لبنان يرضخ لضغوط دولية لـ«دولرة» مساعدات النازحين

لم يحصل حتى الساعة على «الداتا» التي طلبها من المفوضية

لاجئون سوريون في أحد المخيمات في لبنان (أ.ف.ب)
لاجئون سوريون في أحد المخيمات في لبنان (أ.ف.ب)
TT

لبنان يرضخ لضغوط دولية لـ«دولرة» مساعدات النازحين

لاجئون سوريون في أحد المخيمات في لبنان (أ.ف.ب)
لاجئون سوريون في أحد المخيمات في لبنان (أ.ف.ب)

يتقاذف المسؤولون اللبنانيون مسؤولية الموافقة على «دولرة» المساعدات التي يحصل عليها النازحون السوريون؛ لعلمهم بأنه سيرتد عليهم سلباً بسبب الاحتقان بين المجتمعين اللبناني المضيف والسوري الضيف، نتيجة الأزمة الاقتصادية المستفحلة في البلاد منذ عام 2019.

وأكد وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، خلال مؤتمر صحافي، عدم علمه بالقرار الذي اتخذ، وبالجهة الرسمية التي وقعته، واصفاً إياه بـ«الجريمة الكبرى بحق لبنان».

واستغربت الأوساط اللبنانية هذا القرار في وقت تضغط فيه معظم القوى السياسية باتجاه تفعيل ملف عودة النازحين السوريين إلى بلدهم بعد استتباب الوضع الأمني هناك، والانفراج الإقليمي الحاصل على خلفية التفاهم السعودي - الإيراني. وتعتبر هذه القوى أن دولرة المساعدات ستؤدي لتمسك النازحين بالبقاء في لبنان، ولن يشكل لهم حافزاً للعودة إلى سوريا؛ لأن ذلك يعني وقف حصولهم على أي مبلغ مالي.

وقال مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط» إن «لبنان تعرض لضغوط دولية أدت لموافقته على الدولرة»، لافتاً إلى أن «حاكم مصرف لبنان يطبق سياسات وقرارات الحكومة، وهذا القرار اتخذه رئيسها بالتفاهم مع وزير المال». وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته: «المفوضية كانت تودع الأموال في مصرف لبنان بالدولار، وكان يتم صرفها لهم بالليرة اللبنانية. الآن هذه الدولارات سيتم تحويلها إليهم مباشرة، ما يفقد الخزينة مزيداً من المداخيل بالعملة الصعبة».

وكان ميقاتي، في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، نفى «المزاعم» حول موافقته على دفع المساعدات المالية المخصصة للنازحين السوريين بالدولار الأميركي بناءً على طلب المفوضية العليا للاجئين، موضحاً أن «هذه الأموال في الأساس يتم تحويلها بالدولار، منذ أيام الحكومات السابقة، وليس لرئاسة الحكومة أي سلطة في هذا الموضوع». لكن بيان ميقاتي تحدث أيضاً عن «حجم التعقيدات في ملف النازحين الشائك واستحالة حلها بقرار لبناني أحادي».

وترد الناطقة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان ليزا أبو خالد تحويل المساعدات للنازحين بالدولار إلى «استمرار الانخفاض في قيمة العملة المحلية بعد التدهور الحاصل في الوضع الاقتصادي»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «منذ نهاية عام 2019 حتى شهر مايو (أيار) 2023، كان اللاجئون يتلقّون المساعدات النقدية بالليرة اللبنانية فقط. أما قبل الأزمة المالية عام 2019، فكان النهج المتّبع آنذاك هو تقديم المساعدات النقدية بالعملتين؛ أي بالليرة اللبنانية وبالدولار الأميركي». وأشارت إلى أنه «اعتبارا من نهاية شهر مايو (أيار) الحالي، سيتمكن اللاجئون من سحب مساعداتهم النقدية بالعملتين، بحيث يمكن للعائلة الواحدة المكونة من 5 أفراد أو أكثر أن تتلقى 125 دولاراً أميركياً كحدّ أقصى في الشهر الواحد على أن يسحبوا هذه المساعدة بالدولار أو بالليرة اللبنانية، بحسب سعر الصرف القريب من سعر الصرف في السوق الموازية».

ووفق رئيس اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية، النائب فادي علامة، فإن «دولرة المساعدات تعطي حافزاً لبقاء النازح في لبنان بحجة أن المبالغ التي يحصل عليها بالليرة اللبنانية غير كافية لتأمين مقومات العيش، علماً بأننا أوضحنا للمفوضية أن معظم النازحين في لبنان اقتصاديون ويقبضون أموالاً من أعمال يقومون بها إلى جانب المساعدات التي يتلقونها»، نافياً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» علمه بالجهة التي وافقت على الدولرة.

ولا يقتصر السجال الحاصل حول ملف النازحين على دولرة المساعدات التي يحصلون عليها، إنما على عدم تسلم وزارة الداخلية حتى الساعة الداتا الخاصة بالنازحين التي طلبتها من المفوضية. وهي ليست المرة الأولى التي تتجاوز فيها المفوضية المهل الزمنية المعطاة لها لتسليم هذه الداتا.

وعن هذا الموضوع، قالت ليزا أبو خالد لـ«الشرق الأوسط»: «تستمر المفوضية في مناقشاتها الدائمة والبناءة مع مكتب الأمن العام اللبناني حول معالجة الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه كلّ من اللبنانيين واللاجئين. يبقى هدفنا الأول والأخير حماية أولئك الأكثر ضعفاً في المجتمع المضيف كما واللاجئين، وضمان استمرارية الالتزام بمبادئ القانون الدولي. وبالتالي، وتبعاً لمهمتنا الخاصّة بالحماية، تواصل المفوضية المشاركة في مقترحاتٍ بنّاءة لمعالجة وضع اللاجئين في لبنان وضمان حمايتهم، بما في ذلك القضايا المتعلقة بمشاركة الداتا». وأشارت إلى «اجتماع المفوضية ومكتب الأمن العام معاً خلال الأسابيع الماضية لمناقشة مبادئ حماية الداتا وآلية رسمية لمشاركتها. كما شاركت المفوضية مسودّة اتفاقية لمناقشتها».

وأشار النائب علامة إلى أن المفوضية ترد عدم إعطاء الداتا لكونه «وبحسب القوانين الدولية، يفترض أن يكون هناك اتفاقية بين الطرف الذي يطلب الداتا والمفوضية لضمان سلامة الداتا، وعدم حصول أطراف أخرى عليها أو نشرها في أماكن خطأ، لذلك الموضوع متوقف عند الدولة اللبنانية لإنجاز هذا الاتفاق الذي كان يفترض أن يحصل عام 2011 كما حصل مع الأردن وتركيا».

من جهته، قال مصدر لبناني معني بالملف لـ«الشرق الأوسط» إن «الداتا التي لدى المفوضية ليست مفصلة بطريقة تسهل مهمة إعادة النازحين إلى سوريا، بحيث تلحظ مثلاً من أي محافظة نزح كل نازح وليس من أي مدينة وأي قرية، وهذه معلومة أساسية لإتمام العودة». وأشار المصدر إلى أن «القرار السياسي بعودة النازحين لم يُتخذ، وأي إجراءات أو قرارات يتخذها لبنان ستبقى دون نتائج فعلية حتى صدور هكذا قرار».

ويُقدر العدد الإجمالي للنازحين السوريين الموجودين بلبنان بنحو 2 مليون نازح سوري، بحسب الأمن العام اللبناني أي ما نسبته تقريبا 35%؜ من سكان لبنان. ومن بين هؤلاء 804326 مسجلاً لدى مفوضية اللاجئين التي أوقفت تسجيل المزيد منهم بعد قرار الحكومة اللبنانية عام 2015.

حقائق

يشكل السوريون 35 في المئة من السكان

أفاد آخر تقرير للأمن العام اللبناني بوجود 2 مليون نازح في البلاد


مقالات ذات صلة

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

البرلمان المصري يقرُّ قانون اللاجئين

أقر مجلس النواب المصري (البرلمان)، الثلاثاء، وبشكل نهائي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن «لجوء الأجانب»، الذي يتضمن 39 مادة «تنظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم إلى سوريا سيراً على الأقدام عبر حفرة ناجمة عن غارات جوية إسرائيلية تهدف إلى قطع الطريق السريع بين بيروت ودمشق عند معبر المصنع في شرق البقاع بلبنان في 5 أكتوبر 2024 (أ.ب)

عبور 385 ألف سوري و225 ألف لبناني من لبنان إلى سوريا منذ 23 سبتمبر

أظهر تقرير للحكومة اللبنانية تسجيل عبور أكثر من 385 ألف سوري و225 ألف لبناني إلى الأراضي السورية منذ 23 سبتمبر (أيلول) وحتى الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

«قانون اللاجئين» يثير جدلاً في مصر

أثار مشروع قانون ينظم أوضاع اللاجئين في مصر، ويناقشه مجلس النواب (البرلمان)، حالة جدل واسعة في مصر، وسط تساؤلات عن الفائدة التي ستعود على القاهرة من إقراره.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس النواب (الحكومة المصرية)

البرلمان المصري يقر «مبدئياً» قانوناً لتنظيم أوضاع اللاجئين

وافق مجلس النواب المصري (البرلمان)، الأحد، مبدئياً على مشروع قانون لتنظيم أوضاع اللاجئين، الذين تزايدت أعدادهم أخيراً في ظل صراعات وحروب تشهدها المنطقة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

الجيش الإسرائيلي يشن غارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)
سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يشن غارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)
سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)

شن الطيران الإسرائيلي غارات على ضاحية بيروت الجنوبية استهدفت حارة حريك بعد إنذارات بالإخلاء.

وكان الجيش الإسرائيلي طالب، اليوم الجمعة، سكان منطقتي الحدث وحارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، وعدة بلدات في جنوب لبنان، بإخلاء منازلهم فورا والانتقال إلى شمال نهر الأولي، محذرا من أنه سيقصف هذه المناطق بدعوى نشاط جماعة حزب الله فيها.

ووجه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إنذار إخلاء إلى سكان بلدات الطيبة وعدشيت القصير ودير سريان، وكذلك إلى سكان بلدتي برج الشمالي ومعشوق في جنوب لبنان. وقال أدرعي في حسابه على منصة إكس "يجب عليكم الإخلاء دون تأخير... يحظر عليكم التوجه جنوبا. أي تحرك نحو الجنوب قد يشكل خطرا على حياتكم".

وطالب متحدث الجيش الإسرائيلي أيضا بإخلاء بعض المباني في منطقتي الحدث وحارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، وحذر من أن الجيش "سيعمل ضدها على المدى الزمني القريب".

وسعت إسرائيل حربها التي تشنها على قطاع غزة لتشمل لبنان، وقتلت العديد من كبار قادة جماعة حزب الله التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر تشرين الأول 2023. وتسببت الهجمات الإسرائيلية في مقتل الآلاف ونزوح ما لا يقل عن مليون لبناني من الجنوب، وألحقت دمارا واسعا في أنحاء مختلفة من البلاد.

الجيش الإسرائيلي يطالب سكان بلدتي برج الشمالي ومعشوق في جنوب لبنان بإخلاء منازلهم فورا