الملك عبد العزيز حذّر من التشويش على جهود تحديث البلاد

وثيقة تاريخية للمؤسس عن مصلحة استقطاب الشركات الأجنبية

الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن خلال تدشينه أحد المشروعات (واس)
الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن خلال تدشينه أحد المشروعات (واس)
TT

الملك عبد العزيز حذّر من التشويش على جهود تحديث البلاد

الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن خلال تدشينه أحد المشروعات (واس)
الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن خلال تدشينه أحد المشروعات (واس)

وجّه الملك عبد العزيز رسالة إلى عدد من العلماء، بيّن فيها وجهة نظره بشأن استقطاب شركات من غير المسلمين لتعزيز جهود تحديث البلاد، وبناء قدراتها، وفنّد في رسالته المآخذ التي طرحها بعض العلماء حول الاستعانة بهذه الشركات، محذراً من التشويش وإثارة الفتن، التي تصعّب من مهمته لخدمة البلاد، وتحمّله أعباء فوق ما يطيقه من الأمور.

وأظهرت وثيقة تاريخية، اطلعت عليها «الشرق الأوسط» من محفوظات دارة الملك عبد العزيز، رسالة من الملك المؤسس إلى عدد من العلماء والشيوخ في البلاد، أوضح فيها المصلحة من وراء استقطاب شركات من غير المسلمين لإنجاز الأعمال والمشروعات في البلاد.

ووجّه الملك عبد العزيز رسالته إلى عدد من الشيوخ بشأن اﻻتفاق مع شركة من غير المسلمين، ردّاً على ما ورده منهم عن كون اﻻستعانة بها غير جائزة شرعاً، وأوضح الملك في رسالته لهم أن المصلحة العامة تقتضي وجود منسوبي الشركة من غير المسلمين في البلاد، وموصياً لهم بتبيان ذلك لعامة الناس وتنويرهم بهذا الخصوص.

رسالة الملك عبد العزيز إلى المشايخ والعلماء (دارة الملك عبد العزيز)

وفنّد الملك في رسالته ما عدّه بعض العلماء مآخذ على استقطاب الشركة، مفنداً بعض عناصر وجهة النظر تلك، مثل عدم جواز دخول غير المسلمين في ولاية المسلمين، ونفور البعض من هذه الخطوة، والخوف من المفسدة، مؤكداً حرصه على سلامة الدين والمجتمع.

وأوضح الملك عبد العزيز، في مطلع رسالته، أنه سبق إلى مكاتبة أهل نجد بشأن استقطاب الشركة، وذلك لتلقي مرئياتهم بهذا الشأن، وقد تحقق لديه عدم وقوع أي مفسدة أو ضرر من استقطابها.

وكتب «والحمد لله أنني أحرص على ديني وولايتي، وأحب والله إليّ أن لكم معرفة في هذه الأمور، وأنني ما أمضي خيطاً في إبرة إلا من تحتكم، أما هذا الأمر فلا حدّني (أجبرني) عليه إلا الضرورة، ولا لي استقامة إلا به، وثابتٌ عندي إن شاء الله عدم مضرته، ومصلحته للمسلمين».

وشدد الملك عبد العزيز في رسالته إلى المشايخ أن اعتداده بالدين وحميّته الوطنية، تحتم عليه أن يكون مؤتمناً، ومحل ثقة، فيما يختاره لصالح الناس والبلد، وأن إثارة البلبلة تصعب من مهمته لخدمة البلاد، وتحمله أعباء فوق ما يطيقه من الأمور.

وقال الملك عبد العزيز في رسالته: «إن كان أني مؤتمن، وأنكم تظنون أن فيّ إن شاء الله دين يحماني، وحمية على الوطن، فاتكلوا على الله وثقوا به، فإن كان الأمر يرجع إلى هذه الرجرجة وهذا التوبيخ، ودخول الناس في أمر ما يعرفون محله، فهذا أمر يصعب عليّ، مع ما أني متحمل من الأمور الذي ما يعلمها إلا ربي».

وحذّر الملك عبد العزيز من التشويش وإثارة الفتن، وكتب «وإن كان المقصود، حكي وتداخل يحرك الفتن، فالسلامة منها أولى، نرجو أن يوفقنا الله وإياكم للخير، وينصر دينه ويعلي كلمته».

تطلبت جهود تحديث البلاد وبناء قدراتها استقطاب الخبرات الأجنبية وكبرى الشركات الدولية (واس)

وقد تطلبت جهود تحديث البلاد، وبناء قدراتها، استقطاب الخبرات الأجنبية، وكبرى الشركات الدولية، لتدلي بدلوها وجهدها في بناء قدرات الأفراد، وتجهيز إمكانات البلاد لمستقبلها الواعد، وقد أحدثت الشركات التي حضرت مبكراً إلى السعودية في مطلع قيامها، أثراً ثقافياً واجتماعياً، انعكس في طبيعة السلوك والمظهر الاجتماعي والثقافة العامة، وهو ما تزامن مع ظهور ملامح الحداثة والعصرنة على المدن السعودية الرئيسية.

وأرست رؤية الملك عبد العزيز المبكرة، مسار النهضة السعودية، من خلال نجاحه في تأسيس قاعدة اقتصادية متينة، تتجاوز تحديات توحيد البلاد، وتنهض بمستقبل مجتمع وكيان ناشئين في مواجهة المستقبل.

وواجه الملك عبد العزيز تحديات اقتصادية متعددة في أول مسيرة التأسيس، وتمكّن الملك المؤسس في مواجهتها من إبداع نهج لترويض تلك التحديات، وتحويل السعودية إلى أرض منتجة وجاذبة للتعمير، وتحقيق نقلة اقتصادية وتنموية تاريخية للبلاد.

ولم تكن التحديات مقتصرة على شح الإمكانات وتواضع القدرات البشرية في بداية تأسيس الدولة، بل كانت في الثقافة الاجتماعية التي تتسم بالتحفظ والتردد في قبول استحقاقات المستقبل وشروط النهضة الشاملة، وقد اتسم نهج الملك عبد العزيز بالتوازن بين الحزم والتسامح في التعامل مع وجهات النظر التي قد تعوق تطلعاته لبناء البلاد.

وكان الملك عبد العزيز في سبيل تحقيق رؤيته الاستشرافية لبناء دولة حديثة، مدركاً التطورات العالمية خارج حدود بلاده من جهة، وملماً بالاستعداد النفسي والثقافي للمجتمع المحلي، بكل مستوياته، من جماعة العلماء إلى عموم الأفراد، وكان في خطاباته معهم أميل إلى الصبر والتمهل، واختيار مسار التوضيح والتبيين، وعرض وجهة نظره في اختيار ما يصب في صالح الدولة والمجتمع.

ودخلت شركة «ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا» (سوكال) بصفتها أول شركة أجنبية إلى السعودية عام 1933، وأسست شركة تابعة لها لإدارة اتفاقية الامتياز الخاصة بالنفط، ومثلت بذلك بداية عمل الشركات الأجنبية في المملكة.

وفي عام 1975، صدر أول نظام للاستثمار الأجنبي؛ حيث بدأت السعودية التوسع في استقطاب الشركات الأجنبية بشكل منظم، وتطور تأثير حضور الشركات الأجنبية في السعودية تبعاً لنموها الاقتصادي وازدهارها الشامل، وبلغت ذروتها مع «رؤية 2030» التي تستهدف تعزيز التنويع الاقتصادي؛ حيث بدأ العمل على جذب الشركات العالمية لنقل مقارها الإقليمية إلى الرياض، لتتواكب مع المرحلة المستقبلية الواعدة للبلاد، وجعلها مركزاً إقليمياً ورئيسياً.


مقالات ذات صلة

«مجموعة أباريل» تختتم حملتها الحصرية في «بارك أفنيو مول» بفعالية كبرى للسحب على السيارات

عالم الاعمال «مجموعة أباريل» تختتم حملتها الحصرية في «بارك أفنيو مول» بفعالية كبرى للسحب على السيارات

«مجموعة أباريل» تختتم حملتها الحصرية في «بارك أفنيو مول» بفعالية كبرى للسحب على السيارات

اختتمت مجموعة «أباريل»، الشركة العالمية الرائدة في مجال التجزئة، حملتها الحصرية احتفالاً باليوم الوطني السعودي في «بارك أفنيو مول».

الخليج حضور تمثل بمسؤولين ودبلوماسيين وشخصيات فاعلة اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً (واس)

احتفال سعودي باليوم الوطني يجتذب اهتمام الباريسيين

اجتذب الاحتفال السعودي باليوم الوطني الـ95 اهتمام الباريسيين والسياح، حيث صدحت الموسيقى التقليدية في مقر الحدث وجواره، واستمتع الضيوف والمارة برقصة «العرضة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة سعودية احتفالات متنوعة أقامها القادسية بمناسبة اليوم الوطني (نادي القادسية)

بيسغروف: مجتمع الخبر هو القلب النابض لتراث القادسية

أكّد الأسكوتلندي جيمس بيسغروف، الرئيس التنفيذي للقادسية، أن اليوم الوطني الـ95 يمثل مناسبة استثنائية للمملكة بشكل عام، ولناديه بشكل خاص.

سعد السبيعي
رياضة سعودية النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد فريق النصر (الشرق الأوسط)

رونالدو وفينالدوم ورينارد يشاركون السعوديين احتفالات اليوم الوطني الـ95

تفاعلت الأندية السعودية ولاعبوها المحترفون الأجانب مع احتفالات المملكة باليوم الوطني الـ95، حيث امتلأت منصات التواصل الاجتماعي ورسائل التهاني بأجواء الفخر.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
يوميات الشرق ‏الدرعية تحتفل باليوم الوطني السعودي الـ95‬ (واس) play-circle 02:02

السعوديون يحتفلون باليوم الوطني الـ95 ويستذكرون لحظة التوحيد واستئناف التاريخ

احتفل السعوديون باليوم الوطني الـ95، الذي يوافق 23 من سبتمبر (أيلول) من كل عام، واكتست جميع المدن السعودية، باللون الأخضر؛ تعبيراً عن الفرح، واستذكاراً للحظة

عمر البدوي (الرياض)

برنامج سعودي لتحسين وضع التغذية في سوريا

المهندس أحمد البيز مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج لدى توقيعه البرنامج في الرياض الخميس (واس)
المهندس أحمد البيز مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج لدى توقيعه البرنامج في الرياض الخميس (واس)
TT

برنامج سعودي لتحسين وضع التغذية في سوريا

المهندس أحمد البيز مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج لدى توقيعه البرنامج في الرياض الخميس (واس)
المهندس أحمد البيز مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج لدى توقيعه البرنامج في الرياض الخميس (واس)

أبرم «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، الخميس، برنامجاً تنفيذياً لتحسين وضع التغذية لأكثر الفئات هشاشة، من الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات، في المناطق ذات الاحتياج ومجتمعات النازحين داخلياً بمحافظات سورية.
ويُقدِّم البرنامج خدمات تغذية متكاملة وقائية وعلاجية، عبر فرق مدربة ومؤهلة، بما يسهم في إنقاذ الأرواح وضمان التعافي المستدام. ويستفيد منه 645 ألف فرد بشكل مباشر وغير مباشر في محافظات دير الزور، وحماة، وحمص، وحلب.

ويتضمن تأهيل عيادات التغذية بالمرافق الصحية، وتجهيزها بالأثاث والتجهيزات الطبية وغيرها، وتشغيل العيادات بالمرافق الصحية، وبناء قدرات الكوادر، وتقديم التوعية المجتمعية.

ويأتي هذا البرنامج في إطار الجهود التي تقدمها السعودية عبر ذراعها الإنساني «مركز الملك سلمان للإغاثة»؛ لدعم القطاع الصحي، وتخفيف معاناة الشعب السوري.


انعقاد اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي - القطري في الرياض

الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني يرأسان اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)
الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني يرأسان اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)
TT

انعقاد اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي - القطري في الرياض

الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني يرأسان اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)
الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني يرأسان اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)

استقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في مقر الوزارة بالرياض الخميس، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر، وجرى خلال الاستقبال بحث العلاقات الثنائية وأوجه التعاون المشترك، وسبل تنميتها بما يلبي تطلعات قيادتَي وشعبَي البلدين الشقيقين.

وترأَّس الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني، اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري، حيث استعرضا العلاقات الأخوية المتينة، وسبل تطويرها على الصعيدَين الثنائي ومتعدد الأطراف في إطار أعمال مجلس التنسيق السعودي - القطري، وتكثيف التعاون المشترك من خلال عددٍ من المبادرات التي من شأنها الارتقاء بالعلاقات نحو آفاق أرحب.

وأشاد الجانبان بالتعاون والتنسيق القائم بين لجان مجلس التنسيق المنبثقة وفرق عملها، وشدَّدا على أهمية استمرارها بهذه الوتيرة؛بهدف تحقيق المصالح النوعية المشتركة للبلدين الشقيقين وشعبيهما.

الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر (واس)

كما استعرضت أمانة اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي - القطري، خلال الاجتماع، مسيرة أعمال المجلس ولجانه المنبثقة منه خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى المستجدات والأعمال التحضيرية للاجتماع الثامن للمجلس التنسيقي السعودي - القطري.

وفي ختام الاجتماع، وقَّع وزير الخارجية السعودي، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، محضر اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي - القطري.

حضر الاجتماع، أعضاء اللجنة التنفيذية من الجانب السعودي، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد العيبان، ووزير المالية محمد الجدعان، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية السفير الدكتور سعود الساطي، ورئيس فريق عمل الأمانة العامة المهندس فهد الحارثي.


«إعلان الصخير»: أمن الخليج كلٌّ لا يتجزأ

لقطة تذكارية لقادة وممثلي دول الخليج لدى انعقاد قمة المنامة أمس (واس)
لقطة تذكارية لقادة وممثلي دول الخليج لدى انعقاد قمة المنامة أمس (واس)
TT

«إعلان الصخير»: أمن الخليج كلٌّ لا يتجزأ

لقطة تذكارية لقادة وممثلي دول الخليج لدى انعقاد قمة المنامة أمس (واس)
لقطة تذكارية لقادة وممثلي دول الخليج لدى انعقاد قمة المنامة أمس (واس)

شدد قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، خلال قمتهم في العاصمة البحرينية المنامة، أمس (الأربعاء) على أن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ. وأكد القادة الالتزام باحترام سيادة دول المجلس الست، وسائر دول المنطقة، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ورفضهم استخدام القوة، أو التهديد بها.

وحمل «إعلان الصخير» رسائل عدة تعكس توجهاً خليجياً نحو تعزيز الأمن المشترك، والدفع باتجاه إقامة الدولة الفلسطينية، والعمل على إطفاء الحروب في العالم العربي.

وأعلن جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون إنشاء الهيئة الخليجية للطيران المدني، واعتماد تعديلات على بعض مواد الاتفاقية الموحدة للضريبة المضافة والانتقائية، وإطلاق منصة الخليج الصناعية، وبدء تنفيذ المركز الخليجي للثورة الصناعية الرابعة، والتقدم في مشروع الاتحاد الجمركي عبر تشغيل منصة تبادل البيانات الجمركية 2026.

من جانب آخر، ترأس الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والأمير سلمان بن حمد، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء البحريني، في المنامة، أمس، الاجتماع الرابع لمجلس التنسيق بين البلدين.