُعتبر فريقه الأساسي.

وتقول المصادر: «خروج الرئيس عون من بعبدا جعل الحركة المعترضة تسلك مساراً تصاعدياً، بعدما كانت مضبوطة إلى حد ما في السنوات الماضية».

ويعتبر القيادي العوني السابق المحامي أنطوان نصر الله أن «ما وصل إليه (التيار) من انقسامات متوقع وطبيعي بسبب أداء باسيل وغياب السياسات الواضحة والقضية المحورية»، لافتاً إلى أن «من يعترضون اليوم من نواب تأخروا كثيراً». ويشير نصر الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قيادة التيار خاضت الانتخابات النيابية إلى جانب (أمل) و(حزب الله)، وبعدما انتهت الانتخابات اختلفت معهما، وأصبحت تتقاطع مصلحياً مع (القوات اللبنانية) في الملف الرئاسي».

ويرى نصر الله أن «التيار فقد دوره الحقيقي، وبخلاف ما يُعتقد فإن تلاقي المسيحيين على السلبية سيطيح بدورهم تماماً، كما حصل عام 1988، حين توحد المسيحيون على رفض ترشيح مخايل الضاهر، دون أن يكون لديهم مشروع بديل؛ ما أدى لـ(اتفاق الطائف) الذي أخذ من صلاحياتهم»، مضيفاً: «اليوم قد يأتي اتفاق جديد يقضي على ما تبقى من دور لهم، الذي يُفترض أن يكون دوراً جامعاً توفيقياً... الحل ليس بالتفاهم على اسم رئيس إنما على خارطة طريق للمرحلة المقبلة لأنه كلما زاد تفكك الدولة تصاعدت هجرة المسيحيين».

 

تضخيم الخلافات

 

واستعان باسيل مؤخراً بمؤسس «التيار»، رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، لاستيعاب الخلاف المتنامي داخل «التكتل»؛ ما دفعه لترؤس آخر جلسة عُقدت يوم الثلاثاء الماضي.

ويعتبر قريبون من باسيل أن «هناك مَن يحاول دائماً تضخيم الخلافات الطبيعية في حزب ديمقراطي كـ(التيار)، التي تحصل في أي حزب آخر، لاعتبارات شتى». ويشيرون إلى أنه «رغم انشقاق عدد من القيادات، فإن (التيار) لم يتزعزع، وهو لن يتزعزع، خصوصاً أنه خاص حرباً كونية ضده خلال ولاية الرئيس عون، واستمر وصمد».

وبدأت الأزمة داخل «التيار» في عام 2013. واستفحلت عام 2015، جراء ما يقول معارضو باسيل إنها ضغوط مورست على الراغبين بالترشح لمنصب رئيس التيار لتخلو الساحة لباسيل، الذي هو صهر العماد ميشال عون مؤسس «التيار». وهم يعتبرون أنه تم تعيين باسيل خلفاً لعون لا انتخابه ديمقراطياً، ويؤكدون أنه، ومنذ تسلمه رئاسة «التيار»، سعى إلى إقصاء معارضيه، ومعظمهم ممن يُعرفون بـ«القدامى والمؤسسين».

وطوال السنوات الماضية، تم فصل عدد كبير من هؤلاء القياديين لمخالفتهم قرارات حزبية، وانضم إليهم آخرون قرروا الاستقالة احتجاجاً على سياسة قيادة «التيار». وأبرز الخارجين مؤخراً من صفوفه النواب السابقون (زياد أسود وحكمت ديب وماريو عون).


مقالات ذات صلة

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

المشرق العربي صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ)

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

يتفرغ «حزب الله» لإعادة ترتيب بيته الداخلي باستكمال بنيانه السياسي والتنظيمي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الاثنين، إن الجيش اللبناني سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير

روسيا: نتواصل مع السلطات السورية الجديدة على المستويين الدبلوماسي والعسكري

صورة جوية لقاعدة حميميم الجوية التي تديرها روسيا في سوريا 15 ديسمبر 2024 (رويترز)
صورة جوية لقاعدة حميميم الجوية التي تديرها روسيا في سوريا 15 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

روسيا: نتواصل مع السلطات السورية الجديدة على المستويين الدبلوماسي والعسكري

صورة جوية لقاعدة حميميم الجوية التي تديرها روسيا في سوريا 15 ديسمبر 2024 (رويترز)
صورة جوية لقاعدة حميميم الجوية التي تديرها روسيا في سوريا 15 ديسمبر 2024 (رويترز)

قال يوري أوشاكوف، مستشار الكرملين للسياسة الخارجية، الاثنين، إن روسيا على اتصال مع الإدارة السورية الجديدة على المستويين الدبلوماسي والعسكري، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

ومنحت روسيا الرئيس السابق بشار الأسد وعائلته حق اللجوء هذا الشهر بعد أن سيطر مسلحو المعارضة على دمشق في أعقاب تقدم مباغت لم يواجه أي مقاومة تذكَر من الجيش السوري.

سوريون في «مهرجان التحرير» للاحتفال بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، في إدلب، شمال غرب سوريا، 22 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وقالت موسكو في وقت سابق إنها تجري محادثات بشأن مصير المنشأة البحرية التي تديرها في ميناء طرطوس وقاعدة حميميم الجوية التي تديرها في محافظة اللاذقية.