«طالبان» تغلق المعاهد الطبية أمام النساء في أحدث القيود

موانع جديدة ضد تعليم المرأة في أفغانستان

فتيات أفغانيات في الطريق إلى المدرسة في كابل (متداولة)
فتيات أفغانيات في الطريق إلى المدرسة في كابل (متداولة)
TT
20

«طالبان» تغلق المعاهد الطبية أمام النساء في أحدث القيود

فتيات أفغانيات في الطريق إلى المدرسة في كابل (متداولة)
فتيات أفغانيات في الطريق إلى المدرسة في كابل (متداولة)

أصدر زعيم طالبان هبة الله آخوندزاده توجيهاً جديداً يمنع النساء من الالتحاق بالمعاهد الطبية وشبه المهنية؛ ما يقطع بشكل فعال أحد آخر سبل التعليم العالي المتاحة للنساء في البلاد، وفقاً لما أكدته مصادر أفغانية، الاثنين.

وقالت المصادر إن أمر آخوندزاده أبلغه وزير الصحة العامة في حركة «طالبان»، الاثنين، خلال اجتماع مع رؤساء المعاهد الطبية في كابل: «لن يُسمح بعد الآن للفتيات بالدراسة في هذه المؤسسات»، كما ذكر أحد المصادر الأفغانية مستشهداً بالملاحظات التي جرى الإدلاء بها في الاجتماع.

ضربة أخيرة للتعليم

يُشكل هذا القرار قيداً شديداً آخر على تعليم المرأة في أفغانستان، بعد إغلاق الجامعات أمام النساء في ديسمبر (كانون الأول) 2022، حيث تَحَوَّل كثير منهن إلى المعاهد الطبية بوصفه خياراً وحيداً أمامهن لمواصلة الدراسة.

سيدات أفغانيات في تجمع تعليمي في كابل (متداولة)
سيدات أفغانيات في تجمع تعليمي في كابل (متداولة)

الآن، مع هذا التوجيه الأخير، حتى ذلك المسار قد أُغْلِق. مُنعت النساء في أفغانستان من الالتحاق بالمدارس الثانوية لأكثر من 3 سنوات، وهذا الحظر يقضي فعلياً على فرص التدريب المهني في مجال الرعاية الصحية، وهو قطاع يعاني من نقص حاد في الموارد في البلاد. تواجه أفغانستان نقصاً حاداً في المهنيين الطبيين، لا سيما الطبيبات والممرضات والقابلات اللازمات لتقديم الخدمات الأساسية للنساء. ويحذر الخبراء من أن الحظر سيؤدي إلى تفاقم نظام الرعاية الصحية الهش أصلاً؛ ما سيحرم عدداً لا يُحصى من النساء الأفغانيات من الحصول على الرعاية الكافية. يشير المراقبون إلى أن هذه السياسات لا تقوض الفرص التعليمية للنساء الأفغانيات فحسب، إنما تعمق أيضاً الأزمة الإنسانية المستمرة. قال أحد الخبراء في السياسات الصحية: «إن حظر حركة (طالبان) لتعليم النساء ليس مجرد ضربة لحقوقهن، بل هو نكسة مدمرة لنظام الرعاية الصحية المتعثر بالفعل في أفغانستان».

فتيات أفغانيات يتلقين تعليماً أولياً في أحد معاهد قندهار (متداولة)
فتيات أفغانيات يتلقين تعليماً أولياً في أحد معاهد قندهار (متداولة)

وأدانت المنظمات الدولية والمدافعون عن حقوق الإنسان القيود المتصاعدة التي تفرضها حركة «طالبان» على النساء، ودعوا المجتمع الدولي إلى الضغط عليها للتراجع عن سياساتها التمييزية. وقالت منظمة حقوق الإنسان الأفغانية «راوداري»: «لقد أجرت حركة (طالبان) تغييرات جوهرية على المناهج الدراسية والجامعية في البلاد على مدى السنوات الثلاث الماضية». وتوثق المنظمة، التي أسسها الرئيس السابق للجنة المستقلة لحقوق الإنسان في أفغانستان، شهزاد أكبر، انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد.

ومنعت حركة «طالبان» الفتيات من الذهاب إلى المدارس بعد الصف السادس، كما منعت النساء من الذهاب إلى الجامعات، كما حذفت جميع المواضيع المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق المرأة من المناهج الدراسية والجامعية، قائلة إن القضايا المتعلقة بالمساواة والحرية والانتخابات والديمقراطية تتعارض مع آيديولوجيا «طالبان». إنهم لا يتوقفون عند هذا الحد؛ إذ يجري إلغاء المناهج التعليمية الشاملة وغير التمييزية التي تكتسب أهمية خاصة في أفغانستان بسبب كثرة الأقليات العِرقية والدينية فيها بعد سيطرة «طالبان» على الفصول الدراسية وقاعات المحاضرات.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة بينما يحضر مدمنو المخدرات المتعافين حفل تخرُّجهم بعد إكمال التدريب المهني وإعادة التأهيل في قندهار بأفغانستان في 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)
يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة بينما يحضر مدمنو المخدرات المتعافين حفل تخرُّجهم بعد إكمال التدريب المهني وإعادة التأهيل في قندهار بأفغانستان في 26 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

وقالت منظمة «راوداري» إن «التدريس بمختلف اللغات الأم وتغطية المواضيع المتعلقة بالدين والثقافة والتاريخ يخضع لقيود صارمة على الطلاب من هذه الأقليات».

ينتظر الناس العبور إلى أفغانستان على الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان بباكستان في 23 نوفمبر 2024 (أ.ب.أ)
ينتظر الناس العبور إلى أفغانستان على الحدود الباكستانية الأفغانية في تشامان بباكستان في 23 نوفمبر 2024 (أ.ب.أ)

كما فُرضت قيود مشددة على الوصول إلى برامج محو الأمية والتدريب المهني للفتيات ذوات الإعاقة. قال سردار محمد رحيمي، الذي شغل منصب نائب وزير التعليم في أفغانستان حتى تولت «طالبان» السلطة في أغسطس (آب) 2021: «لقد أزالت (طالبان) كثيراً من المحتويات من الكتب المدرسية».

في هذه الصورة الملتقَطة في 10 نوفمبر 2024 تراقب خديجة محمدي (سيدة الأعمال) موظفيها وهم يعملون في مركز ورشة للحرف اليدوية في كابل (أ.ف.ب)
في هذه الصورة الملتقَطة في 10 نوفمبر 2024 تراقب خديجة محمدي (سيدة الأعمال) موظفيها وهم يعملون في مركز ورشة للحرف اليدوية في كابل (أ.ف.ب)

ويقول رحيمي، الذي يعيش الآن في منفاه الفرنسي، ويعمل أستاذاً زائراً في جامعة «إنالكو» في باريس، لشبكة «دويتشه فيله»: «طالبان لا تملك القدرة بعد على خلق محتوى جديد، فهي تفتقر إلى الخبراء والوسائل التقنية لإعادة تصميم، ونشر المناهج بالكامل. سيستغرق الأمر منهم نحو خمس سنوات لتحويل النظام التعليمي بشكل جذري».


مقالات ذات صلة

جائزة «اليونيسكو الفوزان الدولية» و«موهبة» تطلقان النسخة الثانية من «عين على المستقبل»

عالم الاعمال الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز وعبد الله الفوزان مع المشاركين في الملتقى (الشرق الأوسط)

جائزة «اليونيسكو الفوزان الدولية» و«موهبة» تطلقان النسخة الثانية من «عين على المستقبل»

انطلق يوم الاثنين 28 أبريل (نيسان) في مدينة الرياض، ملتقى «عين على المستقبل» في نسخته الثانية، والذي يهدف إلى تبادل الرؤى والأفكار وفتح آفاق جديدة في التعاون…

العالم العربي وزير التربية والتعليم المصري مع أحد طلاب الثانوية في أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

«استفتاء البكالوريا» يعيد الجدل حول الثانوية العامة في مصر

لطالما مثّلت الثانوية العامة في مصر مصدر قلق للطلاب والأهالي، حتى مع التغيرات العديدة التي شهدتها في السنوات الماضية.

رحاب عليوة (القاهرة)
إعلام  تسجيل في الجامعة الأميركية برأس الخيمة (الشرق الأوسط)

مساعٍ أكاديمية خليجية لمواجهة «الإعلام المضلِّل»

في ظل تصاعد التهديد الذي تفرضه المعلومات المضلّلة والروايات المصطنعة على المجتمعات، تبرز مساعٍ أكاديمية منهجية لمواجهة هذه الظاهرة المتنامية عبر برامج تعليمية

مساعد الزياني (دبي)
يوميات الشرق رئيس جامعة هارفارد آلان غاربر (موقع جامعة هارفارد)

رئيس هارفارد: لا خيار لدينا سوى مواجهة إدارة ترمب

كشف رئيس جامعة هارفارد، آلان غاربر، خلال مقابلة مع قناة «إن بي سي»، يوم الأربعاء، أنه لم يكن أمامه خيار سوى مواجهة إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق تستهدف الشراكة الأفراد والجهات الحكومية والشركات عبر مجموعة دورات تدريبية واسعة (الشرق الأوسط)

شراكة بين «أكاديمية SRMG» و«الخليج» في التدريب الإعلامي

أعلنت المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام عن شراكة بين «أكاديمية SRMG» وشركة «الخليج للتدريب» لتقديم برامج تدريبية متقدمة للقادة والمحترفين في الإعلام والاتصال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تهديدات بالقتل واعتقالات وهدم للممتلكات... حملة قمع ضد مسلمي الهند بعد هجوم كشمير

مسلم يحمل لافتة للتنديد بهجوم كشمير (أ.ب)
مسلم يحمل لافتة للتنديد بهجوم كشمير (أ.ب)
TT
20

تهديدات بالقتل واعتقالات وهدم للممتلكات... حملة قمع ضد مسلمي الهند بعد هجوم كشمير

مسلم يحمل لافتة للتنديد بهجوم كشمير (أ.ب)
مسلم يحمل لافتة للتنديد بهجوم كشمير (أ.ب)

أثارت عمليات الاعتقال وهدم الممتلكات واسعة النطاق التي تستهدف المسلمين في الهند مخاوف من استغلال الهندوس اليمينيين الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي في كشمير، لتوسيع حملة القمع ضد أكبر أقلية في البلاد.

وتسبّب هجوم مسلح على سياح في يوم 22 أبريل (نيسان) بالقرب من بلدة باهالغام في الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير، ذات الأغلبية المسلمة، في غضب شعبي واسع. واتهمت الهند باكستان بالتورط في الهجوم؛ الأمر الذي أدى إلى تصاعد التوتر بين البلدَيْن المسلحَيْن نووياً.

ونفت إسلام آباد أي دور لها في الواقعة، داعية إلى إجراء تحقيق محايد.

ويبدو أن الهند تستعد لشن هجوم عسكري على باكستان، حيث تعهّد رئيس الوزراء ناريندرا مودي بـ«ملاحقة الإرهابيين وتدمير ملاذاتهم الآمنة».

وصرّح وزير الإعلام الباكستاني عطا الله تارار، الأربعاء، إن لدى باكستان معلومات استخباراتية موثوقة تفيد بأن الهند تنوي شن ضربة عسكرية خلال 24 إلى 36 ساعة المقبلة.

استهداف المسلمين

وعقب الهجوم، كثّف المسؤولون والجماعات الهندوسية اليمينية مضايقاتهم للمسلمين، مبررين ذلك بأنه «حملة ضد المهاجرين غير الشرعيين»، حسب ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

وفي الكثير من الولايات التي يديرها حزب «بهاراتيا جاناتا» القومي اليميني، بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، استغل المسؤولون المحليون الهجوم لملاحقة من يسمونهم «المهاجرين غير الشرعيين البنغلاديشيين» والروهينغا، وهي الأقلية المسلمة التي فرّت من الاضطهاد في ميانمار.

مسلمون يرتدون شارة سوداء على ذراعهم للتنديد بقتل السياح في هجوم كشمير (أ.ب)
مسلمون يرتدون شارة سوداء على ذراعهم للتنديد بقتل السياح في هجوم كشمير (أ.ب)

ووردت أنباء عن مقتل مسلمين في ولايتين، أوتار براديش وكارناتاكا، ووصفت تقارير إعلامية هذه الحوادث بأنها «جرائم كراهية».

وداخل كشمير، اعتقلت قوات الأمن المئات في إطار بحثها عن مرتكبي هجوم 22 أبريل (نيسان)، وهدمت منازل أشخاص اتهمتهم بالانتماء إلى جماعات إرهابية.

وأبلغ الكشميريون في ولايات أخرى عن مضايقات وعنف، فقد قامت جماعات يمينية بتصوير نفسها وهي تعتدي على بائعين كشميريين على جانب الطريق، وتهدّد بالعنف إذا لم يغادر الكشميريون المنطقة.

وقالت نائبة مدير قسم آسيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، ميناكشي جانغولي: «كان الهجوم في باهالغام مروعاً، ولكن لا ينبغي أن يصبح ذريعة للانخراط في أعمال انتقامية وهجمات على الأقليات، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية».

وأضافت جانغولي أن «شبكات البث القومي المتطرف ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يحرّضون على الكراهية»؛ مما أدى إلى تصاعد أعمال العنف ضد المسلمين.

قتل واعتقالات وعنف ممنهج

وفي الأيام التي أعقبت الهجوم، أبلغ طلاب كشميريون يدرسون في مدن حول الهند عن تعرّضهم لمضايقات وتهديدات. وأرسل رئيس الحكومة المحلية في كشمير، عمر عبد الله، وزراء حكوميين إلى مدن مختلفة، للمساعدة في «ضمان سلامة ورفاهية» المسلمين الكشميريين.

وفي ولاية أوتار براديش، قُتل عامل مطعم مسلم بالرصاص وجُرح آخر في 23 أبريل. ونشر المهاجمون الذين أعلنوا انتماءهم إلى جماعة هندوسية، مقطع فيديو يعلنون فيه مسؤوليتهم قائلين: «أقسم بالله العظيم إنني سأنتقم للستة والعشرين بـ2600 منهم». ومع ذلك، قالت شرطة الولاية إن القتل كان على خلفية نزاع على الطعام.

وفي كارناتاكا، أُعدم رجل مسلم آخر شنقاً لترديده شعارات مؤيدة لباكستان، وفقاً لتقارير إخبارية محلية.

وشهدت ولاية غوجارات حوادث شديدة العنف ضد المسلمين أيضاً. ويوم الاثنين، صرّح قائد شرطة الولاية بأن ضباطه اعتقلوا 6500 «مواطن بنغلاديشي مشتبه به». وأظهرت مقاطع فيديو لحملة الاعتقالات الرجال وهم يُنقلون عبر الشوارع مقيدين بالحبال.

وفي إشارة إلى مدى عشوائية الاعتقالات، قال قائد الشرطة إنه لم يتبيّن حتى الآن سوى أن 450 من المعتقلين هم مهاجرون غير شرعيين من بنغلاديش.

وأعلنت حكومة ولاية غوجارات أيضاً حملة هدم في حيّ فقير مسلم، وعرضت مقاطع فيديو وصوراً التُقطت من طائرات مسيّرة لجرافات وشاحنات قلابة مصطفة لعملية قالت إنها شملت أكثر من 2000 ضابط شرطة. وبحلول مساء الثلاثاء، صرّح وزير داخلية الولاية، هارش سانغافي، بأنه «تم هدم نحو 2000 منزل في حملة ضد المهاجرين غير الشرعيين البنغلاديشيين».

وقال هارش ماندر، وهو ناشط اجتماعي، إن وصف المسلمين الهنود بـ«البنغلاديشيين» هو ذريعة قديمة يستخدمها حزب مودي.

ورفضت المحكمة، يوم الثلاثاء، التماسات قدمها السكان للمطالبة بوقف الهدم، بحجة أن الحكومة استندت إلى حجج تتعلّق بالأمن القومي.

وجادل الملتمسون بأنهم مواطنون هنود يحملون وثائق، وأنهم عاشوا في المنطقة لعقود. ولفتوا إلى أن عمليات الهدم وقعت في منطقة ادعت الحكومة أنها أراضٍ عامة، لكنهم قالوا إنها حدثت دون إشعار مسبق أو اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

وقال ماندر إن أعمال العنف ضد المسلمين «جميعها مؤشرات على ما تفعله الدولة لاستخدام سلطتها بطرق غير قانونية وغير دستورية ضد طائفة معينة».

ويُقدّر عدد المسلمين في الهند بنحو 200 مليون نسمة من إجمالي 1.4 مليار نسمة.