السعودية ترحب بخريطة حل أزمة السويداء السورية

TT

السعودية ترحب بخريطة حل أزمة السويداء السورية

توقيع اتفاق في دمشق لخطة مدعومة من الأردن والولايات المتحدة لإعادة الهدوء إلى محافظة السويداء (أ.ف.ب)
توقيع اتفاق في دمشق لخطة مدعومة من الأردن والولايات المتحدة لإعادة الهدوء إلى محافظة السويداء (أ.ف.ب)

رحَّبت السعودية، الثلاثاء، بإعلان سوريا الوصول إلى خريطة الطريق لحل الأزمة في محافظة السويداء، مُشيدة بالجهود التي بذلتها الأردن والولايات المتحدة بهذا الصدد.

وجدَّد بيان لوزارة الخارجية دعم السعودية لجميع الخطوات التي تتخذها سوريا بما يحقق أمنها واستقرارها، ويحافظ على مقدراتها ووحدة أراضيها، ويساهم في بناء مؤسسات الدولة وتطبيق القانون، بما يلبي تطلعات الشعب السوري نحو بلد أكثر استقراراً وازدهاراً.

كان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أعلن، الثلاثاء، أن حكومة بلاده وضعت «خريطة طريق» للعمل على معالجة آثار أعمال العنف الدامية التي شهدتها محافظة السويداء جنوب البلاد في يوليو (تموز) الماضي.

توقيع اتفاق في دمشق لخطة مدعومة من الأردن والولايات المتحدة لإعادة الهدوء إلى محافظة السويداء (أ.ف.ب)

وأضاف الشيباني، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا توماس براك، أن الخريطة «تكفل الحقوق وتدعم العدالة وتعزز الصلح المجتمعي»، مبيناً أنها تعتمد على خطوات عملية أولها «محاسبة كل من اعتدى على المدنيين وممتلكاتهم بالتنسيق الكامل مع المنظومة الأممية للتحقيق والتقصي».

وأشار إلى أن خريطة الطريق تشمل أيضاً ضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والطبية دون انقطاع، وتعويض المتضررين وترميم القرى والبلدات وتسهيل عودة النازحين، وإعادة الخدمات الأساسية وتهيئة الظروف لعودة الحياة الطبيعية.

كما تتضمن الإجراءات نشر قوات محلية من وزارة الداخلية لحماية الطرق وتأمين حركة الناس والتجارة، والعمل على كشف مصير المفقودين وإعادة المحتجزين والمخطوفين إلى عائلاتهم من جميع الأطراف، وإطلاق مسار للمصالحة الداخلية يشارك فيه كل مكونات السوريين في السويداء، وفقاً لوزير الخارجية.


مقالات ذات صلة

«صندوق الموارد البشرية» السعودي يدعم توظيف 74 ألف مواطن في قطاع النقل

الاقتصاد موظفون في مجال الخدمات اللوجيستية (وزارة النقل)

«صندوق الموارد البشرية» السعودي يدعم توظيف 74 ألف مواطن في قطاع النقل

قال «صندوق تنمية الموارد البشرية» إن شراكته الاستراتيجية مع قطاع النقل والخدمات اللوجيستية أسهمت في توظيف 74 ألف مواطن منذ 2020 حتى النصف الأول من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص أشار السفير راتني إلى أن التحولات الاجتماعية والثقافية التي تعيشها المملكة «ليست محاولة لإبهار الغرب» (تصوير: بشير صالح) play-circle 01:02

خاص راتني لـ«الشرق الأوسط»: واشنطن والرياض أمام فصل جديد من التعاون المتوازن

يعتقد السفير الأميركي السابق في الرياض أن التكنولوجيا والطاقة والدفاع ستكون أبرز الملفات خلال زيارة ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق مجسم يوضح الكعبة المشرفة من الداخل (الشرق الأوسط)

«الحواس الخمس»... تجربة فريدة في الحرمين الشريفين

اللحظة التي يدخل فيها قاصدو الحرمين الشريفين رحابهما للمرة الأولى؛ تغمرهم بإحساس لا يُنسى عبر بوابة الحواس قبل العقل.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي (الشرق الأوسط)

ولي العهد السعودي يتلقى رسالة خطية من الرئيس الكوري الجنوبي

تلقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، رسالة خطية من الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ، حول علاقات البلدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
عالم الاعمال «سيتي سكيب العالمي» 2025 ينطلق غداً في الرياض

«سيتي سكيب العالمي» 2025 ينطلق غداً في الرياض

ينطلق غداً معرض «سيتي سكيب العالمي» 2025 في الرياض، بمشاركة نخبة المطورين والقيادات العقارية من مختلف دول العالم، تحت شعار «مستقبل الحياة الحضرية».


باربرا ليف لـ«الشرق الأوسط»: للسعودية دور حاسم مع أميركا في استقرار المنطقة

وحدات عسكرية تابعة لواشنطن العاصمة تجري تدريبات استعداداً لوصول ولي العهد السعودي يوم 15 نوفمبر (د.ب.أ)
وحدات عسكرية تابعة لواشنطن العاصمة تجري تدريبات استعداداً لوصول ولي العهد السعودي يوم 15 نوفمبر (د.ب.أ)
TT

باربرا ليف لـ«الشرق الأوسط»: للسعودية دور حاسم مع أميركا في استقرار المنطقة

وحدات عسكرية تابعة لواشنطن العاصمة تجري تدريبات استعداداً لوصول ولي العهد السعودي يوم 15 نوفمبر (د.ب.أ)
وحدات عسكرية تابعة لواشنطن العاصمة تجري تدريبات استعداداً لوصول ولي العهد السعودي يوم 15 نوفمبر (د.ب.أ)

ألقت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابقة باربرا ليف، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، الضوء على جوانب عديدة من المحادثات المرتقبة بين الرئيس دونالد ترمب والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الذي جعل بلاده «من أكثر الدول ديناميكية في الشرق الأوسط من حيث تفكيرها المستقبلي»، وهو «يهيئها لعقود، إن لم يكن لقرن»، رغم «التغييرات الاستثنائية» في منطقة تعاني سلسلة من الحروب والأزمات. وأكّدت أن العلاقات بين واشنطن والرياض «حاسمة للغاية في رسم جهد مشترك لتحقيق الاستقرار» في الشرق الأوسط.

ليف تتحدث عن زيارة الأمير محمد بن سلمان الثانية إلى الولايات المتحدة لأنها «مهمة للغاية»، لا سيما في ضوء «التغييرات الاستثنائية في مشهد الشرق الأوسط»، بمعنيين: الأول سياسي، والثاني مادي، معتبرة أنه «من المنطقي تماماً أن تتشاور الولايات المتحدة عن كثب مع قادة المنطقة الرئيسيين، مثل ولي العهد»، وهذا تحديداً ما فعله الرئيس ترمب عندما قام بجولة عبر الخليج في مايو (أيار) الماضي.

باربارا ليف في صورة أرشيفية (أ.ف.ب)

وأوضحت أن التغييرات التي شهدتها المنطقة تشمل عدة جوانب، ومنها ما سمّته «السحق الكبير لـ(حزب الله)»، مما «أتاح فرصة لترسيخ سيادة الدولة فعلاً في لبنان».

وأشارت أيضاً إلى «التغييرات الاستثنائية في سوريا في أقل من عام، وحتى في العراق»، حيث توجد «ديناميكيات محددة تجري وتستحق المتابعة الدقيقة والتشاور بين القادة»، بالإضافة إلى «إيران، التي تلقّت سلسلة من الضربات المدمرة خلال العامين الماضيين»، فضلاً عن غزة التي «يحتاج القادة إلى التوصل بشأنها لمجموعة من الاتفاقات التي ستساعد في تحديد مسار تعافي» القطاع، بما «يُمهّد الطريق نحو قيام دولة فلسطينية». واستدركت أنها «لا تتوقع الاتفاق على هذا المسار في هذه الزيارة، ولكن يجب التوصل إلى بعض التفاهمات الأساسية».

«ثورة اجتماعية واقتصادية»

مع تحوّل منطقة الشرق الأوسط بدرجة يتغير معها العالم بأسره اقتصادياً وتكنولوجياً وجيوسياسياً، تظهر التساؤلات مجدداً عما إذا كانت الولايات المتحدة ملتزمة بشكل مفرط في الشرق الأوسط.

صورة تجمع رؤساء كبرى الشركات من الجانبين السعودي والأميركي مع الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض 13 مايو (منتدى الاستثمار)

ورأت الدبلوماسية الأميركية المتمرسة، في حديثها مع «الشرق الأوسط»، أن بلادها «ملتزمة بشكل مفرط عسكرياً. ولكن قطعاً ليس دبلوماسياً وتجارياً»، ملاحظة أن السعودية «من أكثر الدول ديناميكية في الشرق الأوسط من حيث تفكيرها المستقبلي، وتصميمها على استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم خططها التنموية والتنويع الاقتصادي».

وإذ أشارت ليف إلى «الدور القيادي البارز الذي اضطلعت به السعودية تاريخياً»، فإنها عبّرت عن اعتقادها بأن العلاقات الأميركية - السعودية «حاسمة للغاية في رسم جهد مشترك لتحقيق الاستقرار، ومن ثم مساعدة المنطقة على الانطلاق بالطريقة الممكنة، نظراً إلى سكانها الشباب ومواردها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي».

ولفتت المسؤولة السابقة إلى أن «الأمن لا يزال جزءاً عميقاً ومترابطاً» من العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة؛ لأن المنطقة لا تزال تعاني انعداماً كبيراً للأمن، في ضوء «التهديدات، سواء من جهات غير حكومية أو من دول». غير أن هذه العلاقة «نضجت من جوانب عديدة» في ظل التزام القيادة السعودية منذ عامي 2016 و2017 «رؤية 2030»، التي وصفتها بأنها «ثورة اجتماعية واقتصادية» تنقل المملكة من اعتمادها على منتج واحد أو اثنين لتغذية اقتصادها»، في اتجاه «تحديث النظرة السعودية حيال الاقتصاد والأمن والمجتمع».

وتوقّعت ليف أن تكون على جدول أعمال هذه الزيارة «العديد من القضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك، ومنها القضايا الجيوسياسية، والقضايا السياسية في كل أنحاء المنطقة، وبالطبع التبادل التجاري والشراكة التجارية».

الاستقرار الإقليمي

اعتبرت المسؤولة السابقة أن «(رؤية 2030) هي، في المقام الأول، خطة استراتيجية محلية لإصلاح شامل للسعودية ومجتمعها واقتصادها، وتحديثه جذرياً»، مضيفة أنها «تهدف إلى الارتقاء بالمملكة إلى مستوى القرن الحادي والعشرين في كل جوانبه، ومنح الاقتصاد أرضية متينة للغاية، مستندة إلى ركائز متنوعة، وقطاعات متنوعة من النشاط الاقتصادي لم تكن تلعب دوراً مهماً في السابق».

«هذا يشمل كل شيء» تقول ليف وتكمل: «من الطاقة النووية المدنية إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والتصنيع والتعدين، والسياحة والتجارة والخدمات اللوجيستية... مما يُهيّئ المملكة لعقود، إن لم يكن لقرن».

وأكّدت أن «الرئيس ترمب يرى المنطقة بوضوح، لا سيّما من خلال قوة العلاقات الاقتصادية والتجارية، وهذه سمة استقرار لمنطقة عانت بشدة انعدام الأمن والاستقرار والنزاع». ومع إقرارها بأن «هذين الأمرين مترابطان»، نبّهت إلى أنه «لا يمكن للمرء أبداً إغفال السياسة والجغرافيا السياسية»، مُتوقّعة حصول «مناقشات مُعمقة ومستمرة حول سوريا ولبنان وغزة وقضية الدولة الفلسطينية. وكذلك العراق». وعبّرت عن اعتقادها بأن أولويات فريقَي الأمير محمد بن سلمان والرئيس ترمب تشمل التنمية الاقتصادية السليمة، وهي بالتأكيد عنصر ضروري لضمان استقرار المنطقة. لكن هذا لن يكون كافياً، وأعتقد أنهم سيُدرجون هذه القضايا السياسية في النقاش».

إيران ووكلاؤها

وذكرت ليف أن الولايات المتحدة، نظراً إلى قوتها، تستطيع القيام بالكثير من الأمور بمفردها، ولكنها لطالما شعرت واعتقدت أنها تكون أقوى وأكثر فاعلية عندما تتحالف مع قادة إقليميين رئيسيين، سواء في آسيا أو في الشرق الأوسط»، وتستدل بذلك بالقيادة السعودية.

صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)

وأوضحت أن «هناك قضيتين لم تُحلَّا بعد»، إحداهما تتعلق بإيران والثانية حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

في إيران، ترى ليف أن الملف النووي «مل زال من دون معالجة، وتجب معالجته»، مضيفة أنه «على الرغم من الضرر الذي لحق بالبنية التحتية النووية وبرنامج الصواريخ والجيش وقيادة الحرس الثوري الإيراني، فلن يكون لدينا شعور بالأمان في شأن طبيعة هذا البرنامج، ما لم تُجرَ مفاوضات دبلوماسية سليمة ودقيقة، واتفاقية تتضمن تفتيشاً ورقابة دقيقين، وتدخّل لضمان عدم وجود بُعد عسكري لهذا البرنامج». وتساءلت عما إذا كانت إيران «ستبدأ في التحول عن دورها المزعزع للاستقرار الذي لعبته منذ الثورة» عام 1979.

وأدّت حرب الأيام الـ12 في يونيو (حزيران) الماضي، بين إيران وإسرائيل، إلى إضعاف إيران وإعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية في المنطقة. ورأت ليف أن ما حصل وضع القيادة الإيرانية «في حال دفاعية، وفي حال من عدم اليقين»؛ لأن «ما يُسمّى محور المقاومة تضرّر بشدة»، علماً بأنه «كان حجر الزاوية في نهج إيران» القائم على «الوكلاء والميليشيات التي كانت تزعزع الاستقرار وتشكل تهديداً كبيراً، ليس فقط لإسرائيل، بل أيضاً لدول الخليج»، بالإضافة إلى تضرّر إيران بشدة أيضاً فيما يتعلق بالجزء الثاني من بنيتها الدفاعية، وهو ترسانتها الضخمة من الصواريخ الباليستية»، فيما «يبقى المجهول هو مدى الضرر الذي لحق ببنية البرنامج النووي، الذي نعلم أنه تضرر بشدة، لكننا لا نعرف مدى ذلك».

دولة فلسطينية قبل التطبيع

وفي القضية الثانية التي اعتبرتها الدبلوماسية الأميركية بالغة الأهمية، فتتمثل في «السعي المُعلق نحو إقامة دولة فلسطينية»، معتبرة أن «هناك تركيزاً كبيراً على غزة لأسباب وجيهة للغاية»؛ إذ «يعيش مليونا شخص في يأس وبؤس مُطلقين، بلا مأوى ولا غذاء كافٍ».

لكن هناك قضايا قالت إت ستكون «حرجة للغاية... وأعلم أنها ستكون على جدول أعمال (الزيارة)، وهي تحديد كيفية بناء هياكل الحكم والأمن»، فضلاً عن «السؤال الذي أعتقد أن الولايات المتحدة وحدها قادرة على طرحه، وهو تمهيد الطريق نحو الدولة الفلسطينية. وإلى أن يتمّ ذلك، أعتقد أن المنطقة ستشهد المزيد من المآسي».

فلسطينيون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولفتت ليف إلى أنه في سياق تساؤلات حول التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وضع المسؤولون السعوديون «مطلباً واضحاً للغاية» لجهة «تحديد مسار محدد زمنياً، لا رجعة فيه، وذي صدقية، نحو الدولة الفلسطينية». وأضافت أن «السعودية ستواصل الدفاع بقوة نيابة عن الفلسطينيين، وكي لا يتجاوز التطبيع أو إعادة إعمار غزة الفلسطينيين».

خطة غزة

رأت باربرا ليف أن النقاط العشرين في خطة ترمب لغزة هي بمثابة «خطوط عريضة»، مضيفة أن «ما يجب أن يتبع هو التفاصيل الدقيقة، التي ستتضمن قرارات سياسية صعبة للغاية من مجموعة من الجهات الفاعلة، من إسرائيل إلى الوسطاء، ولكن أيضاً من (حماس) نفسها، والسلطة الفلسطينية، وآخرين».

وحذّرت من أن الأمر «لن يكون بهذه البساطة، بل سيكون معقداً للغاية»؛ لأن «هناك أجزاء متشابكة، فأيهما يأتي أولاً؟ هل تُشكّل حكومة تكنوقراط؟ هل تشكل أولاً قبل تدريب ونشر عناصر شرطة غير تابعين لـ(حماس) في غزة؟». وقالت: «هناك نقاش واسع حول قوة الاستقرار الدولية، ولكن نحن بحاجة إلى رجال شرطة الآن، وليس مجرد قوة استقرار يمكن أن تأتي في يناير (كانون الثاني) أو فبراير (شباط) المقبلين»، فضلاً عن الحاجة إلى «اتّخاذ قرارات أسرع بكثير في شأن أساسيات الحكم.

اليمن «رهينة» بيد الحوثيين

إلى جانب إيران واليمن، رأت باربرا ليف أن الأزمة التي أوجدها الحوثيون في اليمن «ليست مجرد مشكلة ثانوية»، بل «مأساة عميقة للشعب اليمني أن يكون لديهم هذه المجموعة الصغيرة، قادة متسلطون ووحشيون، أخذوا البلاد رهينة».

مقاتلان من جماعة الحوثي خلال تجمّع مسلّح في صنعاء (إ.ب.أ)

وذكّرت بأن السعودية تعرّضت لهجمات من الجماعة المدعومة من إيران التي هاجمت دولاً خليجية أخرى، وهدّدت التجارة الدولية لسنوات عديدة، بذريعة دعم الشعب الفلسطيني، معتبرة أن ذلك «كان نوعاً من السخرية»؛ لأن هجماتهم «لم يكن لها أي تأثير على شعب غزة أو الشعب الفلسطيني بشكل عام، بل كان له تأثير مدمر على دول مثل الأردن ومصر، التي كانت تحاول إنهاء الحرب». وقالت: «لا أعتقد أن هناك حلاً سهلاً، لا عسكرياً ولا سياسياً في هذه المرحلة».

«حزب الله» والفساد

اعتبرت ليف أن لبنان «سيكون بالتأكيد سمة من سمات جدول أعمال» الزيارة، علماً بأن «هناك تحفظاً أو حذراً من القيادة السعودية بشأن التدخل مجدداً قبل أن تقوم القيادة اللبنانية بالعمل اللازم لنزع سلاح (حزب الله)»، وكذلك «لإحراز تقدم، على وجه الخصوص، في قضايا الإصلاح الاقتصادي»، مشيرة إلى «فسادٍ مستشرٍ وإساءة استخدام للثقة العامة».

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)

ومع ذلك، عبّرت عن اعتقادها بأن الرئيس ترمب ومستشاريه «سيدفعون باتجاه مشاركة سعودية أكبر، دبلوماسياً ومالياً» لإنعاش لبنان.

أما بالنسبة إلى السودان، فأكدت أنه «قضية مُلحّة للغاية»، مُذكّرة بأن «هناك جهوداً متقطعة في الماضي لجمع ثلاث دول رئيسية هي السعودية ومصر والإمارات، إلى جانب الولايات المتحدة، حول طاولة المفاوضات من أجل «التوصل إلى مسار مشترك، دبلوماسياً وغير دبلوماسي، في شأن السودان». وأكدت أنه «من الضروري للغاية بذل جهود متجددة في هذا الشأن»، آملة في حصول «نقاش جاد، بل وأكثر من مجرد نقاش، أن يوافقوا على إعطاء طاقة متجددة للجهود الدبلوماسية» الخاصة بإنهاء حرب السودان.


فصل جديد من التعاون الاستراتيجي السعودي - الأميركي

الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب لدى زيارة الأخير إلى الرياض - 13 مايو 2025 (أ.ب)
الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب لدى زيارة الأخير إلى الرياض - 13 مايو 2025 (أ.ب)
TT

فصل جديد من التعاون الاستراتيجي السعودي - الأميركي

الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب لدى زيارة الأخير إلى الرياض - 13 مايو 2025 (أ.ب)
الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب لدى زيارة الأخير إلى الرياض - 13 مايو 2025 (أ.ب)

تنظر الدوائر السياسية الأميركية إلى زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، بوصفها حدثاً استراتيجياً بالغ الأهمية يُعيد تشكيل عمق العلاقات الأميركية - السعودية، ويُعزّز الشراكات الاقتصادية والأمنية بين الحليفين التاريخيين.

ويستعد البيت الأبيض بكثير من الاهتمام لهذه الزيارة، التي تشمل جميع مظاهر زيارات الدولة، بما في ذلك مراسم استقبال صباحية واجتماعات في المكتب البيضاوي وحفل عشاء رسمي. وقال ترمب، مساء الجمعة، خلال توجّهه إلى فلوريدا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، إن هذه الزيارة «أكثر من مُجرّد لقاء... نحن نُكرّم المملكة العربية السعودية وولي العهد».

محطّات زيارة استثنائية

ذكرت مصادر أن الزيارة ستبدأ بمراسم استقبال في الحديقة الجنوبية (South Lawn)، يتبعها استقبال رسمي عند الرواق الجنوبي (South Portico)، ثم يستضيف ترمب ولي العهد السعودي في المكتب البيضاوي لعقد اجتماع ثنائي، يعقبه توقيع اتفاقيات، وتناول الغداء في قاعة الاجتماعات (Cabinet Room).

وفي وقت لاحق من يوم الثلاثاء، يرتقب أن يقيم البيت الأبيض حفل عشاء في الغرفة الشرقية (East Room) تحت رعاية وإشراف السيدة الأولى ميلانيا ترمب. وجرى إرسال الدفعة الأولى من الدعوات، وتضم قائمة الضيوف رؤساء شركات تنفيذية، بالإضافة إلى مشرّعين وحكام ولايات.

واتصل ترمب شخصياً ببعض الضيوف لدعوتهم إلى العشاء، وفق ما ذكره أشخاص مطلعون على الترتيبات لشبكة «سي إن إن».

أما يوم الأربعاء، فيُتوقع أن يرأس كل من ترمب والأمير محمد بن سلمان منتدى الأعمال السعودي - الأميركي، في مركز كيندي. وسيبحث المنتدى فرص الاستثمار في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والخدمات المالية والرعاية الصحية والتعليم.

وتُعدّ زيارة ولي العهد السعودي لواشنطن أولى الزيارات الرسمية الكبرى التي يستضيفها ترمب في ولايته الثانية، وتأتي بعد أشهر من زيارة الأخير السعودية، في مايو (أيار) 2025، بوصفها أولى وجهاته الخارجية منذ تنصيبه رئيساً لولاية ثانية. وشهدت الرياض، في حينها، توقيع أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ بقيمة تقترب من 142 مليار دولار، لتزويد المملكة بمعدات وخدمات قتالية متطورة من أكثر من 12 شركة دفاعية أميركية.

وتنظر الأوساط السياسية والاقتصادية الأميركية إلى زيارة الأمير محمد بن سلمان بوصفها جزءاً من جهود أوسع لتعزيز التعاون بين البلدين في قطاعات رئيسية؛ مثل الطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية والمالية والذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية والدفاع، خصوصاً مع اعتزام المملكة استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة، مع إمكانية زيادتها حال توفرت فرص إضافية.

تعزيز التحالف الأميركي - السعودي

يرى مراقبون أميركيون أن هذه الزيارة حاسمة في إعادة تشكيل التحالف الأميركي - السعودي في عصر ترمب وضمن توجهات «رؤية 2030» السعودية، وسط توقعات بتوقيع اتفاقيات بمليارات الدولار في مجالات الدفاع والاستثمار؛ ما يدعم الاقتصادين الأميركي والسعودي.

الأمير محمد بن سلمان ودونالد ترمب في الرياض يوم 13 مايو (رويترز)

ويقول آرون ديفيد - ميلر، الباحث بمؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي»، إن «زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة ترتقي بالعلاقات السعودية - الأميركية إلى مستوى جديد». وأشار ميلر، الذي خدم في وزارة الخارجية الأميركية لمدة 24 سنة حتى عام 2003، إلى أهمية الزيارة في الدفع بقطاع الدفاع والذكاء الاصطناعي، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى احتمال إبرام اتفاق دفاعي مشترك خلال الزيارة. كما سلّط الضوء على استعداد واشنطن لبيع أشباه المواصلات المتقدمة إلى الرياض؛ «لأن ولي العهد السعودي يسعى لجعل بلاده ثالث أهم دولة في العالم من حيث الحوسبة والذكاء الاصطناعي بعد الولايات المتحدة والصين».

وأشار جيسون غرينبلات، المبعوث السابق للبيت الأبيض لمنطقة الشرق الأوسط، في مقال رأي بمجلة «نيوزويك» إلى العلاقة الدفاعية القوية بين البلدين، عادّاً أنها ذات أهمية كبيرة في ردع القوى المعادية، وحماية خطوط الملاحة، وتأمين إمدادات الطاقة التي يقوم عليها الاقتصاد العالمي. وقال غرينبلات إن ولي العهد السعودي «لا يقود بلاده نحو المستقبل فحسب؛ بل يعيد تشكيل المنطقة بما يتماشى مع المصالح المشتركة في التقدم والاستقرار، مع الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية السعودية».

وأشار غرينبلات إلى «رؤية 2030»، ووصفها بأنها «أكثر خطط التحول الاقتصادي طُموحاً في التاريخ الحديث لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، وتوسيع قطاع السياحة، وجعل السعودية مركزاً عالمياً للاستثمار والابتكار». ووصف غرينبلات السعودية بأنها «قوة صاعدة في مجالات الإبداع والتكنولوجيا والفرص، وأبدى تفاؤلاً كبيراً في النتائج التي ستعقب إبرام اتفاقية دفاع رسمية بين البلدين، من حيث جعل منطقة الشرق الأوسط أكثر أماناً وأكثر إشراقاً وازدهاراً».

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله ترمب بعد وصوله إلى الرياض يوم 13 مايو (رويترز)

ولا شكّ أن الملفات الإقليمية ستكون مطروحة على جدول الأعمال، من وقف حرب غزة، وجهود إقامة دولة فلسطينية، إلى السودان ولبنان وسوريا والعراق واليمن.

وفيما يتعلق بلبنان، قال ميلر: «أعتقد أن السعوديين لديهم نفوذ في لبنان، وأعتقد أن لديهم استعداداً لاستخدامه، لكن هذا سيعتمد على مدى استعداد الإسرائيليين للانسحاب (من الجنوب اللبناني)، وأرى أنه يتوجّب على الإدارة الأميركية الوقوف إلى جانب المملكة العربية السعودية». وخلص إلى أن «الالتزامات الدفاعية، واتفاقية أشباه المواصلات، وطائرات (إف - 35) هي القضايا المحورية» في هذه الزيارة.

ولفت ميلر إلى أن لدى ولي العهد السعودي «نهجاً متوازناً في إبرام صداقات مع الجميع، بما في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتهدئة التوترات مع إيران»، وقال إن «هذا النهج يؤدي إلى قدر لا بأس به من التحوط وتحقيق التوازن».

إعجاب شخصي

عبَّر الرئيس الأميركي عن إعجابه الكبير بولي العهد السعودي، وقال خلال زيارته إلى الرياض في مايو: «أنا حقاً أعتقد أننا نحب بعضنا كثيراً». كما وصف الأمير محمد بن سلمان بأنه «رجل رائع» و«صديقي».

وأشار تقرير لمجلس شيكاغو للشؤون العالمية، إلى زيارة ولي العهد السعودي بأنها «فرصة لتعزيز فترة إيجابية جديدة، مبنية على العلاقة الشخصية القوية بين ترمب والأمير محمد بن سلمان، وروابط تجارية عميقة بين قيادات البلدين». وتوقّع المجلس في تقريره إجراء مناقشات واتفاقات اقتصادية ودفاعية، وتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والطاقة. بينما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن الرئيس ترمب يدفع لترتيبات تاريخية تشمل صفقات أسلحة متقدمة وأخرى تجارية، يمكن أن تُعزِّز الاقتصاد الأميركي، والمنافسة الأميركية مع الصين.

اقرأ أيضاً


راتني لـ«الشرق الأوسط»: واشنطن والرياض أمام فصل جديد من التعاون المتوازن

TT

راتني لـ«الشرق الأوسط»: واشنطن والرياض أمام فصل جديد من التعاون المتوازن

أشار السفير راتني إلى أن التحولات الاجتماعية والثقافية التي تعيشها المملكة «ليست محاولة لإبهار الغرب» (تصوير: بشير صالح)
أشار السفير راتني إلى أن التحولات الاجتماعية والثقافية التي تعيشها المملكة «ليست محاولة لإبهار الغرب» (تصوير: بشير صالح)

تكتسب زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، إلى الولايات المتحدة زخماً سياسياً واقتصادياً لافتاً، باعتبارها محطة مفصلية في مسار العلاقات بين الرياض وواشنطن، وفق ما يصفها مايكل راتني، السفير الأميركي السابق لدى السعودية.

ويرى راتني في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن الزيارة تأتي في توقيت دقيق يشهد تحولات إقليمية ودولية متسارعة، مرجحاً بروز ثلاثة مجالات رئيسية: الدفاع، والتكنولوجيا، والطاقة.

رجّح السفير راتني أن تركز زيارة ولي العهد لواشنطن على ملفات الدفاع والتكنولوجيا والطاقة (تصوير: بشير صالح)

ويشير الدبلوماسي الأميركي إلى عدم اكتفاء الرياض بدور «المشتري» في شراكتها الدفاعية، بل تسعى لتأسيس قاعدة صناعية قادرة على الابتكار والمشاركة في تطوير أنظمة متقدمة، بما فيها التقنيات المتقدمة.

ويضيف راتني أن التحولات الاجتماعية والثقافية التي تعيشها المملكة لا تُقاس بعيون الخارج، بل بعمق التغيير الذي يلمسه الزائر على الأرض، وهي «ليست محاولة لإبهار الغرب»، كما يقول، «بل تعبير عن نهضة حقيقية يعيشها السعوديون أنفسهم»، مؤكداً أن معظم الصور النمطية تتلاشى بمجرد أن يقضي الزائر أياماً قليلة في البلاد.

زيارة في توقيت مثالي

يصف الدبلوماسي الأميركي الزيارة بأنها «تطور إيجابي للغاية»، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين «مرت بفترات صعود وهبوط خلال السنوات الماضية، إلا أن الاتجاه العام كان جيداً جداً».

وأوضح راتني أن «رؤساء أميركيين زاروا السعودية في مراحل مختلفة مثل أوباما وترمب وبايدن، لكن من المهم الإشارة إلى أن سبع سنوات مضت منذ آخر زيارة لولي العهد إلى الولايات المتحدة، وخلال هذه الفترة تغيّر الكثير». وأضاف أن «التحول الذي شهدته السعودية تقدم بسرعة كبيرة، وطبيعة المجتمع والاقتصاد تغيّرت بشكل لافت، وبدأ الأميركيون تدريجياً، وربما ببطء، في ملاحظة هذه التغييرات».

ورأى راتني أن «الوقت مناسب جداً لهذه الزيارة، وأن تكون هناك تفاعلات واسعة لا تقتصر على القيادة السياسية فحسب، بل تشمل أيضاً الرأي العام الأميركي ليرى ولي العهد في واشنطن عن قرب».

ملفات دفاعية واقتصادية

في رده على سؤال حول توقعاته لأبرز النقاشات، بما في ذلك الحديث عن اتفاق دفاعي بطابع أمني، واتفاق نووي مدني بين الرياض وواشنطن، أو صفقة لمقاتلات «إف- 35»، أوضح راتني أنه «لم يعد جزءاً من الحكومة ولا من التحضيرات الجارية للزيارة»، لكنه أشار إلى أن «هناك، على الأرجح، ثلاثة مجالات رئيسية ستكون محور النقاش، على الأقل من الجانب السعودي».

أشار السفير راتني إلى أن التحولات الاجتماعية والثقافية التي تعيشها المملكة «ليست محاولة لإبهار الغرب» (تصوير: بشير صالح)

أول المحاور: «الدفاع، أعتقد أن هناك رغبة في التوصل إلى نوع من الاتفاق يعزز الشراكة الدفاعية بين السعودية والولايات المتحدة بطريقة عملية. أرى أن ذلك سيكون مفيداً للطرفين، فالسعودية تبحث عن وضوح واستقرار في العلاقة، وكذلك الولايات المتحدة؛ لذلك أعتقد أن هناك مكوّناً دفاعياً قد يشمل اتفاقاً على مبيعات لأنظمة أسلحة معينة، ولن أفاجأ إذا كان هذا جزءاً من المحادثات».

أما الثاني فهو التكنولوجيا. يقول السفير السابق إنها «برأيي من أهم الملفات. المملكة تملك طموحات كبيرة جداً في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، خصوصاً الذكاء الاصطناعي، وأعلم أن السعودية تسعى إلى ضمان أن تكون الولايات المتحدة شريكاً يمكن الاعتماد عليه، ومورداً موثوقاً للرقائق والتقنيات المتقدمة التي تشكل جوهر صناعة الذكاء الاصطناعي. هذا الملف يقع في صميم المسار الاقتصادي السعودي، وأعتقد أنه سيكون محوراً رئيسياً في النقاش».

وأخيراً «الطاقة، هذا الملف كان ولا يزال عنصراً أساسياً في العلاقة بين البلدين. وزير الطاقة الأميركي زار المملكة قبل أشهر، كما طُرح الموضوع أيضاً خلال زيارة الرئيس ترمب سابقاً، ويدور الحديث حول سبل التعاون في مجال الطاقة، بما في ذلك الطاقة النووية المدنية المحتملة».

شراكة لمواجهة التهديدات

أكد السفير الأميركي السابق أن الزيارة «ستحمل رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة والسعودية تقفان معاً كشريكين في مواجهة التهديدات المشتركة»، معتبراً أن «هذه الرسالة بحد ذاتها مهمة للغاية». وأوضح أن «السعودية كانت على مدى عقود شريكاً استراتيجياً محورياً للولايات المتحدة، ومن بين دول مجلس التعاون تُعد الأكبر والأكثر تأثيراً، ولها تاريخ طويل من التعاون مع واشنطن في مجالات التدريب والمبيعات العسكرية والتنسيق الأمني بجميع أشكاله».

ولي العهد السعودي خلال توديعه الرئيس الأميركي بعد زيارته للرياض في مايو الماضي (واس)

ويعتقد الدبلوماسي الأميركي أن «أي خطوة تُعزز هذه الشراكة ستكون مفيدة للطرفين. نحن نريد لقواتنا أن تكون قادرة على العمل جنباً إلى جنب، ومن الطبيعي أن نفضّل أن يكون الشريك السعودي هو شريك الولايات المتحدة، فهذا استمرار لمسار التعاون الطويل الذي تم من خلاله تدريب وتجهيز القوات السعودية على مدى سنوات».

وأشار السفير إلى أن «التهديدات في المنطقة ما زالت قائمة، فالسعودية تقع على الضفة المقابلة لإيران التي تمثّل تهديداً بحد ذاتها، كما تدعم جماعات في اليمن وغيره تُهدد المملكة والمصالح الأميركية وحلفاءنا».

وتابع: «لذلك، فإن إيجاد سبل لمواصلة العمل المشترك، في الوقت الذي تواصل فيه السعودية تطوير نفسها وتحديث مجتمعها، يُعد أمراً بالغ الأهمية، ويعكس نضوج العلاقة الثنائية بالتوازي مع التطور الأمني في المنطقة».

إعادة تعريف التحالف

ويرى السفير الأميركي السابق أن واشنطن والرياض تتجهان نحو إعادة تعريف طبيعة تحالفهما الأمني والعسكري، بما يتجاوز نموذج «المورّد والمشتري» التقليدي إلى شراكة أكثر توازناً تقوم على الابتكار والتقنيات الدفاعية المتقدمة.

وأوضح راتني أن «السعودية كانت من كبار مشتري المعدات الدفاعية الأميركية لعقود، ومن أهم الأسواق بالنسبة للولايات المتحدة، غير أن الاقتصاد السعودي تطوّر وتنوّع في السنوات الأخيرة، والحكومة السعودية أوضحت أنها لم تعد تكتفي بشراء المعدات، بل تسعى إلى أن تكون جزءاً من عملية تطويرها وتصنيعها».

وأضاف أن «ما تريده السعودية هو تأسيس قاعدة صناعية دفاعية تُمكّنها من الابتكار والإنتاج والمشاركة في تصنيع الأنظمة، بما في ذلك التقنيات المتقدمة، وهذه خطوة جديدة في بعض جوانبها»، مشيراً إلى أن «شركات صناعة الدفاع الأميركية تُبدي اهتماماً بالعمل مع السعودية لضمان أن تكون شريكاً فاعلاً في هذا المسار المشترك».

زيارة السعودية تغيّر وجهة نظر الغرب

سألت «الشرق الأوسط» السفير السابق عما افتقده أكثر بعد مغادرته المملكة لانتهاء فترة عمله، فأجاب بقوله: «زملائي في السفارة». وأضاف وقد بدا التأثر على ملامح وجهه: «كما أفتقد الكثير من السعوديين الذين قابلتهم في العديد من المناطق»، ثمّ تحدثنا عن المقال الذي كتبه السفير في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، والذي أكد خلاله أن ما يحدث في المملكة تغييراً حقيقياً يدفعه شغف السعوديين نحو تطوير بلادهم وانفتاحها على العالم.

في هذه الجزئية، قال السفير الأميركي السابق مايكل راتني إنه لا يعتقد أن «السعودية تستضيف الأحداث الرياضية أو الحفلات أو الفعاليات الثقافية بهدف إبهار الغرب»، مضيفاً: «أظن أنهم يفعلون ذلك لأنهم يريدون ببساطة حياة طبيعية وممتعة، مثل أي شعب آخر».

ورداً على سؤال حول ما يمكن أن يغيّر نظرة الغرب، وخصوصاً في الولايات المتحدة، إلى التحولات التي تشهدها السعودية، قال راتني: «بصراحة، الشيء الوحيد الذي لاحظت أنه يُحدث فرقاً حقيقياً، خاصة في الولايات المتحدة التي أعرفها جيداً، هو الزيارة الميدانية. لا يُجدي أن أكتب مقالاً في صحيفة أو أن يشاهد أحد إعلاناً على الإنترنت. التأثير الحقيقي يحدث عندما يأتي الناس بأنفسهم إلى السعودية ويقضون يومين أو ثلاثة فيها. في الغالب، تزول كل الأفكار المسبقة لديهم بمجرد زيارتهم، ويدركون حجم التحول الذي شهدته المملكة» بحسب مايكل راتني الذي ختم بالقول: «إنه أمر لا يصدق بالنسبة للكثيرين. وهذا ينطبق بصورة خاصة على من زاروا السعودية قبل 10 أو 15 سنة، ويتذكرون تماماً كيف كانت آنذاك».

السعودية لا تستضيف الأحداث الرياضية أو الحفلات أو الفعاليات الثقافية بهدف إبهار الغرب، إنهم يفعلون ذلك لأنهم يريدون ببساطة حياة طبيعية وممتعة، مثل أي شعب آخر

مايكل راتني