أعرب اجتماع وزاري خليجي أوروبي، الثلاثاء، عن قلقه العميق إزاء التطورات الخطيرة في غزة، وإدانته جميع الهجمات ضد المدنيين، داعياً لحماية المدنيين، ومذكّراً الأطراف بالتزاماتها بموجب المبادئ العالمية للقانون الإنساني الدولي.
وطالبَ اجتماع الدورة الـ27 للمجلس الوزاري المشترك بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي، في العاصمة العمانية مسقط، بضبط النفس، وإطلاق سراح الرهائن، والسماح بالحصول على الغذاء والماء والأدوية وفقاً للقانون الإنساني الدولي، مشدداً على الحاجة الملحة إلى حل سياسي للأزمة لتجنب تكرار هذه الحلقة المفرغة من العنف. كما أكد الوزراء على استنكار العنف، حاثين جميع الأطراف على ضبط النفس والهدوء.
ودعا المجلس المشترك في بيان عقب الاجتماع، إلى وقف جميع أعمال العنف وأي إجراءات أحادية، ودعم جهود السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط بالتعاون مع مصر والأردن، للمساعدة في وضع حد للعنف وبدء الطريق نحو السلام والأمن.
وأكد الوزراء التزامهم بحل الدولتين، على حدود عام 1967، وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والحفاظ على الوضع الراهن التاريخي والديني للأماكن المقدسة في القدس، والتسوية العادلة للاجئين، مشددين على أهمية الدعم المالي المستمر للأونروا، وللسلطة الفلسطينية، ولتلبية الاحتياجات الإنسانية والإنمائية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
ودعوا إلى الترسيم الكامل للحدود البحرية الكويتية العراقية وراء النقطة الحدودية 162، مؤكدين أهمية التنفيذ الكامل لاتفاقية الكويت-العراق 2012 لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله، داعين العراق والأمم المتحدة إلى بذل أقصى الجهود للتوصل إلى حل لجميع القضايا المطروحة.
وجدد المجلس المشترك دعمه للتسوية السلمية لحل النزاع بين الإمارات وإيران حول الجزر الثلاث، وفقاً للقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، إما من خلال المفاوضات الثنائية أو عن طريق إحالة الأمر إلى محكمة العدل الدولية.
وأشاد باستضافة السعودية لاجتماع مستشاري الأمن الوطني في 5 أغسطس (آب) الماضي، والجهود التي بذلتها دول الخليج والاتحاد الأوروبي للتخفيف من الآثار والتداعيات الإنسانية للحرب ضد أوكرانيا، مشددين على أهمية دعم جميع الجهود لتسهيل تصدير الحبوب، والمستلزمات الغذائية والإنسانية للإسهام في تحقيق الأمن الغذائي للدول المتضررة. كما ناقش سبل التعاون الممكنة بشأن إعادة بناء أوكرانيا.
ورحب المجلس المشترك بالتواصل الدبلوماسي للسعودية ودول الخليج الأخرى مع إيران للسعي إلى تخفيف التصعيد الإقليمي، مشدداً على أهمية التزام دول المنطقة بالقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، على أساس احترام سيادة وسلامة أراضي الدول واستقلالها السياسي، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها. وأكد الوزراء التزامهم بضمان حرية الملاحة والأمن البحري في المنطقة، وتصميمهم على ردع الأعمال غير القانونية في البحر أو في أي مكان آخر، ودعمهم لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وجددوا دعوتهم لإيران للوفاء الفوري بالتزاماتها وتعهداتها النووية، ووقف تصعيدها النووي، والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتمكينها من حل جميع القضايا العالقة في هذا الشأن، وتقديم الضمانات بأن برنامج إيران النووي سلمي حصراً، كما جددوا دعمهم للحل الدبلوماسي للقضية النووية الإيرانية، والتزامهم الدائم بضمان بقاء منطقة الخليج خالية بشكل دائم من الأسلحة النووية.
وشددوا على أهمية قرار مجلس الأمن رقم 2231، ودعوا إيران إلى وقف انتشار الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار وغيرها من الأسلحة التي تشكل تهديداً أمنياً خطيراً للمنطقة وخارجها، وجدد الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون التزامهما بالعمل معاً لمعالجة التهديدات التي تهدد السيادة والسلامة الإقليمية وغيرها من الأنشطة المزعزعة للاستقرار.
كما شدد المجلس المشترك على الحاجة الملحة لتحسين الأوضاع الإنسانية في اليمن، مجدداً التزامه بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، والتأكيد على أن الحوثيين لازالوا يشكلون تهديداً لاستقرار البلاد وأمنها. وأكد الوزراء دعمهم الكامل لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وجهود الوساطة، وشددوا على الأهمية القصوى لإعادة الالتزام الهدنة وتوسيع نطاقها، معربين عن تقديرهم الكبير للجهود الإقليمية التي تسهم في إحلال السلام، ولا سيما جهود السعودية وسلطنة عمان من خلال المحادثات الجارية.
وأدانوا الهجوم الحوثي بطائرة دون طيار على السعودية في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، مما أسفر عن مقتل أربع من القوات البحرينية وإصابة آخرين، واعتبروا هذه الحادثة تهديداً خطيراً لعملية السلام وللاستقرار الإقليمي، داعين الحوثيين لإنهاء جميع الهجمات الإرهابية.
وأكد الوزراء دعمهم لعملية سياسية يمنية - يمنية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة، لإنهاء الصراع، ورحبوا بجهود مجلس القيادة الرئاسي لتعزيز السلام وتخفيف معاناة اليمنيين، مشددين على ضرورة اغتنام الحوثيين هذه الفرصة، والانخراط بشكل إيجابي مع الجهود الدولية ومبادرات السلام الهادفة إلى إحلال السلام الدائم في اليمن. وأشادوا بالجهود المتواصلة التي تبذلها السعودية لتشجيع الحوار اليمني اليمني وتقديم المساعدة الاقتصادية والمساعدات لليمن.
وحذروا من أن الاستجابة الإنسانية الدولية لا تزال تعاني من نقص التمويل إلى حد كبير، داعين إلى تقديم تعهدات جديدة وصرف التعهدات الحالية، ووقف جميع القيود والتدخلات التي تؤثر على عمليات المنظمات الإنسانية.
وجدد المجلس المشترك الالتزام بالتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية بطريقة تحافظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، وتلبي تطلعات شعبها، ودعمه للعملية السياسية، بقيادة المبعوث الخاص للأمم المتحدة؛ بهدف التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254، مرحبين بجهود فريق الاتصال العربي لحل الأزمة بطريقة تدريجية. كما جدد الوزراء دعوتهم إلى ضرورة تهيئة الظروف لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين داخلياً بما يتوافق مع معايير الأمم المتحدة، مشددين على أهمية تقديم الدعم اللازم للاجئين السوريين والدول المضيفة لهم.
كما شدد الوزراء عبر البيان المشترك على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق إلى جميع السوريين المحتاجين، ودعم مشاريع التعافي الإنساني المبكر. وأشادوا بنتائج المؤتمر السابع حول "دعم مستقبل سوريا والمنطقة" باستضافة الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) الماضي.
وأعرب المجلس عن قلقه البالغ من الوضع الإنساني في القرن الأفريقي، مشدداً على ضرورة إيجاد حلول مستدامة لاحتياجات السكان المتضررين، ودعم المصالحة وبناء السلام. كما أعرب عن قلقه العميق إزاء النزاع الذي اندلع في السودان منتصف أبريل (نيسان) الماضي، والأزمة الإنسانية التي تلت ذلك. وأكد ضرورة الحفاظ على وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه، واستعادة أمنه واستقراره، وتماسك مؤسسات الدولة للاستمرار في تقديم الخدمات الحكومية الأساسية، مشيداً بالجهود الدبلوماسية المستمرة التي تبذلها السعودية والولايات المتحدة نحو وقف دائم لإطلاق النار، والحوار بين الأطراف السودانية.
وأكد على الدور الهام للاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة (إيغاد)، وجهودها نحو المسار السياسي، مرحّباً بمبادرات السلام، ونتائج قمة دول جوار السودان التي استضافتها مصر في يوليو الماضي، ومشدداً على ضرورة التنسيق الوثيق لجميع الجهود في هذا الصدد.
وتأكيداً على الاهتمام المتبادل بجعل الشراكة طويلة الأمد بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون، رحب الوزراء بتنظيم أول قمة بين قادة الجانبين في أقرب فرصة، وبالتقدم الكبير الذي تم إحرازه في تنفيذ الشراكة الإستراتيجية بينهما، وشددوا على أهميتها الخاصة في ظل تزايد التهديدات الخطيرة للسلام والأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، والتحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي. كما رحب المجلس باعتماد الإعلان المشترك للاتحاد الأوروبي بشأن تلك الشراكة، وتعيين لويجي دي مايو ممثلاً خاصاً له لمنطقة الخليج في يونيو الماضي.
واتفق المجلس على عقد حوار منتظم ومنظم في مجال الأمن الإقليمي، على مستوى كبار المسؤولين، وتشكيل فرق عمل مشتركة عند الحاجة، للتواجد البحري المنسق (CMP) في شمال غرب المحيط الهندي.
كما رحب بدعوة الاتحاد الأوروبي لتنظيم منتدى رفيع المستوى حول الأمن والتعاون الإقليمي في بروكسل في المستقبل القريب، وأشاد بنتائج المؤتمر الخليجي الأوروبي الأول لمكافحة الفكر المتطرف، الذي عقد بمجلس التعاون في الرياض.
وشدد على أهمية التسامح والتعايش السلمي بين الأمم والثقافات، وأقر بأن خطاب الكراهية والعنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يشابهها من أشكال التعصب يمكن أن تسهم في تفشي وتصعيد واستمرار وعودة الصراعات، مؤكداً على ضرورة احترام الدول لسيادة القانون وحقوق الإنسان لجميع الأفراد الموجودين داخل أراضيها، والخاضعين لولايتها القضائية وفقاً للقانون الدولي.
ورحب المجلس بنتائج حوار التجارة والاستثمار الخامس الذي عقد في الرياض في مارس 2023، مؤكداً الاهتمام باستمرار علاقة تجارية واستثمارية متميزة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لزيادة تحفيز التعاون التجاري، وتعزيز الوصول إلى الأسواق، ودعم السياسات المحفزة للاستثمار. ودعا لبذل جهود عالمية منسقة، بما في ذلك من خلال الشراكة الإستراتيجية بين، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
كما أقر بالاهتمام المشترك بحوكمة الذكاء الاصطناعي، وشجع على تعزيز الجهود المشتركة التي تهدف إلى إنشاء أنظمة مستدامة، بما يسهم في نهاية المطاف في تحقيق الأمن الغذائي والمائي.
ورحب المجلس بمناقشة تنسيق المساعدات الإنسانية بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، والتي جرت خلال هذا الاجتماع، وأكد على الأهمية الملحة لتعزيز العمل المشترك للتخفيف من أثار تغير المناخ، والتكيف مع آثاره، وحماية البيئة، وتطوير الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة. ورحب الوزراء بشكل خاص بالاستثمارات المناخية، داعين للمشاركة الفعالة في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP 28)؛ لتنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها.
وأكد على أهمية المبادئ الأساسية لاتفاقيات المناخ، والالتزام باتفاقية باريس للمناخ، ودعمه لاستضافة الإمارات الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP 28)، داعياً إلى تحقيق نتائج طموحة وشاملة، كما رحب باستضافة قطر لمعرض إكسبو الدولي للبستنة 2023.
وشدد على أهمية اختتام عملية (الجرد المناخي العالمي) بنجاح باعتبارها العمود الفقري للدورة الطموحة لاتفاقية باريس للمناخ، مع نتائج طموحة ومستقبلية. وأعرب عن اهتمامه الكبير بالعمل معاً نحو تحول مستدام وعادل بأسعار معقولة، وشامل ومنظم للطاقة بما يتماشى مع مسار باريس.
وأشاد المجلس المشترك بمبادرة السعودية للشرق الأوسط الأخضر، وإعلانها إنشاء واستضافة أمانة لهذه المبادرة، وتخصيص مبلغ 2.5 مليار دولار لدعم حوكمتها ومشاريعها. وأخذ علماً بإعلان المملكة عن إنشاء منظمة دولية للمياه مقرها الرياض. كما نوّه بالمبادرة التي أطلقها رئيس المفوضية الأوروبية في أبريل، ومبادرة الإمارات للتصدي لخطر ندرة المياه العالمية، والمبادرة الإماراتية - الأوروبية المقترحة بشأن (التعهد العالمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة)، داعياً إلى مزيد من التحرك العالمي الحاسم.
ووافق المجلس على مواصلة المشاركة في أجندة مشتركة لإزالة الكربون من أنظمة الطاقة. وأكد الوزراء دعمهم المستمر لدعم ميثاق الأمم المتحدة والمبادئ الأساسية للقانون الدولي، ولا سيما احترام استقلال وسيادة وسلامة أراضي جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة.