هل تتأثر مناطق المعارضة بشح الوقود في مناطق سيطرة النظام السوري؟

انفتاح الشمال على تركيا وشركاتها منع تفاقم أزمة بدأت في المرحلة الأولى من الحرب

محطة وقود في منطقة تسيطر عليها المعارضة (الشرق الأوسط)
محطة وقود في منطقة تسيطر عليها المعارضة (الشرق الأوسط)
TT

هل تتأثر مناطق المعارضة بشح الوقود في مناطق سيطرة النظام السوري؟

محطة وقود في منطقة تسيطر عليها المعارضة (الشرق الأوسط)
محطة وقود في منطقة تسيطر عليها المعارضة (الشرق الأوسط)

تشهد المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، منذ 12 عاماً على اندلاع الحرب السورية، أزمات اقتصادية مستمرة وخانقة، وشحاً في توافر الوقود والمحروقات، وتؤدي عادةً إلى شلل في الحياة الاقتصادية والمعيشية، وتدفع بحكوماته المتعاقبة إلى رفع أسعاره بين الحين والآخر وبمعدل مرتين أو 3 مرات على الأقل كل عام.

وفي المقابل، تعيش مناطق المعارضة، شمال غربي سوريا، منذ ما يقارب 5 أعوام، حالة من الاستقرار الاقتصادي والمعيشي، مع توافر المحروقات المحلية والمستوردة، بأسعار تتوافق مع الحال المعيشي والاقتصادي في المنطقة، بعد دخول شركات خاصة إلى سوق المشتقات النفطية، واستيرادها من تركيا ومناطق «قوات سورية الديمقراطية (قسد)»، وتشرف الجهات الإدارية المتمثلة بالحكومة «المؤقتة» المدعومة من أنقرة، و«حكومة الإنقاذ السورية»، الذراع المدنية لـ«هيئة تحرير الشام»، على ضبط أسعارها وجودتها والمخزون الاحتياطي لتفادي الأزمات.

صهريج لنقل الوقود في إدلب (الشرق الأوسط)

ويقول حسن وهو مالك «شركة العالمية»، وهي إحدى الشركات الخاصة لاستيراد وتسويق المشتقات النفطية (بنزين وديزل) المحلية منها والمستوردة، في محافظة إدلب، إن مناطق المعارضة في شمال غربي سوريا بدأت، منذ خروجها عن سيطرة النظام السوري (أي ما يقارب 11 عاماً)، بتأمين المحروقات والمشتقات النفطية للمنطقة بعيداً عن النظام مصدراً رئيسياً، وذلك بالاعتماد على استيراده بشكل مباشر من مناطق إنتاجه في محافظة الرقة الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، عبر شركات خاصة، ونقله إلى محطات في منطقة ترحين شمال شرقي حلب، لتكريره وتنقيته وتسويقه في أريافها وفي محافظة إدلب، وبذلك لم تعد المنطقة مرتبطة بشح المحروقات الذي تشهده مناطق النظام السوري، وما لذلك من تأثيرات معيشية واقتصادية خانقة تؤدي في كثير من الأوقات إلى توقف المنشآت الصناعية والأفران وحركة المواصلات، وتصل إلى مرحلة الشلل التام.

ويضيف أن هناك مصدراً آخر يتأتى من المحروقات الأوروبية المستوردة عبر 6 شركات محلية بالتعاقد مع شركة تركية، وبذلك يمكن القول إن المنطقة تشهد اكتفاء، حيث تستورد الشركات المعتمدة ما يقارب 400 صهريج شهرياً، و بأسعار تناسب أحوال المواطنين، فسعر لتر المازوت الأوروبي أكثر بقليل من دولار أميركي واحد. أما المحلي المحسَّن فأكثر من نصف دولار، بينما سعر لتر مادة البنزين 1.175 دولار.

ولفت إلى أنه «تخضع كل الشركات الخاصة باستيراد وتسويق المشتقات النفطية، بالإضافة إلى محطات الوقود في المنطقة، لرقابة مشددة من قبل الجهات المسؤولة، وتعمل معظم المحطات على إعادة تنقية وتكرير المشتقات النفطية (ديزل وبنزين) وفق أفضل المعايير حتى تتناسب مع الآليات والسيارات الحديثة في المنطقة، وهذا ما يؤكده أصحاب ورش صيانة السيارات والآليات، بعد تراجع حجم الأعطال الفنية للآليات».

ويقول أحمد سليمان، وهو مسؤول العلاقات في «مديرية المشتقات النفطية» في إدلب، إن «حكومة (الإنقاذ) في إدلب منحت في العام الماضي وهذا العام، التراخيص والتسهيلات الكاملة لـ6 شركات خاصة، من أجل استيراد المشتقات النفطية للمنطقة. وتجري مراقبة جودة تلك المشتقات بشكل دوري، لضمان تسويقها وفق أفضل المعايير التي حددتها المديرية بالتعاون مع التموين في مراقبة الأسعار».

في إدلب (الشرق الأوسط)

وأشار إلى أنه «لتفادي تعرض المنطقة لأزمات وقود خانقة ومفاجئة، فرضت المديرية على أصحاب محطات بيع الوقود والشركات النفطية كمية الاحتياطي الاستراتيجي، بحيث إنه من كل 100 برميل، يخزن 20 برميلاً احتياطياً، للاستفادة منها في تشغيل الأفران والمستشفيات والمرافق العامة، في حال تعرضت المنطقة لأزمة وقود مفاجئة».

ولاقى المواطنون في محافظة إدلب وريف حلب خلال السنوات الماضية، وفراً غير مسبوق في المحروقات ومادة الغاز بعد أن جرى ضبط أسعارها والمحافظة على كمياتها في الأسواق.

ويقول الحاج أبو زياد (55 عاماً)، وهو مزارع في مدينة الدانا شمال إدلب، إن «مناطق إدلب وأرياف حلب شهدت خلال الأعوام الأخيرة حالة غير مسبوقة في توفر الوقود، وأهمها مادة الديزل لتشغيل المحركات الخاصة بالآبار الارتوازية لري المزروعات، وبأسعار تناسب معظم الفلاحين، فضلاً عن جودتها التي تختلف عن السنوات السابقة».

محطة وقود في منطقة الدانا شمال إدلب (الشرق الأوسط)

وأضاف: «غلاء أسعار المحروقات في السنوات الأولى التي خرجت فيها المنطقة عن سيطرة النظام، وعدم توفرها بكميات كافية، قوَّضا المساحات الزراعية، وتسبَّبا في تراجع كميات الإنتاج للمحاصيل، خصوصاً أن ذلك ترافق مع تكلفة باهظة كانت تطرأ على أجور نقل المحاصيل والمواصلات أيضاً، فضلاً عن الأعطال الفنية للمحركات. أما اليوم، ومع توافر المحروقات وبجودة ممتازة، بات بإمكان الجميع زراعة الأرض... وكذلك ينطبق الأمر على المعامل والمصانع والأفران، مما يساهم في دفع العجلة الاقتصادية في المنطقة، وتفادي وقوع كوارث معيشية أو اقتصادية».


مقالات ذات صلة

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي انفجار سابق لسيارة في سوريا (أرشيفية - رويترز)

مقتل شخصين في انفجار عبوة ناسفة بسيارة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الحسكة

ذكر التلفزيون السوري، اليوم الاثنين، أن شخصين قُتلا في انفجار عبوة ناسفة زُرعت بسيارة تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الحسكة شمال شرق سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران بصيغة «ضامني آستانة» في نيويورك خلال سبتمبر الماضي (الخارجية التركية)

سياسة ترمب نحو سوريا تتصدّر انطلاقة «آستانة 22»

انطلقت في كازاخستان اجتماعات «آستانة 22» بين الأطراف الضامنة لوقف النار في سوريا، مركّزة على التغييرات المحتملة في سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترمب نحو دمشق.

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي مؤيدون لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية خلال تشييع مقاتلتَين بعد غارة تركية بالقامشلي شمال شرقي سوريا في يونيو الماضي (أ.ف.ب)

تركيا تحث أميركا على وقف دعم المسلحين الأكراد في سوريا

كثّف مسؤولون أتراك دعواتهم لحث الولايات المتحدة على إعادة النظر في دعمها للمسلحين الأكراد في سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي مجهولون يستهدفون سيارة القيادي في الشرطة العسكرية «أبو حسن مارع» بمحيط معبر أبو الزندين شمال سوريا (متداولة)

استهداف معبر أبو الزندين بعد ساعات من محاولة فتحه مجدداً

بعد ساعات قليلة من فتح معبر أبو الزندين بالشمال السوري، تعرض المعبر لقصف مدفعي تزامن مع خروج مظاهرة رافضة فتحه، وسط أنباء عن استهداف سيارة قائد الشرطة العسكرية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مصدر أمني لبناني: استهداف قيادي بـ«حزب الله» في ضربة بيروت

TT

مصدر أمني لبناني: استهداف قيادي بـ«حزب الله» في ضربة بيروت

عناصر من الجيش اللبناني تقف قرب المبنى المستهدف في البسطة (الشرق الأوسط)
عناصر من الجيش اللبناني تقف قرب المبنى المستهدف في البسطة (الشرق الأوسط)

كشف مصدر أمني لبناني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «قيادياً كبيراً» في «حزب الله»، الموالي لإيران، جرى استهدافه في الغارة الإسرائيلية التي طاولت، فجر السبت، حياً مكتظاً بمنطقة البسطة في بيروت.

وقال المصدر -الذي لم يرد كشف هويته- إن «الضربة الإسرائيلية في البسطة كانت تستهدف شخصية قيادية في (حزب الله)»، من دون أن يؤكد إن كان المستهدف قتلاً أم لا.

وكانت وزارة الصحة اللبنانية قد ذكرت أن الضربة دمرت مبنى سكنياً، وأسفرت عن مقتل 11 شخصاً.

عناصر أمنية ومواطنون يتفقدون الدمار الذي خلّفته الغارات الإسرائيلية على منطقة البسطة في بيروت (الشرق الأوسط)

واستهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت في الرابعة فجر السبت من دون إنذار مسبق، وتركَّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا في قلب العاصمة اللبنانية، وهو حي شعبي مكتظ بالسكان، وسط تقارير عن استهداف قياديين بارزين في «حزب الله».

وتواردت أنباء عن استهداف القيادي البارز في «حزب الله» طلال حمية، في حين تدخل الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي على بيروت فجراً (الشرق الأوسط)

وأوردت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» الرسمية، أن بيروت «استفاقت على مجزرة مروّعة؛ إذ دمَّر طيران العدو الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنياً مؤلفاً من 8 طوابق بخمسة صواريخ في شارع المأمون بمنطقة البسطة».