دفعة جديدة للتطبيع بين أنقرة ودمشق بعد زوال عقدة الانسحاب

روسيا تحدثت عن لقاء رباعي لوزراء الخارجية... وتركيا رحبت بإيجابية الأسد

الأسد وإردوغان في دمشق قبل عام 2011
الأسد وإردوغان في دمشق قبل عام 2011
TT

دفعة جديدة للتطبيع بين أنقرة ودمشق بعد زوال عقدة الانسحاب

الأسد وإردوغان في دمشق قبل عام 2011
الأسد وإردوغان في دمشق قبل عام 2011

تجدَّدت الجهود لإحياء مسار محادثات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، عقب إعلان الرئيس السوري بشار الأسد أن بلاده لا تضع انسحاب تركيا العسكري شرطاً للمفاوضات معها، ردَّت عليها أنقرة بأنه لا توجد مشكلة بين البلدين لا يمكن حلها.

وتصاعد على مدى الساعات الأخيرة زخم التصريحات حول العودة إلى «صيغة أستانة» التي كانت إطاراً لمحادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق، التي توقفت عند الجولة 21 من محادثات الحل السياسي للأزمة السورية في أستانة، يونيو (حزيران) 2023.

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنه من المقرَّر أن تعقد روسيا وتركيا وسوريا وإيران اجتماعاً آخر في المستقبل المنظور لبحث تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

وقال لافروف لقناة «روسيا اليوم»، السبت: «موسكو تمكنت بـ(شق الأنفس)، العام الماضي، من عقد مباحثات بين أنقرة ودمشق بهدف بحث شروط تسهم في الوصول إلى تطبيع العلاقات بين الجانبين».

وزيرا الخارجية التركي والروسي خلال مباحثات في أنطاليا مارس الماضي (الخارجية التركية)

وأوضح أن المباحثات كانت مفيدة رغم أنها لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق على المضي قدماً؛ إذ تعتقد الحكومة السورية أن الاستمرار في عملية التطبيع يتطلب تحديد إجراءات انسحاب القوات التركية من سوريا. أما الأتراك، فهم مستعدون لذلك، ولكن لم يتم الاتفاق على معايير محددة حتى الآن.

وعد لافروف أنه «من الضروري التحضير الآن لاجتماع جديد»، مستدركاً: «أنا على ثقة من أنه سيُعقد في مستقبل قريب جداً. نحن مهتمون بلا شك بتطبيع العلاقات بين شركائنا في دمشق وأنقرة».

بالتزامن، قال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إنه لا توجد مشكلة في العلاقات لا يمكن حلها بين تركيا وسوريا. وبعد حل المشكلات أعتقد أننا سنكون قادرين على مواصلة أنشطتنا الطبيعية كدولتين متجاورتين.

ورحَّب غولر، في تصريحات لصحيفة «حرييت» التركية، القريبة من الحكومة، بتصريحات الرئيس السوري بشار الأسد حول عودة العلاقات مع تركيا، ووصفها بـ«الإيجابية للغاية».

وزير الدفاع التركي يشار غولر (الدفاع التركية)

وتتحدث أنقرة عن 4 شروط لتحقيق التطبيع مع دمشق، تتمثل في إقرار الدستور وإجراء انتخابات حرة بمشاركة جميع الأطياف ومراعاة مطالب الشعب السوري، ومكافحة الإرهاب وتأمين الحدود، وضمان العودة الطوعية الآمنة للاجئين، وضمان استدامة المساعدات للمحتاجين.

تصريحات الأسد الأخيرة أحيت الآمال بعقد لقاء قريب مع الأسد (من لقاء في إسطنبول قبل 2011- الرئاسة التركية)

عودة «صيغة أستانة»

والجمعة، قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، إن تنظيم لقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، يتطلب تحضيرات جدية، وإن موسكو مستعدة لقبول عقد هذا اللقاء لديها.

وأضاف: «بالطبع، نحن على اتصال مع الإيرانيين والعراقيين، لأنهم أيضاً مهتمون جداً بتطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا؛ الأمر الذي سيكون له تأثير إيجابي على الوضع العام في سوريا وما حولها».

وتابع بوغدانوف: «نؤيد عملية تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا، على أساس الاعتراف المتبادَل بسلامة أراضي ووحدة وسيادة البلدين الجارين».

مباحثات نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف مع مسؤولين بالخارجية التركية في أنقرة (وزارة الخارجية التركية)

وفي تصريحات جديدة، الأحد، أكد بوغدانوف لوكالة «تاس» الروسية، أنه يجري الإعداد لاجتماع يجمع وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران، وأن العمل جارٍ لتحديد أجندته وموعده.

ولفت إلى أن روسيا تدعم مشاركة إيران في أي محادثات أخرى لتطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، قائلاً إن «هذا سيجعل من الممكن الاستفادة من الإمكانات التي تم إنشاؤها كجزء من عملية أستانة، التي أثبتت فعاليتها».

وتوالت في الأيام القليلة الماضية التصريحات الإيجابية بشأن عودة العلاقات التركية السورية إلى طبيعتها؛ فقد صرح رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، بأنه على استعداد للقاء رئيس مجلس الشعب السوري، حمودة صباغ، مؤكداً أن الشعبين السوري والتركي ليس بينهما أي عداء.

وبدوره، رأى السفير السوري السابق لدى تركيا، نضال قبلان، أن هناك «إشارات إيجابية»، بخصوص جهود التطبيع بين أنقرة ودمشق، بما في ذلك احتمال لقاء وزيرَي خارجية البلدين.

وقال قبلان، وهو آخر سفير لسوريا لدى تركيا قبل الأزمة في العلاقات التي وقعت عام 2011، إن انسحاب القوات التركية من سوريا هو «نتيجة للمفاوضات وليس شرطاً مسبقاً للتطبيع».

وأوضح قبلان، بحسب ما نقل موقع «بي بي سي» باللغة التركية، أن تصريح الرئيس بشار الأسد بأن انسحاب القوات التركية من سوريا ليس شرطاً مسبقاً لإجراء محادثات، يُعدّ رداً على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأخيرة، عن استعداده للقائه، ومع الرسائل التي بعث بها الوسطاء الروس والعراقيون بأن الرئيس التركي جاد في هذا الأمر، وأن الأسد يريد أن يكون انسحاب القوات التركية من سوريا نتيجة للمفاوضات، وليس شرطاً مسبقاً، وأن دمشق تتوقع من أنقرة الالتزام بالانسحاب.

القوات التركية في سوريا لم تعد تشكل عقبة أمام مفاوضات التطبيع (أرشيفية)

ولفت إلى أن أولويات الحكومة السورية تغيرت إلى استعادة السيطرة على جميع المناطق السورية، وإعادة بناء البنية التحتية التي تعرضت لدمار شديد، مؤكداً أن حلم حزب العمال الكردستاني و«وحدات حماية الشعب الكردية» بتشكيل كيان انفصالي ليس مطروحاً للنقاش، ولا يوجد مكان لأي جماعة مسلحة في سوريا غير الجيش السوري.

وأضاف قبلان أن الحكومة السورية مستعدة للعمل، جنباً إلى جنب، مع تركيا، لإزالة أي مخاوف أمنية على طول حدودها، ما دام ذلك لا يعرِّض سيادة سوريا واستقرارها وأمنها للخطر.

وكشف عن أن روسيا طلبت من «العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» وغيرها من الجماعات الانفصالية في المنطقة، أن يجدوا طريقة للتواصل مع دمشق، مشدداً على أن «أي جزء من سوريا لن يُمنح لأي مجموعة عرقية، بمن في ذلك الأكراد».

نزايدت في الأشهر الأخيرة عودة السوريين في تركيا إلى بلادهم (إكس)

عفو شامل

ورأى أن القضية «الأكثر تحدياً» في تطبيع العلاقات مع تركيا هي عودة اللاجئين السوريين، مشيراً إلى أن الأسد سيصدر قريباً عفواً شاملاً عن كل من فرَّ من البلاد خلال الأزمة، ويخشى من العقوبات عند العودة.

في السياق، أظهرت بيانات صادرة عن رئاسة الهجرة التركية انخفاضاً ملحوظاً في عدد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا تحت «الحماية المؤقتة»، وتراجع العدد بأكثر من 117 ألف شخص خلال الأشهر الـ8 الأولى من العام الحالي إلى نحو 3 ملايين و98 ألف لاجئ حتى نهاية أغسطس (آب)، مقارنة بما يقارب 3 ملايين و215 ألفت بنهاية عام 2023.


مقالات ذات صلة

أوجلان يطالب «قسد» بالتخلص من عناصرها الأجنبية

شؤون إقليمية قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

أوجلان يطالب «قسد» بالتخلص من عناصرها الأجنبية

بعث زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، برسالة إلى قائد «قسد» مظلوم عبدي، طالبه فيها بإنهاء وجود العناصر الأجنبية ضمن صفوفها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

وجّه زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان رسالة دعم جديدة لعملية السلام بتركيا في الوقت الذي تستمر فيه الاتصالات والمناقشات حولها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سحب حزب «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر الماضي 25 من مقاتليه من الأراضي التركية إلى شمال العراق بإطار عملية السلام مع تركيا (رويترز)

تركيا: تجاذب حول قانون أوجلان للسلام والاعتراف بـ«المشكلة الكردية»

فجّرت المطالب الكردية بشأن «عملية «السلام» في تركيا التي تمر عبر حل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته تجاذباً على الساحة السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

تستعد لجنة شكّلها البرلمان التركي لاقتراح الإطار القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته للمرحلة الثانية من عملية السلام وحل المشكلة الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال حفل إطلاق وثيقة رؤية حزب «العدالة والتنمية» للعالم في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان يؤكد مُضيَّ «العمال الكردستاني» في التخلص من أسلحته

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن عملية إحراق أسلحة حزب «العمال الكردستاني»، وتطهير الكهوف الجبلية في شرق وجنوب شرقي البلاد مستمرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)
المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)
TT

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)
المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)

قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو»، مشدداً على أن جزءاً كبيراً من هذه القدرات «لم يستخدم بعد»، في رسالة تحذير مباشرة لإسرائيل وسط تصاعد التوتر الإقليمي عقب حرب يونيو (حزيران) الماضي.

وحذر شكارجي من أن «الرد سيكون قاطعاً» إذا فُرضت مواجهة على إيران، مؤكداً في الوقت نفسه أن أي تحرك هجومي من جانب طهران «سيكون بهدف معاقبة المعتدي»، وليس بدء حرب جديدة.

ونقلت وكالة «دانشجو» التابعة لـ«الباسيج الطلابي» عنه قوله إن إيران «لم تكن يوماً البادئة بالحرب»، لكنها «ستقف بحزم أمام أي عدوان»، مشدداً على أن العقيدة الدفاعية الإيرانية تقوم على الردع والاستعداد المستمر.

وتطرق شكارجي إلى الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي، واصفاً إياها بأنها «حرب مركّبة شاملة»، حشد فيها الخصوم «كل قدراتهم أملاً في توجيه ضربة قاضية»، لكنه قال إنهم «فشلوا في تحقيق أهدافهم». وأضاف أن القدرات الإيرانية «لم تُستنزف» خلال تلك المواجهة، وأن ما لم يستخدم بعد «يشكل جزءاً أساسياً من معادلة الردع»، مشيراً إلى أن الضغوط والتهديدات «لن تغيّر مسار إيران، بل ستعزز تماسكها».

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو، هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي، مما أشعل حرباً استمرت 12 يوماً بين الجانبين. وانضمت الولايات المتحدة لاحقاً إلى المواجهة عبر قصف ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

وفي إشارة ضمنية إلى تقارير غربية وإسرائيلية تحدثت عن مساعٍ إيرانية لإعادة بناء وتعزيز القدرات الصاروخية، قال شكارجي إن طهران «لم تتوقف عن العمل حتى في ذروة التوتر»، موضحاً أن الحرب التي استمرت 12 يوماً «شهدت تعزيزاً للقدرات وتحقيق نتائج ملموسة». وأضاف أن الصاروخ الإيراني «فتاح» تمكن من اختراق منظومات دفاعية «تقدَّر تكلفتها بملايين الدولارات»، في إشارةٍ إلى فاعلية القدرات الصاروخية الإيرانية في مواجهة أنظمة دفاع متطورة.

لوحة إعلانية تحمل صوراً لقادة في «الحرس الثوري» قُتلوا خلال القصف الإسرائيلي معلَّقة على جسر على طريق سريع في طهران 14 يونيو الماضي (إ.ب.أ)

وفي جانب آخر من تصريحاته، ركز شكارجي على ما وصفها بـ«الحرب الناعمة»، معتبراً أنها «ميدان الصراع الأشد خطورة»، لأن «الخسائر الحقيقية تقع فيها». وقال إن مسار المواجهة «تحول جزئياً نحو الحرب الناعمة والإعلامية بهدف ضرب معنويات المجتمع»، مشيراً إلى أن الخصوم راهنوا على أدوات إعلامية ونفسية لتقويض المعنويات الداخلية. وأضاف أن «تماسك الجبهة الداخلية» والتنسيق بين الإعلام والقوات المسلحة والمجتمع «أفشل هذا الرهان وقلب المعادلة».

وعلى الصعيد الأمني الداخلي، كشف شكارجي عن تفكيك شبكة واسعة من الجواسيس والعناصر المرتبطة بـ«العدو»، موضحاً أنه جرى اعتقال نحو 2000 شخص خلال الفترة الممتدة من أشهر قبل اندلاع الحرب حتى نهايتها. وقال إن هذه الشبكة «أُنشئت على مدى سنوات»، وصُرفت «أموال طائلة لتدريبها وتنظيمها»، لافتاً إلى أن الجاهزية المسبقة للأجهزة المعنية أسهمت في إحباط نشاطها، مؤكداً أن «إعادة بناء مثل هذه الشبكات ليست سهلة».

تأتي تصريحات شكارجي في وقت تتصاعد فيه التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة طهران إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية بعد الحرب التي اندلعت بين الجانبين في يونيو (حزيران) الماضي، وسط مخاوف متزايدة من سوء تقدير قد يقود إلى مواجهة جديدة غير مقصودة.

في هذا السياق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن إسرائيل «على علم» بأن إيران تُجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة، مضيفاً أن الأنشطة النووية الإيرانية ستُبحث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة مرتقبة في وقت لاحق من هذا الشهر. ولم يقدم نتنياهو تفاصيل إضافية عن طبيعة هذه التدريبات، لكنه حذّر من أن أي تحرك إيراني سيقابَل برد «قاسٍ للغاية».

وتعكس تصريحات نتنياهو قلقاً متزايداً في تل أبيب من أن التحركات الصاروخية الإيرانية الجديدة قد لا تكون مجرد تدريبات اعتيادية، بل جزء من جهود أوسع لإعادة ترميم الترسانة الباليستية التي تضررت خلال الحرب الأخيرة.

وفي واشنطن، قال السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي إن إيران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد القصف الأميركي لمنشأة فوردو النووية خلال الحرب، مشيراً إلى تقارير عن محاولات لإعادة بناء الموقع وتعزيز تحصيناته. وأضاف أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب شدد مراراً على أن إيران «لن تخصب اليورانيوم ولن تمتلك سلاحاً نووياً».

وفي الإطار نفسه، أعلن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، خلال زيارة لإسرائيل، تأييده توجيه ضربات إلى إيران، محذراً من أن إعادة بناء القدرات الصاروخية الباليستية باتت تشكل تهديداً لا يقل خطورة عن البرنامج النووي، وداعياً إلى استهداف هذه القدرات في أي ضربة محتملة.

في المقابل، شددت إيران على أن برنامجها الصاروخي «دفاعي بحت» وخارج أي مسار تفاوضي. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن القدرات العسكرية الإيرانية طُورت لأغراض الردع، محذراً من الرد على أي اعتداء يستهدف البلاد.

رجل يمر أمام لافتة بمكتب صرافة مع تراجع قيمة الريال الإيراني في طهران (رويترز)

وعلى الصعيد الداخلي، شهدت الساحة الإيرانية تبايناً في الروايات بشأن مناورات صاروخية محتملة، بعدما تحدثت وسائل إعلام قريبة من «الحرس الثوري» عن اختبارات في عدة محافظات، قبل أن ينفي التلفزيون الرسمي إجراء أي مناورات أو تجارب صاروخية.

وحذر مسؤولون إسرائيليون وأميركيون من أن هذا التضارب في المعطيات، إلى جانب ارتفاع منسوب الخطاب العسكري، قد يزيد من مخاطر الانزلاق إلى مواجهة أوسع في المنطقة، في ظل غياب قنوات تواصل واضحة قادرة على ضبط إيقاع التصعيد.

ومع ذلك، تحدث مسؤول أميركي عن مقاربة واشنطن الحالية تجاه إيران، مؤكداً أن إدارة الرئيس دونالد ترمب ترى سلوك طهران «مزعزعاً للاستقرار»، لكنها تعتمد في هذه المرحلة أدوات دبلوماسية واقتصادية وليست عسكرية.

وقال المسؤول، وفق ما نقلت «جيروزاليم بوست» عن موقع «والا»، إن الولايات المتحدة أعادت تفعيل استراتيجية «الضغط الأقصى» بهدف إنهاء التهديد النووي الإيراني، وكبح برنامج الصواريخ الباليستية، ومنع دعم طهران لما تصفها واشنطن بـ«المنظمات الإرهابية».

وأضاف أن هذه المقاربة تقوم على تضييق الخناق على إيران عبر العقوبات والعزلة الدولية والضغط الدبلوماسي، بدلاً من فتح جبهة عسكرية جديدة قد تقود إلى تصعيد واسع في المنطقة، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية تفضّل إدارة التهديد الإيراني تدريجياً، مع إبقاء جميع الخيارات مطروحة، من دون التسرع في اللجوء إلى القوة.


ما تكاليف رحلات نتنياهو الخارجية في 2025؟

نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)
نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)
TT

ما تكاليف رحلات نتنياهو الخارجية في 2025؟

نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)
نتنياهو يصعد إلى الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة فبراير 2025 (د.ب.أ)

بينما يتجهز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى زيارة جديدة للولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي، للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كُشف النقاب عن تكاليف الرحلات الجوية التي قام بها خلال عام 2025، والتي وصل عددها 4 مرات، وذلك على الرغم من صدور مذكرة اعتقال بحقه من قِبل «المحكمة الجنائية الدولية» التي تتهمه بارتكاب جرائم حرب في غزة.

وكشفت «حركة حرية المعلومات» الإسرائيلية، عن تكاليف السفر كاملة، بما فيها ما يتعلق بحجز أجنحة للمبيت، وتكلفة غرفة كل فرد من حاشيته، وتكلفة رحلة الطائرة الخاصة المسماة «جناح صهيون» الخاصة برئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي غادر على متنها نتنياهو إلى واشنطن في فبراير (شباط) الماضي.

وكانت أولى رحلات نتنياهو إلى واشنطن في الفترة من 2 إلى 9 فبراير، والتقى خلالها ترمب في البيت الأبيض، حيث رافقه خلال الرحلة 40 فرداً من حاشيته، بالإضافة إلى حراس أمن، لم يُكشف عن عددهم لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

وبلغت تكلفة الغرفة الفندقية الواحدة 415 دولاراً، بينما أقام نتنياهو في فندق ويلارد إنتركونتيننتال واشنطن في جناح بلغت تكلفته 5000 دولار لليلة الواحدة، أي ما مجموعه 25000 دولار، أما تكلفة الرحلة على متن طائرة «جناح صهيون» فبلغت 434 ألف دولار، وهي الرحلة الوحيدة التي تم الكشف عن تكلفتها، بينما رد مكتب نتنياهو بأنه ما زالت تجري عمليات مراجعة بشأن التكاليف المتعلقة بالرحلات الأخرى على الطائرة نفسها.

وفي الثالث من أبريل (نيسان) الماضي، انطلق نتنياهو في رحلة استغرقت أربعة أيام إلى المجر، ورافقه 36 شخصاً من حاشيته، وبلغت تكلفة الغرفة الواحدة 417 دولاراً لليلة الواحدة، بينما أقام نتنياهو وزوجته في جناح بفندق فور سيزونز غريشام بالاس، بتكلفة 4632 دولاراً أميركياً لليلة الواحدة، أي ما يعادل 18528 دولاراً للجناح طوال فترة الزيارة.

طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مدرج مطار بودابست في المجر أبريل الماضي (أ.ف.ب)

ومن المجر، توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى واشنطن، حيث أقام من 6 إلى 9 أبريل (نيسان)، بصحبة 36 شخصاً من حاشيته، وبلغت تكلفة الغرفة في فندق ويلارد إنتركونتيننتال واشنطن 520 دولاراً، بينما أقام نتنياهو وزوجته في مركز ضيافة بلير هاوس (مقر ضيافة الرئيس الأميركي)، وكانت الإقامة في الجناح ونحو 14 غرفة على نفقة المضيفين، وفقاً لما ذكره مكتب نتنياهو.

في السادس من يوليو (تموز) الماضي، انطلق نتنياهو في زيارة أخرى إلى واشنطن للقاء ترمب، واستمرت الزيارة خمسة أيام، ورافقه خلالها 41 شخصاً من حاشيته، حيث بلغت تكلفة الغرفة الفندقية العادية 375 دولاراً.

ووفقاً لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فقد تكفل المضيفون تكاليف الجناح ونحو 14 غرفة أخرى في ضيافة بلير هاوس طوال فترة الزيارة.

«إخفاء ممنهج للتكلفة»

وكانت الرحلة الأخيرة إلى نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث زار نتنياهو نيويورك بين 23 و30 سبتمبر (أيلول) الماضي، برفقة 38 عضواً من وفده، وبلغ سعر الغرفة العادية في فندق لويز ريجنسي 1199 دولاراً أميركياً لليلة الواحدة، بينما بلغ سعر الجناح 5999 دولاراً لليلة الواحدة، بمجمل تكلفة 41993 دولاراً طوال الزيارة. وأكد مكتب نتنياهو أن «تكلفة الغرف مرتفعة للغاية نظراً لتزامن الحجز مع موعد الانعقاد السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة؛ إذ يتم حجز الغرف مسبقاً».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك سبتمبر الماضي (رويترز)

ومن المقرر أن يغادر رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأسبوع المقبل في زيارة أخرى إلى الولايات المتحدة، ولم يفصح عن تكاليف الرحلة إلى فلوريدا، حسبما أفادت «حركة حرية المعلومات».

واتهمت المحامية هايدي نيغيف، الرئيسة التنفيذية لـ«حركة حرية المعلومات»، مكتب نتنياهو بأنه «يخفي بشكل ممنهج تكاليف السفر إلى الخارج، ولا سيما حين يستخدم طائرة (جناح صهيون)»، مشيرةً إلى أن «المعلومات التي وصلت إليها الحركة بعد تقديم التماس أمام المحكمة المختصة، مليئة بالثغرات التي تثير الحيرة».

وأكدت الحركة أنها ستواصل «نضالها القانوني لاسترداد جميع الأموال العامة التي تم إنفاقها».

وكثيراً ما تعمل «حركة حرية المعلومات» على تقديم التماسات للكشف عن مصاريف نتنياهو وعائلته ونفقة منازله وسفره، وكثيراً ما كُشف عن نفقات عالية رغم أنه في فترات لم يستخدم تلك المنازل كما جرى خلال الحرب.


أوجلان يطالب «قسد» بالتخلص من عناصرها الأجنبية

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

أوجلان يطالب «قسد» بالتخلص من عناصرها الأجنبية

عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

بعث زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان، برسالة إلى قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، طالبه فيها بإنهاء وجود العناصر الأجنبية ضمن صفوفها.

وحسبما ذكرت صحيفة «تركيا» القريبة من الحكومة، الثلاثاء، ناقشت السلطات التركية مع أوجلان مسألة «طرد العناصر الأجنبية من (قسد)»، وهو شرط تتمسك به أنقرة وتعده «غير قابل للتفاوض»، ضمن تنفيذ اتفاقية اندماج «قسد» في الجيش السوري، الموقَّعة بين عبدي والرئيس أحمد الشرع في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، والتي كان يُنتظر الانتهاء من تنفيذها بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع.

وكرر وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في تصريحات، الأسبوع الماضي، مطالبة أنقرة بترحيل العناصر غير السورية في «قسد»، وإزالة جميع العناصر المنتشرة بطريقة تتعارض مع مصالح تركيا وأمنها، محذراً من أن صبر تركيا والأطراف المعنية باتفاق 10 مارس بدأ ينفد.

خطوة مهمة

ووفقاً للصحيفة، فإن تركيا ستعد طرد العناصر الأجنبية في «قسد»، خطوة مهمة تدفع إلى اتخاذ إجراءات قانونية من أجل تنفيذ مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب»، التي يسميها أوجلان والجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، وسيكون بإمكان المواطنين الأتراك المنتمين إلى «هذه المنظمة» (قسد)، العودة إلى تركيا إذا رغبوا في ذلك، وأن هذه المجموعة قد تستفيد أيضاً من اللوائح القانونية المزمع سنّها في إطار عملية حل حزب العمال الكردستاني والمجموعات المرتبطة به، وبينها وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود «قسد»، ونزع أسلحتها.

أوجلان وجه نداءً لحل حزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي تؤكد أنقرة أنه يشمل «قسد» (إ.ب.أ)

وتتمسك أنقرة بأن نداء «دعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي»، الذي وجهه أوجلان إلى حزب العمال الكردستاني في 27 فبراير (شباط) الماضي، يشمل جميع المجموعات المرتبطة بالحزب، بما في ذلك «وحدات حماية الشعب» الكردية، لكن عبدي صرح بأن النداء لا يعنيهم، ثم عاد وقال في تصريحات، قبل أسبوعين، إن هناك ضرورة لإجراء محادثات مباشرة مع أوجلان بشأن العملية الجديدة، لافتاً إلى أنه قد يزور تركيا أيضاً «إذا كان هذا الوضع سيسهم إيجاباً في الحل».

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

ولفت عبدي إلى أنهم تبادلوا وجهات النظر مع أوجلان عبر الرسائل، وهناك حديث عن وجود مسلحين من حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، مشدداً على «أن هذه القضايا لن تُحل إلا مع أوجلان، ونريد أن نكون طرفاً داعماً وليس عائقاً».

وسبق أن طالب أوجلان تركيا بالتعامل بحساسية أكبر مع سوريا كونها دولة مستقلة، وبعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وإجراء حوار مباشر مع «قسد».

رسائل سابقة

وفي رسالة سابقة، مؤرخة في 28 يوليو (تموز)، بعث بها أوجلان إلى زعماء ووجهاء العشائر العربية في الجزيرة ودير الزور والرقة والطبقة، قُرئت عليهم في اجتماعات معهم في سبتمبر (أيلول) الماضي، دعا إلى تعزيز روابط الأخوّة مع الأكراد ودعم «قسد» في مواجهة التحديات.

وذكر أوجلان أن «العلاقة التاريخية بين العرب والأكراد تشكل الضمانة الأساسية لوحدة سوريا واستقرارها»، مشدداً على مشروع «الأمة الديمقراطية» كإطار جامع لبناء «دولة آمنة وديمقراطية».

الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقائه وفداً تركياً ضم وزيري الخارجية والدفاع ورئيس المخابرات في دمشق 22 ديسمبر (وزارة الدفاع التركية - «إكس»)

جاء الإعلان عن رسالة أوجلان لـ«قسد» بعد الاشتباكات الدامية التي وقعت في حلب بين قوات تابعة لوزارة الدفاع السورية و«قسد» في حلب، الاثنين، بالتزامن مع زيارة وفد تركي رفيع المستوى ضم وزيري الخارجية هاكان فيدان، والدفاع يشار غولر، ورئيس المخابرات إبراهيم كالين، إلى دمشق، ولقائه الشرع لبحث آخر التطورات في سوريا، وتنفيذ اتفاق 10 مارس، والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

وأصدرت وزارة الدفاع السورية و«قسد»، ليل الاثنين - الثلاثاء، أوامر بوقف إطلاق النار، بعد الاشتباكات التي أوقعت 4 قتلى، فيما تبادل الطرفان الاتهامات حيال التسبب باندلاعها.

موقف تركي - سوري

وأكد وزيرا الدفاع التركي هاكان فيدان، ونظيره السوري أسعد الشيباني، في مؤتمر صحافي في دمشق، أنه لا توجد مؤشرات على نية «قسد» إحراز أي تقدم في تنفيذ اتفاق 10 مارس، وأنها تماطل في هذا الأمر، وهو ما أرجعه فيدان إلى مباحثاتها مع إسرائيل.

فيدان والشيباني خلال مؤتمر صحافي في دمشق 22 ديسمبر (إ.ب.أ)

وقال فيدان إنه «من المهم أن يتم دمج (قسد) في الإدارة السورية من خلال الحوار والمصالحة، وبشكل شفاف، وألا تعود تشكّل عائقاً أمام وحدة الأراضي السورية واستقرارها على المدى الطويل».

وذكر الشيباني أن دمشق تلقت، الأحد، رداً من «قسد» على صيغة اقتراح قدمته لها وزارة الدفاع السورية من أجل دمج مسلحيها في صفوف الجيش السوري، تجري دراسته وكيفية استجابته للمصلحة الوطنية في أن يحقق الاندماج ويحقق أرضاً سورية واحدة موحدة، وأنه سيتم إبلاغ الجانب الأميركي بالرد في القريب العاجل.

وفي أنقرة، دعا المتحدث باسم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، عمر تشيليك، «قسد» إلى الإسراع في تنفيذ بنود اتفاق 10 مارس، لافتاً إلى أن تركيا مستعدة دائماً عسكرياً (حال عدم تنفيذ الاتفاق) لاتخاذ ما يلزم لضمان أمنها القومي.

واستدرك، خلال تصريحات مساء الاثنين، عقب اجتماع للجنة المركزية للحزب: «لكننا نريد ألا تصل الأمور إلى هذه المرحلة، وعندما تدعو الحاجة بطبيعة الحال فسيتم التنفيذ دون تردد».