رؤية دول الخليج الأمنية... جدول مفصل بالتهديدات والتحديات

العويشق لـ«الشرق الأوسط»: هي خلاصة جهد تبذله بشكل دوري اللجان المختصة في كل المجالات

قادة دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة (مجلس التعاون)
قادة دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة (مجلس التعاون)
TT

رؤية دول الخليج الأمنية... جدول مفصل بالتهديدات والتحديات

قادة دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة (مجلس التعاون)
قادة دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة (مجلس التعاون)

بعد إعلان مجلس التعاون الخليجي عن رؤيته للأمن الإقليمي، فُتحت أبواب التساؤلات حول الأبعاد الإقليمية والدولية له، في الوقت الذي أكمل فيه المجلس عامه الـ43 منذ التأسيس، وهنا يقول لـ«الشرق الأوسط» الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات في مجلس التعاون عبد العزيز العويشق، إن «رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي» هي «خلاصة جهد تبذله بشكل دوري اللجان المختصة، في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية، بالإضافة إلى إسهامات من المجالات الاقتصادية والتنموية، وهذه الجهود مستمرة منذ قيام المجلس، وبالنسبة للوثيقة الحالية فقد بدأ العمل عليها في عام 2022، خلال فترة رئاسة السعودية لمجلس التعاون، واستمر العمل فيها خلال عام 2023، خلال فترة رئاسة سلطنة عمان للمجلس، وجرى تبنيها في ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعد تسلم دولة قطر رئاسة المجلس».

«هل تأخّر إعلان الرؤية؟»

ويشدد الأمين العام المساعد أنه «مع أن هذه الرؤية أُقرَّت في ديسمبر الماضي، فإن هناك بعض الإجراءات الداخلية الإضافية التي تتعلق بنشر الرؤية وإعلانها، بالإضافة إلى اختيار التوقيت المناسب في ظل المستجدات الدولية والإقليمية»، وأضاف العويشق: «بالإضافة إلى رؤية مجلس التعاون التي أُعلنت، الخميس، هناك إطار متفق عليه بين دول المجلس للأمن الإقليمي، وجدول مفصل بالتهديدات والتحديات التي تواجه المنطقة، وتحديد ما يمكن للمجلس أن يفعله حيالها، وهي وثائق داخلية يعمل عليها عدد من الأجهزة واللجان في أفرع المجلس السياسية والعسكرية والأمنية التي تقوم بمتابعة ورصد المستجدات، وتسعى إلى التوصل إلى مواقف موحدة للتعامل معها، ويجري تحديثها بصفة دورية».

جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون يتحدث خلال حفل الإعلان عن الرؤية (مجلس التعاون)

«رؤية جماعية لدول المجلس»

وفي ردٍّ على سؤال: «هل ستوحِّد رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي مواقف كل دول المجلس فيما يتعلق بالأمن في الإقليم ومناطق جوار الخليج»، شدّد العويشق على أنها تمثّل «الرؤية الجماعية لدول المجلس، وقد شاركت دول المجلس الست في صياغتها ومناقشتها على مدى عامين، ثم جرى الاتفاق على كل البنود الواردة فيها من قبل الدول الأعضاء»، وكان لافتاً خلال الإعلان عن الرؤية في مقر الأمانة العامة للمجلس بالرياض، أن ممثلي دول المجلس أعلنوا عن مواقف داعمة للرؤية بكل تفاصيلها.

مراقبون قالوا إن إعلان المجلس رؤيته بعد أكثر من 4 عقود على تأسيسه قد يمثّل رسالة في أحد الاتجاهات، غير أن العويشق واجه ذلك بقول: «صحيح أن هذه أول مرة تُنشر فيها رؤية المجلس للأمن الإقليمي، لكن الرؤية كانت دائماً موجودة، وأسهمت الدول الأعضاء في وضعها وتشكيلها على مدى العقود الماضية، ومن أهم هذه الإسهامات رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، التي أقرّها المجلس الأعلى في ديسمبر عام 2015، واحتوت على عناصر رئيسية في رؤية الأمن الإقليمي، خصوصاً فيما يتعلق ببناء القدرات الذاتية لدول المجلس، في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية»، وتابع العويشق أن رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي كانت تنعكس منذ تأسيسه في عام 1981 على البيانات الختامية للمجلس الأعلى التي تنشر عقب اجتماعات القادة السنوية، وفي البيانات الصادرة عن المجلس الوزاري، حين يجتمع وزراء خارجية دول المجلس كل 3 أشهر.

عبد العزيز العويشق الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات بمجلس التعاون الخليجي (الشرق الأوسط)

الوحدة الخليجية

وشرح العويشق أن «المادة الرابعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون نصّت على أن من أهم أهداف مجلس التعاون «تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدته، وكذلك تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات، ولهذا فإن كل الإجراءات والمشاريع التي قام بها المجلس منذ قيامه منصبّة على تحقيق هذه الأهداف».

وأضاف العويشق أن الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، طرح مقترح الانتقال بالمجلس من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وشُكلت هيئة رفيعة المستوى لوضع الأسس اللازمة لهذا التحول، ورفعت الهيئة تصورها بهذا الشأن، و«الأمر محل التشاور بين الدول الأعضاء، كما أوضح ذلك المجلس الأعلى في القمة الأخيرة التي عُقدت في الدوحة في ديسمبر 2023».

وتابع العويشق أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «قدّم رؤيته لتعزيز العمل الخليجي المشترك، وهي رؤية شاملة لجميع مجالات التكامل الرئيسية بين دول المجلس – السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية – وأقرها المجلس الأعلى في ديسمبر 2015، وقد نص البيان الختامي للقمة الأخيرة على أهمية الإسراع في تنفيذ كل بنودها، وعندما يحدث ذلك سوف نكون قد اقتربنا كثيراً من طموح الوحدة الخليجية».

محاولات خارجية لوضع رؤية لأمن الخليج

ويرى العويشق أن هناك حالة استقطاب في الساحة الدولية بين القوى العُظمى لم نشهدها منذ انتهاء الحرب الباردة، و «أدّى هذا الاستقطاب إلى شلل في النظام الدولي يجسّده عدم قدرة مجلس الأمن على حل أخطر مشكلتين يشهدهما العالم حالياً وهما الحرب على غزة وحرب روسيا وأوكرانيا»، ولهذه المسبّبات «أصبح من المهم أن يصرّح مجلس التعاون برؤيته للأمن الإقليمي، خصوصاً أنه خلال الفترة الماضية ظهرت محاولات من قبل جهات خارجية لوضع رؤية لأمن الخليج، ولكنها غالباً ما تجاوزت الدور المركزي لمجلس التعاون، وقلّلت من وزن الإمكانات الذاتية لدولِه في الحفاظ على الأمن الإقليمي».

جرى اعتماد «رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي» في «الوزاري» الخليجي الـ158 في الدوحة ديسمبر الماضي (واس)

الشراكات الاستراتيجية المتنوّعة

ونوّه العويشق بأن «الشراكات الاستراتيجية المتنوّعة» هي أحد أهم العناصر الجديدة في هذه الرؤية، ويُعنى بها التركيز على تنوع الشراكات الاستراتيجية.

«خلال الفترة بين عامي 2015 و 2022، عُقدت 6 اجتماعات بين قادة دول مجلس التعاون وكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ومنذ ذلك الحين اتّجه مجلس التعاون إلى تنوع أكبر في شراكاته الاستراتيجية» طبقاً لحديث العويشق.

وفي ديسمبر 2022 عُقدت أول قمة خليجية - صينية في الرياض، وفي يوليو (تموز) 2023 عُقدت قمة خليجية مع دول آسيا الوسطى، وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عُقدت قمة خليجية مع دول جنوب شرقي آسيا - رابطة الآسيان - في الرياض أيضاً»، ووفقاً للعويشق فإن الهدف من ذلك «تأكيد أن دول المجلس منفتحة على كل القوى الدولية والإقليمية المحبة للسلام، بعيداً عن الاستقطاب الدولي الواقع حالياً».


مقالات ذات صلة

«طيران الخليج» تبني حظيرة لصيانة الطائرات في مطار البحرين الدولي

الاقتصاد طائرة «إيرباص إيه 321» التابعة لـ«طيران الخليج» تستعد للإقلاع في مقر شركة «إيرباص» في فرنسا (رويترز)

«طيران الخليج» تبني حظيرة لصيانة الطائرات في مطار البحرين الدولي

أعلنت شركة «طيران الخليج»، الناقل الوطني لمملكة البحرين، خططها لإقامة حظيرة متطورة لصيانة وإصلاح وتجديد الطائرات في مطار البحرين الدولي.

«الشرق الأوسط» (المنامة)
تحليل إخباري تأثر بعض رحلات مطار الكويت بسبب العطل التقني حول العالم (تلفزيون الكويت)

تحليل إخباري تأثير متفاوت على الأنظمة الخليجية جراء العطل التقني العالمي

أحدث الخلل الفني العالمي بشبكة الإنترنت، الجمعة، تأثيراً تفاوتت نسبته بين القطاعات المختلفة في دول الخليج، بينما استبعدت جهاتٌ ارتباط العطل بهجوم سيبراني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج تلقت السلطنة العمانية رسائل تضامن وإشادة خليجية بعد حادثة الوادي الكبير (قنا)

السعودية ودول خليجية تؤكد تضامنها مع عُمان بعد حادثة «الوادي الكبير»

عبّرت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي عن تضامنها بتعامل سلطنة عُمان مع حادثة الهجوم المسلح على مسجد بالوادي الكبير في العاصمة مسقط، يوم الاثنين، وتبنّاها…

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الخليج عناصر «الخدمة السرية» لدى إخراجهم المرشح ترمب من التجمع الانتخابي بعد محاولة اغتياله في بنسلفانيا مساء السبت (أ.ب)

السعودية تدين محاولة اغتيال ترمب

أعربت السعودية، الأحد، عن إدانتها واستنكارها لمحاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وتضامنها التام مع الولايات المتحدة والرئيس السابق وأسرته.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج البرلمان العربي عقد جلسة عامة في القاهرة السبت (مجلس التعاون)

«التعاون الخليجي» يؤكد الدعم الثابت والمطلق للشعب الفلسطيني

شددت دول مجلس التعاون الخليجي على مواقفها الداعمة للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل نيل حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
TT

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)

أكدت السعودية على التعاون الدولي السلمي كوسيلة لتحقيق الازدهار والاستقرار والأمن العالمي، مشددة على أهمية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وضرورة تنفيذها بشكل كامل لتحقيق عالم خالٍ منها.

جاء ذلك في بيان ألقاه السفير عبد المحسن بن خثيلة، المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف خلال أعمال اللجنة التحضيرية الثانية لـ«مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار»، حيث دعا بن خثيلة إلى بذل جهود دولية أكثر فاعلية لتحقيق أهداف هذه المعاهدة وعالميتها، حاثاً الدول غير الأطراف على الانضمام إليها، وإخضاع جميع منشآتها النووية للضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وشدد على ضرورة وفاء الدول المسلحة نووياً بالتزاماتها بموجب المادة السادسة من المعاهدة، وأن الطريقة الوحيدة لضمان عدم استخدام تلك الأسلحة هي القضاء التام عليها، والحفاظ على التوازن بين الركائز الثلاث للمعاهدة، ومصداقيتها في تحقيق أهدافها، منوهاً بدعم السعودية للوكالة؛ لدورها الحاسم في التحقق من الطبيعة السلمية للبرامج النووية.

جانب من مشاركة السفير عبد المحسن بن خثيلة في افتتاح أعمال المؤتمر (البعثة السعودية بجنيف)

وأكد بن خثيلة الحق في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية بموجب المادة الرابعة من المعاهدة، مع الالتزام بأعلى معايير الشفافية والموثوقية في سياستها الوطنية ذات الصلة وأهمية التنمية الاقتصادية، داعياً جميع الأطراف للتعاون من أجل تعزيز الاستخدام السلمي لصالح التنمية والرفاه العالميين.

وبيّن أن المسؤولية عن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية تقع على عاتق المجتمع الدولي، خاصة مقدمي قرار عام 1995 بشأن المنطقة.

وأدان السفير السعودي التصريحات التحريضية والتهديدات التي أطلقها مؤخراً أحد أعضاء الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام تلك الأسلحة ضد الفلسطينيين، عادّها انتهاكاً للقانون الدولي، وتهديداً للسلم والأمن العالميين.

ودعا إلى تكثيف التعاون بين الأطراف في المعاهدة لتحقيق نتائج إيجابية في «مؤتمر المراجعة» المقبل لعام 2026، بهدف تحقيق عالم آمن وخالٍ من الأسلحة النووية.