ألقى الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس «هيئة علماء المسلمين»، محاضرةً بعنوان: «القانون والدين: آفاق السلام ومواجهة الانقسامات المجتمعية»، بدعوةٍ من كلية القانون بجامعة هارفارد بحضور عددٍ من أعضاء هيئة التدريس وصُنّاع السياسات والطلاب.
وناقَشَ الأمين العام للرابطة عدداً من الاجتهادات الدينية والقانونية في موضوع المحاضرة، منوّهاً بذكر الأمثلة لأهمية التقاء الدين والقانون حول مشتركاتهما لبناء سلام المجتمعات، وتعزيز وحدتها.
وتحدّثَ الدكتور العيسى عن تنوُّع التفسيرات الدينية والقانونية وما قد يَظهر أحياناً من تعارضٍ بين النص الديني والنص القانوني في دول التنوع الديني وأساليب التعامل معها، كما تطرَّق إلى أهمّ أُسس المحافظة على الوحدة المجتمعية، لا سيما في ظل تحوّل التنوع من حالته الإيجابية المعتادة إلى حالة التنوع الحاد والسلبي في بعض المجتمعات، مُشخِّصاً هذه الحالة بالتفصيل مع استعراض الحلول وجدلياتها في بعض فلسفات الاجتهاد الديني والقانوني.
واستعرَضَ الدكتور العيسى، على وجه الخصوص، عدداً من آراء الفيلسوف القانوني والسياسي، خِرّيج هارفارد رونالد دوركين في القضايا المتعلقة ببعض محاور المحاضرة. وأوضَحَ أمين الرابطة أنّ القوانين تلتقي في دعْمها السِّلم العالمي والوحدة المجتمعية بمختلف تنوعاتها الدينية والإثنية والفكرية والسياسية، وحرصها على صون الكرامة الإنسانية، ومنْع أساليب التفرقة والانقسام، وتلتقي مع التشريعات الدينية، وعليه فلا تَعارُض بين الدين والقانون في هذا المُشترك المهم المتعلق بسلام عالمنا ووحدة مجتمعاته المتنوعة، موضحاً أنَّ نصوص الشريعة الإسلامية احتفتْ بالقِيم والفضائل الإنسانية أياً كان مصدرها.
وفي الحوار الذي أعقب المحاضرة، وأدارتْه البروفيسورة مارثا مينو، وهي من كبار الشخصيات العريقة بكلية القانون، أسهَبَ الدكتور العيسى في الحديث حول دور كل من الدين والقانون في تعزيز الوحدة المجتمعية، ومواجهة أساليب الانقسام، مستعرضاً التحديات والتهديدات والأفكار المطروحة لتجاوزهما.
وبَيّنَ في الحوار التالي للمحاضرة القواعدَ والشروطَ اللازمة للوصول لحوارٍ فعّالٍ ومُثمرٍ لتجاوز مُعاد ومُكرّر الحوارات التي انتهى كثير منها إلى أرشيف النسيان، وعدم التأثير مع ضياع الجهد والوقت وفوات كثيرٍ من الفُرص.
كما تناوَلَ الحوارُ بعضَ الصراعات التاريخية والمعاصرة وموقف الدين منها مع مناقشة المسؤولية القانونية حيالها.
وطرحَ العيسى تجربة رابطة العالم الإسلامي في وثيقة مكة المكرمة، ووثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية، وبعد نقاشٍ موسّعٍ مع عدد من شخصيات الحضور، صدرَتْ توصيةٌ بطباعة المحاضرة، ونشرها لتعميم الاستفادة منها.